مستقبل الفائدة الأميركية... متى وإلى أين ولماذا؟

ازدياد رهانات خفضها في مارس وسط تنامي مخاطر استمرار التشديد النقدي

تتعلق كل الأنظار دائماً بإطلالات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول من أجل محاولات استشفاف مستقبل الفائدة (أ.ب)
تتعلق كل الأنظار دائماً بإطلالات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول من أجل محاولات استشفاف مستقبل الفائدة (أ.ب)
TT

مستقبل الفائدة الأميركية... متى وإلى أين ولماذا؟

تتعلق كل الأنظار دائماً بإطلالات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول من أجل محاولات استشفاف مستقبل الفائدة (أ.ب)
تتعلق كل الأنظار دائماً بإطلالات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول من أجل محاولات استشفاف مستقبل الفائدة (أ.ب)

من بين عشرات المسائل الاقتصادية التي ينشغل بها العالم، فإن أمراً واحداً قد يتفق عليه الجميع، من الدول مروراً بالمؤسسات إلى الأفراد؛ وهو مستقبل الفائدة الأميركية، التي بلغت أعلى مستوياتها في 22 عاماً.

ونظراً لتأثيرها في كل شيء تقريباً بالاقتصاد العالمي، من ديون الدول إلى قروض الأفراد، فإن الكل يهتم بموعد ومدى التخفيضات المتوقعة المقبلة للفائدة الأميركية.

ومنذ مارس (آذار) 2022، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إجمالاً بمقدار 525 نقطة أساس خلال 11 اجتماعاً، لتصل إلى النطاق الحالي الذي يتراوح بين 5.25 و5.50 في المائة.

وفي اجتماعه الأخير بديسمبر (كانون الأول) الحالي، أبقى البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة ثابتة للاجتماع الثالث على التوالي، وللمرة الرابعة منذ بدء دورة التشديد الحالية في مارس 2022. وأشار صناع السياسات في توقعات اقتصادية جديدة، إلى أن تشديد السياسة النقدية التاريخي الذي تم هندسته على مدى العامين الماضيين قد وصل إلى نهايته، وأن تكاليف الاقتراض ستكون أقل في عام 2024.

ومع نهاية الأسبوع الماضي، كانت الأسواق المالية تتوقع فرصة بنسبة 72 بالمائة تقريباً لخفض أسعار الفائدة في اجتماع سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي يومي 19 و20 مارس المقبل، وفقاً لأداة «فيدووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي».

* تأثيرات الفائدة

وعلى مدار الأشهر الماضية، تأثرت الاقتصادات العالمية بشكل كبير بمستويات الفائدة الأميركية المرتفعة من حيث المستوى والوتيرة. إذ ترفع تكلفة الإقراض بقوة سواء للأفراد أو المؤسسات أو حتى الدول، فتزيد أعباء الدين على الدول الأكثر فقراً.

وبينما تخفض الفائدة المرتفعة من معدلات الاقتراض، فإنها تدفع لزيادة العوائد على الأموال الراكدة، سواء في الحسابات الشخصية أو الودائع، ما يزيد من الضغوط على القطاع المصرفي؛ وهو ما أسهم - إلى جانب عوامل أخرى - في ظهور أزمة البنوك بالربيع الماضي، وتسبب في انهيار 3 بنوك أميركية.

وإلى جانب ذلك، فإن الفائدة المرتفعة تهدد الأسواق، خصوصاً الأسواق الناشئة، حيث تتسبب في هروب الأموال الساخنة والاستثمارات إلى كنف البنوك الأميركية من أجل الحصول على عوائد مرتفعة و«مضمونة»... وهو ما يؤثر بالتالي على قوة الدولار، مع زيادة الطلب، ويضعف من العملات الأخرى.

• مخاطر الشركات

وفي تقرير لصندوق النقد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال توبياس أدريان، المستشار المالي ورئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، إن «معظم الاقتصادات تستوعب التشديد النقدي العنيف، حيث أثبتت صلابتها على مدار السنة الماضية، ولكن معدلات التضخم الأساسي لا تزال مرتفعة في عدد منها»، مشيراً إلى أنه «في هذه البيئة، لا يزال ميزان المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي يميل إلى جانب التطورات السلبية».

