العملة الرقمية «تيثر»... أداة أساسية لآلة الحرب الروسية في ظلّ العقوبات الغربية

مهرّب استخدمها لشراء قطع غيار طائرات من دون طيار لشركة «كلاشنيكوف»

تستخدم روسيا «تيثر» لشراء السلع ذات الاستخدام المزدوج مثل قطع غيار الطائرات من دون طيار والمعدات التكنولوجية المتقدمة (رويترز)
تستخدم روسيا «تيثر» لشراء السلع ذات الاستخدام المزدوج مثل قطع غيار الطائرات من دون طيار والمعدات التكنولوجية المتقدمة (رويترز)
TT

العملة الرقمية «تيثر»... أداة أساسية لآلة الحرب الروسية في ظلّ العقوبات الغربية

تستخدم روسيا «تيثر» لشراء السلع ذات الاستخدام المزدوج مثل قطع غيار الطائرات من دون طيار والمعدات التكنولوجية المتقدمة (رويترز)
تستخدم روسيا «تيثر» لشراء السلع ذات الاستخدام المزدوج مثل قطع غيار الطائرات من دون طيار والمعدات التكنولوجية المتقدمة (رويترز)

أصبحت العملة الرقمية «تيثر» أداةً أساسيةً لآلة الحرب الروسية في ظلّ العقوبات الغربية المفروضة على البلاد. فهي تُساعد الشركات الروسية على الالتفاف حول هذه العقوبات وشراء السلع ذات الاستخدام المزدوج، التي تُستخدم في تصنيع الطائرات من دون طيار وغيرها من المعدات التكنولوجية المتقدمة، وفق تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال». ويقوم المستوردون الروس بتحويلات بالروبل إلى حسابات مصرفية روسية يديرها وسطاء. ويقوم هؤلاء الوسطاء بتحويل الروبل إلى «تيثر»، ثمّ دفع العملة الرقمية لمورديهم الأجانب في أماكن مثل الصين والشرق الأوسط.

فقد تلقى مهرب روسي طلباً من شركة «كلاشنيكوف كونسيرن»، الشركة المصنعة لبندقية «أيه كيه -47» الأسطورية، وهي أكبر شركة مصنعة للأسلحة الصغيرة في روسيا. لم يكن الطلب متعلقاً بأسلحة نارية، بل بقطع كهربائية للطائرات من دون طيار التي كانت من بين أكثر الأسلحة فاعلية ضد المدرعات الأوكرانية.

المهرب يدعى أندريه زفيريف، وتلقى الطلب في أواخر عام 2022 إلى موزع إلكترونيات في هونغ كونغ. حينها، كانت الولايات المتحدة تحاول وقف مثل هذه الصفقات، وحتى المصارف الصينية التي تتحفظ على العقوبات كانت تمنع المدفوعات من روسيا، وفق ما ذكرت الصحيفة الأميركية.

فلم يكن أمام زفيريف سوى «تيثر»، العملة المشفرة، لتحويل ملايين الدولارات من «كلاشنيكوف» إلى موردها.

عرض مثير للجدل

وبعد مرور عدة أشهر على إتمام الصفقة، عرض زفيريف الخدمة نفسها على مجموعة من الروس عبر رسالة على تطبيق «تلغرام»، كتب فيها: «سنقدم لكم كل ما تحتاجونه لإبادة بعضنا بعضاً. كان الدفع مثالياً بالعملات المشفرة بالطبع».

وظهرت «تيثر» كإحدى طرق الدفع الافتراضية الرئيسية في السوق السوداء العالمية. وتُروّج هذه العملة الرقمية لنفسها على أنها مدعومة بالدولار الأميركي بنسبة واحد إلى واحد. ولكن على عكس الدولارات الصادرة عن الحكومة داخل النظام المصرفي، فإن السلطات لديها قدرة محدودة على تتبع استخدامها حول العالم.

وتعد العملة المستقرة أكثر العملات المشفرة تداولاً؛ إذ يتم تداول ما يصل إلى 120 مليار دولار من «تيثر» يومياً - وغالباً ما يكون ضعف كمية «بتكوين» تقريباً. وبلغ إجمالي المعاملات أكثر من 10 تريليونات دولار في عام 2023، وهو ليس بعيداً عما تقول شركة «فيزا» العملاقة لمعالجة المدفوعات إنها عالجته في عامها المالي الأخير.

ضغوط على الكونغرس

وتُواجه العملة الرقمية «تيثر» ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة بسبب دورها في تمويل الحرب الروسية في أوكرانيا. وضغطت وزارة الخزانة على الكونغرس لإقرار تشريع يمنحها القدرة على حظر المعاملات بالعملات المستقرة المقومة بالدولار الأميركي، مثل «تيثر». وفي الأسبوع الماضي، أدرجت وزارة الخزانة شركة مقرها موسكو في القائمة السوداء بعد أن دخلت في شراكة مع مصرف روسي خاضع للعقوبات لتوفير مدفوعات تعتمد على «تيثر».

وقال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، في بيان: «تلجأ روسيا بشكل متزايد إلى آليات دفع بديلة للتحايل على العقوبات الأميركية ومواصلة تمويل حربها على أوكرانيا».

