فاتورة الحرب تتفاقم بعد 230 يوماً وتكبد إسرائيل 62 مليار دولار

«المصرف المركزي» يتوجه لإبقاء الفائدة ثابتة في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية

جندي يثبت العلم الإسرائيلي على دبابة خلال مناورة عسكرية بالقرب من الحدود مع لبنان في شمال إسرائيل (رويترز)
جندي يثبت العلم الإسرائيلي على دبابة خلال مناورة عسكرية بالقرب من الحدود مع لبنان في شمال إسرائيل (رويترز)
TT

فاتورة الحرب تتفاقم بعد 230 يوماً وتكبد إسرائيل 62 مليار دولار

جندي يثبت العلم الإسرائيلي على دبابة خلال مناورة عسكرية بالقرب من الحدود مع لبنان في شمال إسرائيل (رويترز)
جندي يثبت العلم الإسرائيلي على دبابة خلال مناورة عسكرية بالقرب من الحدود مع لبنان في شمال إسرائيل (رويترز)

إثر صدمة الحرب، وجد الاقتصاد الإسرائيلي نفسه على مفترق طرق، حيث شهد تباطؤاً واضحاً في النشاط التجاري والاستثماري والخدماتي. لم تكن تلك التحديات مقتصرة على الجانب الاقتصادي فحسب، بل كانت أيضاً تحديات اجتماعية وسياسية أدت إلى انحراف البلاد عن مسار النمو المستمر الذي استمر لمدة عامين تقريباً.

ويوماً بعد يوم، تزيد تكلفة الحرب وطأة على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث إنها تكبِّد إسرائيل يومياً 269 مليون دولار، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة التصنيف العالمية «موديز»، استناداً إلى دراسة أولية من تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية، ما يعني أنه بعد نحو 230 يوماً على الحرب، تكبدت إسرائيل 61.9 مليار دولار.

كما أن لفاتورة الحرب انعكاسها الكبير على مالية إسرائيل التي يُتوقع أن تسجل موازنتها عجزاً يتجاوز الهدف المحدد؛ فبحسب بيانات وزارة المالية الإسرائيلية، ارتفع العجز المالي إلى 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 4 أشهر من العام الحالي ليصل إلى 35.7 مليار دولار منذ أبريل (نيسان) 2023، وهو أعلى من تقديرات الحكومة البالغة 6.6 في المائة لعام 2024 بكامله. كما أنه رقم غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وفق اعتراف وزارة المالية التي أشارت إلى أن العجز المالي في أبريل الماضي وحده بلغ 3.16 مليار دولار.

تصاعد الإنفاق الدفاعي

أجبرت الحرب الحكومة على زيادة الإنفاق بشكل كبير، حيث شهدت ارتفاعاً كبيراً في الإنفاق الدفاعي الذي استحوذ على نحو ثلثَي الإنفاق في 4 أشهر، والذي بدوره سجَّل زيادة نسبتها 36 في المائة تقريباً. وفي المقابل، تراجعت الإيرادات بنسبة 2.2 في المائة، بسبب تراجع مدفوعات الضرائب.

وتواجه المالية العامة للحكومة ضغوطاً واضحة، حيث تخطط لجمع نحو 60 مليار دولار من الديون هذا العام، وزيادة الضرائب لتلبية احتياجاتها المالية. مع العلم بأن متوسط مبيعات سنداتها الشهرية تضاعف 3 مرات بعد اندلاع الحرب، وفقاً لتقديرات «بلومبرغ» التي أشارت إلى أن الحكومة جمعت نحو 55.4 مليار دولار منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من الأسواق المحلية والخارجية.

وفي ظل تنامي الأعباء المالية الناجمة عن الحرب، كانت إسرائيل تتلقى الضربة تلو الأخرى من وكالات التصنيف الدولية، وهو ما يؤثر بالطبع على محاولاتها لجمع تمويل خارجي للحرب؛ فبعدما قامت وكالة «موديز» بخفض تصنيفها السيادي لإسرائيل درجة واحدة إلى «إيه 2»، انضمت إليها وكالة «ستاندرد آند بورز» في أبريل، وخفضت التصنيف من «إيه إيه -» إلى «إيه +».

