اقتصاد الصين ينمو 5.3 % في الربع الأول متجاوزاً التوقعات

بيانات مارس أظهرت أن الطلب لا يزال ضعيفاً

عاملة في مصنع للنسيج في فويانغ بمقاطعة آنهوي شرق الصين (أ.ف.ب)
عاملة في مصنع للنسيج في فويانغ بمقاطعة آنهوي شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد الصين ينمو 5.3 % في الربع الأول متجاوزاً التوقعات

عاملة في مصنع للنسيج في فويانغ بمقاطعة آنهوي شرق الصين (أ.ف.ب)
عاملة في مصنع للنسيج في فويانغ بمقاطعة آنهوي شرق الصين (أ.ف.ب)

نما الاقتصاد الصيني بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الأول، مما يوفر بعض الارتياح للمسؤولين الذين يحاولون دعم النمو في مواجهة ضعف طويل الأمد في قطاع العقارات وازداد ديون الحكومات المحلية.

ومع ذلك، أظهرت مجموعة من مؤشرات شهر مارس (آذار) التي تم إصدارها جنباً إلى جنب مع بيانات الناتج المحلي الإجمالي - بما في ذلك الاستثمار العقاري ومبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي - أن الطلب في الداخل لا يزال ضعيفاً ويؤخر الزخم العام.

وكشفت الحكومة عن مجموعة من تدابير السياسة المالية والنقدية، في محاولة لتحقيق ما وصفه المحللون بأنه هدف طموح لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 بنحو 5 في المائة، مشيرين إلى أن معدل النمو في العام الماضي البالغ 5.2 في المائة كان على الأرجح متأثراً بالانتعاش من الركود الاقتصادي.

وأظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 5.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الأول) إلى مارس، مقارنة بالعام السابق، وهو ما يزيد بشكل مريح على توقعات المحللين في استطلاع أجرته «رويترز» لزيادة بنسبة 4.6 في المائة، وأسرع قليلاً من التوسع بنسبة 5.2 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة.

وقال هاري ميرفي كروز، الخبير الاقتصادي في وكالة «موديز أناليتكس»: «إن رقم النمو القوي في الربع الأول يقطع شوطاً طويلاً في تحقيق هدف الصين لهذا العام. لقد دعم الإنتاج الصناعي أيضاً خلال الربع، لكن بيانات شهر مارس الضعيفة تثير بعض القلق. وبالمثل، فإن الأسر الصينية تواصل إبقاء محافظها مغلقة».

وعلى أساس ربع سنوي، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.6 في المائة في الربع الأول، وهو ما يتجاوز توقعات النمو البالغة 1.4 في المائة.

ويكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم لتحقيق انتعاش قوي ومستدام في مرحلة ما بعد «كوفيد - 19»، مثقلاً بالانكماش العقاري الذي طال أمده، وتصاعد ديون الحكومات المحلية وضعف إنفاق القطاع الخاص.

وخفضت وكالة «فيتش» توقعاتها للتصنيف الائتماني السيادي للصين إلى سلبية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى المخاطر التي تهدد المالية العامة، حيث توجه بكين مزيداً من الإنفاق نحو البنية التحتية والتصنيع عالي التقنية.

وتعتمد الحكومة على أعمال البنية التحتية - وهي قواعد اللعبة المستخدمة بشكل جيد - للمساعدة في رفع الاقتصاد، حيث يشعر المستهلكون بالقلق من الإنفاق وافتقار الشركات إلى الثقة في التوسع.

بيانات شهر مارس الضعيفة

بدأ الاقتصاد بداية قوية هذا العام، لكن بيانات شهر مارس بشأن الصادرات وتضخم المستهلكين وأسعار المنتجين والإقراض المصرفي، أظهرت أن الزخم قد يتعثر مرة أخرى وعززت الدعوات لمزيد من التحفيز لدعم النمو.

والواقع أن البيانات المنفصلة عن إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة، والتي صدرت جنباً إلى جنب مع تقرير الناتج المحلي الإجمالي، سلطت الضوء على الضعف المستمر في الطلب المحلي.