وتقوم جهة إصدار «تيثر»؛ «تيثر القابضة» - المسجلة في جزر «فيرجن» البريطانية والمملوكة لمجموعة صغيرة من الأفراد - بتوزيع «تيثر» على العملاء مقابل الدولارات، والتي يتم استثمار معظمها في سندات الخزانة الأميركية. ويتداول العملاء «تيثر» على دفاتر عامة افتراضية تُعرف باسم «بلوك تشاين» أو عبر البورصات الخاصة، أحياناً لشراء عملات مشفرة أخرى، أو، كما هو الحال في روسيا، لدفع ثمن السلع والخدمات.

«تيثر» تُعلن عن خطوات جديدة

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قالت الشركة إنها بدأت سياسة اختيارية لتجميد المحافظ الرقمية المستخدمة لتحويل رموزها المرتبطة بكيانات خاضعة للعقوبات. وأخبرت «تيثر» لاحقاً أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في رسالة بأن لديها «تفانياً لا يتزعزع في المساهمة بشكل إيجابي في النظام المالي العالمي».

ويستند هذا السرد لدور «تيثر» في التجارة الروسية إلى مقابلات مع أشخاص معنيين بشكل مباشر، بالإضافة إلى آلاف الرسائل على تطبيق المراسلة «تلغرام» التي تم تبادلها بين الوسطاء والمستوردين.

وقامت الصحيفة بالتحقق من تفاصيل رواية زفيريف من خلال مقابلات مع شركائه وسجلات الاستيراد والضرائب الروسية. وأظهرت السجلات سلسلة توريد إلكترونيات تربط مورد زفيريف في هونغ كونغ؛ شركة «كينيكس سيميكوندكتور»، بالفرع الرئيسي للطائرات من دون طيار التابعة لشركة «كلاشنيكوف».

ولم تستجب كل من شركة «كلاشنيكوف»، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات لأول مرة في عام 2014، وشركة «كينيكس» لطلبات التعليق.

وأكد زفيريف، البالغ من العمر 41 عاماً، عمله في مقابلة وشارك قائمة المواد التي قال إن شركة «كلاشنيكوف» قد قدمتها له. وقال: «طلبت مني شركة (كلاشنيكوف) إيجاد بعض الإمكانات مثل كيفية شراء الأجزاء في الصين وكيفية توفيرها لهم».

وقال زفيريف، الذي يستخدم اللقب المستعار «زود»، إنه يمكنه التحدث بصراحة؛ لأنه لا يخالف أي قوانين في روسيا. لكنه قال لاحقاً إن آخرين أمروه بعدم التحدث، في إشارة إلى قوات الأمن الروسية، لذلك لا يمكنه مشاركة المزيد من المعلومات. وأضاف أنه سافر إلى موسكو.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

قطاع العملات المشفرة ينتظر العوائد بعد أن «أنفق الكثير» لإعادة انتخاب ترمب

ضخت لجان العمل السياسي الرائدة بصناعة العملات المشفرة 131 مليون دولار بسباق الانتخابات الأميركية الأخيرة للمساعدة في انتخاب مشرّعين مؤيدين للعملات المشفرة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد التمثيلات المادية للعملة المشفرة البتكوين (رويترز)

ثورة «البتكوين» مستمرة... وسعر قياسي يقترب من 90 ألف دولار

تواصل «البتكوين»، العملة الرقمية الأشهر، تحقيق ارتفاعات مذهلة، حيث لامست مستويات قياسية جديدة اقتربت من 90.000 دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد تمثيلات «البتكوين» في هذا الرسم التوضيحي الملتقط في باريس (رويترز)

«بتكوين» تُكبد المضاربين خسائر بمليارات الدولارات بعد فوز ترمب

تكبّد المستثمرون الذين راهنوا على تراجع أسعار العملات الرقمية والأسهم المرتبطة بتقنيات سلسلة الكتل (بلوكتشين) خسائر كبيرة منذ 6 نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تظهر العملات المشفرة مثل «البتكوين» و«إيثيريوم»  و«دوجكوين» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

«البتكوين» تحطم الأرقام القياسية وتصل إلى 82 ألف دولار

قفزت عملة «البتكوين» إلى مستوى قياسي جديد فوق 82 ألف دولار يوم الاثنين، وسط توقعات بأن العملات المشفرة سوف تزدهر في بيئة تنظيمية مواتية، بعد فوز دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن )

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية بأكثر من التوقعات

مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية بأكثر من التوقعات

مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، (الأربعاء)، إن مخزونات الخام والبنزين في الولايات المتحدة ارتفعت، بينما انخفضت مخزونات المقطرات في الأسبوع المنتهي، الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني).

وقالت إدارة معلومات الطاقة، إن مخزونات الخام ارتفعت 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل الأسبوع الماضي مقارنة بتوقعات المحللين، في استطلاع أجرته «رويترز»، لزيادة قدرها 138 ألف برميل.

وقالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كوشينغ بولاية أوكلاهوما انخفضت 140 ألف برميل في الأسبوع. وأوضحت الإدارة أن استهلاك المصافي من الخام انخفض 281 ألف برميل يومياً، بينما انخفضت معدلات تشغيل المصافي 1.2 نقطة مئوية في الأسبوع.

أضافت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات البنزين في الولايات المتحدة ارتفعت 2.1 مليون برميل في الأسبوع إلى 208.9 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع أجرته «رويترز»، بزيادة قدرها 0.9 مليون برميل.

وأظهرت البيانات أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، انخفضت 0.1 مليون برميل في الأسبوع إلى 114.3 مليون برميل، مقابل توقعات بتغير ضئيل نسبياً.

وذكرت الإدارة أن صافي واردات الخام الأميركية ارتفع الأسبوع الماضي بمقدار 237 ألف برميل يومياً.