المصريون يترقبون مسار الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية بشيء من الخوف

يصوتون وسط استمرار ارتفاع التضخم وسيناريوهات التعويم… والحرب

مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

المصريون يترقبون مسار الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية بشيء من الخوف

مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

لا يكاد يخلو حديث بين اثنين في مصر، إلا وتغلب عليه أزمة ارتفاع الأسعار المستمر، للسلع والخدمات والمنتجات الغذائية، حتى أن الأمر بلغ بالبعض شراء أي شيء وكل شيء حالياً قبل التعويم المتوقع أو بالأحرى خفض الجنيه المتوقع بعد الانتخابات الرئاسية.

زيادة الإقبال على بعض المنتجات والسلع، تحوطاً للتخفيض المتوقع، ساهم في ارتفاعها بشكل شبه يومي، وذلك أمام تصريحات حكومية متضاربة بين «لن يكون هناك تعويم» و«انتهاء أزمة الدولار قريبا جدا» و«أزمة العملة ستكون من التاريخ».

حتى إن كثرة التصريحات المتضاربة قسمت المصريين إلى فريقين، الأول يتبنى الرأي المتفائل الصادر من بعض الوزراء والمسؤولين، والآخر ينتهج الرأي المتشائم الصادر من بعض المسؤولين أيضاً. وبين هذا وذاك، ذهب المصريون إلى الانتخابات الرئاسية التي بدأت الأحد وتنتهي الثلاثاء بأحاديث جانبية عن أزمة السكر والأرز، وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية لمستويات قياسية، ورفع الحد الأدنى للأجور؛ وغلفت هذه الأحاديث الخوف من التداعيات الاقتصادية لحرب إسرائيل - غزة على مصر.

تراجع في الأثناء معدل التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوما بتباطؤ زيادة أسعار المواد الغذائية. إذ أفادت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر الأحد، أول أيام الانتخابات الرئاسية، بتراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 34.6 في المائة في نوفمبر مقارنة بـ35.8 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول).

ويقل معدل التضخم السنوي المسجل في نوفمبر قليلا عما توقعه المحللون. وكان متوسط توقعات 18 محللا تم استطلاع آرائهم يرجح تسجيل التضخم 34.8 في المائة. وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار بنسبة 1.3 في المائة في نوفمبر مقارنة بواحد في المائة في أكتوبر. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.2 في المائة لكنها زادت 64.5 في المائة على أساس سنوي.

وظل التضخم السنوي يسجل صعودا لمدة عامين ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 38 في المائة في سبتمبر (أيلول). والمعدل المسجل في نوفمبر هو الأدنى منذ مايو (أيار).

ولا يعني تراجع التضخم في نوفمبر حلا لمشكلة ارتفاع الأسعار، نظرا لاستمرار أزمة شح الدولار في البلاد التي تستورد معظم احتياجاتها الغذائية والصناعية.

مسار الجنيه بعد الانتخابات

أكثر من سيناريو ينتظر الجنيه المصري بعد الانتخابات الرئاسية، بين مطالبات بمرونة سعر الصرف بشكل كامل، وخفض بنحو 20 - 25 في المائة، وثبات السعر الرسمي دون تعديل مع انتعاش للسوق الموازية.

ترى الإدارة المصرية أنه لن يكون هناك خفض في سعر الجنيه من دون حصيلة دولارية كافية لدى البنك المركزي المصري، وذلك لضمان نسبة خفض مقبولة عند السماح بذلك، بينما تطالب المنظمات العالمية الدولية (أبرزها صندوق النقد الدولي) بمرونة تامة في سعر الصرف.

وبالنظر إلى الوضع الحالي الذي يشتكي منه الجميع، مواطنين وصناعا ومنتجين وتجارا وموظفين، وفقراء وأغنياء، نظرا لأن عملية التسعير لأي منتج تخضع لسعر دولار السوق السوداء غير المستقرة، تنتفي الحاجة للسيناريو الثالث الذي يبقي على الوضع الحالي دون تعديل.

انخفض الجنيه بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس (آذار) 2022. ورغم التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يبلغ سعر الدولار نحو 49 جنيها مصريا في السوق السوداء مقارنة بسعر رسمي يبلغ 31 جنيها.

وتشير المعطيات العالمية إلى توقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) عن عملية التشديد النقدي، مما يعني عودة جزء من الأموال الساخنة إلى الأسواق الناشئة، ومنها مصر، فضلا عن الإجراءات التي اتخذتها القاهرة لزيادة الاستثمارات الأجنبية وتقليل مدة إنشاء الشركات، عطفا على التطور الكبير في البنية التحتية التي شهدت تطورا كبيرا في البلاد، مما يعني أن المجال مفتوح لمعدلات نمو كبيرة، في سيناريو متفائل من دون أزمات مستجدة في المنطقة والعالم.

