الليرة التركية تسقط في قاع تاريخي غير مسبوق

بالتزامن مع إنهاء «المركزي» دورة التشديد وتثبيت الفائدة عند 45 %

مشاة وبعض صيادي السمك على جسر «غلطة سراي» في مدينة إسطنبول التركية (أ.ب)
مشاة وبعض صيادي السمك على جسر «غلطة سراي» في مدينة إسطنبول التركية (أ.ب)
TT

الليرة التركية تسقط في قاع تاريخي غير مسبوق

مشاة وبعض صيادي السمك على جسر «غلطة سراي» في مدينة إسطنبول التركية (أ.ب)
مشاة وبعض صيادي السمك على جسر «غلطة سراي» في مدينة إسطنبول التركية (أ.ب)

أوقف مصرف تركيا المركزي رسمياً دورة تشديد نقدي استمرت 8 أشهر، وقرر تثبيت سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة عند 45 في المائة، متماشياً مع توقعات السوق.

وأدى القرار إلى إنهاء حالة الترقب التي سبقت انعقاد لجنة السياسة النقدية للمركزي التركي، يوم الخميس، والتي تسببت في سقوط الليرة إلى أدنى مستوى لها في التاريخ، ليفوق الدولار مستوى 31 ليرة بقليل، حيث استعادت هامشاً ضئيلاً جداً من خسائرها عقب القرار.

ويعني قرار المركزي التركي انتهاء دورة تشديد انطلقت في يونيو (حزيران) الماضي وطبقت لمدة 8 أشهر، تم خلالها رفع سعر الفائدة من 8.5 إلى 45 في المائة في إطار جهود مكافحة التضخم الجامح الذي يحلق حالياً عند حدود 65 في المائة.

ولفت المركزي التركي، في بيان عقب اجتماع اللجنة برئاسة رئيس المصرف الجديد فاتح كاراهان إلى تزايد الاتجاه الرئيسي للتضخم الشهري في يناير (كانون الثاني) الماضي، «كما كان متوقعاً في مسار توقعات التضخم، نتيجة لتحديثات الأسعار والأجور».

وذكر البيان أن التضخم الكلي سجل ارتفاعاً محدوداً، وأن المؤشرات الأخيرة تظهر استمرار التوازن في الطلب المحلي، وأن عملية التوازن هذه قوية في واردات السلع الاستهلاكية والذهب، ولكنها أبطأ من المتوقع في مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي الأخرى.

وأضاف أن «جمود أسعار الخدمات، والمخاطر الجيوسياسية، وأسعار المواد الغذائية يبقي ضغوط التضخم حية وفعالة»، مشيراً إلى أن المصرف سيراقب توقعات التضخم وسلوك التسعير وتأثيرات زيادات الأجور، وظروف التمويل الخارجي، ومستوى الاحتياطيات على التضخم.

ونوّه البيان إلى أن التحسن في رصيد الحساب الجاري والطلب على أصول الليرة أسهم في استقرار سعر الصرف وفاعلية السياسة النقدية، مضيفاً أن الموقف الحازم في السياسة النقدية سوف يستمر في المساهمة في عملية الارتفاع الحقيقي لليرة، الذي يعد واحداً من العناصر الرئيسية لخفض التضخم.

وتعهد المصرف المركزي بأنه سيتم الحفاظ على المستوى الحالي من الفائدة حتى يتم تحقيق انخفاض في التضخم، وباللجوء إلى تشديد السياسة النقدية مجدداً حال حدوث تدهور كبير ودائم في توقعات التضخم. كما أكد أن المصرف سيستمر في تنفيذ السياسات الاحترازية الكلية بطريقة تحافظ على وظيفة آلية السوق والاستقرار المالي الكلي.

وكانت توقعات سادت قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بأن تتخذ اللجنة قرارا بتثبيت سعر الفائدة، وإنهاء دورة التشديد النقدي.

