السعودية: صندوق استثماري بـ266 مليون دولار لتطوير أشباه الموصلات

مشاركون لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعمل على أن تصبح تجمعاً للأسواق العالمية

المشرف العام على هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار السعودية محمد العتيبي (الشرق الأوسط)
المشرف العام على هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار السعودية محمد العتيبي (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: صندوق استثماري بـ266 مليون دولار لتطوير أشباه الموصلات

المشرف العام على هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار السعودية محمد العتيبي (الشرق الأوسط)
المشرف العام على هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار السعودية محمد العتيبي (الشرق الأوسط)

أطلقت السعودية صندوقاً استثمارياً بقيمة مليار ريال (266.6 مليون دولار) في صناعة أشباه الموصلات ومركز وطني يستهدف نقل وإنشاء 50 شركة تصميم وتدريب وتوظيف 5 آلاف مهندس في هذا المجال بحلول عام 2030.

هذا المركز، الذي أُطلق خلال افتتاح «منتدى أشباه الموصلات 2024»، الممتد بين الفترة 5 و6 يونيو (حزيران) الجاري، يتطلع إلى الوصول لأكثر من 150 مليون ريال (40 مليون دولار) من منتجات الدعم المختلفة من البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات، وجذب 25 خبيراً من الطراز العالمي من خلال برنامج الإقامة المميزة.

وتعمل السعودية على أن تكون مركز تجمع للأسواق العالمية، وأهم ما يميزها في مجال أشباه الموصلات هو الموقع العالمي والاستراتيجي، إذ يمكن القدوم إلى المملكة والتعامل مع مختلف البلدان مثل تايوان، وكوريا، والوصول إلى جميع الأسواق، وفق ما شرح لـ«الشرق الأوسط» الرئيس التنفيذي لشركة «رابيد سيليكون» الدكتور نافيد شيرواني. وأضاف أن المركز يستهدف إنشاء 50 شركة لتصميم الرقائق على مدى السنوات الخمس إلى الست القادمة، ونظراً إلى أعمال أشباه الموصلات بالكامل، فإن شركات التصميم هي الأكثر قيمة في العالم، لأهميتها الكبيرة، حيث الرقائق تدخل على سبيل المثال في الهواتف والأجهزة اللوحية والسيارات، والمستشفيات، والتعليم، وغيرها.

وأكمل تصريحه قائلاً إن «أشباه الموصلات تدخل في تعزيز سيادة الدول، والهدف من إطلاق المركز هو تلبية الاحتياجات من أجل سيادة المملكة»، مشدداً على أن السعودية تملك قدرة تنافسية عالية في هذا المجال.

الرئيس التنفيذي لشركة «رابيد سيليكون» د.نافيد شيرواني (الشرق الأوسط)

كان مسؤولون قد أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أهمية هذا الحدث الذي يجمع بين صناع القرار، وقادة الصناعة والخبراء والباحثين في مجال تقنيات أشباه الموصلات، في ظل سعي المملكة نحو تحقيق مستهدفات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى توطين التقنيات.

وقال نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست) لقطاع الطاقة والصناعة الدكتور سعيد الشهري، لـ«الشرق الأوسط» إن «منتدى أشباه الموصلات» يستهدف جمع الخبراء والعلماء وصنّاع القرار لمناقشة وتوطين هذه التقنيات في المملكة، إذ تستهدف البلاد نمو قطاع السيارات الكهربائية بـ500 ألف سيارة في 2030، ويتمثل نحو 40 في المائة من أساس هذه المركبات بالرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصلات.

وتابع أن المملكة لديها مستهدف في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والمدن الذكية، وجميعها تستلزم وجود صناعة للرقائق الإلكترونية، منوهاً إلى أن البلاد لديها هذه النواة بإطلاق المبادرات التي تمَّت خلال افتتاح المنتدى اليوم، إضافةً إلى «شركة آلات» التي أطلقها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، في فبراير (شباط) 2024، وتعد الأساس الوطني لتصنيع أشباه الموصلات.

ويعتقد الشهري أنه خلال سنوات قليلة قادمة سيكون لدى المملكة صناعة ممكّنة لهذا السوق، مبيّناً أن شركات مثل «لوسيد» و«سير» في البلاد تتعامل مع الرقائق الإلكترونية وتستوردها من الخارج، «ونأمل في المستقبل القريب أن تأخذ هذه الشركات الرقائق الإلكترونية من مصانع موجودة في السعودية».

