قصة الاستكشاف التعديني الحديث في المملكة

المهندس خالد بن صالح المديفر
المهندس خالد بن صالح المديفر
TT

قصة الاستكشاف التعديني الحديث في المملكة

المهندس خالد بن صالح المديفر
المهندس خالد بن صالح المديفر

قبل خمس سنوات، بدأت رحلة الكشف عن الثروات المعدنية غير المستغلة في المملكة، وفي ذلك الحين تم تقدير قيمة هذه الثروات التعدينية المحتملة بـ1.3 تريليون دولار. ومع ذلك كنا أقرب إلى اليقين بأن هناك المزيد من الثروات، التي تنتظر الاكتشاف، والتي من شأنها أن ترفع القيمة المقدرة لثروات المملكة المعدنية الهائلة.

ولكي نقترب أكثر إلى هذا اليقين، بدأنا باتخاذ خطوات متسارعة لتطوير قطاع التعدين في المملكة. وكانت أولى هذا الخطوات، المهمة والمؤثرة في مسار قطاع التعدين في عهد الرؤية المباركة، تعديل نظام الاستثمار التعديني بهدف خلق بيئة عملية في الوزارة تركز على رضا المستثمر وتسهل رحلته في هذا المجال. وأستطيع أن أصف هذا التحول، المتمثل في التركيز على المستثمرين وهواجسهم ومتطلباتهم، بالهزة التي نفضت غبار الروتين والبيروقراطية، لتحدث، نتيجة لهذه الهزة خلال السنوات الثلاث الماضية، تلك الزيادة القياسية في عدد تراخيص التنقيب والتعدين. وهي زيادة تقدر بأربعة أضعاف إذا ما قارناها بعدد التراخيص خلال السنوات الست السابقة لصدور نظام الاستثمار التعديني الجديد. وهذا عكس، بطبيعة الحال، قدراً كبيراً من الحماسة والثقة المتجددة في قطاع التعدين في المملكة. وقد تجلت هذه الحماسة وتلك الثقة في زيادة قيمة الإنفاق على الاستكشاف من 70 ريالاً لكل كيلو متر مربع في عام 2019 لتصل إلى نحو 180 ريالاً لكل كيلو متر مربع في عام 2023.

الخطوة الجبارة الأخرى التي حدثت، بموازاة تعديل وإصدار نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية، تدشين تلك الرحلة الاستكشافية الطموح التي تمتد عبر مساحة شاسعة من منطقة الدرع العربي تزيد على 600 ألف كيلومتر مربع. ومن أهم ما أفرزته هذه الرحلة تغطية المسح الجيولوجي الإقليمي ما نسبته 30 في المائة من مساحة هذه المنطقة؛ في الوقت الذي تم فيه تطوير أعمال المسوح الجيوكيميائية لتشمل 40 في المائة من هذه المساحة؛ لينتج عن ذلك تحليل أكثر من 76 عنصراً من العناصر الكامنة هناك.

وكان لا بد، في السياق ذاته، أن نطور قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية، التي تضم حصيلة 80 عامًا من البيانات الجيولوجية، لتصل إلى أكثر من 10 تيرابايت من البيانات والخرائط الجيولوجية. وهذا يمثل زيادة قدرها 50 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي يؤهل قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية لتصبح قاعدة بيانات عالمية تشتمل على معلومات حول أعمال المسح والتنقيب الجيولوجي التفصيلي والبيانات التعدينية للثروات المعدنية في المملكة.

وإذا ما عدنا إلى يقين وفرة الثروات المعدنية السعودية الذي أشرت إليه مطلع هذه المقالة، فإن مما يثير الغبطة والفخر أن إجراءاتنا وجهودنا في الوزارة، ومسعانا المشترك مع القطاع الخاص في كل اتجاهات تطوير قطاع التعدين، قد دفعت تقييمنا المبدئي للثروات التعدينية في المملكة إلى الأعلى؛ ليرتفع هذا التقييم أو هذا التقدير من 1.3 تريليون دولار إلى 2.5 تريليون دولار. وبالتالي فإن هذه المراجعة لإمكاناتنا المعدنية، التي أوصلتنا إلى هذا التقييم الكبير والمبشر، شكلت دافعاً لتطوير سياستنا التعدينية لتسريع جهود استكشاف ثرواتنا واستغلالها استغلالاً أمثل لتنمية وتقدم بلادنا.

