السعودية تروي قصة تحولها في مجال الطاقة

تخطط لطرح 20 غيغاوات من المشاريع المتجددة هذا العام لتصبح في المرتبة الثالثة عالمياً

الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال عرضه للتقدم الذي أحرزته السعودية في مجال تحول الطاقة (موقع منتدى الطاقة العالمي)
الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال عرضه للتقدم الذي أحرزته السعودية في مجال تحول الطاقة (موقع منتدى الطاقة العالمي)
TT

السعودية تروي قصة تحولها في مجال الطاقة

الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال عرضه للتقدم الذي أحرزته السعودية في مجال تحول الطاقة (موقع منتدى الطاقة العالمي)
الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال عرضه للتقدم الذي أحرزته السعودية في مجال تحول الطاقة (موقع منتدى الطاقة العالمي)

شاركت المملكة العربية السعودية قصة تحولها في مجال الطاقة الذي بدأ في عام 2019، فعرضت إنجازاتها نحو مستقبل مبتكر ومستدام في الندوة الرابعة عشرة لوكالة الطاقة الدولية ومنتدى الطاقة الدولي و«أوبك» الذي انعقد في الرياض، حيث أكدت مجدداً أنها تخطط لطرح مشاريع طاقة متجددة بقدرة 20 غيغاوات بدءاً من هذا العام، وهو هدف لم تتجاوزه إلا الصين والولايات المتحدة.

وعرض وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، تقريراً خلال الندوة تحت عنوان «التقدم المحرز في السعودية نحو تحول الطاقة والتحديات العالمية المقبلة»، قال فيه إن تحول الطاقة في المملكة كان استباقياً وشاملاً منذ عام 2019 حين اعتمدت نهج الاقتصاد الدائري للكربون بوصفه مساراً شاملاً وعملياً للوصول إلى صافي الكربون. تبعه عام 2021 عندما أطلقت مبادرتين؛ الأولى مبادرة «السعودية الخضراء» التي تستهدف ضخ استثمارات بنحو 266 مليار دولار لتوليد طاقة نظيفة، فضلاً عن خفض انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليار طن سنوياً حتى 2030، والثانية مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي تستهدف حشد جهود مختلف أصحاب المصلحة لخفض الانبعاثات الكربونية بما يعادل 10 في المائة من المساهمات العالمية، والحد من انبعاثات الكربون الناجمة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 في المائة.

ويشرح التقرير التقدم الذي أحرزته السعودية في مجال تحول الطاقة، ومن بينها:

- توفير 492 ألف برميل في اليوم منذ بدء العمل بالبرنامج السعودي لكفاءة الطاقة (SEEP) في عام 2012.

- إحراز تقدم في تنفيذ برنامج إزاحة الوقود السائل في قطاع إنتاج الكهرباء الذي يهدف إلى القضاء على حرق مليون برميل من الوقود السائل عبر الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.

- تخطط المملكة لزيادة قدرتها على الالتقاط والتخزين إلى 44 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035، التي تتضمن التقاط واستخدام مليوني طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الغليكول والميثانول الأخضر والوقود النظيف.

- ستكون 50 في المائة من قدرة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

- الهيدروجين النظيف والوقود منخفض الانبعاثات عبر شحن 150 ألف طن من الأمونيا النظيفة إلى العالم. وتدرس السعودية إنشاء مجمع لاستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين بغرض إنتاج مشتقات نظيفة من الوقود. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشروع «نيوم» الذي يعد من أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في العالم والأول من نوعه. كما يتم استخدام 1.5 مليون طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الوقود النظيف.

- ستتم زراعة 600 مليون شجرة بحلول عام 2030 والهدف زراعة 10 مليارات شجرة.

أقل كثافة لغاز الميثان

ولدى المملكة ثاني أقل كثافة لغاز الميثان، وهي ملتزمة بالمزيد الحد من انبعاثات غاز الميثان من النفط والغاز، وفق ما جاء في التقرير. فبناء على دراسة أجراها مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) باستخدام قياس الانبعاثات عبر الأقمار الاصطناعية «كايروس»، تبين أن كثافة غاز الميثان في السعودية أقل بنسبة 73 في المائة من القيمة التي أبلغت عنها وكالة الطاقة الدولية. وهذا يعني أن لديها ثاني أقل كثافة لغاز الميثان بين الدول الرئيسية المنتجة للنفط والغاز.

كما تعد كثافة الكربون في البرميل المنتج من السعودية من بين أعلى المعدلات الأدنى في العالم؛ إذ لديها ثاني أدنى كثافة كربون بين كبار منتجي النفط الخام. وهي انضمت في عام 2021 إلى منتدى الحياد الصفري لمنتجي النفط مع كندا، والنرويج، وقطر، والإمارات، والولايات المتحدة الذي يستهدف مناقشة كيفية دعم تطبيق اتفاقية باريس للتغير المناخي.

