«صندوق النقد» يتوقع بقاء النمو في الشرق الأوسط «مكبوحاً»

أشار إلى تنامي التحديات... وحذّر من مخاطر التطورات السلبية

قال صندوق النقد الدولي إن الصراع غزة أثّر سلباً على الاقتصادات المتضررة بشكل مباشر (أ.ب)
قال صندوق النقد الدولي إن الصراع غزة أثّر سلباً على الاقتصادات المتضررة بشكل مباشر (أ.ب)
TT

«صندوق النقد» يتوقع بقاء النمو في الشرق الأوسط «مكبوحاً»

قال صندوق النقد الدولي إن الصراع غزة أثّر سلباً على الاقتصادات المتضررة بشكل مباشر (أ.ب)
قال صندوق النقد الدولي إن الصراع غزة أثّر سلباً على الاقتصادات المتضررة بشكل مباشر (أ.ب)

توقع صندوق النقد الدولي أن يبقى النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكبوحاً وسط استمرار التحديات التي تواجهها، مخفّضاً توقعاته لنموها إلى 2.7 في المائة هذا العام من توقعاته السابقة في يناير (كانون الثاني) بـ2.9 في المائة، ومبقياً على توقعاته نفسها بالنسبة إلى عام 2025 عند 4.2 في المائة وسط افتراضه أن ينحسر تأثير هذه العوامل المؤقتة تدريجياً.

وأشار صندوق النقد الدولي في أحدث تقاريره عن المنطقة الذي أطلقه على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، إلى أن المنطقة تواجه تحديات جديدة، لا سيما الصراع في غزة وإسرائيل والانقطاعات في حركة الشحن عبر البحر الأحمر؛ والتخفيضات في إنتاج النفطـ؛ والتي تضاف إلى مَواطن الضعف الموجودة والناشئة عن مستويات الدين المرتفعة وتكاليف الاقتراض الكبيرة.

وقال إن الصراع في غزة وإسرائيل تسبب في معاناة إنسانية جمّة، وأثّر سلباً على الاقتصادات المتضررة بشكل مباشر، موضحاً أنه «رغم أنه جرى احتواء التأثير الاقتصادي الإقليمي حتى الآن، فإن الصراع أدى إلى تفاقم حالة عدم اليقين والمخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصاً أن الصراعات غالباً ما تؤدي إلى ندوب اقتصادية دائمة».

ولا تقتصر عواقب الصراع على التكلفة الإنسانية والاجتماعية الدائمة، وفق الصندوق، بل تمتد إلى إلحاق خسائر كبيرة ومستمرة بالناتج مع احتمال انتقال التداعيات إلى بلدان أخرى.

ولفت الصندوق إلى أن مستوى عدم اليقين مرتفع، متوقعاً أن يظل النمو على المدى المتوسط منخفضاً عن المتوسطات التاريخية قبل الوباء.

اختلافات داخل المنطقة

وتحدث الصندوق عن اختلافات بين دول المنطقة فيما يتعلق بالنمو، أبرزها:

- البلدان المصدّرة للنفط: يتوقع الصندوق نمواً بنسبة 2.9 في المائة في 2024 انخفاضاً من توقعاته السابقة في يناير (كانون الثاني) بـ3.1 في المائة، وارتفاعاً من 1.9 في المائة في 2023. وستؤدي التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط إلى إعاقة النمو في بعض الاقتصادات بينما يظل النمو غير الهيدروكربوني مرناً؛ ومن المتوقع أن يؤدي إنتاج النفط الأعلى إلى تعزيز النمو في بلدان أخرى (غير دول مجلس التعاون الخليجي).

- اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات متوسطة الدخل: نمو بنسبة 2.8 في المائة في عام 2024 (من 2.9 في المائة في توقعات يناير)؛ بانخفاض من 3.1 في المائة في عام 2023. ويؤدي الصراع والسياسات الصارمة لمعالجة نقاط الضعف إلى تقييد النمو.

