العراق لاستغلال الغاز المحترق بالتعاون مع أميركا

وقّع مذكرة تفاهم لتوليد الكهرباء

علم العراق يرفرف أمام حقل للغاز (أ.ف.ب)
علم العراق يرفرف أمام حقل للغاز (أ.ف.ب)
TT

العراق لاستغلال الغاز المحترق بالتعاون مع أميركا

علم العراق يرفرف أمام حقل للغاز (أ.ف.ب)
علم العراق يرفرف أمام حقل للغاز (أ.ف.ب)

وقع العراق مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة، لاستغلال الغاز المحترق وتحويله إلى كهرباء، في محاولة لحل أزمة نقص الإمدادات المزمنة، رغم موارد بغداد الغنية من الوقود الأحفوري.

ويستهدف العراق تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الغاز خلال السنوات الخمس المقبلة، وفق تصريحات وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، الشهر الماضي.

وطرح العراق خلال مارس (آذار)، جولتين لتراخيص استكشاف الحقول النفطية والغازية؛ الأولى شملت أكثر من 10 حقول نفطية وغازية غرب العراق، والثانية 13 حقلاً وموقعاً استكشافياً تقع على الحدود الغربية للبلاد، والتي ستمكن العراق من إنتاج أكثر من مليار و500 مليون قدم مكعب من الغاز.

يملك العراق احتياطات من الغاز تقدر بـ131 تريليون قدم مكعب، محتلاً بذلك المرتبة الـ11 عالمياً حسب وكالة الطاقة الأميركية، إلا أن ضعف البنى التحتية قلّص القدرة الإنتاجية اليومية إلى النصف، لتسجل نحو 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز المصاحب.

النصف المتبقي يترك ليحترق في الهواء، مسبباً خسارة بملايين الدولارات، ويزيد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، في بلد مهدد بحدوث أزمة حقيقية جراء تغير المناخ، وفق الأمم المتحدة.

أكبر مشاريع إنتاج الغاز تقودها «شركة غاز البصرة»، وهي مشروع مشترك بين الحكومة العراقية التي تملك 51 في المائة، وبين كلّ من «شل» (44 في المائة) و«ميتسوبيشي» اليابانية (5 في المائة). بالإضافة إلى هذا المشروع الضخم، فإن الإنتاج المتبقي يتم من خلال بعض المحطات الصغيرة المنتشرة في جنوب البلاد.

ومن شأن استخدام الغاز المحترق، التحول إلى منتج صافٍ للغاز، وقد يستغنى عن واردات الغاز الإيراني، في خلال 5 سنوات، وفق تصريحات وزير النفط العراقي، غير أن توقيع مذكرة تفاهم مع أميركا يحتاج إلى تحويلها إلى اتفاقية ومن ثم بدء التنفيذ، وهو ما قد يتطلب أكثر من عامين، بحسب مدى تعاون البلدين في المشروع.

ولم يذكر البيان الصحافي مدة زمنية عن مذكرة التفاهم؛ إذ أعلنت اللجنة التنسيقية العليا بين العراق والولايات المتحدة، الثلاثاء، أن البلدين وقعا مذكرات تفاهم جديدة لمعالجة الغاز المحترق وتحويله إلى كهرباء قابلة للاستخدام.

وجاء في بيان مشترك للاجتماع الذي ترأسه نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط محمد تميم عن الجانب العراقي، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن عن الجانب الأميركي، أن العراق يمتلك القدرة على استغلال موارده الهائلة من الغاز الطبيعي والاستثمار في بنية تحتية جديدة للطاقة ومصادر الطاقة المتجددة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول عام 2030.

وأكد الجانبان أهمية استئناف صادرات النفط عبر خط الأنابيب العراقي - التركي.

الغاز والكهرباء

يحتاج العراق إلى 40 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية حتى يسد احتياجاته من الكهرباء، في حين ينتج حالياً 27 ألف ميغاواط، عبر محطات تعمل غالبيتها على الغاز، ولكن الطاقة الإنتاجية تنخفض في بعض الأحيان إلى 17 ألف ميغاواط.

ويلجأ العراق إلى إيران لسد الفجوة المتبقية، من خلال استيراد نحو 50 مليون متر مكعب، منذ 2017.

