غوتيريش يحض على البحث عن حلول وسيطة لقضايا المناخ في «كوب 28»

مع قرب إسدال الستار على المؤتمر الأممي يوم الثلاثاء

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش يحض على البحث عن حلول وسيطة لقضايا المناخ في «كوب 28»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

ينتظر أن يسدل الستار يوم الثلاثاء على مؤتمر الأطراف للتغير المناخي (كوب 28) المنعقد في دبي، في وقت لا تزال التوافقات على المسودة الأخيرة مع تأكيدات بأن المجالات التي تحتاج إلى التفاوض ضاقت بشكل كبير.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الوقت حان للمضي قدماً في التفاوض بحسن نية والارتقاء إلى مستوى التحدي الذي حددته رئاسة مؤتمر الأطراف «كوب 28»، مشيراً إلى أنه «علينا أن نحقق أقصى قدر من الطموح ومن المرونة في التعامل مع تحديات تغير المناخ»، داعياً جميع الأطراف لضمان أقصى قدر من الطموح بشأن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق العدالة المناخية. وقال إنه يجب على المفاوضين تجاوز الخطوط الحمراء وتكتيكات التعطيل.

وأوضح أن «كوب 28» يمكن أن يظهر أن التعددية تظل أفضل أمل في مواجهة التحديات العالمية.

ممثلو السكان الأصليين في جميع أنحاء العالم وهم يتحدثون خلال جلسة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) (أ.ف.ب)

من جهته، قال الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية سايمون ستيل، في مؤتمر خاص بآخر المستجدات حول المفاوضات الجارية في «كوب 28»: «لدى المفاوضين هنا فرصة خلال الساعات الـ24 المقبلة لبدء فصل جديد»، لافتاً إلى أن أعلى طموح مناخي يعني المزيد من الوظائف، واقتصادات أقوى، ونمواً اقتصادياً أقوى، وتلوثاً أقل، وصحة أفضل.

وأضاف: «أمن 8 مليارات شخص هو الذي على المحك، والعلم هو العمود الفقري لاتفاقية باريس، خاصة عندما يتعلق بأهداف درجة الحرارة العالمية والحد الأقصى للكوكب، وهو 1.5 درجة».

وأشار إلى أن «المزيد من المرونة يسهم في حماية الناس في كل بلد من تداعيات تغير المناخ التي على أبوابنا جميعاً»، مشيراً إلى «طاقة آمنة وبأسعار معقولة وآمنة للجميع، من خلال ثورة الطاقة المتجددة التي لا تترك أي بلد أو مجتمع وراءها»، ومؤكداً أهمية التمويل باعتباره الأساس لتوسيع نطاق العمل المناخي على جميع الجبهات.

وعدّ أنه خلال وقت قصير ستُطرح مسودة جديدة لاتفاق «كوب 28»، سيناقشها المشاركون خلال المفاوضات النهائية، لافتاً إلى أن المجالات التي تحتاج إلى التفاوض ضاقت بشكل كبير.

وأوضح: «نحن الآن هنا لمناقشة مسألتين: الأولى حول مدى طموحنا بشأن التخفيف. والثانية، هل نحن على استعداد لدعم هذا التحول بالوسائل المناسبة؟»، مؤكداً أن أعلى مستويات الطموح ممكنة لكلتيهما، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن التقليص من إحداهما، «يقلل من قدرتنا على الحصول على أي منهما».

وحض المفاوضين على رفض التدرج، لافتاً إلى أن كل خطوة تخفض أعلى الطموح ستكلف ملايين لا حصر لها من الأرواح في كل بلد الآن وليست في الدورات الاقتصادية والسياسية المقبلة التي سيتعامل معها قادة المستقبل.

وأكد على الحفاظ على مكانة كل طرف واحترامه، لافتاً إلى أن الشمول والتمثيل والشفافية تعد من المبادئ الأساسية لهذه العملية.

وأشار إلى أن كافة الأنظار تتجه إلى الجائزة، لافتاً إلى أن أعلى النتائج الطموحة يجب أن تظل في المقدمة وفي المركز، عادّاً أن فوز طرف وخسارة آخر تعني خسارة وفشل الجميع.