ونما الإنتاج الصناعي في مارس بنسبة 4.5 في المائة مقارنة بالعام السابق، ومقارنة مع زيادة متوقعة بنسبة 6.0 في المائة ومكاسب بنسبة 7.0 في المائة للفترة من يناير إلى فبراير (شباط).

وارتفع نمو مبيعات التجزئة، وهو مقياس للاستهلاك، بنسبة 3.1 في المائة على أساس سنوي في مارس، مقابل زيادة متوقعة بنسبة 4.6 في المائة، وتباطأ من زيادة بنسبة 5.5 في المائة في الفترة من يناير إلى فبراير.

ونما الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 4.5 في المائة سنوياً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، مقابل توقعات بارتفاع 4.1 في المائة. وتوسع بنسبة 4.2 في المائة في الفترة من يناير إلى فبراير.


مقالات ذات صلة

التضخم البريطاني يفوق التوقعات في أبريل... وريفز «محبطة»

الاقتصاد متسوق في سوبرماركت أسدا في مدينة ليدز (رويترز)

التضخم البريطاني يفوق التوقعات في أبريل... وريفز «محبطة»

سجَّل معدل التضخم في المملكة المتحدة قفزة حادة في أبريل، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين وبنك إنجلترا، ما أضعف آمال المستثمرين في خفض وشيك لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد خلال الاجتماعات السنوية لمجموعة «البنك الإسلامي» (الشرق الأوسط)

«البنك الإسلامي للتنمية» يطلق مبادرات لتعميق الشراكات وتوسيع الاستثمار البيني

أفصح الدكتور محمد الجاسر، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، عن خطة عمل للمجموعة تمكنها من ترجمة توصية فعالياتها التي انطلقت الثلاثاء، بالعاصمة الجزائرية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد متسوق يستعد للدفع في متجر «هيرمانوس كاديناس» للبقالة في سوق محلية بمدريد (رويترز)

تحسن ثقة المستهلك في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي خلال مايو

أظهرت بيانات صادرة عن المفوضية الأوروبية، يوم الثلاثاء، أن ثقة المستهلك في منطقة اليورو شهدت تحسناً ملحوظاً خلال شهر مايو (أيار)، حيث ارتفعت بمقدار 1.4 نقطة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد متسوقون داخل متجر بقالة في تورونتو بكندا (رويترز)

تراجع التضخم السنوي في كندا إلى 1.7 %

أعلنت «هيئة الإحصاء الكندية»، الثلاثاء، أن معدل التضخم السنوي في كندا تراجع إلى 1.7 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، متأثراً بانخفاض حاد في أسعار الطاقة.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا )
الاقتصاد كير ستارمر يشير بيده عقب قمة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في لندن 19 مايو 2025 (رويترز)

في مهب التحولات الجيوسياسية... بريطانيا تختبر مرونتها التجارية

شكّل سعي بريطانيا لإبرام اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالتزامن مع محاولاتها التقارب مع الصين، اختباراً حقيقياً لقدرتها على التكيّف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التضخم البريطاني يفوق التوقعات في أبريل... وريفز «محبطة»

متسوق في سوبرماركت أسدا في مدينة ليدز (رويترز)
متسوق في سوبرماركت أسدا في مدينة ليدز (رويترز)
TT

التضخم البريطاني يفوق التوقعات في أبريل... وريفز «محبطة»

متسوق في سوبرماركت أسدا في مدينة ليدز (رويترز)
متسوق في سوبرماركت أسدا في مدينة ليدز (رويترز)

سجَّل معدل التضخم في المملكة المتحدة قفزة حادة في أبريل (نيسان)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين وبنك إنجلترا، ما أضعف آمال المستثمرين في خفض وشيك لأسعار الفائدة، وزاد من الضغوط على صانعي السياسات النقدية.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن معدل تضخم أسعار المستهلك بلغ 3.5 في المائة في أبريل، مرتفعاً من 2.6 في المائة في مارس (آذار)، ليُسجل أعلى مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وأكبر زيادة شهرية منذ عام 2022، حين كان التضخم يُحلق فوق 10 في المائة، وفق «رويترز».