الأمر الآخر الذي نعده مفصلاً في مسيرة قطاع التعدين في المملكة هو ما نتج عن الزيادة الكبيرة في موارد الفوسفات التي قادتنا إلى تحقيق استثمار هائل في البنية التحتية للمنطقة الشمالية من المملكة، وهو ما أتاح بدوره الوصول إلى موارد إضافية، وأبرز أعمال التنقيب والاستكشاف التي تقودها شركة (معادن) بعدّها بطلنا الوطني في هذا المجال، وبعدّه الشركة التي تؤثر، من خلال أعمالها ومبادراتها، في حياة المدن الصناعية وغير الصناعية الموجودة في محيط موارد الفوسفات.

وهناك منعطف آخر تمثل في الطلب المتزايد على خام الحديد في المملكة، الذي أدى إلى تعزيز جدوى رواسب خام الحديد المحلية، في الوقت الذي ركز برنامجنا الاستكشافي على العناصر الأرضية النادرة والمعادن الضرورية لتحول الطاقة ليساهم في تحديد ملامح ثروتنا المعدنية، أخذاً في الاعتبار أن هناك الآن طلباً كبيراً على هذه المعادن التي تستخدم في مكونات المركبات الكهربائية، وهو ما يمثل بالنسبة للمملكة فرصة لتنويع قاعدة مواردها وتوجيهها نحو قطاعات تحول الطاقة.

هذه التحولات والإمكانات الضخمة، التي توافرت لقطاع التعدين في المملكة، يضاف لها اليوم مبادرة جديدة بالشراكة مع وزارة الاستثمار ولجنة الحوافز الوطنية. وتتمثل هذه المبادرة في إطلاق برنامج حوافز الاستكشاف بميزانية تتجاوز 685 مليون ريال للسنوات السبع المقبلة. ويهدف هذا البرنامج إلى جذب استثمارات جديدة في قطاع الاستكشاف بالمملكة. وسيعمل، كذلك، على تغطية جزء من أنشطة التنقيب والأنشطة الجيولوجية العلمية وتنمية المواهب المحلية؛ ليمكن تقليل مخاطر الاستثمار في التنقيب عن المعادن الحيوية والاستراتيجية اللازمة لتحول الطاقة على مستوى العالم.

ولأن عجلة تطوير قطاع التعدين لا تتوقف عن الدوران فإننا سنعلن هذا العام عن جولة جديدة من التراخيص التي تتيح الوصول إلى 33 موقع استكشاف جديداً، تمثل بإمكاناتها التعدينية فرصاً استثمارية تنتظر من يغتنمها، مع حرصنا، في هذا الاستثمار، على الالتزام بما نصّت عليه لوائح نظام الاستثمار التعديني فيما يختص بضمان الاستدامة الاجتماعية والبيئية.

بقي أن أزف هذه البشرى للمستثمرين الذين ينصب عليهم تركيزنا واهتمامنا، حيث نستعد، في وزارة الصناعة والثروة المعدنية، لطرح منافسة أول حزام تعديني بالمملكة بمساحات شاسعة تتعدى 2000 كيلومتر مربع تغطي حزام جبل صايد التعديني. وهدفنا من هذا الطرح، الذي يحدث لأول مرة، جذب (لاعبين) كبار لاستكشاف رواسب معدنية من المستوى الأول في المملكة. وبالمناسبة، فإن المساحة المخصصة لمنافسة حزام جبل صايد مساوية لجميع المواقع الـ33 في نهج المنافسات المعتادة لدى الوزارة. وللعلم فقط يوجد منجمان منتجان حالياً في حزام جبل صايد الذي، كما هو معروف، غني بالنحاس والزنك والذهب، وهي معادن أساسية تدخل في الصناعات الاستراتيجية الحيوية في بلادنا.

هذه باختصار شديد قصة الاستكشاف التعديني الحديث في المملكة. وما يبشر بالخير العميم، بفضل من الله وفي ظل دعم وتوجيهات قيادتنا الرشيدة، أن إمكاناتنا في الوقت الحاضر أكبر وأفضل من أي وقت مضى. ومن خلال جلبنا لأفضل القادة والخبرات العالمية في هذا المجال، ومواصلة الكشف عن مناطق جديدة للترخيص، فإننا على أهبة الاستعداد لاكتشاف ثروات جديدة لن تدفع اقتصادنا في المملكة إلى الأمام فحسب، بل ستساهم، أيضاً، في إضاءة طريق صناعة المعادن العالمية نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة.

* نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودية لشؤون التعدين



الصين تدرس مسودة قانون لتعزيز تنمية القطاع الخاص

علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)
علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)
TT

الصين تدرس مسودة قانون لتعزيز تنمية القطاع الخاص

علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)
علم الصين وسط مقرات لشركات وبنوك ومؤسسات مالية في بكين (رويترز)

يجري المشرعون الصينيون مداولات حول مسوَّدة أول قانون أساسي للبلاد يركز بشكل خاص على تنمية القطاع الخاص. وفق وكالة «شينخوا» الصينية.

وقال خه رونغ وزير العدل، السبت، خلال شرح المسوَّدة أثناء الجلسة الجارية للجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، الهيئة التشريعية الوطنية، إن القانون سيُفضي إلى خلق بيئة قائمة على القانون مواتية لنمو جميع القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك القطاع الخاص.

وتغطي مسودة قانون تعزيز القطاع الخاص مجالات مثل المنافسة العادلة وبيئات الاستثمار والتمويل، والابتكار العلمي والتكنولوجي، والتوجيه التنظيمي، ودعم الخدمات، وحماية الحقوق والمصالح والمسؤوليات القانونية.

وثبَّتت الصين أسعار الفائدة المرجعية للإقراض كما كان متوقعاً في القرار الشهري، يوم الجمعة. وتدعو الضغوط الانكماشية المستمرة والطلب الضعيف على الائتمان إلى مزيد من التحفيز لمساعدة الاقتصاد الأوسع، لكن تضييق هوامش الفائدة على خلفية العائدات المتراجعة بسرعة وضعف اليوان يحد من نطاق التيسير النقدي الفوري.

وتم الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام واحد عند 3.10 في المائة، في حين ظل سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة 5 سنوات دون تغيير عند 3.60 في المائة. في استطلاع أجرته «رويترز» لـ27 مشاركاً في السوق، هذا الأسبوع، توقع جميع المستجيبين بقاء كلا السعرين دون تغيير.

وقال مورغان ستانلي، في مذكرة، إن عجز الميزانية لعام 2025 أكثر إيجابية من المتوقع، ويشير إلى أن بكين مستعدة لتحديد هدف نمو مرتفع وميزانية مالية قياسية لتعزيز ثقة السوق، لكن من غير المرجح تقديم مزيد من التفاصيل السياسية قبل مارس (آذار) المقبل.

في هذه الأثناء، أظهرت بيانات رسمية أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، يوم الجمعة الماضي، ارتفاع إجمالي أصول المؤسسات المالية الصينية إلى 489.15 تريليون يوان (نحو 68.03 تريليون دولار) بحلول نهاية الربع الثالث من العام الحالي.

وقال البنك المركزي إن هذا الرقم يمثل زيادة سنوية بنسبة 8 في المائة.

ومن الإجمالي، بلغت أصول القطاع المصرفي 439.52 تريليون يوان بزيادة 7.3 في المائة على أساس سنوي، في حين ارتفعت أصول مؤسسات الأوراق المالية بنسبة 8.7 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 14.64 تريليون يوان.

وأظهرت البيانات ارتفاع أصول قطاع التأمين بنسبة 18.3 في المائة على أساس سنوي إلى 35 تريليون يوان.

وبلغ إجمالي التزامات المؤسسات المالية 446.51 تريليون يوان بزيادة 8 في المائة على أساس سنوي، وفقاً للبنك المركزي.

وعلى صعيد آخر، أظهرت بيانات رسمية أصدرتها الهيئة الوطنية للطاقة، ارتفاع استهلاك الكهرباء في الصين، وهو مقياس رئيس للنشاط الاقتصادي، بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي.

وخلال الفترة المذكورة، زاد استهلاك الكهرباء في الصناعات الأولية في البلاد بنسبة 6.8 في المائة على أساس سنوي، في حين ارتفع الاستهلاك في قطاعيها الثانوي والثالث بنسبة 5.3 في المائة و10.4 في المائة على التوالي.

وقالت الهيئة إن استهلاك الأسر الصينية من الكهرباء شهد نمواً قوياً بنسبة 11.6 في المائة خلال الفترة المذكورة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحده، ارتفع استهلاك الكهرباء بنسبة 2.8 في المائة عن العام السابق، وفقاً للبيانات.