ودعا ستيل إلى إزالة «المعوقات التكتيكية» للتوصل إلى اتفاق للتعامل مع مشكلة تغير المناخ في قمة «كوب 28»، وقال إنه «تم تضييق بعض الفجوات».

وتواصل وفود نحو 200 دولة المفاوضات المكثفة للتوصل إلى اتفاق؛ إذ تم إلغاء العديد من الفعاليات العامة المعلن عنها في اللحظة الأخيرة، الاثنين، في حين لا يزال الجميع ينتظر صدور مسودة جديدة للنص الختامي.

وبعد صدور النص الجديد، ستبدأ جلسات مكثّفة من المفاوضات يصل خلالها المندوبون والمراقبون الليل بالنهار. وخلال 28 عاماً، نادراً ما انتهت مؤتمرات المناخ في الوقت المحدد، إلا أنّ رئيس «كوب 28» الإماراتي سلطان الجابر وعد باتفاق «تاريخي» في 12 ديسمبر (كانون الأول) الذي يصادف الذكرى السنوية لإعلان اتفاق باريس الذي يؤكد أنه يهتدي به.

وقال الجابر يوم الأحد الماضي: «على الجميع أن يتحلوا بالمرونة»، مضيفاً: «علينا أن نمضي قدماً بوتيرة أسرع بكثير»، وقال: «هناك قضيتان رئيسيتان لا تزالان قيد المناقشة: مدى استعداد الدول الطموحة للتصدي لتغير المناخ، وحجم التمويل والدعم الذي ستقدمه لدعم هذا الهدف».

ومن المتوقع أن تصدر رئاسة «كوب 28» مسودة جديدة لنص اتفاق نهائي من المأمول أن يخرج عن هذه القمة.

جناح جامعة الدول العربية

إلى ذلك، أطلق جناح جامعة الدول العربية المشارك للمرة الأولى في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28)، ثلاث مبادرات مناخية جديدة هي: الاقتصاد الدائري، والحلول المبنية على الطبيعة، والتنوع البيولوجي، بحسب الدكتور محمود فتح الله وزير مفوض رئيس جناح جامعة الدول العربية في «كوب 28».

وقال فتح الله في تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام): «إن التصحر والجفاف والأمن الغذائي من أبرز التحديات الناجمة عن التغير المناخي في المنطقة العربية».

وحول مستقبل التعاون العربي المناخي، أشار فتح الله إلى أن الاجتماع القادم لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، المقرر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، سيبحث قضايا المشاركة في مؤتمر الأطراف الـ16 الخاص بمكافحة التصحر، والذي سيعقد في العاصمة السعودية الرياض ديسمبر 2024.

وتعاني الدول العربية من ظاهرة التصـحر؛ إذ بلغ مجموع المساحات المتصحرة نحو 9 ملايين كم، تمثل نحو 68 في المائة من مساحة هذه الدول، وتتركز معظم هذه المساحة في منطقة المغرب العربي بنسبة 53.4 في المائة، وتقدر مساحة الأراضي المهددة بالتصحر بنحو 3.6 مليون كيلومتر، وفق بيانات التقرير الاقتصادي العربي 2022.

وأضاف رئيس جناح جامعة الدول العربية في «كوب 28»، أن الدول العربية ستعقد اجتماعات تحضيرية في العاصمة السعودية الرياض قريباً، تمهيداً للمشاركة في اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة في كينيا أواخر فبراير (شباط) 2024.

وأفاد بأن المنظمات العربية المتخصصة هي الذراع الفنية لجامعة الدول العربية لإعداد دراسات وتقارير بشأن التصحر واتفاقية التنوع البيولوجي، مشيراً إلى أن المنظمة العربية المعنية بالتنمية الزراعية تعمل على تأهيل الخبراء العرب للتعامل مع هذه القضايا.