وجاءت القفزة مدفوعة بزيادة هائلة في أسعار تذاكر الطيران خلال عطلة عيد الفصح، إذ ارتفعت بنسبة 27.5 في المائة، مقارنة بشهر مارس، مسجلة ثاني أكبر زيادة شهرية منذ بدء السجلات. كما شهدت أسعار الخدمات بشكل عام ارتفاعاً سنوياً بنسبة 5.4 في المائة، متجاوزة توقعات بنك إنجلترا عند 5 في المائة، في دلالة على ضغوط تضخمية محلية لا تزال قوية.

وقد دفعت البيانات المفاجئة الجنيه الاسترليني للارتفاع إلى أعلى مستوى له في 3 سنوات يوم الأربعاء، في حين تراجع احتمال خفض أسعار الفائدة في أغسطس (آب) إلى 40 في المائة، مقارنة بـ60 في المائة قبل صدور الأرقام، وفقاً لأسعار العقود الآجلة.

وقفز الجنيه الإسترليني بنسبة 0.58 في المائة، ليصل إلى 1.347 دولار أميركي، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير (شباط) 2022، في حين استقر نسبياً مقابل اليورو عند 84.325 بنس.

رد فعل حكومي حذر

وفي أول تعليق حكومي على البيانات، أعربت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، عن «إحباطها» من هذه الأرقام، مشيرة إلى أنها تُضعف فرص تخفيف العبء على المواطنين من خلال خفض أسعار الفائدة.

وقالت راشيل ريفز: «رغم أن التضخم لا يزال أدنى بكثير من المستويات المزدوجة التي شهدناها خلال الإدارة السابقة، فإن هذه الأرقام تبين أن الطريق نحو الاستقرار لا يزال طويلاً. نحن بحاجة إلى تسريع الجهود لضمان أن يشعر المواطنون بتراجع حقيقي في تكلفة المعيشة».

مخاوف لدى المستثمرين وصناع السياسات

وعدّ باتريك أودونيل، كبير استراتيجيي الاستثمار في «أومنيس»، البيانات «مقلقة للغاية»، مضيفاً: «يجب أن تثير هذه الأرقام تساؤلات حقيقية حول إمكانية خفض أسعار الفائدة في أغسطس».

من جهته، قال كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، إن وتيرة خفض أسعار الفائدة «قد تكون سريعة أكثر من اللازم»، مشيراً إلى أن ضغوط الأجور لا تزال مرتفعة. وأوضح أن تصويته لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة في اجتماع هذا الشهر كان «تخطياً، وليس توقفاً طويل الأمد».

وأظهر استطلاع للرأي نُشر في وقت سابق من يوم الأربعاء أن أصحاب العمل في المملكة المتحدة بدأوا تقليص زيادات الرواتب التي يمنحونها لموظفيهم.

وكان بنك إنجلترا قد قرر في اجتماعه بتاريخ 8 مايو (أيار) خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، لتصل إلى 4.25 في المائة، في تصويت انقسم بين أعضاء لجنة السياسة النقدية. فقد أيد اثنان من الأعضاء خفضاً أكبر للفائدة، في حين دعا اثنان آخران، من بينهما كبير الاقتصاديين هيو بيل، إلى الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير.

من جهته، قال سانجاي رايا، كبير الاقتصاديين في «دويتشه بنك» في المملكة المتحدة: «بشكل عام، هذه ليست نهاية دورة التيسير النقدي – على الأقل ليس بعد».

وأضاف: «رغم أن فرص خفض الفائدة في أغسطس ربما تراجعت، فإن الغالبية داخل لجنة السياسة النقدية قد تتجاهل هذه البيانات إذا استمرت توقعات التضخم في التراجع، وتحسن أداء سوق العمل، وواصلت الأجور انخفاضها كما نتوقع».