ويوضح أدريان أن «إحدى الإشارات التحذيرية هي اضمحلال قدرة المقترضين من الأفراد والشركات على خدمة ديونهم، وهو ما يعرف كذلك بمخاطر الائتمان. وزيادة تكلفة الدين هي إحدى التبعات المقصودة لتشديد السياسة النقدية في سبيل احتواء التضخم. غير أن الخطر يتمثل في أن المراكز المالية للمقترضين ربما تكون هشة بالفعل، بحيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تفاقم مواطن الهشاشة وتصاعد حالات العجز عن السداد».

وتابع أن «عالم الأعمال شهد نهاية شركات كثيرة أثناء الجائحة، بينما نجت غيرها بفضل هوامش الأمان النقدية القوية التي تُعزى جزئياً إلى الدعم الذي أتاحته المالية العامة في كثير من البلدان. كذلك استطاعت الشركات الحفاظ على هوامش أرباحها بالرغم من ارتفاع معدلات التضخم. غير أنه في عالم اليوم الذي يشهد ارتفاعاً لفترة أطول في أسعار الفائدة، أوشكت شركات كثيرة على استنفاد هوامش الأمان النقدية في ظل تراجع الأرباح وارتفاع تكاليف خدمة الدين».

ويشير «تقرير الاستقرار المالي العالمي» لصندوق النقد الدولي بالفعل إلى ازدياد نسبة الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، في الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة على السواء، التي لا يكاد يتوفر لديها النقد الكافي لسداد مصروفات الفائدة. وتزداد حالات العجز عن السداد في أسواق القروض التمويلية التي تقترض منها الشركات ذات المراكز المالية الضعيفة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه المشكلات على مدار العام المقبل، حيث يحل أجل استحقاق أكثر من 5.5 تريليون دولار من ديون الشركات.

• مخاطر للأفراد

ويتابع تقرير صندوق النقد أن الاحتياطات الوقائية للأسر أوشكت بدورها على النفاد. فقد سجل فائض المدخرات في الاقتصادات المتقدمة تراجعاً مطرداً من مستويات الذروة المسجلة في أوائل العام الماضي والتي تراوحت بين 4 و8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. وهناك بوادر أيضاً على ازدياد حالات التعثر في سداد مدفوعات بطاقات الائتمان وقروض السيارات.

ويتعرض القطاع العقاري بدوره لعوامل معاكسة، فقروض العقارات السكنية، التي عادة ما تمثل الشريحة الكبرى من قروض الأسر، محمّلة في الوقت الراهن بأسعار فائدة أعلى بكثير مما كانت منذ عام واحد فقط، مما يؤدي إلى تآكل المدخرات، كما تنشأ عنه آثار سلبية على أسواق الإسكان.

وبوجه عام، شهدت البلدان التي تطبق أسعار فائدة معوَّمة على الجزء الأكبر من قروضها العقارية تراجعاً كبيراً في أسعار المساكن، نظراً لأن ارتفاع أسعار الفائدة سرعان ما يؤدي إلى صعوبات في أداء مدفوعات القروض العقارية. وتواجه أسواق العقارات التجارية ضغوطاً مماثلة، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى نضوب موارد التمويل، وتباطؤ المعاملات، وازدياد حالات العجز عن السداد.

• مخاطر على الدول

ويفرض ارتفاع أسعار الفائدة تحديات أمام الحكومات أيضاً. فالبلدان الواعدة ومنخفضة الدخل تواجه مشقة كبرى في الاقتراض بالعملة الصعبة كاليورو والين والدولار والجنيه الإسترليني، بسبب العائد الأعلى الذي يطلبه المستثمرون الأجانب. وخلال العام الحالي، صدرت سندات العملة الصعبة بقسائم - أو أسعار فائدة - أعلى بالفعل، بحسب صندوق النقد الدولي. غير أن المخاوف بشأن الدين السيادي ليست حاضرة في البلدان منخفضة الدخل فحسب، كما اتضح من الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأطول أجلاً في الاقتصادات المتقدمة.