الاعتماد على الغاز الإيراني غير المستقر، بالإضافة إلى التعقيدات الجيوسياسية على غرار العقوبات الأميركية على طهران، والأمنية الداخلية على غرار «العمليات التخريبية» والهجمات التي تطال شبكة الكهرباء، سببت انقطاعات متكررة للكهرباء في البلاد، تحولت عام 2021 إلى احتجاجات دامية.

وعادة ما تعفي واشنطن، العراق من تطبيق العقوبات الأميركية المنفذة على إيران. وبعد أن وافقت الإدارة الأميركية في مارس الماضي على منح بغداد إعفاءات جديدة لتدفع مستحقات إيران المالية مقابل شراء الغاز المصدر للعراق لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، 27 مارس، توقيع عقد جديد لاستيراد الغاز من إيران مدته 5 سنوات، وأوضحت أن حجم واردات الغاز سيصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً.

وآلية الإعفاء من العقوبات التي تواجه معارضة شديدة من الحزب الجمهوري في الكونغرس، تسمح للعراق بتحويل مستحقات إيران المالية مقابل الكهرباء عبر دول ثالثة.

وتجدد أميركا رخصة استيراد العراق للكهرباء والغاز من إيران كل ستة أشهر، وتودع الحكومة العراقية الأموال بالدينار العراقي في الحساب البنكي الإيراني في البنك التجاري العراقي.

وخلال السنوات الماضية، وبسبب العجز الحاد في الغاز في الشتاء، قلصت إيران تصدير الغاز إلى العراق، وفي بعض الأسابيع أوقفت تدفق الغاز الإيراني تماماً، مما تسبب في أزمة الكهرباء في العراق.

ويتم إنتاج نحو ثلث الكهرباء في العراق بواسطة محطات الطاقة الحرارية، التي تعمل بالغاز المستورد من إيران.

وقال السفير الأميركي لدى العراق في مقابلة مع وكالة «رويترز» للأنباء في 24 مارس، إن الولايات المتحدة تحاول تقليل اعتماد العراق على الكهرباء والغاز المستوردين من إيران.


مقالات ذات صلة

الجزائر لتسريع إنجاز مشروع نقل الغاز لأوروبا عبر نيجيريا والنيجر

الاقتصاد خط أنابيب يمر عبر الصحراء (إعلام جزائري)

الجزائر لتسريع إنجاز مشروع نقل الغاز لأوروبا عبر نيجيريا والنيجر

وقَّعت الجزائر ونيجيريا والنيجر اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» الذي يمتدّ لأكثر من 4 آلاف كيلومتر لتصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد منصات حقل يوهان سفيردروب النفطي التابع لشركة «إكوينور» في بحر الشمال (رويترز)

«توتال» و«آكر بي بي» تسعيان للحصول على حصص أكبر في حقل «إكوينور» النفطي العملاق

تسعى شركتا «توتال إنرجي» و«آكر بي بي» إلى إجراء مراجعة مستقلة لحصصهما في حقل يوهان سفيردروب النفطي، التابع لشركة «إكوينور».

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
الاقتصاد أنابيب لنقل الغاز الطبيعي المسال في ساحل السنغال (غرفة الطاقة الأفريقية)

بدء إنتاج الغاز الطبيعي المسال في البحر قبالة السنغال وموريتانيا

أعلنت شركة «كوزموس إنرجي» الأميركية، الثلاثاء، أن إنتاج الغاز الطبيعي المسال بدأ في حقل «السلحفاة الكبرى- آحميم» الحدودي، قبالة سواحل موريتانيا والسنغال.

«الشرق الأوسط» (داكار)
الاقتصاد شعار «بي بي» في جناحها خلال معرض للغاز المسال في كندا (رويترز)

بعد الانخفاض الحاد في أرباحها... «بي بي» تستعد لتقليص استثماراتها الخضراء

انخفضت أرباح شركة «بي بي» البريطانية للنفط في الربع الرابع إلى 1.17 مليار دولار يوم الثلاثاء، مسجلة أدنى أرباح لشركة النفط الكبرى في أربع سنوات مع تضرر أعمال…

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «أدنوك» أمام مقرها (الموقع الإلكتروني للشركة)

«أدنوك» لتوقيع اتفاقية لتوريد غاز مسال مع «بهارات بتروليوم» الهندية

قالت مصادر إن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) ستوقّع اتفاقية مدتها 5 سنوات لتوريد 2.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال إلى شركة «بهارات بتروليوم» الهندية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أميركية جديدة على روسيا

أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
TT

اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أميركية جديدة على روسيا

أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)

أدى تشديد العقوبات الأميركية على موسكو إلى تعطيل إمدادات النفط الروسي الأقل سعراً إلى الصين والهند، وزاد الطلب على نفط الشرق الأوسط وأفريقيا، وأشاع الاضطرابات في قطاع الشحن، كما دفع أسعار النفط إلى الصعود.