مدير عام معهد تقنيات الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات في «كاكست» د.ثامر طباخ (الشرق الأوسط)

بدوره، أشار مدير عام معهد تقنيات الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات في «كاكست» الدكتور ثامر طباخ، إلى الإعلان عن برنامج ماجستير معني بأشباه الموصلات بين «كاكست» و«جامعة الأميرة نورة» وجامعة «كاليفورنيا» الأولى عالمياً في هذا المجال، للطلاب والطالبات، و«سيتم إطلاقه قريب جداً».

وأكمل أن هذا البرنامج يستهدف تأهيل الكوادر الوطنية –التي تعد ممكناً أساسياً- في مجال أشباه الموصلات، بتدريب 500 مهندس ومهندسة خلال الفترة المقبلة وإلى عامين.

وأوضح أن نحو 35 في المائة من الماجستير سيكون في الغرف النقية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، لأن أشباه الموصلات هو علم المواد وجزء منه تصنيعي ويتطلب الوجود في هذه الغرف.

وأبان أن قدرة أشباه الموصلات تعتمد على ثلاثة أشياء تتمثل في التصميم وتصنيع الجهاز الإلكتروني أو شبه الموصل أو الرقاقة الإلكترونية، «ولدينا للتصنيع غرف نقية تعد الأولى من نوعها في المنطقة»، وصولاً إلى التغليف.

وشرح أن الغرف النقية التي تكون في مرحلة التصنيع تعد الممكّن الأساسي، وهي تكلّف ملايين الريالات، مضيفاً: «الجهات التي تحتوي على غرف نقية هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية و(كاكست) لذلك تم إنشاء مركز القدرات الوطني لأشباه الموصلات، لتوحيد الجهود حيث ستبلغ المساحة الإجمالية لها 3.6 ألف متر مربع وهذا يعطي وصولاً لـ30 جامعة محلية وأي جهة حكومية تود الدخول في المجال».

وتعد الغرفة النقية مساحة نظيفة حسب معيار (ISO 14644 - 1)، وفيها يتم التحكم في تركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء من خلال التحكم في عوامل مثل التهوية والحرارة والضغط لأهداف صناعية أو بحثية.


مقالات ذات صلة

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

الاقتصاد جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

في ظل التطور المتسارع والتحديات المتصاعدة التي يشهدها قطاع الأمن السيبراني عالمياً، تقدم السعودية نموذجاً استثنائياً في هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا مجرمو الإنترنت يستغلون الألعاب الشهيرة مثل ماينكرافت وروبلكس لتوزيع البرمجيات الضارة والتصيد الاحتيالي (كاسبرسكي)

كيف يستغل القراصنة الألعاب الشهيرة لاستهداف الأطفال؟ إليك حلول للحماية

في العصر الرقمي الحالي، أصبح الأطفال والشباب أكثر ارتباطاً بالعالم الافتراضي، حيث يقضون ساعات طويلة في الألعاب الإلكترونية واستكشاف الإنترنت. هذا الارتباط…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا نظارات «سبيكتكلز - الجيل الخامس» مزودة بعدسات شفافة بتقنية «الكريستال السائل على السيليكون»... (سناب)

تعرف على نظارات «سبيكتكلز - الجيل الخامس» من «سناب»

أعلنت شركة «سناب» عن الجيل الخامس من نظارات «سبيكتكلز»، وهي نظارات مستقلة تستخدم تقنية الواقع المعزز لتمكين المستخدمين من استكشاف تجارب تفاعلية جديدة مع…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «إكس» تُجري تغييرات تسمح للمستخدمين المحظورين برؤية المنشورات العامة للحسابات التي حظرتهم دون التفاعل معها (أ.ف.ب)

«إكس» تُجري تغييرات كبيرة في نظام الحظر

يمكن للمستخدمين المحظورين رؤية المنشورات العامة للحسابات التي حظرتهم دون التفاعل معها.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا رفعت «يوتيوب» أسعار «بريميوم» في أكثر من 15 دولة بما في ذلك السعودية (د.ب.أ)

معضلة «يوتيوب» تواجه المستخدمين... ارتفاع الأسعار أم الإعلانات غير اللائقة

وصل سعر الاشتراك الفردي إلى 26.99 ريال سعودي شهرياً، بينما ارتفع الاشتراك العائلي إلى 49.99 ريال.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)
جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)
TT

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)
جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)

في ظل التطور المتسارع والتحديات المتصاعدة التي يشهدها قطاع الأمن السيبراني عالمياً، تقدم السعودية نموذجاً استثنائياً في هذا المجال. فقد تفوقت في مؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني لعام 2024، كما تسعى من خلال استضافة المنتدى الدولي للأمن السيبراني، إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة المصاعب المشتركة، لا سيما باتساع الفجوة الرقمية بين المنشآت.

