الولايات المتحدة تعيد فرض عقوبات نفطية ساحقة على فنزويلا

قررت السماح لـ«شيفرون» بمواصلة مشروعها خوفاً من تداعيات قرارها على الانتخابات الرئاسية

ميناء بوليفاريانا دي بويرتو لا غويرا في لا غويرا بفنزويلا (رويترز)
ميناء بوليفاريانا دي بويرتو لا غويرا في لا غويرا بفنزويلا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعيد فرض عقوبات نفطية ساحقة على فنزويلا

ميناء بوليفاريانا دي بويرتو لا غويرا في لا غويرا بفنزويلا (رويترز)
ميناء بوليفاريانا دي بويرتو لا غويرا في لا غويرا بفنزويلا (رويترز)

أعادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الأربعاء فرض عقوبات نفطية ساحقة على فنزويلا، محذرةً من محاولات الرئيس نيكولاس مادورو لتعزيز حكمه بعد ستة أشهر فقط من تخفيف الولايات المتحدة القيود في محاولة لدعم الآمال المتضائلة الآن في الانفتاح الديمقراطي في الدولة العضو في منظمة «أوبك».

ولكن إدراكاً منها لخطر العقوبات الجديدة على فنزويلا قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في عام الانتخابات الأميركية، ستسمح واشنطن لشركة «شيفرون» الأميركية الكبرى بمواصلة مشروع مشترك مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية PDVSA، التي تعمل على زيادة الإنتاج بشكل مطرد.

وقال مسؤول أميركي كبير، وهو يناقش القرار مع الصحافيين، إن أي شركة أميركية تستثمر في فنزويلا سيكون أمامها 45 يوماً لتقليص عملياتها لتجنب زيادة حالة عدم اليقين في أسواق الطاقة العالمية. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة مداولات السياسة الأميركية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، منحت الولايات المتحدة حكومة مادورو تخفيف العقوبات المفروضة على قطاعات النفط والغاز والتعدين التي تديرها الدولة بعد أن وافقت على العمل مع أعضاء المعارضة لإجراء انتخابات رئاسية حرة وتنافسية هذا العام.

وبينما مضى مادورو في تحديد موعد لإجراء الانتخابات في يوليو (تموز) ودعوة مراقبين دوليين لمراقبة التصويت، استخدمت دائرته الداخلية سيطرة الحزب الحاكم الكاملة على المؤسسات الفنزويلية لتقويض الاتفاق. وتشمل الإجراءات منع منافسته الرئيسية، النائبة السابقة ماريا كورينا ماتشادو، من تسجيل ترشيحها أو ترشيح بديل معين. كما تم سجن العديد من منتقدي الحكومة خلال الأشهر الستة الماضية، بما في ذلك العديد من مساعدي ماتشادو.

وتعيد إجراءات يوم الأربعاء سياسة الولايات المتحدة بشكل أساسي إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جزيرة بربادوس الكاريبية، مما يجعل من غير القانوني للشركات الأميركية القيام بأعمال تجارية مع شركة النفط الحكومية «بتروليوس دي فنزويلا إس إيه»، والمعروفة باسم PDVSA، دون ترخيص محدد من وزارة الخزانة الأميركية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر: «ندعو مادورو مرة أخرى إلى السماح لجميع المرشحين والأحزاب بالمشاركة في العملية الانتخابية وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين دون قيود أو تأخير». وأضاف: «سنواصل دعم تطلعات الفنزويليين إلى نظام أكثر ديمقراطية».

ورفضت السلطات الفنزويلية بغضب التوبيخ الدبلوماسي، قائلة إنها أوفت بالتزاماتها التي تعهدت بها في بربادوس، واتهمت واشنطن بخيانة وعدها برفع جميع العقوبات التي قالت إنها قُطعت خلال المفاوضات السرية بين البلدين.

وقال مادورو في حدث متلفز: «يعتقد الغرينغو أن بإمكانهم تهديد فنزويلا. لا توجد عقوبة أو تهديد يمكن أن يضر اليوم بجهودنا لبناء نموذج اقتصادي إنتاجي جديد لأننا لم نعد نعتمد على أي شخص في العالم، بل على عملنا فقط».