واستهدفت العقوبات التي فرضتها واشنطن في العاشر من يناير (كانون الثاني) ناقلات تحمل الخام الروسي، في محاولة لتقليل إيرادات موسكو من النفط بشكل أكثر فاعلية، وهو الهدف من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بعد غزوها أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.

وتركت العقوبات الجديدة ناقلات تحمل ملايين البراميل هائمة على وجهها في طرق التجارة البحرية، ودفعت المتعاملين إلى البحث عن بدائل، في حين تباطأت التعاملات في الخام الروسي لشهر مارس (آذار). والنفط الروسي وهو المصدر الأساسي لأكبر بلدين مستوردين في العالم وهما الصين والهند.

ودفعت حالة الارتباك التي أحدثتها تلك القرارات السوق إلى حالة من الفوضى. فخلال أسابيع قليلة أصبح خام دبي القياسي عالي الكبريت أكثر تكلفة من خام برنت منخفض الكبريت الذي يسهل معالجته. وأتاح ذلك فرصة للمنتجين من البرازيل إلى كازاخستان للاستحواذ على حصة من واردات الصين والهند.

وقال متعاملون إن علاوة الخام البرازيلي قفزت الشهر الماضي إلى نحو خمسة دولارات للبرميل فوق سعر خام برنت، بما يشمل تكلفة الشحن إلى الصين، ارتفاعاً من نحو دولارين في الشهر السابق. وانخفضت العلاوة حالياً إلى أقل قليلاً من خمسة دولارات للبرميل للشحنات المقرر تسليمها في مايو (أيار). وأظهرت بيانات «كبلر» أن الصين من المقرر أن تستورد في مارس أول شحنة لها من مزيج «سي بي سي» الكازاخستاني منذ يونيو (حزيران) الماضي.

ناقلة نفط تبحر قرب ميناء ناخودكا الروسي (رويترز)

وقال متعامل في سنغافورة إن الذراع التجارية لشركة «توتال إنرجيز» تلقت في الأسبوع الذي أعقب العقوبات الجديدة العديد من الاستفسارات، لدرجة أنها أجرت مناقصات بدلاً من المفاوضات المباشرة لبيع شحناتها من خامات الشرق الأوسط، التي ذهبت في النهاية إلى شركتي «سينوك» و«رونغشنغ» الصينيتين.

وفي انعكاس للطلب المتزايد على خامات في الشرق الأوسط، زادت العلاوة على خامات عمان ودبي ومربان القياسية بأكثر من المثلين في يناير مقارنة بديسمبر (كانون الأول) رغم انخفاض الطلب من المصافي بالتزامن مع أعمال صيانة موسمية. ورفعت «أرامكو» السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أسعار الخام الذي تبيعه إلى آسيا إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر 2023، مما رفع التكاليف على المصافي.

وقال متعامل أنغولي إن هناك زيادة في الطلب من مشترين آسيويين. وقال متعامل صيني: «تأخذ (يونيبك) الكثير من شحنات الخام من غرب أفريقيا، وخصوصاً البراميل الأنغولية». و«يونيبك» هي الذراع التجارية لشركة «سينوبك» التي تعد أكبر مصفاة في آسيا.

مصفاة «إيسار أويل» النفطية في ولاية غوجارات غرب الهند (رويترز)

ومع توقف السفن الخاضعة للعقوبات في طرق التجارة البحرية، سارع الكثير من المتعاملين في التحول إلى سفن أخرى بتكاليف تفوقها عدة مرات، مما يرفع تكلفة الشحنة الواحدة ملايين الدولارات.