- البلدان منخفضة الدخل: نمو سلبي بنسبة -1.4 في المائة في عام 2024 (-0.7 في المائة في توقعات يناير) من -9.6 في المائة عام 2023. وهو ما يمثل انكماشاً وسط الصراع، لكنّ الصندوق يتوقع نمو هذه البلدان بواقع 4.4 في المائة في عام 2025.

- استمرار الصراعات في الكثير من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وشرح صندوق النقد أن عدم اليقين المحيط بالآفاق يتجاوز المستويات المعتادة، كما تهيمن على الأجواء مخاطر التطورات السلبية.

ونبّه التقرير إلى أنه من الممكن أيضاً أن تنتقل عدة مخاطر عالمية إلى بلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بما في ذلك المخاطر المتعلقة بالتشرذم الجغرافي - السياسي. وقال: «من حيث احتمالات تجاوز التوقعات، فإن تحقيق نمو عالمي أعلى من المستوى المتوقع من شأنه إعطاء دفعة للتجارة في المنطقة، في حين أن استئناف تخفيضات أسعار الفائدة بسرعة أكبر من المتوقع في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية يمكن أن يساعد على خفض الضغوط على المالية العامة وتحسين ديناميكية الدين».

وأشار إلى أن الماليات العامة تواجه ضغوطاً متنامية في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان متوسطة الدخل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تؤدي مدفوعات الفائدة المرتفعة إلى تقويض الجهود المبذولة لتقوية مراكز المالية العامة.

ومن الناحية الإيجابية، قال التقرير إنه يبدو أن دورات التشديد النقدي قد انتهت في معظم البلدان نظراً إلى اقتراب التضخم من متوسطه التاريخي في كثير من اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع وصول التضخم في ثلث الاقتصادات إلى مستوى قريب من المتوسط أو حتى دون المتوسط.

منطقة القوقاز وآسيا الوسطى

أما بالنسبة إلى منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، فإنها «لا تزال قادرة على الصمود في مواجهة الحرب في أوكرانيا». ويتوقع التقرير أن يظل النمو صامداً، رغم انخفاضه، عند 3.9 في المائة في 2024 قبل أن يرتفع إلى 4.8 في المائة في 2025. وأرجع ذلك في جانب منه إلى تيسير السياسات الاقتصادية الكلية، وقوة الطلب المحلي، وعوامل خاصة كالزيادات في إنتاج النفط.

ورأى صندوق النقد الدولي أن صنّاع السياسات يواجهون مهمة صعبة تتمثل في حماية الاستقرار الاقتصادي الكلي وإبقاء الديون في حدود مستدامة، مع القيام في الوقت ذاته بالتصدي للتحديات الجغرافية - السياسية وتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط. وقال: «ينبغي أن يستمر توخي اليقظة على صعيد السياسة النقدية، مع التزام الحذر إزاء التيسير المبكر أو المفرط. ونظراً لاختلاف مستويات دين القطاع العام، سيتعين أن تساعد سياسة المالية العامة على تحقيق خفض حاسم في تلك الديون عبر البلدان ذات المديونية المرتفعة».

لكنّه أضاف: «مع ذلك، فنظراً للفروق الواضحة بين البلدان، يتعين تطويع ما يُتخذ من إجراءات حسبما يتلاءم مع ظروف كل بلد. وفي ظل ارتفاع عدم اليقين، من الضروري أن تُجري البلدان إصلاحات لترسيخ أساسياتها الاقتصادية، بما في ذلك تقوية مؤسساتها... وبالإضافة إلى ذلك، يمكن اغتنام الفرص المحتملة من الممرات التجارية الجديدة بخفض الحواجز التجارية طويلة الأمد، وتنويع المنتجات والأسواق، وتحسين البنية التحتية».


