مصارف الصين الصغيرة على شفا ورطة تمويل

عقب تقليص البنوك الكبرى انكشافها للحد من مخاطر الائتمان

بنك الشعب الصيني وسط العاصمة بكين (رويترز)
بنك الشعب الصيني وسط العاصمة بكين (رويترز)
TT

مصارف الصين الصغيرة على شفا ورطة تمويل

بنك الشعب الصيني وسط العاصمة بكين (رويترز)
بنك الشعب الصيني وسط العاصمة بكين (رويترز)

قالت ثلاثة مصادر إن بعض البنوك الكبرى في الصين كثفت التدقيق في جودة أصول أقرانها الأصغر، وشددت معايير الإقراض بين البنوك، في محاولة للحد من مخاطر الائتمان مع انتشار أزمة الديون العقارية المتفاقمة في الاقتصاد.

وقالت المصادر لـ«رويترز» إن اثنين من أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين وأحد البنوك المساهمة الرائدة، كثفت مراجعات المقرضين الصغار خلال الشهرين الماضيين لتحديد أولئك الذين يعانون ضعف جودة الأصول والذين لديهم مخاطر عالية في التخلف عن السداد.

وقال اثنان من المصادر إن البنكين المملوكين للدولة قررا خفض حدود الإقراض بين البنوك وتحديد فترات استحقاق أقصر للنظراء الأصغر الذين يعدون عالي المخاطر. وجميع المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها لحساسية الموضوع، لديها معرفة مباشرة بالأمر.

وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف متصاعدة بشأن صحة البنوك الصغيرة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث إن أزمة قطاع العقارات المتفاقمة وتضخم ديون الحكومات المحلية تجعلها الحلقة الضعيفة في النظام المالي.

ويمكن أن يؤدي النهج الحذر الذي تتبعه بعض البنوك الكبرى في التعامل مع أقرانها الأصغر إلى تفاقم مشكلات رأس المال بالنسبة إلى الأخيرة، حيث إن لديها خيارات أقل لجمع الأموال، مما قد يجبر بكين على التدخل بمزيد من التدابير الداعمة.

وفي حين أن البنوك الصينية الكبرى تستخدم بشكل رئيسي ودائع العملاء –وهي مصدر تمويل مستقر وطويل الأجل- لتقديم القروض، فإن المقرضين الصغار في السنوات الأخيرة كانوا يقترضون بقوة من المنافسين المحليين لجمع الأموال.

وأظهرت بيانات من نظام تجارة النقد الأجنبي الصيني (CFETS)، الذي يشرف عليه البنك المركزي، أن البنوك الصينية المتوسطة والصغيرة تمثل ما يقرب من نصف حجم التداول في سوق الإقراض بين البنوك.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير في البنك المساهم الرائد الذي يراجع الانكشاف الائتماني للبنوك الأصغر، إن البنك شدد معاييره لإقراض البنوك الأصغر. وقال المصدر إنه في إطار ذلك، توقفت عن شراء السندات الصادرة عن البنوك الصغيرة التي يقل إجمالي أصولها عن 40 مليار دولار.

ولم يستجب بنك الشعب الصيني والإدارة الوطنية للتنظيم المالي، وهي الجهة الرقابية التي تشرف على جميع جوانب القطاع المالي الصيني البالغ حجمه 63 تريليون دولار، لطلب «رويترز» للتعليق.

فجوة السيولة

وفي الوقت الذي تكافح فيه الصين تأثير تباطؤ الاقتصاد على النظام المالي، تتخذ السلطات المحلية إجراءات لدعم النظام المصرفي، خصوصاً الأصغر منها للحفاظ على الاستقرار المالي.

وكجزء من هذه التدابير الرامية إلى منع المخاطر المالية، باعت بعض الحكومات المحلية في الصين كميات قياسية مما تسمى السندات الخاصة في العام الماضي لضخ رأس المال إلى المقرضين الإقليميين الصغار المتعثرين.

وذكرت وسائل الإعلام الحكومية الشهر الماضي، نقلاً عن مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الذي عُقد يومي 11 و12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي حدد خلاله كبار القادة أهدافاً اقتصادية لعام 2024، أنه من الضروري حل المخاطر بشكل فعّال في البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم.

ورغم أن ما يقرب من أربعة آلاف بنك صغير لا يُنظر إليها في حد ذاتها على أنها تشكّل خطراً شاملاً، فإن مصدر القلق هو أن عدداً كافياً منها موّلت نفسها إلى حد كبير عن طريق الاقتراض قصير الأجل من سوق المال، وهو ما يشكّل خطراً جماعياً في حالة فشل عدد قليل منها. ومن شأن الاستخدام الأكبر للإقراض بين البنوك لأغراض التمويل أن يجعل البنوك أكثر حساسية لمخاطر الطرف المقابل.

وفي حين أن البنوك الخمسة الكبرى في البلاد، بما في ذلك أمثال البنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك الصين، تهيمن على القطاع، فإن البنوك الصغيرة لا تزال تمثل ربع الأصول، وفقاً للبيانات التنظيمية.

وقال المصدر الثاني في أحد البنوك الكبرى المملوكة للدولة، إن بعض المقرضين الصغار الذين راجعتهم شركتهم وعدّتهم محفوفين بالمخاطر كانوا في مناطق مثقلة بالديون مثل أجزاء من شمال شرقي الصين ومنطقة منغوليا الداخلية ومقاطعة خنان.

