«وول ستريت» على أعتاب عام قياسي من المكاسب

بيانات التضخم الأخيرة تدعم توقعات خفض الفائدة

شجرة الكريسماس تزين ساحة شارع «وول ستريت» أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)
شجرة الكريسماس تزين ساحة شارع «وول ستريت» أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

«وول ستريت» على أعتاب عام قياسي من المكاسب

شجرة الكريسماس تزين ساحة شارع «وول ستريت» أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)
شجرة الكريسماس تزين ساحة شارع «وول ستريت» أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

اختتمت «وول ستريت» أسبوعها الثامن على التوالي من المكاسب بنهاية هادئة يوم الجمعة، بعد تقارير أظهرت أن التضخم في طريقه للانخفاض والاقتصاد في طريقه للارتفاع.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 بالمائة، ليظل أقل من 1 بالمائة فقط عن الرقم القياسي الذي سجله قبل عامين تقريباً. وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي 18 نقطة، أو أقل من 0.1 بالمائة، وارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.2 بالمائة.

وانصب تركيز «وول ستريت» بشكل مباشر على مجموعة من التقارير الاقتصادية التي صدرت يوم الجمعة، والتي أدت إلى بعض التقلبات في عوائد سندات الخزانة.

وكان انخفاض العائدات هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع سوق الأسهم بنسبة 15 بالمائة تقريباً منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ إن العائدات المنخفضة لا تعزز الاقتصاد من خلال تشجيع الاقتراض فحسب، بل إنها تخفف أيضاً الضغط على النظام المالي وترفع أسعار الاستثمارات.

وأظهر تقرير يوم الجمعة أن مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) تباطأ بأكثر مما توقعه الاقتصاديون؛ إذ انخفض إلى 2.6 بالمائة في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2.9 بالمائة في الشهر السابق.

وقال نيلادري موخيرجي، كبير مسؤولي الاستثمار في فريق إدارة الثروات في «تي آي أيه أيه»: «لقد انخفض التضخم بسرعة كبيرة هذا العام، خاصة في الأشهر الثلاثة إلى الخمسة الماضية. وعلى مدى الأشهر القليلة المقبلة، أعتقد أن التضخم سوف يتلاشى فيما يتعلق بالبنود التي تتصدر الاهتمامات باعتبارها مخاطر على الأسواق المالية»، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وأظهرت بيانات الجمعة أيضاً أن إنفاق المستهلكين الأميركيين ارتفع بشكل غير متوقع خلال الشهر الماضي. وفي حين أن هذه علامة جيدة على النمو لاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على الإنفاق الاستهلاكي، فإنها قد تشير أيضاً إلى استمرار الضغط الأساسي على التضخم.

وقال بريان جاكوبسن، كبير الاقتصاديين في شركة «أنيكس ويلث مانجمنت»: «يقوم الناس بشد الأحزمة، لكنهم لا يخنقون إنفاقهم».

ويسير بنك الاحتياطي الفيدرالي في مسار مضغوط؛ إذ يحاول إبطاء الاقتصاد بما يكفي من خلال أسعار الفائدة المرتفعة لتهدئة التضخم، ولكن ليس بالقدر الذي قد يؤدي إلى الركود. ومن الممكن أن يؤدي الاقتصاد الأقوى من المتوقع إلى تعقيد عملية التوازن.

وأظهرت تقارير أخرى يوم الجمعة أن طلبيات السلع المصنعة طويلة الأمد تعززت في نوفمبر أكثر من المتوقع، وضعفت مبيعات المنازل الجديدة بشكل غير متوقع، لكن في ذات الوقت فقد تحسنت معنويات المستهلكين الأميركيين.

ويراهن المتداولون إلى حد كبير على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض سعر الفائدة الرئيسي بما لا يقل عن 1.50 نقطة مئوية بحلول نهاية العام المقبل، وفقاً لبيانات من مجموعة «سي إم إي». ويتراوح سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية حالياً بين 5.25 و5.50 بالمائة عند أعلى مستوى له منذ أكثر من عقدين.

وأصدر مجلس الاحتياطي الفيدرالي توقعات الأسبوع الماضي تظهر أن صناع السياسة يتوقعون خفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عدة مرات في العام المقبل... ولكن ذلك قد يكون في حدود نصف ما تتوقعه «وول ستريت».

ويرى المراقبون أن «وول ستريت» متفائلة للغاية بشأن عدد تخفيضات أسعار الفائدة التي قد يتم إجراؤها في عام 2024، وأيضاً حول موعد بداية مسار إنهاء التشديد النقدي. ويحذرون من أن الارتفاع الكبير للأسهم منذ أواخر أكتوبر تحسباً لمثل هذا الدعم قد يكون مبالغاً فيه.


