الرياض وباريس تبحثان آفاق التعاون في قطاع السكك الحديدية

السفير الفرنسي كشف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود 160 شركة فرنسية تعمل في المملكة

صورة على هامش مؤتمر «أيام السكك الحديدية والتنقّل الفرنسية السعودية» (الشرق الأوسط)
صورة على هامش مؤتمر «أيام السكك الحديدية والتنقّل الفرنسية السعودية» (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وباريس تبحثان آفاق التعاون في قطاع السكك الحديدية

صورة على هامش مؤتمر «أيام السكك الحديدية والتنقّل الفرنسية السعودية» (الشرق الأوسط)
صورة على هامش مؤتمر «أيام السكك الحديدية والتنقّل الفرنسية السعودية» (الشرق الأوسط)

أكد السفير الفرنسي لدى السعودية لودوفيك بوي أن مؤتمر «أيام السكك الحديدية والنقل الفرنسية السعودية» يشكل ترسيخاً للتعاون النوعي بين البلدين في مجال السكك الحديدية، حيث توجد 160 شركة فرنسية في المملكة تعمل في مجالات متنوعة. وأشار إلى أن هناك ثلاث شركات فرنسية تكثف وجودها في المملكة في مجال السكك الحديدية، موضحاً أنها مسؤولة عن مشاريع عدة في هذا الإطار في كل من الرياض والعلا والقدية.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تعد فرنسا رائدةً في قطاع السكك الحديدية، حيث يبلغ حجم مبيعاتها 4 مليارات يورو، وقد حلّت في المرتبة الثالثة عالمياً في صناعة السكك الحديدية، وهي اليوم تركز اهتمامها الكامل على إزالة الكربون، ورقمنة قطاع السكك الحديدية، بوصف ذلك أولوية في خطة استثمار فرنسا 2030، بمبلغ قدره 75 مليون يورو».

كلام السفير الفرنسي جاء على هامش المؤتمر السعودي - الفرنسي الذي عقد في الرياض برعاية وزارة النقل والخدمات اللوجيستية، ووزارة الاستثمار، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية «ندلب»، والخطوط الحديدية السعودية «سار». ويستهدف المؤتمر، الذي يختتم أعماله يوم الخميس، استكشاف آفاق التعاون الثنائي في مجال السكك الحديدية، وذلك بمشاركة 25 شركة فرنسية عملاقة وناشئة رائدة في مجالات الهندسة والتشغيل والصيانة والتحول الرقمي للسكك الحديدية.

جانب من حضور مؤتمر «أيام السكك الحديدية والتنقّل الفرنسية السعودية» (الشرق الأوسط)

وشهد المؤتمر حضور نائب وزير النقل والخدمات اللوجيستية ورئيس الهيئة العامة للنقل في السعودية الدكتور رميح الرميح، إضافة إلى الرئيس التنفيذي لـ«ندلب» سليمان المزروع، وممثّل وزارة الصناعة، والمسؤولين عن تنفيذ مشاريع السكك الحديدية الكبرى في المملكة؛ مثل «نيوم»، ومشروع القدية، والهيئات الملكية لكل من مدينة الرياض والعلا ومكة المكرّمة والمشاعر المقدّسة وجبيل وينبع، إضافة إلى شركة المباني وبعض الشركات المسؤولة عن مشاريع الباصات، مثل «سابتكو».

كذلك شارك فيه عدد من صنّاع القرار السعوديين بالمجال ومع الشركات السعودية المتخصصة في هذا القطاع، بالتعاون مع الخطوط الحديدية السعودية «سار»، والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

المؤتمر، الذي نظمته وكالة «بيزنس فرنس»، ناقش الفرص التي يستفيد منها القطاعان العام والخاص، وفرص التنقّل الذكي، وكيفية النهوض بالمشاريع الكبرى في المملكة لخلق جيل جديد من التنقّل، بالإضافة إلى الابتكارات الجديدة في قطاع النقل العام، في حين بدأت بعض الشركات الفرنسية تعمل في المملكة على تطوير قطاع السكك الحديدية.

وجاء انعقاد المؤتمر، بعد توقيع مذكرات تفاهم في مارس (آذار) 2022 بين وزارتي النقل الفرنسية والسعودية لتعزيز التعاون بينهما في قضايا السكك الحديدية والابتكارات ووسائل النقل الجديدة، حيث أعيد طرحه من جديد على الطاولة بعد زيارة وفد شركات فرنسية متخصصة في هذا القطاع إلى المملكة.