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تعلن الميزانية العامة للدولة لعام 2025

جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)
جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)
TT

السعودية تعلن الميزانية العامة للدولة لعام 2025

جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)
جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)

تعلن السعودية غداً (الثلاثاء) الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1446 / 1447هـ (2025م).

وسيعقد مجلس الوزراء السعودي، يوم غدٍ (الثلاثاء)، جلسة مخصصة للميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2025م.

ووفقاً للبيان التمهيدي لميزانية عام 2025 الصادر في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، توقعت حكومة المملكة تسجيل عجز عند 118 مليار ريال (31.4 مليار دولار) هذا العام، على أن يستمر للسنوات الثلاث المقبلة ليبلغ ذروته في 2027 عند 140 مليار ريال، بوصفه عجزاً مُقدّراً.

وتركز الحكومة على الإنفاق الاستراتيجي على برامج «رؤية 2030»، وهو ما أوضحه وزير المالية محمد الجدعان، عند الإفصاح عن البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل، بتأكيده أن الحكومة ستواصل الإنفاق على المشاريع الكبرى ذات العائد الاقتصادي المستدام، إضافة إلى زيادة الصرف على البنية التحتية والخدمات العامة.

كما ارتفعت الإيرادات الحكومية بنسبة 20 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، لتبلغ 309.21 مليار ريال (82.4 مليار دولار)، وارتفعت النفقات بنسبة 15 في المائة لتبلغ 339.44 مليار ريال في الفترة ذاتها.

وبلغت الإيرادات غير النفطية ما قيمته 118.3 مليار ريال بارتفاع 6 في المائة على أساس سنوي، لكنها كانت أقل بنحو 16 في المائة مقارنة بالربع الثاني من هذا العام. وفي المقابل، سجلت الإيرادات النفطية 190.8 مليار ريال، بنمو 30 في المائة على أساس سنوي، لكنها كانت أقل بنسبة 10 في المائة عن الربع الثاني من 2024.

وحتى الربع الثالث من العام الحالي، أظهرت الميزانية السعودية لـ2024 ارتفاع الإيرادات الفعلية لتصل إلى 956.233 مليار ريال (254.9 مليار دولار)، مقارنة بالفترة نفسها من 2023 عندما سجلت نحو 854.306 مليار ريال (227.8 مليار دولار)، بزيادة قدرها 12 في المائة.

وتجاوز حجم النفقات نحو التريليون ريال (266.6 مليار دولار) حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، قياساً بالفصل الثالث من العام الماضي، حيث كان حجم النفقات 898.259 مليار ريال (239.5 مليار دولار)، بنسبة 13 في المائة. وبالتالي يصل حجم العجز في الميزانية خلال هذه الفترة إلى 57.962 مليار ريال (15.4 مليار دولار).

وتوقعت وزارة المالية السعودية في تقريرها الربعي، بلوغ حجم الإيرادات في العام الحالي 1.172 تريليون ريال (312.5 مليار دولار)، مقارنة بالنتائج الفعلية للميزانية في 2023 عند 1.212 تريليون ريال (323.2 مليار دولار)، وإجمالي مصروفات يصل إلى 1.251 تريليون ريال (333.6 مليار دولار)، قياساً بالعام الماضي عند 1.293 تريليون ريال (344.8 مليار دولار)، وبعجز يبلغ 79 مليار ريال (21 مليار دولار)، بعد أن سجل نحو 80.9 مليار ريال (21.5 مليار دولار) في السنة السابقة.

وكشفت بيانات وزارة المالية وصول رصيد الاحتياطي العام للدولة حتى نهاية الربع الثالث إلى 390.079 مليار ريال (104 مليارات دولار)، والحساب الجاري إلى 76.675 مليار ريال (20.4 مليار دولار)، وتسجيل الدين العام سواء الداخلي أو الخارجي لآخر الفترة نحو 1.157 تريليون ريال (308.7 مليار دولار).