وبدءاً من عام 2024، تخطط المملكة لطرح 20 غيغاواط من القدرة المتجددة سنوياً، وهو هدف لم تتجاوزه إلا الصين والولايات المتحدة.

وكان وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان قد أعلن، في ديسمبر (كانون الأول) 2023، أن المملكة تخطط لطرح مشروعات طاقة متجددة بقدرة 20 غيغاواط في 2024، وذلك بعدما ضاعفت إنتاجها من الطاقة المتجددة 4 مرات من 700 ميغاواط إلى 2.8 غيغاواط حتى الآن.

كذلك، جرى في عام 2023 تفعيل آلية السوق لتعويض وموازنة غازات الاحتباس الحراري (الكربون المكافئ)، التي تستهدف إصدار شهادات الكربون؛ لتحفيز الاستثمارات في مشروعات تخفيض انبعاثات تلك الغازات في جميع القطاعات بالمملكة، والمساعدة في تحقيق إسهامات البلاد المحددة وطنياً تحت مظلة الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس.

على الصعيد العالمي

عالمياً، تقول وزارة الطاقة إن العالم أحرز تقدماً نحو التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف منذ اتفاق باريس عام 2015، إذ تخطت الاستثمارات الخضراء ما قيمته 1.8 تريليون دولار في عام 2023، إضافة إلى إحياء صندوق الخسائر والأضرار.

كما ارتفعت إضافات القدرات المتجددة العالمية من نحو 150 غيغاوات في عام 2015 إلى ما يقرب من 510 غيغاوات في عام 2023، وهو أسرع معدل نمو في العقدين الماضيين. ومنذ عام 2015، تمكن أكثر من 300 مليون شخص من الحصول على الكهرباء وأكثر من 700 مليون شخص على وقود الطهي النظيف، إضافة إلى توصل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) إلى اتفاق تاريخي بشأن الخفض العميق والسريع والمستدام لانبعاثات غازات الدفيئة بطريقة محددة وطنياً من خلال 8 جهود عالمية.

تحديات

لكن الوزارة أشارت إلى أنه رغم هذا التقدم، لا يزال هناك عمل يجب القيام به؛ إذ إن تحقيق التحول العالمي في مجال الطاقة يتطلب التغلب على التحديات الكبرى، التي أبرزها تعبئة الاستثمارات والتمويل. فالفجوات في تمويل التحول تمثل عائقاً رئيسياً أمام الدول النامية في السعي لتحقيق طموحاتها الصافية.

ويتطلب تحول الطاقة استثماراتٍ سنويةً تُقدّر بقيمة نحو 6 تريليونات دولار، (تم تأمين 1.8 تريليون دولار في 2023). وتمثل الاستثمارات السنوية المطلوبة 7.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكمله. وهذا بالتالي يتطلب أن تتطور الأنظمة المالية الدولية لتسهيل النمو المطلوب من التمويل العام والخاص.

وترى وزارة الطاقة أنه على الرغم من نمو مصادر الطاقة المتجددة بمعدل قياسي، إلا أن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لزيادة القدرة المتجددة إلى 3 أضعاف في أقل من عقد من الزمان (القدرة المتجددة المركبة منذ 2013 والهدف لعام 2030). ولكي تتضاعف 3 مرات بحلول عام 2030، هناك حاجة إلى 8 تريليونات دولار للسعة المركبة الجديدة و3.6 تريليون دولار لتوسيع الشبكة.


مقالات ذات صلة

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منتجات تابعة لـ«أسمنت الجوف» (حساب الشركة على «إكس»)

«أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية لبناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية 

وقّعت شركتا «أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية اتفاقية بناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في مدينة طريف (شمال المملكة)، وتشغيلها لمدة 25 سنة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (موقع الشركة)

«السعودية للكهرباء» توقع اتفاقيات شراء طاقة بـ4 مليارات دولار

وقّعت «الشركة السعودية للكهرباء» اتفاقيات شراء طاقة مع «الشركة السعودية لشراء الطاقة» (المشتري الرئيس)، بإجمالي 15 مليار ريال (4 مليارات دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح «طاقة» في معرض «ويتيكس 2024» (منصة إكس)

تحالف يضم «طاقة» الإماراتية يبرم اتفاقيتين لبيع 3.6 غيغاواط من الكهرباء إلى السعودية

وقّع تحالف شركة «أبوظبي الوطنية للطاقة» (طاقة) اتفاقيتين لبيع الكهرباء لمدة 25 عاماً مع الشركة «السعودية لشراء الطاقة» الحكومية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد شعار «أكوا باور» السعودية (موقع الشركة الإلكتروني)

«أكوا باور» السعودية توقع اتفاقيات شراء طاقة بـ4 مليارات دولار

أعلنت «أكوا باور» توقيع اتفاقيات شراء طاقة مع «الشركة السعودية لشراء الطاقة»، بقيمة 15 مليار ريال (4 مليارات دولار)، لمشروعيْ محطتين غازيتين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».