هل يقوض زلزال اليابان طموحات كيشيدا الاقتصادية؟

الأجور لا تساير ارتفاع الأسعار الكبير

يابانيون في أحد متاجر السلع الغذائية في مدينة طوياما لحظة وقوع الزلزال صباح يوم الاثنين (أ.ب)
يابانيون في أحد متاجر السلع الغذائية في مدينة طوياما لحظة وقوع الزلزال صباح يوم الاثنين (أ.ب)
TT

هل يقوض زلزال اليابان طموحات كيشيدا الاقتصادية؟

يابانيون في أحد متاجر السلع الغذائية في مدينة طوياما لحظة وقوع الزلزال صباح يوم الاثنين (أ.ب)
يابانيون في أحد متاجر السلع الغذائية في مدينة طوياما لحظة وقوع الزلزال صباح يوم الاثنين (أ.ب)

جاء زلزال اليابان في الساعات الأولى من أول أيام العام الجديد، بمثابة ضربة قوية وتحدٍ جديد لطموحات رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بتعزيز شعبيته من جهة، واقتصاد بلاده من جهة أخرى.

وخلال خطابه بمناسبة بدء العام، تعهد كيشيدا بأن يضع بلاده في مقدمة الدول التي تعنى بالشؤون الدولية خلال عام 2024 «المتوترة»، فيما وعد على الصعيد الداخلي باتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق زيادات في الأجور تفوق ارتفاع الأسعار، معرباً عن أمله في أن «يشعر» المواطنون اليابانيون بالنمو الاقتصادي لإحداث تغيير في «تفكير» المجتمع.

لكن خلال الشهور الماضية، اتضح بقوة عدم قدرة إدارة كيشيدا على تحقيق نمو الأجور بمستوى مماثل لارتفاع الأسعار، مما أدى إلى تآكل معنويات المستهلكين، ومعها شعبية الحكومة.

وفي أحدث دليل على ذلك، ارتفعت أسعار 32396 سلعة تنتجها 195 من كبرى شركات المواد الغذائية والمشروبات في اليابان عام 2023، فيما يعد أكبر عدد من السلع الغذائية التي تشهد ارتفاعاً في الأسعار منذ 30 عاماً، حين انهار اقتصاد الفقاعة في اليابان في التسعينات، وفقاً لشركة «تيكوكو داتا بنك» للأبحاث.

وقالت صحيفة «جابان تايمز» إن هذا الرقم يمثل ارتفاعاً بنسبة 25.7 في المائة، مقارنة بعام 2022، عندما ارتفعت أسعار 25768 سلعة غذائية.

وقبل حدوث الزلزال يوم الاثنين، كان من المتوقع أن ينخفض عدد السلع التي سيتم رفع أسعارها العام المقبل بشكل حاد ليصل إلى نحو 15 ألف سلعة. ومع ذلك، حذر أحد المسؤولين من أن أسعار سلع أكثر قد ترتفع بصورة تفوق ما كان متوقعاً اعتماداً على عوامل التكلفة وحركة أسعار الصرف الأجنبي.

لكن حدوث الزلزال وتبعاته وخسائره قد تعدل كافة هذه التصورات.

وفي عام 2023 ارتفعت أسعار نحو 5 آلاف سلعة خلال فبراير (شباط)، عندما رفع كبار المصنعين أسعار المواد الغذائية المجمدة، وفي أبريل (نيسان) عندما ارتفعت أسعار المايونيز وسلع أخرى نتيجة نقص المعروض من البيض. وشهدت نحو 4760 سلعة ارتفاعاً في الأسعار في أكتوبر (تشرين الأول).

وفي شأن منفصل، بدأت اليابان يوم الاثنين تطبيق القواعد المعدلة لبرنامج إعفاء استثمارات المدخرات الفردية اليابانية في الأسهم من الضرائب المعروف باسم «إن آي إس إيه» بهدف تعزيز جهود تشجيع المواطنين على استثمار مدخراتهم في سوق الأوراق المالية بدلاً من ادخارها في حسابات الادخار.

وذكرت وكالة كيودو اليابانية للأنباء أن القواعد الجديدة تلغي الحد الأقصى لفترة الإعفاء الضريبي لحسابات الادخار الفردية المستثمرة في البورصة البالغة حالياً 20 عاماً لتصبح من دون حد أقصى.

وقال رئيس الوزراء كيشيدا إن الإصلاحات الجديدة تعكس «نوعاً جديداً من الرأسمالية»، حيث يستهدف مضاعفة قيمة الأوراق المالية التي تمتلكها الأسر اليابانية والتي ما زالت تحتفظ بنحو نصف قيمة مدخراتها التي بلغت حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي نحو 2100 ألف تريليون ين (15 تريليون دولار) في صورة نقدية.

ويذكر أن اليابان بدأت تطبيق نظام حساب مدخرات الأفراد في عام 2014 على غرار النظام القائم في بريطانيا، ويتيح للأفراد تداول الأسهم ووثائق صناديق الاستثمار من خلال حسابات خاصة بهم لدى المؤسسات المالية.