ولفت رئيس المصرف فاتح كاراهان، خلال تقديمه التقرير الفصلي للتضخم في وقت سابق من فبراير (شباط) الحالي، إلى أن إدارة المصرف لا ترى حاليا أنه سيتم الاستمرار في دورة التشديد النقدي، لكنه قد يعود إلى رفع الفائدة إذا كانت هناك مخاطر تستلزم ذلك.

وأعطى المصرف المركزي، في تقريره الفصلي الأول للعام الحالي، رسالة مفادها أن سعر الفائدة كان عند مستوى التشديد النقدي المطلوب لإثبات انخفاض التضخم، وأنه «من السابق لأوانه» الحديث عن خفض سعر الفائدة.

ويتوقع خبراء ومحللون ألا يتم خفض سعر الفائدة قبل الربع الرابع والأخير من العام الحالي.

وأشارت تقارير إلى أن هناك إقبالاً على شراء العملة الأجنبية في ظل مخاوف من تكرار أزمة ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، بعدما كسر الدولار حاجز 31 ليرة لفترة، وتعود كل المواطنين على التراجع في سعر الصرف عقب كل انتخابات، حيث تشهد تركيا انتخابات محلية في 31 مارس (آذار) المقبل.

وتراجعت الليرة بنحو 5 في المائة منذ بداية العام الحالي، في ظل زيادة الطلب على العملات الأجنبية.

وتوقع رئيس قسم المالية بجامعة باشكنت، شينول بابوشجو، أن تقر الحكومة زيادات جديدة في الضرائب، لا سيما ضريبة القيمة المضافة بعد انتهاء الانتخابات المحلية، فضلاً عن رفع أسعار استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي والمياه، ورسوم عبور الطرق السريعة والجسور.

وكان رئيس المركزي التركي توقع عند عرض التقرير الفصلي للتضخم زيادات في أسعار استهلاك الكهرباء والغاز، لافتاً إلى أنه يتم إعداد توقعات التضخم على هذا الأساس.

وبحسب توقعات المصرف المركزي، سيصل التضخم إلى ذروته في مايو (أيار) المقبل، بعد انتهاء فترة عام من التخفيض على فواتير استهلاك الغاز الطبيعي أعلنته الحكومة في فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو الماضي.


مقالات ذات صلة

الصادرات البريطانية إلى أميركا تتراجع 33 % في أبريل بفعل الرسوم

الاقتصاد حاويات الشحن في ميناء فيليكسستو بريطانيا (رويترز)

الصادرات البريطانية إلى أميركا تتراجع 33 % في أبريل بفعل الرسوم

أظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الخميس انخفاضاً قياسياً في صادرات السلع البريطانية إلى الولايات المتحدة خلال أبريل (نيسان)، بعد أن فرضت واشنطن رسوماً جمركية جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مشاة في العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام لوحة تعرض حركة الأسهم (أ.ب)

تباينات حادة في الأسواق اليابانية وسط عدم اليقين

تشهد الأسواق المالية اليابانية حالة من التباين في الأداء مدفوعة بمزيج معقد من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية وتقلبات بأسعار الصرف وضعف شهية المستثمرين

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مشاة في شارع مزدحم وقت الذروة في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ ف ب)

الرسوم الأميركية تجهض دورة رفع الفائدة اليابانية

قالت صانعة سياسة سابقة في «بنك اليابان» إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ربما أنهت دورة رفع أسعار الفائدة في «بنك اليابان المركزي»

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يمرّ بجانب لوحة إلكترونية تعرض بيانات السوق في بورصة تل أبيب (رويترز)

التوترات الإقليمية تهوي بسندات إسرائيل وترفع تكلفة التأمين على ديونها

تراجعت أسعار السندات الدولارية الإسرائيلية وارتفعت تكلفة التأمين على ديونها السيادية الخميس في ظل تصاعد التوترات الأمنية الإقليمية وازدياد الاضطرابات

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد لافتة مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت (رويترز)

عضو بـ«المركزي الأوروبي»: التريث مطلوب في قرارات أسعار الفائدة

دعا عضو «مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي»، جيديميناس سيمكوس، إلى التريث مؤقتاً في قرارات أسعار الفائدة، وسط «حالة من عدم اليقين الكبيرة».