تجدر الإشارة إلى أن الشركة الفرنسية «RATP-DEV»، تعد المشغّل للنقل العام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تتولى حالياً تنفيذ كثير من المشاريع المهمة، مثل مترو الرياض والعلا، وتقوم منذ عام 2014 بدعم مشاريع النقل العام الضخمة في السعودية، تصميماً وتنفيذاً وتشغيلاً.

وتركّز «RATP-DEV» على وضع معايير سلامة عالية لضمان خدمات نقل آمنة وموثوقة، كما تهتم بتولي وإعادة هيكلة الشبكات الحالية بما يتماشى مع طموحات وموارد السلطات التنظيمية، وتناسب سياق «رؤية 2030»، من خلال المساهمة في تطوير المدن المستدامة، حيث تعطي المدن الأولوية للنقل العادل، والاستخدام الفعّال للموارد، والشمولية، والحيوية، والتكامل داخل المناطق.

ويعد النقل والتنقل الجديد من القطاعات الرئيسية في «رؤية 2030»، حيث يهدف المشروع إلى تطوير وسائل نقل جديدة ومبتكرة وصديقة للبيئة ومضاعفة شبكة السكك الحديدية السعودية ثلاث مرات بإضافة 8000 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية الجديدة بحلول عام 2030، حيث بدأ في عام 2023 العمل على تطوير هذا القطاع في المملكة بعد تخصيص أكثر من 9 مليارات دولار له.



«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)

في إطار السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، يقود «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» مبادرة «رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030» التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين السعودية واليمن عبر تطوير المنافذ الحدودية، وإنشاء مناطق اقتصادية ومدن غذائية ذكية، مما يساهم في تسهيل حركة السلع والأفراد وزيادة حجم التبادل التجاري.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية واليمن بلغ في عام 2023 نحو 6.3 مليار ريال (1.6 مليار دولار)، وقد استحوذت الصادرات السعودية على الحصة الكبرى. ورغم ذلك، فإن الواردات اليمنية لا تزال أقل من الإمكانات المتاحة، خصوصاًَ في قطاعات الزراعة، والثروة السمكية، والتعدين.

مشروعات لتعزيز التكامل

تتمثل أبرز مشروعات هذه المبادرة، التي يتبناها المجلس برئاسة الدكتور عبد الله بن محفوظ، في «إنشاء مناطق اقتصادية مشتركة، وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجيستية، وتعزيز الاستثمار في قطاعَي الزراعة والطاقة المتجددة. كما تشمل إنشاء محاجر متطورة لفحص المواشي والفواكه والخضراوات، مما يسهم في تحسين جودة السلع وزيادة صادرات اليمن الزراعية والحيوانية إلى السعودية. وتسعى هذه الجهود إلى تعزيز الأمن الغذائي للسعودية وتحقيق نمو اقتصادي لليمن».

وضمن الخطط المستقبلية لتعزيز الشراكة الاقتصادية، سينظَّم معرض سنوي بعنوان: «إعادة إعمار وتنمية اليمن»، في الرياض خلال الربع الأول من عام 2025. يهدف هذا المعرض إلى جذب المستثمرين من مختلف القطاعات وتعزيز الشراكات الثنائية بين الشركات السعودية ونظيرتها اليمنية.

رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» عبد الله مرعي بن محفوظ

الاستثمارات اليمنية

وقال لـ«الشرق الأوسط» رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني»، الدكتور عبد الله بن محفوظ، إن «الاستثمارات اليمنية في السعودية شهدت نمواً ملحوظاً، فقد بلغت قيمتها نحو 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار) حتى نهاية عام 2023، لتحتل المرتبة الثالثة عشرة عالمياً من حيث حجم الاستثمارات. تتركز هذه الاستثمارات في تجارة الجملة والتجزئة، خصوصاً المواد الغذائية والملابس والأدوات المنزلية، إضافة إلى قطاعات: المقاولات، والتصنيع، والخدمات اللوجيستية».

وأوضح بن محفوظ أن «هذا التوسع الاستثماري يعود إلى الدعم الذي توفره الحكومة السعودية للمستثمرين اليمنيين، عبر تسهيل إجراءات التراخيص، وتقديم الحوافز الاستثمارية، وضمان بيئة استثمارية مستقرة. ساهمت هذه العوامل في استقطاب رؤوس الأموال اليمنية إلى السعودية، مع تعزيز استفادة المستثمرين من الفرص الاقتصادية المتاحة».