ووفقاً للقواعد السابقة فإن حسابات «إن آي إس إيه» العامة كانت تسمح باستثمار ما يصل إلى 1.2 مليون ين سنوياً في الأوراق المالية المحلية والأجنبية وصناديق الاستثمار القابلة للتداول وصناديق الاستثمار العقاري، في حين كان الحد الأقصى للاستثمار المعفى من الضرائب بالنسبة لمدخرات الأفراد في صناديق الاستثمار المشترك طويلة المدى يبلغ 400 ألف ين سنوياً.

وكانت هذه الاستثمارات تستفيد من الإعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية اليابانية البالغة 20 في المائة، لمدة 5 سنوات بالنسبة لحسابات «إن آي إس إيه» العامة، ولمدة 20 عاماً بالنسبة لمدخرات «إن آي إس إيه» المعروفة باسم «تسوميتيت» باللغة اليابانية.

وتم رفع الحد الأقصى لقيمة الاستثمارات المعفاة من الضرائب إلى 3.6 مليون ين للاستثمار في الأسهم وصناديق الاستثمار القابلة للتداول، و2.4 مليون ين للاستثمار في صناديق الاستثمار المشترك طويلة المدى.

وبحسب بيانات بنك اليابان المركزي الصادرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن نحو 18 في المائة فقط من الأصول المالية للأسر اليابانية في صورة أسهم أو وثائق صناديق استثمار.

وفي عام 2022 أعلنت الحكومة استهدافها مضاعفة عدد حسابات الادخار الفردي المستثمرة في الأوراق المالية إلى 34 مليون حساب بمشتريات تبلغ قيمتها 56 تريليون ين خلال 5 سنوات.


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجدعان: السعودية تدعم تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
TT

الجدعان: السعودية تدعم تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان على أهمية معالجة الديون في البلدان منخفضة الدخل التي تمر بضائقة ديون عالية، مشيراً إلى دعم المملكة لجهود تعزيز تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون، وذلك لمواجهة التحديات التي تفرضها الديون على الاستدامة المالية واستقرار الاقتصاد الكلي. كلام الجدعان جاء في خلال الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين الذي انعقد خلال الفترة 25 و26 يوليو (تموز) تحت رئاسة البرازيل، في جلسة بعنوان «التمويل التنموي». وكان تم إطلاق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون من قبل مجموعة العشرين خلال رئاسة المملكة للمجموعة عام 2020؛ بهدف تخفيف الديون عن الدول الأكثر احتياجاً. وقال الجدعان إنه، ورغم التعافي الملحوظ في الاقتصاد العالمي، فإنه لا يزال أقل من مستوياته المأمولة، مسلّطاً الضوء على مكاسب التخطيط الاقتصادي بعيد المدى الذي تنعم به المملكة في ظل «رؤية2030»، كما أكّد أهمية التعاون متعدد الأطراف في التصدي للتحديات العالمية. وأشار إلى أن التمويل المستدام يتطلب العمل المنسق مع الأخذ بالاعتبار تطلعات الدول النامية للتقدم الاقتصادي، مؤكداً أهمية السماح للبلدان بتنفيذ نهج يتماشى مع سياساتها وإجراءاتها الوطنية، وأن تشمل الحلول المطروحة تقنيات احتجاز الكربون، وذلك خلال جلسة عنوانها «إتاحة التمويل لتحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة». وأكد أن أهم عوامل استقرار ومتانة الاقتصادات ضد الصدمات العالمية هما التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والتنويع الاقتصادي، وهما ما تنعم بهما المملكة في ظل رؤيتها 2030.

هيكلة الديون

من جهته، رحب محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري، بالتقدم المحرز في إعادة هيكلة الديون للدول منخفضة الدخل، وأكّد على دور المملكة في دعم الجهود الرامية إلى معالجة التحديات التي تواجه الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي الكلي، بالإضافة إلى ضرورة رأس المال الخاص لتحقيق التنمية المستدامة، خلال جلسة بعنوان «تمويل التنمية: العلاقة بين تدفقات رأس المال والديون العالمية وإصلاحات بنوك التنمية متعددة الأطراف». وذكر السياري أنه يتعين على دول مجموعة العشرين مواصلة العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تفادياً لأي تداعيات سلبية قد تترتب في حال عدم تحقيق ذلك.

تنمية مستدامة

وأشار السياري خلال حديثه، إلى أن رأس المال الخاص ضرورة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وأن بنوك التنمية متعددة الأطراف تؤدي دوراً هاماً في جذب الاستثمارات. وتابع «ونرحب بتركيز خارطة طريق مجموعة العشرين على جعل بنوك التنمية متعددة الأطراف تعمل كنظام متماسك ومرن، لتلبية احتياجات كل دولة مع الأخذ في الاعتبار التحديات العالمية». وأفاد السياري بأن لكل بنك من بنوك التنمية متعددة الأطراف خصائص مختلفة من الفرص والتحديات، وينبغي لكل بنك أن يصمم نهجه الخاص المناسب لتحقيق مهامه، وتعزيز كفاءته التشغيلية، وتفعيل قدرته المالية. وذكر أن المملكة تواصل دعم تنفيذ توصيات إطار العمل المشترك بين بنوك التنمية متعددة الأطراف لتحسين ميزانياتها العمومية.