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرياض وطوكيو لإطلاق إطار تنسيقي لتعزيز التعاون النوعي

 الدكتور غازي بن زقر سفير خادم الحرمين لدى اليابان. (الشرق الأوسط)
الدكتور غازي بن زقر سفير خادم الحرمين لدى اليابان. (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو لإطلاق إطار تنسيقي لتعزيز التعاون النوعي

 الدكتور غازي بن زقر سفير خادم الحرمين لدى اليابان. (الشرق الأوسط)
الدكتور غازي بن زقر سفير خادم الحرمين لدى اليابان. (الشرق الأوسط)

تقترب السعودية واليابان من الكشف عن مجلس شراكة أعلى، يترأسه هرما القيادة في البلدين، وذلك في ظل توجه لبناء شراكة تعزز التحول التقني والأبحاث المشتركة، بمجالات الطاقة النظيفة، والاتصالات، وأشباه الموصلات، والروبوتات، والسيارات الكهربائية، والهيدروجين الأخضر، والأمونيا، وفقاً لما كشفه سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان، الدكتور غازي بن زقر.

وقال بن زقر من طوكيو لـ«الشرق الأوسط» إن البلدان سينتقلان قريباً إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية النوعية، وإطلاق مجلس شراكة استراتيجي، يترأسه من جانب المملكة ولي العهد رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ومن الجانب الياباني رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا؛ للدفع بـ«الرؤية السعودية - اليابانية المشتركة 2030» إلى آفاق أرحب.

وأضاف بن زقر: «المجلس الاستراتيجي الأعلى، سيكون المظلة الأوسع للجنة الحكومية، وسيرفع من سقف التعاون بين البلدين، ويسمح للنقاش والتباحث على أوسع مدى ممكن في مختلف المجالات؛ لتعزيز فكرة التكامل، التي تمزج بين الجوانب الاقتصادية والثقافية والسياسية والدفاعية والرياضة».

وزاد: «سيعمل الجانبان في شراكات التكنولوجيات الحساسة، من حيث التقييم وتطوير الصناعات والاستفادة منها، بينما المؤشرات الأهم لهذه التقنيات، تتمحور في إمكانية تحويلها إلى اقتصاد يخلق وظائف جديدة تقاس ليس فقط بالكم، ولكن بالكم والنوع معاً».

وقال بن زقر: «الاتجاه التعاوني الثنائي الجديد، يعد جزءاً من تأصيل التقنية في المملكة، بحيث تنتهي شراكتهما بتصنيع مشترك، ينتهي هو الآخر بوظائف رفيعة المستوى، سيكون جزءاً منها داخل منظومة المملكة أو تؤهل أبناء المملكة إلى وظائف في أماكن أخرى من العالم ضمن المؤسسات المشتركة التي ستقوم بهذه الصناعات».

وتابع بن زقر: «سنؤسس لتعاون نوعي مع بعض الدول الصديقة، مثل اليابان، وشراكة مستدامة تُفعَّل من خلالها مثل هذه الصناعات المرتبطة بتوطين التقنيات والصناعات، وإيجاد فرص عمل ذات مردود اقتصادي مرتفع، تهيئ لصاحب العمل فرصة للتطور والاستمرارية في القطاعات التي تخصص فيها».

النقلة في العلاقات الثنائية

ولفت بن زقر، إلى أن «العلاقات السعودية - اليابانية ممتدة إلى 70 عاماً، ففي عام 2025 سنحتفي بالذكرى الـ70 لإقامة العلاقات بين البلدين، وهي تتزامن مع انطلاق (إكسبو 2025 أوساكا) باليابان»، مبيناً أن «المملكة سيكون لديها حضور كبير في هذا الحدث».

وقال بن زقر: «لعقود كثيرة، أوتاد العلاقات الثنائية الأساسية معتمدة على أمن الطاقة. والتبادل الاقتصادي مبني من جانب اليابان على البترول، ولكن الآن وفق رؤية المملكة أصبح مبنياً على الطاقة المتجددة وما بعد البترول».