تم إصدار الإرجاء الأولي لمدة ستة أشهر فقط. ويقول الخبراء إن هذا ليس الوقت الكافي لجذب الاستثمارات الرأسمالية الكبرى اللازمة لإنعاش الإنتاج الراكد منذ فترة طويلة في فنزويلا، التي تقع على قمة أكبر احتياطات نفطية مؤكدة في العالم.

ومع ذلك، من خلال السماح لفنزويلا بإرسال النفط مباشرة، بدلاً من المرور عبر وسطاء مشبوهين يتقاضون رسوماً باهظة، تمكنت حكومة مادورو من تعزيز عائدات النفط وجمع الأموال التي كانت في أمس الحاجة إليها خلال الأشهر الستة من تخفيف العقوبات الأميركية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تشديد العقوبات لا يؤثر بشكل مباشر على شركة «شيفرون»، آخر شركة أميركية كبرى للتنقيب عن النفط في فنزويلا، التي سُمح لها بتعزيز الشحنات بفضل الترخيص الذي تم إصداره في عام 2022 وسط مخاوف من أن الحرب الروسية على أوكرانيا سيؤدي إلى تعطيل إمدادات الطاقة العالمية.

وقال إليوت أبرامز، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لإدارة ترمب للأزمة في فنزويلا: «الاختبار الحقيقي لجدية الإدارة بشأن فنزويلا هو شيفرون. إن ترك هذا الترخيص يشير إلى أن الإدارة تهتم أكثر بإبقاء أسعار النفط منخفضة حتى الانتخابات، وبأرباح شيفرون، أكثر من اهتمامها بمصالح الأمن القومي الأميركي والحرية في فنزويلا».

يذكر أنه بموجب ترخيص منفصل، ترسل شركة «شيفرون» الآن نحو خمس صادرات فنزويلا إلى شركة النفط الوطنية الفنزويلية الأميركية، وبدأت الشركة محادثات لتوسيع أحد مجالات مشاريعها المشتركة.

وقال وزير النفط الفنزويلي بيدرو تيليتشيا يوم الأربعاء إن من المتوقع أن تحصل السلطات الفنزويلية على الضوء الأخضر لتوسعات في المشاريع الأخرى قبل فترة الإنهاء البالغة 45 يوماً.

وفي مارس (آذار)، ارتفعت صادرات النفط لشركة PDVSA إلى نحو 900 ألف برميل يومياً، وهو أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات مع اندفاع العملاء لاستكمال المشتريات قبل انتهاء الصلاحية. لكن بيانات الشحن أظهرت أن تراكم الناقلات المنتظرة للتحميل في الموانئ الفنزويلية لم يتراجع بشكل كبير.

وبموجب الترخيص السابق والتراخيص المنفصلة، توسع إنتاج فنزويلا من النفط الخام إلى 874 ألف برميل يومياً في مارس، وأضافت منصتي حفر عاملتين.

وقال الخبراء إنه من دون الترخيص، من المتوقع أن تلجأ شركة النفط الوطنية الفنزويلية مرة أخرى إلى وسطاء غير معروفين لبيع نفطها بتخفيضات الأسعار، خاصة إلى آسيا، ما لم يتم إصدار تراخيص فردية أميركية كافية.

كما ستتلقى الموارد المالية لشركة النفط الفنزويلية، التي تآكلت بسبب خمس سنوات من العقوبات، ضربة جديدة، مما يحد من الوصول إلى العملة الصعبة اللازمة لتغطية كل شيء من العمالة إلى المشتريات.

ويتوقع محللون أن يؤثر هذا القرار على حجم وجودة مبيعات فنزويلا من النفط الخام والوقود بينما يؤدي إلى موجة من الإفلاس.