تحديات الاستثمارات اليمنية

رغم التقدم الملحوظ، فإن الاستثمارات اليمنية تواجه تحديات كبيرة؛ أبرزها، وفق بن محفوظ، «عدم استقرار العملة المحلية اليمنية، والقيود المصرفية التي تعوق تحويل الأموال، وضعف البنية التحتية في اليمن، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة التي تزيد من مخاطر الاستثمار، فيما يعاني النظام القضائي اليمني أيضاً من ضعف كفاءة تحصيل المستحقات التجارية، مما يؤثر سلباً على بيئة الأعمال».

ووصف بن محفوظ العلاقة الاقتصادية بين البلدين بأنها متميزة واستراتيجية، مشيراً إلى أن السعودية تعدّ الشريك الأكبر والداعم الرئيسي لليمن. وتُظهر الإحصاءات أن تحويلات المغتربين اليمنيين بالسعودية تمثل 62 في المائة من إجمالي تحويلاتهم عالمياً، مما يعكس الترابط الاقتصادي والاجتماعي الكبير بين البلدين. وتسهم الحدود المشتركة والمنافذ البرية في تعزيز التكامل الاقتصادي، بينما تدعم برامج مثل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، و«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، مشروعات التنمية والبنية التحتية في اليمن.

مشروعات الزراعة والطاقة

تركز خطط «المجلس» المستقبلية على مشروعات واعدة تشمل استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن، وإنشاء مراكز تعبئة للمحاصيل الزراعية وللثروة السمكية، إضافة إلى تطوير مشروعات المواشي، وأكد بن محفوظ أن اليمن يعدّ من أهم الأسواق الرئيسية للسعودية في توفير المنتجات الزراعية والحيوانية التي تتمتع بمزايا نسبية على مثيلاتها من سلع الدول الأخرى. ووفق بيانات إحصائية اقتصادية حديثة في 2022، فإن الإنتاج الحيواني يحتل المرتبة الثانية بعد الإنتاج الزراعي من حيث مساهمته في إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة تزيد على 20 في المائة.

وتشير الإحصاءات اليمنية إلى أن أعداد الأبقار تصل إلى 7 ملايين رأس، والأغنام والماعز إلى 9 ملايين رأس لكل منهما، بالإضافة إلى 450 ألف رأس من الإبل. وتسهم هذه الموارد في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لليمن وتوفير الأمن الغذائي للسعودية، مع خلق فرص عمل وتقليل معدلات البطالة في اليمن.

ويرى رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» أن تأسيس محاجر مخصصة للمواشي مع مرافق للحجر الصحي والفحوصات البيطرية في الجانب اليمني في المنافذ الحدودية المشتركة وتحت إشراف وزارة الزراعة السعودية، وبإشراف وتشغيل الجانب اليمني، مع تأسيس مناطق تخزين وفحص للفواكه والخضراوات، مزودة بأحدث تقنيات الكشف عن الآفات... سيكون ذا قيمة مضافة كبيرة لكلا البلدين، فمن جهة اليمن، سيعزز من زيادة دخل الفرد، وأيضاً سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لليمن، وتخفيض نسبة البطالة العالية في اليمن. ومن جهة أخرى، ستساهم زيادة الصادرات اليمنية بقطاعات الثروة الحيوانية، والسمكية، والزراعية، إلى السعودية في تحقيق أهداف السعودية في توفير الأمن الغذائي وتقليل استيرادها المنتجات الحيوانية والزراعية والسمكية من كثير من دول العالم.

ووفق بن محفوظ، يسعى «المجلس» أيضاً إلى تحسين القطاع المصرفي عبر التعاون مع البنوك اليمنية لتطوير الأنظمة التقنية والمالية، بما يعزز الشفافية ويسهل عمليات الدفع الإلكتروني. كما تركز الجهود على تنظيم قطاع الصرافة لتسهيل حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.

في ظل هذه الجهود الطموحة، تشكل «رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030» خريطة طريق لتحويل العلاقة الاقتصادية بين السعودية واليمن إلى شراكة استراتيجية حقيقية، تعزز الاستقرار والتنمية في اليمن، وتحقق أهداف «رؤية 2030» السعودية في بناء شراكات إقليمية قوية ومستدامة.