ولفت إلى «وجود فرص كبيرة جداً للبلدين في الجوانب الثقافية والرياضية والفنية؛ لأهميتها في تنوع الاقتصاد، فضلاً عن عمق الأصالة الموجود في التاريخ الياباني، الذي يشبه الموروث والتاريخ في السعودية، ما يهيئ لظروف تبادلية عميقة جداً ستكون بذاتها زاوية مهمة جداً في إضفاء أبعاد مهمة تتخطى المادة».

وتابع: «الفرص المتاحة من هذا الجانب، مرتبطة بالتقنيات الحديثة والتقنيات الحساسة، التي يكون لك من خلالها تأثير ونفوذ على التغيرات في العلم والتقنية والتكنولوجيا على المستوى الدولي، وتدخل فيها كذلك الأبحاث المرتبطة بانتقالنا من الطاقة التقليدية إلى الطاقة المستدامة، وربط ملف الطاقة المستدامة بسلامة البيئة».

ووفق بن زقر، هناك تأكيد من البلدين على أن تجويداً للطاقة النظيفة والبيئة المستدامة، لا يكونان على حساب قوة الاقتصاد أو جودة الحياة، إنما في الشراكة بين البلدين للتأثير في الاقتصاد الدولي، مبيناً أن أحد المؤشرات المهمة، هو «تخطي قياس العلاقة، سواء تجارية أو غيرها، من أرقام التبادل إلى أرقام الشراكة».

المرحلة المقبلة... وتحول الطاقة

قال بن زقر: «نبحث في المرحلة المقبلة، التأكيد على مفهوم الشراكات المستدامة بين البلدين في القطاعات المختلفة، بأن تكون الشراكة مستمرةً عبر الأجيال، حيث توجد شركات في اليابان بقيت مستمرةً في أعمالها لعقود، بل لقرون، وأنا أتوقَّع ومؤمنٌ بأنَّ الشراكات القائمة بين البلدين، ستكون للقرون، وليست للعقود، المقبلة».

وأضاف: «إن إحدى ركائز العلاقات الثنائية تتمثل في قطاع البترول، ومع الوقت سيتحول إلى بتروكيماويات بدلاً من النفط الخام، وتطوير صناعة البتروكيماويات بشكل مستمر ولائق بقدرات التغيرات في الصناعات على مستوى العالم».

وتابع: «الصناعة الثانية هي التحول من الطاقة التقليدية إلى الطاقة البديلة، ولها أبعاد عديدة، جزء منها يُسمى (الهيدروجين الأخضر) و(الهيدروجين الأزرق). هناك تعاون فيهما بين البلدين، وما يميز هذا القطاع براغماتية شديدة، متفقة جداً مع فلسفة المملكة، إذ لا بد من طرح توليفة فيها منتج تقليدي ومنتج بديل، وتتدرج عبر الأعوام المقبلة».

فلسفة التعاون الثنائي

يرى بن زقر، أن السعودية تتعامل وفق فلسفة تعزز لتعاون لبناء بنية تحتية جديدة قادرة على صناعة هذا التحول الذي ما زال قيد الأبحاث، وبعضه قيد التجربة، وبعض منه بدأ في صناعات محدودة، ذات مردود اقتصادي مجدٍ.

ولفت إلى وجود تعامل وتعاون لصناعة التحول والبدائل، أو التي ستكمل هذه الصناعة وتربطها بصناعات أخرى، أو بسلاسل الإمداد التي ستمدها بين البلدين ومنها، سواء اليابان إلى المحيط بها، ومنا إلى دول أخرى.

وأضاف بن زقر: «البلدان، يتجهان لبناء شراكة، تعمل على التحول التقني، من خلال الأبحاث والدراسات المرتبطة به، في بناء مصانع جديدة قادرة على هذا التحول التدريجي في الأبحاث المشتركة التي تبحث عن بدائل». وزاد: «لدينا مشروع مشترك في مدينة نيوم، حقق منتجاً من الطاقة البديلة بأسعار تنافس أسعار البترول، ولأول مرة عند زيارة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان اليابان في مايو (أيار) الماضي أعلن الجانبان أنهما حققا أرقاماً قياسية، تنافس لأول مرة الطاقة التقليدية، وإنما هي طاقة نظيفة لا تعتمد على البترول».