مقالات ذات صلة

مؤشر السوق السعودية يحقق أكبر مكاسب يومية منذ أواخر يونيو

الاقتصاد أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

مؤشر السوق السعودية يحقق أكبر مكاسب يومية منذ أواخر يونيو

سجّل مؤشر السوق السعودية أكبر مكاسب يومية منذ أواخر شهر يونيو الماضي، بعد صعود أسهم «أرامكو» و«الراجحي» و«أكوا باور».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مستثمران يراقبان شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

مؤشر السوق السعودية يتكبّد خسائر أسبوعية بأكثر من 1 %

تراجع مؤشر السوق السعودية للجلسة الرابعة على التوالي، بعد موجة صعود تجاوز خلالها مستويات 12 ألف نقطة، بعد هبوط لما دون هذه المستويات استمر منذ مايو الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المستثمرين يراقب شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

توقعات بنمو قطاع النقل والخدمات اللوجيستية السعودي 10 % في الربع الثاني

مع بدء إعلان الشركات في سوق الأسهم السعودية النتائج المالية للربع الثاني، تأتي توقعات بيوت الخبرة والمختصين متفائلة لقطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من داخل أحد مصانع «الصناعات الكهربائية» (موقع الشركة الإلكتروني)

أرباح «الصناعات الكهربائية» السعودية تقفز 101 % خلال الربع الثاني

قفز صافي أرباح شركة «الصناعات الكهربائية» السعودية بمقدار 101 في المائة إلى 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار)، خلال الربع الثاني من العام الجاري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

TT

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)
رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)

تمثل المشاريع السعودية العملاقة فرصة ثمينة لزيادة حصة استثمارات إدارة المرافق المتوقعة بإجمالي مبالغ تتجاوز 60 مليار دولار خلال 2030، حيث تمتلك المملكة حصة سوقية مهيمنة في الشرق الأوسط لإدارة المنظومة على مستوى المنطقة.

مشروع «نيوم» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

وتعرّف إدارة المرافق بأنها مجال شامل يجمع بين مكان العمل (المباني والمرافق)، والقوى العاملة فيه، وعمليات المنظومة. إذ تهدف إلى ضمان سير العمل بسلاسة، وتحسين كفاءة استخدام المرافق، وخلق بيئة عمل آمنة ومريحة، وتشمل مجموعة واسعة من الخدمات، منها الصلبة مثل الصيانة الميكانيكية والكهربائية، والسلامة من الحرائق، وصيانة أنظمة المباني والمعدات، والناعمة مثل التنظيف، وإعادة التدوير، والأمن، ومكافحة الآفات والعدوى، وصيانة الأرضيات والتخلص من النفايات.

ولأهمية هذا القطاع، تم في العام الماضي إطلاق منصة إلكترونية لتطويره.

حجم الإنفاق

يصف رئيس مجلس إدارة «جمعية إدارة المرافق السعودية» المهندس عائض القحطاني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» حجم قطاع إدارة المرافق بأنه كبير في المملكة، ويتوقع أن يبلغ حجم إنفاق هذه السوق، مع وجود المشاريع الكبرى القائمة بالسعودية، 60 مليار دولار في عام 2030، أي ما يمثل معدل نمو يصل إلى 13.5 في المائة حتى نهاية العقد، بعدما كان نحو 40 ملياراً منذ عامين.

وكان إجمالي الإنفاق الحكومي على قطاع البنية التحتية والخدمات العامة في الموازنة السعودية لعام 2023 بلغ نحو 190 مليار ريال (50.6 مليار دولار)، حيث تشكل إدارة المرافق جزءاً كبيراً منه، بحسب القحطاني.

ووفق توقّعات شركة «موردور إنتليجنس» (MordorIntelligence)، سيصل حجم سوق إدارة المرافق في السعودية إلى 49.6 مليار دولار بحلول 2029، مدفوعاً بعوامل كثيرة، منها الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية.

في حين تعتقد شركة «بي آند إس إنتليجنس» (P&S Intelligence) أن تنمو السوق بمعدل سنوي مركب قدره 12.4 في المائة، ليصل إلى 90.1 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي، مرجعة ذلك إلى زيادة أنشطة البناء في البلاد، وصناعة السياحة المتنامية، والاعتماد الزائد للتكنولوجيات المتقدمة، وتوفر نهج متكامل لإدارة المرافق.

وقال القحطاني إن سوق المملكة في قطاع إدارة المرافق تعد الأكثر نمواً حول العالم، بالتزامن مع دخول كبرى الشركات دولياً إلى السوق المحلية.

وأضاف أن جميع المشاريع الضخمة التي أسستها البلاد مثل «نيوم»، و«القدية»، و«حديقة الملك سلمان»، تحتاج إلى إدارة بعد الإنشاء، مبيّناً دور الجمعية في الربط بينها مع مزودي الخدمات من القطاع الخاص.