وارتفعت أسعار شهادات الإيداع القابلة للتداول، والتي عادةً ما تكون أداة روتينية لجمع الأموال لصغار المقرضين، بشكل مطّرد منذ أغسطس (آب) الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى فجوة السيولة في الأشهر الأخيرة وسط عرض كبير للديون.

وبلغ سعر الفائدة على الأمراض غير المُعدية لمدة عام والتي تبيعها البنوك التجارية الريفية الصغيرة والمتوسطة الحجم 2.84 في المائة في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس، وفقاً لمذكرة بحثية صادرة عن شركة الوساطة الصينية «تي إف سيكيوريتيز».

وفي علامة على التوتر المتنامي، تخلفت 10 بنوك صغيرة ومتوسطة الحجم عن سداد أوراقها التجارية ثلاث مرات على الأقل خلال ستة أشهر في العام الماضي، وفقاً لبيان صدر في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) على موقع بورصة شانغهاي للأوراق التجارية.

وقال البيان إن البنوك تشمل بنك «نينغشيا هيلان» الريفي التجاري المحدود، ومقره في منطقة نينغشيا شمال غربي الصين، وبنك «شنشي باوجي ويبين التجاري الريفي المحدود، الواقع في مقاطعة شانشي شمال غربي الصين.


مقالات ذات صلة

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

أوروبا زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

لا تزال المنتجات الغربية الفاخرة معروضة في كثير من المحال التجارية وسط موسكو، بتناقض مع إعلان عدد كبير من الشركات انسحابها من أسواق روسيا بعد غزو أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف لتعزيز الدائنين من خلال السماح باستهداف المساهمين السابقين في الشركات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)

تدشين المرحلة الأولى لـ«بوابة المدينة» السعودية بـ160 مليون دولار

دشّن الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، مشروع «بوابة المدينة» بـ«مدينة المعرفة الاقتصادية»، الذي يُعدّ الأول من نوعه في المملكة.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد علما أميركا والصين أمام لوحة إلكترونية (أ.ف.ب)

بايدن يمهد طريق ترمب لفرض رسوم جمركية على الصين

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن الاثنين عن تحقيق تجاري في أيامها الأخيرة بالبيت الأبيض، بشأن أشباه الموصلات «القديمة» المصنعة في الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«جيزوبا الصينية» تنفّذ أبراجاً سكنية جديدة ضمن مشروع العلياء في المدينة المنورة

صورة لمشروع العلياء السكني في المدينة المنورة (مدينة المعرفة الاقتصادية)
صورة لمشروع العلياء السكني في المدينة المنورة (مدينة المعرفة الاقتصادية)
TT

«جيزوبا الصينية» تنفّذ أبراجاً سكنية جديدة ضمن مشروع العلياء في المدينة المنورة

صورة لمشروع العلياء السكني في المدينة المنورة (مدينة المعرفة الاقتصادية)
صورة لمشروع العلياء السكني في المدينة المنورة (مدينة المعرفة الاقتصادية)

وقّعت شركة «مدينة المعرفة الاقتصادية» عقداً بقيمة 503 ملايين ريال (134 مليون دولار) مع «مجموعة جيزوبا الصينية» لتنفيذ 7 أبراج سكنية جديدة ضمن مشروع العلياء متعدد الاستخدامات بالمدينة المنورة، بمدة تنفيذ تصل إلى 30 شهراً. وقالت الشركة في بيان للسوق المالية السعودية (تداول)، الاثنين، إن مشروع العلياء أحد المشاريع المحورية بمدينة المعرفة الاقتصادية، ويؤسس لإنشاء بيئة حضارية حديثة ومترابطة في مجمع مغلق (كمباوند) متكامل الخدمات ويلبي احتياجات ساكنيه كافة ويحقق تطلعاتهم من حيث الخصوصية، والرفاهية، والسكينة والهدوء.

أحد الممرات في مشروع العلياء (مدينة المعرفة الاقتصادية)

وجرى تدشين مشروع العلياء السكني في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي. وتبلغ مساحته 270 ألف متر مربع لتشكل مدينة مصغرة متكاملة بتطوير معماري يجمع بين الحداثة والتاريخ والتراث، ويوفر المشروع حدائق وممرات مشاة وشوارع مخططة بعناية، بحسب البيان.

ويجمع المشروع بين السكن والعمل والترفيه، ويضم 2000 وحدة متنوعة، منها 1000 شقة، و430 شقة فندقية تديرها «حياة هاوس»، و430 شقة مخدومة تديرها «مدينة المعرفة الاقتصادية»، و70 فيلا.

ويشمل المشروع أيضاً مباني إدارية وتجارية وجامعاً وفندقاً بـ148 غرفة، ويمتد على مساحة مفتوحة تبلغ 70 ألف متر مربع، بالإضافة إلى حديقة مركزية بمساحة تتجاوز 40 ألف متر مربع.

نموذج للحدائق في مشروع العلياء (مدينة المعرفة الاقتصادية)

وأشارت شركة «مدينة المعرفة الاقتصادية» إلى أن توقيع العقد مع «مجموعة جيزوبا الصينية» نتيجة للاتفاقية الإطارية في يونيو (حزيران) 2023، وهي تابعة لإحدى أكبر الشركات الحكومية في الصين. ويجري حالياً تنفيذ 396 شقة سكنية بواسطة «شركة الخريجي للتجارة والمقاولات»، متاحة للبيع بنظام البيع على الخريطة تحت إشراف «هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة»، وفق البيان.