وقال بن زقر: «هنا الرسالة القوية من المملكة، وبالتعاون مع اليابان، أنه لم نعد نخشى التحول من البترول، فالبترول أصبح نعمةً من النعم العظيمة كما أنعم الله علينا بالشمس والهواء، وكلها سخَّرها لنا، فهذا مجال آخر للتعاون مرتبط بمجال التعدين، ومع أن الطاقة البديلة قطاع مستقل، فإن الارتباط بالطاقة البديلة يعني صناعة بديلة للاستفادة منها».

وضرب مثلاً بأنه لو تم تحويل السيارات التقليدية إلى السيارات الكهربائية، فالأخيرة تشتغل ببطاريات تحتاج إلى معادن نادرة موجودة في مناطق معينة، بعضها موجود في السعودية وبعضها في أفريقيا وأميركا اللاتينية، بما يجعل من الشراكة بين المملكة واليابان منهجاً مُعزِّزاً للتنمية المستدامة، وفق أسس سليمة تعود بالنفع على الجميع.

وتابع: «هناك توافق عميق في الفلسفة بين اليابان والمملكة فيما يخص أن تكون المنفعة كذلك للدول النامية التي تأتي منها هذه المعادن النادرة، وبالتالي تعدّ فرصةً ذهبيةً لتطوير قطاع المعادن، وفق أسس حديثة تتخطى الصور النمطية التقليدية التي تقول إن هذه الصناعة عادة ما تكون ملوِّثةً للبيئة، وفي ظروف صعبة وخطيرة لمَن يعمل فيها داخل المناجم»، مؤكداً وجود تعاون ثنائي في تطوير قطاع التعدين.

شراكة أعمق... وأدوات سعودية جاذبة

قال بن زقر: «سنسخِّر التقنية والتكنولوجيا للانتقال إلى قطاع البتروكيماويات، وبالتالي صناعة منتجات بتروكيماوية جديدة، بما فيها الصناعات البلاستيكية، بشكل يواكب المستجدات وبنمط كيميائي جديد، لا يُعرِّض البيئة للتلوث خلال الانتقال إلى الطاقة البديلة؛ بغية تأصيل التكنولوجيا بالمملكة».

ووفقاً للسفير السعودي لدى اليابان، فإن بلاده تتمتع بجاهزيتها وقدرتها الاستثمارية وموقعها الجغرافي، مؤكداً حضور المملكة في منظومة القطاعات المعنية الاقتصادية المختلفة، وتأثيرها القوي في سلاسل القيمة التي تنقل من المادة الخام إلى منتج ما أو سلاسل إمداد، فتدخل صناعة النقل والصناعات اللوجيستية، وبناء موقع لوجيستي مميز للمملكة لا يعدّ منافساً لليابان، بل مكمل لها لأنه يقرِّبها من أسواق جديدة. وقال بن زقر: «التقنية الحساسة... مثلاً أشباه الموصلات، تجسِّد شيئاً أعمق ومهماً للصناعة، وهو التقنية الحساسة، ويقصد بها التقنية التي يمنحك التطور فيها القدرةَ على أن تكون مؤثراً في تقنيات أخرى مرتبطة، وذا نفوذ وتأثير قويَّين في تطور هذه الصناعة على مستوى العالم، فهنا توافقٌ بين المملكة واليابان على أهمية هذه الصناعات».

ويتوقَّع أن يكون القطاع الصحي وتطوير ما يُسمى «الطب الوقائي» اتجاهاً ثنائياً لمزيد من جودة الحياة، وتقلص التكاليف الاقتصادية الكلية، مشيراً إلى أن التعاون بشكل أكبر في القطاع لتطوير الفلسفة الاستباقية، يخفف الأعباء المالية الباهظة على الاقتصاد. وأضاف: «الرياضة، والرياضة الحديثة، التي منها الرياضة الإلكترونية جزء لا يتجزأ من برامج التنوع الاقتصادي، وهناك حرص عليه من الجانبين بوصفه قطاعاً اقتصادياً مهماً، وتدخل فيه جوانب كثيرة، جزء منها مرتبط بالتقنية المرتبطة بها».