وأكمل أن الجمعية تعمل بوصفها قطاعاً ثالثاً بالربط التكاملي بين الجهات الحكومية، مثل: وزارة البلديات والإسكان، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للعقار، ووزارة المالية، التي تصدر التشريعات والأنظمة الرقابية في مجال إدارة المرافق، بإيصالها لمزودي الخدمة من القطاع الخاص.

مشروع «القدية» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

التشغيل المستمر

وصممت المشاريع الكبرى - التابعة والمملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» - لتحفيز الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن تمتد آثارها الإيجابية إلى ما هو أبعد من قطاعي التطوير العقاري والبنية التحتية، مما يساعد في تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط خصوصاً بسبب حجمها الضخم.

وأوضح رئيس الجمعية أن القطاع يتقاطع مع معظم الأهداف الخاصة بـ«رؤية 2030»، خصوصاً أنه بند كبير من الصرف في موازنة الحكومة يتوجه للتشغيل المستمر، وهو ما تقوم عليه مفاهيم إدارة المرافق.

ونظراً إلى حاجة السوق إلى أفراد متخصصين، بيّن القحطاني أن الجمعية تمكّنت حتى الوقت الحالي من تدريب 400 شخص في مجال إدارة المرافق على مستويين مبتدئ ومتقدم، كاشفاً عن مستهدف المنشأة الحالي بتدريب 300 فرد سنوياً.

وتابع أن الجمعية الآن في طور توقيع اتفاقيات مع بعض الأكاديميات الموجودة محلياً وعالمياً، لتعزيز المفهوم هذا ونشره بالشكل السريع والصحيح.

حماية البيانات

وأشار القحطاني إلى أن الجمعية تعتزم إقامة المؤتمر والمعرض الدولي لإدارة المرافق، في سبتمبر (أيلول) المقبل، برعاية وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، وبشراكة استراتيجية من «الشركة السعودية لإدارة المرافق»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والتي تم تأسيسها عام 2023 للمساهمة في تلبية احتياجات السوق، وتقديم خدمات القطاع بالمملكة بالحجم والجودة اللذين تتطلبهما مشاريع التطوير العقاري للصندوق.

وتأتي مبادرة تنظيم المؤتمر المقبل في إطار جهود المملكة الرامية لتطوير قطاع إدارة المرافق، ورفع كفاءته على المستوى الوطني، انسجاماً مع أهداف «رؤية 2030»، وتعزيزاً لمكانة البلاد في المجال.

وأفصح القحطاني أن مستهدفات الحدث المقبل ترتكز على ثلاثة عناصر، هي: كيف تتحقق جودة حياة الإنسان داخل البيئة المبنية؟ وعلاقة الذكاء الاصطناعي بإدارة المرافق خاصة مع التطورات الأخيرة (المشكلة التقنية التي واجهتها شركات تقنية عالمية عملاقة وأثرت على قطاعات كثيرة)، إضافة إلى مناقشة كيفية حماية البيانات الموجودة داخل المباني.

وذكر أن أبرز المواضيع الرئيسية التي ستتم مناقشتها خلال الحدث المقبل تُعنى بالاتجاهات العالمية والتحديات المستقبلية، والتنمية المستدامة والابتكار الأخضر، والإدارة والقيادة في العصر الرقمي، ونظم وتطبيقات المستقبل.

وفيما يخص المعرض المصاحب للمؤتمر، أوضح رئيس الجمعية أنه سيضم جميع مزودي الخدمات الرئيسيين في القطاع سواء كانوا محلياً أو عالمياً، إذ إن المستهدف 65 عارضاً: «وإلى الآن حقننا 80 في المائة منه».

ويتوقع القحطاني أن يشهد الحدث توقيع 10 إلى 15 اتفاقية، كما يستهدف مشاركة 50 متحدثاً بشكل فردي أو عبر جلسات حوارية ضمن المؤتمر.

أعمال التنسيق

بدوره، أشار الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مشاريع المملكة الضخمة تحتاج إلى جهد كبير في أعمال التنسيق بين المباني والبنى التحتية، وخدمات الطاقة والمياه والتصريف، التي يختص بها جميعاً قطاع إدارة المرافق، مشدّداً على ارتفاع نسبة السوق الوطنية بالمنطقة.

جدير بالذكر أن المملكة تستثمر بكثافة في مشاريع البناء والبنية التحتية واسعة النطاق، مثل المطارات وشبكات السكك الحديد والملاعب والمجمعات التجارية والسكنية. وتتطلب هذه التطورات خدمات إدارة مرافق احترافية لضمان تشغيلها بكفاءة وسلاسة، وللحفاظ على الأمن والسلامة، إذ تشهد سوق العقارات السعودية نمواً كبيراً مدفوعاً بارتفاع عدد السكان، والتوسع الحضري، وزيادة الاستثمار الأجنبي.