وماذا عن الفوائد؟

وفي ظل استمرار حالة عدم اليقين الكبيرة بشأن مدى تأثير الحرب المستمرة مع «حماس»، من المتوقَّع على نطاق واسع أن يترك بنك إسرائيل أسعار الفائدة قصيرة الأجل خلال اجتماعه الاثنين من دون تغيير، للمرة الثالثة على التوالي.

وقالت ألينا سليوسارتشوك، الخبيرة الاقتصادية في «مورغان ستانلي»، إن «السياسة المالية التوسعية ومفاجآت التضخم الصعودية والمخاطر الجيوسياسية المستمرة تعني أن هذا ليس الوقت المناسب للتفكير في التيسير النقدي. لا نرى تخفيضات في أسعار الفائدة على الطاولة قبل خريف هذا العام».

وكانت لجنة السياسة النقدية خفّضت، في يناير (كانون الثاني)، سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، الذي أعقب 10 زيادات متتالية في أسعار الفائدة، في دورة تشديد قوية من أدنى مستوى على الإطلاق عند 0.1 في المائة في أبريل 2022، قبل توقُّف مؤقت في يوليو (تموز) الماضي.

وفق استطلاع أجرته «رويترز»، فإن المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال بقية عام 2024 معرضة للخطر بسبب ضغوط التضخم الناشئة مرة أخرى.

وواصل معدل التضخم السنوي ارتفاعه في أبريل إلى 2.8 في المائة، بعد تراجعه إلى معدل 2.5 في المائة في فبراير (شباط).

تكلفة السيطرة

وفي ظل الحديث عن حكم عسكري إسرائيلي محتمل في غزة، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نقلاً عن وثيقة رسمية، بأن أي حكم عسكري في غزة سيكلف تل أبيب ما لا يقل عن 20 مليار شيقل (5.4 مليار دولار) سنوياً. وذكرت الصحيفة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أعدت وثيقة تحليلية لدراسة التبعات المالية لإقامة حكومة عسكرية في قطاع غزة.

وأشارت إلى أن تكلفة بناء ممر إضافي للقطاع تُقدَّر بنحو 150 مليون شيقل (40.4 مليون دولار). وبحسب التقرير، فإنه، بالإضافة إلى هذه الأرقام، ستشمل التكاليف الإضافية إعادة إعمار قطاع غزة (بما في ذلك البنية التحتية والمستشفيات والمدارس والطرق) بالإضافة إلى إنشاء البنية التحتية للحكومة العسكرية والنفقات الأخرى ذات الصلة. كما أكد التقرير على الحاجة إلى 400 منصب لإدارة الإدارة العسكرية الإسرائيلية في القطاع.

جنود إسرائيليون يطلقون النار خلال عملية ضد «حماس» في غزة (رويترز)

تحديات متعددة

يعتمد مصير الاقتصاد الإسرائيلي في فترة الحرب وما بعدها بشكل كبير على عدة عوامل، بما في ذلك الاستقرار السياسي والأمني، والتحولات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتطورات الصراعات الإقليمية. ورغم التحديات القائمة، تشير بعض التوقعات إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي سوف يتعافى بوتيرة معتدلة، إلا أن هذا لا يغني عن ضرورة تعزيز النمو والاستقرار بشكل أفضل، خصوصاً في ظل الظروف الجيوسياسية المضطربة التي تشهدها المنطقة.

وفي مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، أكَّدت الحاكمة السابقة لـ«بنك إسرائيل»، كارنيت فلوغ، أن الاستجابة الحكومية للتحديات الاقتصادية المترتبة عن الصراع بين إسرائيل و«حماس» لم تكن جديرة بالمستوى.

وأشارت إلى أن الإجراءات المطروحة (بعضها تمت الموافقة عليه في الكنيست، بينما تم تأجيل بعضها الآخر أو خُطّط لتنفيذه في المستقبل) لا تكفي لمعالجة التحديات التي تواجهها إسرائيل حالياً.