وفي المقابل، لا يواجه عدد كبير من الاقتصادات الصاعدة الكبرى هذا المأزق بفضل قوة أساسياتها الاقتصادية وسلامتها المالية، وذلك بالرغم من تباطؤ تدفقات استثمارات الحافظة الأجنبية إلى تلك البلدان أيضاً. ففي الشهور الأخيرة، شهدت الصين خروج تدفقات ضخمة من الاستثمارات الأجنبية نتيجة الاضطرابات المزدادة في القطاع العقاري التي أدت إلى تراجع ثقة المستثمرين، حسبما يؤكد صندوق النقد الدولي.

• دعوات للتأني

وبحسب مدونة حديثة للبنك الدولي: «يشكل الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأميركية خلال العام الماضي، تهديداً كبيراً لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية»، وأضافت أن «تأثير تشديد السياسة النقدية الأميركية على الأوضاع المالية والنواتج الاقتصادية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من المرجح أن يكون أشد حدة، بالنظر إلى العوامل التي تقود دورة التشديد».

لكن رغم هذه المخاطر، فقد حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، في منتصف شهر ديسمبر الحالي، البنوك المركزية في أنحاء العالم من التسرع بتخفيف إجراءاتها الرامية إلى مواجهة التضخم.

وصرحت غورغييفا بأنه «في بعض الأحيان تتعجل بعض الدول في إعلان النصر، ثم يترسخ التضخم بشكل أكبر ويصبح من الأصعب محاربته». وأضافت: «لا تتعجلوا القفز».

وقالت غورغييفا إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «كان صائباً في قراره الأخير بناء على البيانات الأميركية، ولكن لا بد أن تدرس البنوك المركزية الأخرى أوضاعها الخاصة»، وأوضحت: «الآن التضخم يتراجع أو يتباطـأ، ولكن بدرجات مختلفة في كل دولة... ولا بد أن تقوم البنوك المركزية بإجراء عملية معايرة لإجراءاتها حسب ظروفها المحلية».

وذكرت غورغييفا أن المعركة ضد التضخم وصلت الآن إلى «الميل الأخير»، ونصحت البنوك المركزية بعدم التحرك بشكل أسرع مما تسمح به البيانات المتاحة.

• رابحون وسط الأزمة

ومن المثير للدهشة أن الاقتصاد الأميركي صمد أيضاً خلال العام على الرغم من المخاوف في بداية العام من أن الركود قد يكون أمراً لا مفر منه. ولفترة من الوقت، كان القلق يتمثل في أن الاقتصاد قد يكون قوياً للغاية، وهو ما كان من الممكن أن يغذي الضغوط الصعودية على التضخم ويجبر الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

وقد أدى ذلك إلى لحظات غير متوقعة؛ حيث رحبت «وول ستريت» بالفعل بالتقارير الأضعف عن الاقتصاد، ما دام أنها لم تكن ضعيفة للغاية، لأنها أبقت على احتمال الهبوط المثالي للاقتصاد الذي هندسه الاحتياطي الفيدرالي. وكان الهدف أن يتباطأ الاقتصاد بما يكفي للقضاء على التضخم المرتفع، ولكن ليس بالقدر الذي يؤدي إلى الوقوع في الركود.

ومع استمرار نمو الاقتصاد وارتفاع التوقعات بتخفيضات أسعار الفائدة في عام 2024، سارع المستثمرون إلى استباق التحركات، التي يمكن أن تحفز جميع أنواع الأسواق. وقد انتعشت الأسهم الأميركية من عام 2022 الكئيب، والذي كان أسوأ عام لها منذ انكماش فقاعة «الدوت كوم» قبل عقدين من الزمن.

وكان صعود «وول ستريت» مدفوعاً في الغالب بمجموعة صغيرة من الأسهم، لكن أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم شهدت أداءً أفضل. وارتفعت مؤشرات الأسهم في الأميركتين وأوروبا وآسيا.

ومع ذلك، أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى تباطؤ سوق الإسكان في الولايات المتحدة، حيث تراجعت مبيعات المنازل المأهولة سابقاً في أكتوبر، إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 13 عاماً.