وكانت السعودية برزت بشكل لافت في تقرير حديث للأمم المتحدة عن الأمن السيبراني، أظهر تحقيق المملكة نسبة 100 في المائة في جميع معايير المؤشر الذي شمل 83 مؤشراً فرعياً. وهو ما يضع البلاد في مصاف الدول الرائدة عالمياً في مجال الأمن السيبراني، متفوقة على 190 دولة عضواً بالأمم المتحدة.

ويعود هذا التفوق إلى استراتيجية المملكة الشاملة للأمن السيبراني، التي ركزت على تحقيق التوازن بين الحوكمة المركزية والتشغيل اللامركزي. كما ساهمت الاستثمارات الكبيرة في بناء القدرات الوطنية وتطوير الكوادر المتخصصة في تعزيز الأمن السيبراني في السعودية.

وحسب الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، يعد هذا التصنيف امتداداً لموقع البلاد المتقدّم في عدد من المؤشرات الدولية، حيث حققت المملكة في يونيو (حزيران) الماضي المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني وفق الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2024، الأمر الذي يؤكد نجاح نموذج السعودية في الأمن السيبراني، والذي يعتمد على التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين.

وتُعد الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الجهة المختصة بالأمن السيبراني في المملكة، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى حماية المصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية، والخدمات والأنشطة الحكومية. وتعمل على تحفيز نمو القطاع وتشجيع الابتكار والاستثمار فيه، وإجراء الدراسات والبحوث والتطوير.

حجم القطاع

في نهاية عام 2023، بلغ حجم سوق الأمن السيبراني في السعودية 13.3 مليار ريال (3.54 مليار دولار)، كما وصل إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 15.6 مليار ريال (4.15 مليار دولار)، وجاءت المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 0.81 في المائة.

وكان مجموع إنفاق الجهات الحكومية السعودية 4.1 مليار ريال (مليار دولار)، يشكّل 31 في المائة من حجم السوق. في حين أنفقت منشآت القطاع الخاص ما يقارب 9.2 مليار ريال (2.4 مليار دولار)، وهو ما يمثّل 69 في المائة من الإجمالي.

وفي الفترة ذاتها، بلغ عدد كوادر الأمن السيبراني في المملكة 19.6 ألف مختص، وتمثّل المرأة فيه أكثر من 32 في المائة، وهو ما يتجاوز المعدل العالمي لمشاركة المرأة بالعمل في قطاع الأمن السيبراني الذي يبلغ قرابة 25 في المائة.

المنتدى الدولي للأمن السيبراني

وتزامناً مع التحديات المختلفة التي يشهدها القطاع عالمياً، تستضيف الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بتنظيم الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، النسخة الرابعة من المنتدى الدولي للأمن السيبراني، بتاريخ 2 و3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تحت شعار «تعظيم العمل المشترك في الفضاء السيبراني»، وذلك لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة القضايا المُلحّة في الفضاء السيبراني، بمشاركة أبرز الجهات الدولية ذات العلاقة.

وتناقش النسخة الرابعة من المنتدى 5 محاور رئيسية، وهي: تجاوز التباينات السيبرانية، وإسهام الاقتصاد السيبراني في التنمية الاقتصادية، من خلال تطوير الأسواق في قطاع الأمن السيبراني، والبنية الاجتماعية في الفضاء السيبراني، إلى جانب السلوكية السيبرانية، وآليات الاستفادة من التقنيات الصاعدة في دفع التقدم والابتكار.

ويتضمن المنتدى القمة العالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني، بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومعهد «دي كيو»، والتحالف العالمي «وي بروتيكت»؛ حيث تهدف إلى إرساء أُسس التعاون الدولي من أجل بناء فضاء سيبراني آمن ومُمكِّن للأطفال في جميع أنحاء العالم.

وكان تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024، أظهر وجود فجوة متزايدة في المرونة السيبرانية بين الشركات الكبرى والشركات الصغيرة والمتوسطة. فبينما تسعى الشركات الكبرى للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، تعاني الشركات الأصغر من نقص في المهارات والموارد اللازمة لحماية أنظمتها، الأمر الذي يدعو إلى أهمية تكثيف الجهود العالمية لمعالجة هذه الفجوة الرقمية.