مقالات ذات صلة

مصدران مصريان: محادثات القاهرة بشأن غزة تشهد تقدماً كبيراً

العالم العربي طفلتان فلسطينيتان يقفان وسط أنقاض مبان مدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

مصدران مصريان: محادثات القاهرة بشأن غزة تشهد تقدماً كبيراً

قال مصدران أمنيان مصريان لوكالة «رويترز» للأنباء إن  المفاوضات التي عقدت في القاهرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بشأن غزة تشهد تقدماً كبيراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي إسرائيل منعت دخول المساعدات إلى قطاع غزة في شهر رمضان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تحذّر من أن أعمال النهب آخذة بالتزايد في غزة

حذّر متحدث باسم الأمم المتحدة الاثنين من أن أعمال النهب آخذة بالتزايد في قطاع غزة الذي يواجه وضعاً إنسانياً مزرياً، خصوصاً بسبب منع دخول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فتاتان فلسطينيتان تنظران إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: الهجمات الإسرائيلية على غزة تقتل أكثر من 40 فلسطينياً خلال اليوم

قالت حركة «حماس» إن الهجمات الإسرائيلية المكثفة على مختلف أنحاء غزة أودت بحياة أكثر من 40 فلسطينياً اليوم الاثنين غالبيتهم من النساء والأطفال.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي شدد الوفد المصري خلال المرافعة على الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني (أ.ف.ب)

مصر تترافع أمام «العدل الدولية» بشأن التزامات إسرائيل تجاه الأراضي الفلسطينية

تقدّمت مصر بمرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية، وذلك اتصالاً بطلب الرأي الاستشاري المقدم من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى المحكمة بشأن التزامات إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص فتاتان فلسطينيتان تنظران إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب) play-circle

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل اغتالت شخصين من المنظومة المالية لـ«حماس»

تصاعدت الهجمات في غزة، في وقت كشفت فيه مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن إسرائيل اغتالت شخصين ضمن المنظومة المالية لحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

صندوق النقد الدولي يعقد مؤتمراً حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة

شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)
شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)
TT

صندوق النقد الدولي يعقد مؤتمراً حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة

شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)
شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)

يعقد صندوق النقد الدولي مؤتمره السنوي الأول للبحوث الاقتصادية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة، حيث يهدف إلى إنشاء منتدى للحوار حول القضايا الاقتصادية المُلحة، وتعزيز البحث الأكاديمي المُوجه نحو السياسات، والمُصمم خصوصاً لتلبية احتياجات المنطقة وتحدياتها الفريدة.

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الدكتور جهاد أزعور، والمستشار الاقتصادي ومدير إدارة الأبحاث في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشاس، في بيان، إن الصدمات العالمية تُفاقم من حدة العوامل الإقليمية، مما يُؤدي إلى بيئة اقتصادية غير مستقرة للغاية في اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كذلك، تُغير الصراعات والتوترات التجارية وتقلب أسعار السلع الأساسية وتغير الظروف المناخية والتحولات في مجال الطاقة والتقدم التكنولوجي السريع؛ المشهد الاقتصادي للمنطقة، مُشكلةً تحدياتٍ جسيمة، ولكنها تُتيح في الوقت نفسه فرصاً لإصلاحاتٍ جريئةٍ تحمي استقرار الاقتصاد الكلي، وتبني المرونة، وترفع مستويات المعيشة للجميع. يُعد البحث الاقتصادي أمراً أساسياً لتوفير تحليلاتٍ موثوقةٍ وتطوير استجاباتٍ سياسيةٍ عمليةٍ ومبتكرة، وفق البيان.

وأشار البيان إلى أن صندوق النقد الدولي سيُنظم لهذا الغرض مؤتمراً سنوياً للبحوث الاقتصادية حول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالشراكة مع جامعاتٍ رائدةٍ في المنطقة.

ويهدف المؤتمر إلى إنشاء منتدى للحوار حول القضايا الاقتصادية المُلحة، وتعزيز البحث الأكاديمي المُوجه نحو السياسات، والمُصمم خصوصاً لتلبية احتياجات المنطقة وتحدياتها الفريدة. كما سيوفر منصةً لتبادل الأفكار والرؤى للأكاديميين والباحثين وصانعي السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحول العالم.

وسيُنظم المؤتمر الافتتاحي، بعنوان «توجيه السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية في ظل المشهد الاقتصادي العالمي المتغير»، بالتعاون مع كلية «أنسي ساويرس» لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية بالقاهرة، يومي 18 و19 مايو (أيار) 2025. وسيتضمن عروضاً تقديمية وحلقات نقاش يقدمها كبار الاقتصاديين وصانعي السياسات.