• توقعات متفائلة

ومن بين أبرز التوقعات لبنوك الاستثمار العالمية، قال محللو «غولدمان ساكس» في مذكرة حديثة، إن البنك المركزي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة 5 مرات في عام 2024، مع انحياز الجزء الأكبر من التخفيضات نحو النصف الأول من العام، وذلك على الرغم من أن عدداً كبيراً من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي أكدوا أنه في حين أن البنك سيخفض أسعار الفائدة في عام 2024، فإن الرهانات على محور وشيك «لا أساس لها من الصحة».

وفي حين أشارت توقعات الأسبوع الماضي، من مسؤولي المركزي الأميركي أنفسهم إلى أنهم يتوقعون تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس على مدار عام 2024 بأكمله، أشارت مذكرة «غولدمان ساكس» إلى أن البنك يتوقع الآن 3 تخفيضات متتالية بمقدار 25 نقطة أساس في مارس ومايو (أيار) ويونيو (حزيران)، لإعادة ضبط سعر الفائدة من مستوى من المرجح أن يراه مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي قريباً على أنه مرتفع جداً.

ومن جهة أخرى، نقلت صحيفة «فايننشيال تايمز» عن الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته لـ«مورغان ستانلي» جيمس غورمان، أن الأسواق المالية «سوف تنطلق» بمجرد أن يتأكد المستثمرون من أن الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة، مؤكداً أن «صدمة زيادة أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة قد أعاقت الصفقات المصرفية وصفقات أسواق رأس المال... وذلك لأن الجميع لا يعرفون حقاً ما هي تكلفة التمويل الخاصة بهم».

وقال غورمان: «في اللحظة التي يشير فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل ملموس إلى أنه توقف عن رفع أسعار الفائدة، ناهيك بالنقطة التي يقوم فيها بخفض أسعار الفائدة لأول مرة، فإن هذه الأسواق سوف تنطلق».

• أبرز العوامل السلبية

وبعيداً عن التوقيت والمدى، ورغم أن غالبية المؤشرات تبدو جيدة ومناسبة للتخلص من التشديد النقدي، مع سلوك التضخم المسار الصحيح وعودة التوازن في سوق العمل والنمو القوي، فإن الاحتياطي الفيدرالي حذر من أن «نمو النشاط الاقتصادي قد تباطأ»، وهو شرط ضروري لانخفاض مستدام في التضخم.

وعدّ غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في «إي واي»، أن «احتمال حدوث انكماش في الاقتصاد الأميركي خلال الأشهر الـ12 المقبلة أعلى من المعتاد»، لكنه «غير مضمون بأي حال من الأحوال».

وأشار إلى عدة صعوبات تلوح في 2024، وأبرزها إرهاق المستهلكين من ارتفاع الأسعار ومعدل فائدة لا يزال مرتفعاً للغاية، وتباطؤ متوقع في نمو فرص العمل.

وقد تلعب السياسة دوراً أيضاً، فمن المقرر إجراء الانتخابات العامة في وقت لاحق من العام المقبل، في الولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص. وقد لا يرغب محافظو البنوك المركزية، الذين يقدرون استقلالهم السياسي، في أن يُنظر إليهم وهم يتخذون إجراءات كبيرة قبيل الانتخابات خشية اتهامهم بمحاولة قلب النتيجة.

ومع نهاية العام، ظهر عامل سلبي جديد محتمل قد يؤدي إلى تعقيد فرضية خفض الأسعار وهو الهجمات التي يشنها الحوثيون، المدعومون من إيران في اليمن، على سفن الشحن في البحر الأحمر، الأمر الذي أجبر شركات الشحن على التوقف عن العمل على مسار الشحن هذا أو إعادة توجيه حركة الشحن... ويشكل هذا الأمر زوبعة لسلسلة التوريد يمكن أن تعيق مزيداً من التقدم السريع بشأن التضخم.


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، اليوم، تصنيف السعودية إلى «Aa3» من«A1»، مشيرة إلى جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».