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس )

أسعار النفط تقفز أكثر من 12 % بعد قصف إسرائيلي لإيران

منظر عام لـ«مصفاة عبادان النفطية» في جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)
منظر عام لـ«مصفاة عبادان النفطية» في جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)
TT

أسعار النفط تقفز أكثر من 12 % بعد قصف إسرائيلي لإيران

منظر عام لـ«مصفاة عبادان النفطية» في جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)
منظر عام لـ«مصفاة عبادان النفطية» في جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)

ارتفعت أسعار النفط أكثر من 12 في المائة، يوم الجمعة، بعد أن قالت إسرائيل إنها نفَّذت ضربات على مواقع إيرانية؛ مما أثار مخاوف من اندلاع حرب في الشرق الأوسط الغني بالنفط.

وارتفع خام برنت متجاوزاً 78 دولاراً للبرميل، مُسجِّلاً أكبر مكاسب يومية منذ مارس (آذار) 2022، عندما شنَّت روسيا حربها على أوكرانيا. كما صعد سعر خام غرب تكساس الوسيط، بنسبة 12.6 في المائة ليصل إلى 76.61 دولار للبرميل.

وأعلنت إسرائيل في ساعة مبكرة من صباح الجمعة أنها شنَّت هجوماً على إيران، وذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه سُمع دوي انفجارات في طهران مع تصاعد التوترات بشأن الجهود الأميركية لكسب موافقة إيران على وقف إنتاج المواد اللازمة لصنع قنبلة ذرية.

وقال عدد من تجار النفط في سنغافورة إنه من السابق لأوانه الجزم بما إذا كانت الضربة ستؤثر على شحنات النفط من الشرق الأوسط، إذ سيعتمد ذلك على رد إيران، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل. وقال أحد التجار: «من السابق لأوانه الجزم بذلك، لكنني أعتقد أن السوق قلقة بشأن إغلاق مضيق هرمز».

وقال سول كافونيك، كبير محللي الطاقة في «MST Marquee»، إن الصراع سيحتاج إلى تصعيد يصل إلى حد رد إيراني على البنية التحتية النفطية في المنطقة، قبل أن تتأثر إمدادات النفط بشكل ملموس.

وأضاف أن إيران قد تعيق ما يصل إلى 20 مليون برميل يومياً من إمدادات النفط، من خلال هجمات على البنية التحتية، أو تقييد المرور عبر مضيق هرمز، في سيناريو متطرف.

وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إن إسرائيل ستتلقى «عقاباً قاسياً» عقب هجوم يوم الجمعة، الذي زعم أنه أسفر عن مقتل عدد من القادة العسكريين.

ووصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، يوم الخميس، الضربات الإسرائيلية على إيران بأنها «عمل أحادي الجانب»، مؤكداً أن واشنطن لم تكن متورطةً، وحثَّ طهران على عدم استهداف المصالح أو الأفراد الأميركيين في المنطقة.

وقالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في «فيليب نوفا»: «أعلنت إيران حالة طوارئ وتستعد للرد، مما يزيد من خطر حدوث اضطرابات، بل وانتشار العدوى في دول مجاورة أخرى منتِجة للنفط أيضاً».

وعلى الرغم من إحجام ترمب عن المشارَكة، فإن التدخل الأميركي قد يثير مزيداً من المخاوف.

وفي أسواق أخرى، انخفضت الأسهم في بداية التعاملات الآسيوية، مدفوعةً بانخفاض حاد في العقود الآجلة الأميركية، بينما هرع المستثمرون إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والفرنك السويسري.