مقالات ذات صلة

لمواجهة العقوبات... إيران وروسيا تربطان نظاميهما للبطاقات المصرفية

الاقتصاد بطاقات روسية سيبدأ استخدامها في إيران (سبوتنيك)

لمواجهة العقوبات... إيران وروسيا تربطان نظاميهما للبطاقات المصرفية

بات من الممكن استخدام بطاقات المصارف الإيرانية في روسيا، مع ربط البلدين نظاميهما المصرفيين في آخر مسعى لمواجهة العقوبات الغربية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
الاقتصاد بوتين خلال استقباله سيرغي مينييلو رئيس جمهورية أوسيتيا الشمالية - ألانيا في الكرملين (إ.ب.أ)

بوتين يسمح لـ«نوفاتك» و«سورغوت» بالحد من الإفصاح عن أعمالهما

وقّع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرسوماً يسمح لـ«نوفاتك» ووحدات الغاز الطبيعي المسال التابعة لها، وكذلك «سورغوت نيفتغاز»، بالحد من الإفصاح العام عن أعمالهما.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية امرأة إيرانية تمرّ بجانب لوحة جدارية مناهضة للولايات المتحدة بالقرب من مبنى السفارة الأميركية السابقة في طهران الأربعاء (إ.ب.أ)

ترمب قد يشدد موقفه من نفط إيران ويثير غضب الصين

قال محللون إن عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى تشديدالعقوبات النفطية الأميركية على إيران، مما قد يُقلّص الإمدادات العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جنود من القوات الأميركية ينتشرون في بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

دمشق تشيح نظرها عن نتائج الانتخابات الأميركية وتركز على «الدولة العميقة»

يغيب عن المشهد السوري موقف واضح حيال الانتخابات الأميركية ولم تبد وسائل الإعلام الرسمية اهتماماً بتظهير الموقف الرسمي أو تحليل النتائج المحتملة لتلك الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ خلال عرض طائرة مسيّرة صينية في مونتريال بكندا 13 نوفمبر 2019 (رويترز)

شركة أميركية لصناعة المسيّرات تتهم بكين باستخدام العقوبات لتعزيز الشركات الصينية

اعتبرت شركة أميركية لصناعة الطائرات المسيّرة أن العقوبات التي فرضتها بكين عليها ستعوق إنتاجها لأشهر عدة، وأن هدف بكين هو «تعميق الاعتماد» على الشركات الصينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترقباً لبيانات التضخم الأميركية اليوم... الذهب يرتفع قليلاً

سبائك من الذهب النقي بمصنع نوفوسيبيرسك لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)
سبائك من الذهب النقي بمصنع نوفوسيبيرسك لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)
TT

ترقباً لبيانات التضخم الأميركية اليوم... الذهب يرتفع قليلاً

سبائك من الذهب النقي بمصنع نوفوسيبيرسك لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)
سبائك من الذهب النقي بمصنع نوفوسيبيرسك لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الأربعاء، مع بحث المستثمرين عن صفقات بعد انخفاضات حادة في الجلسة الماضية، بينما تحوَّل التركيز إلى بيانات التضخم الأميركية، والتي قد تلقي مزيداً من الضوء على مسار السياسة النقدية. وبحلول الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش، صعد الذهب في المعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 2610.99 دولار للأوقية (الأونصة)، بعد أن سجلت أدنى مستوياتها منذ 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، الثلاثاء. كما زادت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.4 في المائة إلى 2617.20 دولار. ووفقاً لأداة «فيد ووتش»، التابعة لـ«سي.إم.إي»، يتوقع المتداولون بنسبة 58.7 في المائة خفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس، في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الشهر المقبل، مقابل 77.3 في المائة قبل أسبوع. ومن المقرر صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش. وإذا أظهرت أن التضخم ينحسر، فقد يصل الذهب إلى مستوى 2650 دولاراً، وفق محللين. كما تصدر بيانات مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة وطلبات إعانة البطالة الأسبوعية، الخميس، وبيانات مبيعات التجزئة في نهاية الأسبوع.

كما يترقب المستثمرون تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ومسؤولين آخرين. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة في المعاملات الفورية واحداً في المائة إلى 31 دولاراً. كما زاد البلاتين 0.6 في المائة إلى 953.22 دولار، وارتفع البلاديوم واحداً في المائة إلى 953.84 دولار.