ويشكل ارتفاع التكاليف صعوبة كبيرة لمصافي النفط في الهند. ففي أواخر العام الماضي كثفت البلاد اعتمادها على النفط الروسي بدلاً من خامات الشرق الأوسط، عندما أبرمت شركة «ريلاينس إندستريز» اتفاقية توريد مدتها 10 سنوات مع «روسنفت» الروسية العملاقة بقيمة 13 مليار دولار سنوياً.

وقال وزير النفط الهندي هذا الأسبوع إن مصافي التكرير في البلاد ترغب في شراء النفط الروسي عبر شركات وسفن غير خاضعة لعقوبات الولايات المتحدة، التي أدت بالفعل إلى تقليل عدد الشحنات والسفن المتاحة، وفقاً لمصادر هندية بقطاع التكرير.

وأوضحت المصادر أنه في ظل وجود إمدادات محدودة من الشحنات غير الخاضعة للعقوبات، تقلصت الخصومات على خام الأورال الروسي مقارنة بخام برنت إلى 2.50-2.90 دولار للبرميل للتسليم في مارس، مقابل ثلاثة إلى ثلاثة ونصف دولار قبل عقوبات يناير، وهي زيادة كبيرة في التكلفة على شحنة قياسية حجمها مليون برميل.

وقالت المصادر الهندية بقطاع التكرير إن ارتفاع تكلفة الخام الروسي قلص الفجوة السعرية مع نفط الشرق الأوسط إلى نحو ثلاثة دولارات للبرميل، من ستة إلى سبعة دولارات للمصافي الهندية، وهو ما لا يوفر حافزاً كبيراً للمخاطرة بتكبد عقوبات ثانوية.

وأوضحت المصادر أن المشترين الهنود رفضوا عروضاً من شركة الشحن الروسية العملاقة «سوفكومفلوت» لتلقي مدفوعات بأي عملة، بما في ذلك الروبية الهندية، مقابل النفط الروسي المنقول على ناقلات خاضعة للعقوبات، وذلك بعد أن التقى رئيسها التنفيذي بالمشترين الهنود على هامش مؤتمر للطاقة في الهند هذا الأسبوع.

ويعني ذلك التباطؤ أن مخزونات النفط الروسي العائمة زادت 17 مليون برميل منذ 10 يناير، وفقاً لمذكرة صادرة عن «غولدمان ساكس» في الخامس من فبراير (شباط)، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 50 مليون برميل في النصف الأول من 2025.

ويأتي توقف الإمدادات الروسية في أعقاب انخفاض واردات الخام الإيراني إلى الصين، وهي أكبر مشترٍ له، وسط ضغوط أميركية مشددة وتعهد من الرئيس دونالد ترمب مؤخراً بخفض صادرات طهران النفطية إلى الصفر.

ويقدر «غولدمان ساكس» أن مخزونات النفط الإيراني العائمة زادت 14 مليون برميل منذ بداية العام إلى أعلى مستوى لها في 14 شهراً. وقال المحللون إن فرض عقوبات أشد قد يخفض إنتاج إيران بمقدار مليون برميل يومياً ويرفع سعر برنت إلى 80 دولاراً للبرميل بحلول مايو.

وقال أحد المتعاملين إن تقليص المتاح من الخام الأقل سعراً وضعف الطلب في الصين دفع عدد من المصافي إلى الإغلاق للصيانة بدلاً من خسارة 500 يوان (68.62 دولار) لكل طن من النفط غير الخاضع للعقوبات.

وقال مسؤولون في قطاع التكرير إنه قبل أسابيع من الإعلان عن العقوبات في وثيقة مكونة من 27 صفحة، حذرت السلطات الهندية المصافي في البلاد، مما دفعها إلى إبرام بعض عمليات الشراء في خطوة استباقية.

وفي الصين أصدرت مجموعة مواني شاندونغ حظراً على رسو السفن الخاضعة للعقوبات قبل ثلاثة أيام من إعلان تلك الإجراءات، لكن من غير الواضح ما إذا كانت تلك الخطوة مرتبطة بتحذير مسبق.

وقال متعاملون إن هناك إشارات إضافية على أن الأسواق توقعت عقوبات جديدة، منها ارتفاع الطلب على نفط الشرق الأوسط وأفريقيا من المشترين الصينيين والهنود، والتدافع على استئجار سفن مما أدى لاحقاً إلى ارتفاع حاد في أسعار الناقلات.