ووفقا للبنك المركزي المصري، سجل الاقتصاد معدل نمو بلغ 3.9 في المائة على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2022، وكذلك الربع الأول من عام 2023، وهو معدل مقبول بالنظر إلى التحديات المحلية والعالمية، غير أنه يأتي انخفاضا من 6.7 في المائة في السنة المالية 2021 - 2022.

ويجري صندوق النقد محادثات مع مصر لتوسيع حزمة دعم مالي مدتها أربع سنوات بقيمة ثلاثة مليارات دولار تم التوقيع عليها في ديسمبر (كانون الأول) 2022. وذلك بعد أن أوقف تقديم الدفعات في أعقاب تخلف القاهرة عن تنفيذ تعهداتها باعتماد سعر صرف مرن.

وقد تكون لهجة صندوق النقد الدولي المخففة مع مصر سلاحا ذا حدين، فقد يعتبرها البعض بداية لانفراجة مالية مقبلة، والبعض الآخر يراها زيادة لعبء الديون وخدمة الدين على البلاد. وبين هذا وذاك يترقب المصريون مسار الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية بشيء من الخوف.

وعلى مصر أن تدفع نحو 42 مليار دولار ديون مستحقة في عام 2024، مما يعني أنه عام صعب هو الآخر على المصريين، منها 4.89 مليار لصندوق النقد الدولي.


مقالات ذات صلة

بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

شمال افريقيا بطرس غالي (رويترز)

بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

أثارت عودة يوسف بطرس غالي، وزير المالية في حقبة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وتعيينه ضمن هيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، جدلاً واسعاً في مصر.

عصام فضل (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وفنادق وشركات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: 6 مليارات دولار حصيلة بيع 17 شركة حكومية في عامين ونصف

بلغت حصيلة مصر من طرح 17 شركة على المستثمرين منذ مارس (آذار) 2022 نحو 5.7 مليار دولار وفقاً لبيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير الزراعة المصري علاء فاروق خلال لقائه مع رئيس مجموعة «الحكير» السعودية الشيخ عبد المحسن الحكير (صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري على فيسبوك)

«الحكير» السعودية لزيادة حجم المشروعات الزراعية في مصر

أبدى رئيس مجلس إدارة مجموعة «الحكير» السعودية الشيخ عبد المحسن الحكير رغبة المجموعة في زيادة حجم المشروعات بمصر، قائلاً: «تعد مصر سوقاً واعدة للمستثمرين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أحد فروع المصرف المتحد في القاهرة (رويترز)

«المركزي» المصري يعتزم طرح نسبة من أسهم المصرف المتحد في البورصة

أعلن البنك المركزي المصري عزمه طرح حصة من أسهم المصرف المتحد في البورصة المصرية، متوقعاً أن يتم الطرح قبل نهاية الربع الأول من عام 2025.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

تعتزم مصر تنفيذ استثمارات جديدة ضخمة على ساحل البحر الأحمر، على غرار صفقة «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي، مع تحديد الحكومة ما بين 4 و5 مناطق للاستثمار.

أحمد عدلي (القاهرة)

السعودية تروّج في لاس فيغاس لفرصها التعدينية الواعدة

الوزير بندر الخريف يتحدث خلال افتتاح فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)
الوزير بندر الخريف يتحدث خلال افتتاح فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)
TT

السعودية تروّج في لاس فيغاس لفرصها التعدينية الواعدة

الوزير بندر الخريف يتحدث خلال افتتاح فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)
الوزير بندر الخريف يتحدث خلال افتتاح فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)

استضافت مدينة لاس فيغاس الأميركية فعالية «الليلة السعودية»، التي تهدف إلى التعريف بتراث المملكة وتاريخها، ومشروعاتها التنموية العملاقة، وبرامج «رؤية 2030»، والترويج لفرصها الاستثمارية التعدينية الواعدة أمام مجموعة من المستثمرين الأميركيين والعالميين. وأكّد بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، أن بلاده تشهد نهضة تنموية شاملة ترتكز على «رؤية 2030» الهادفة إلى تحقيق تحول اقتصادي شامل، يقوم على تنويع مصادر الدخل، دون الاعتماد على النفط وحده، وجذب الاستثمارات، وزيادة معدلات النمو المستدام، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، بمشاركة القطاع الخاص بوصفه شريكاً أساسياً في تحقيق تلك المستهدفات.

الخريف لدى حضوره فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)

وأوضح، خلال افتتاح الفعالية التي نظّمتها الوزارة، أن قطاعي الصناعة والتعدين يمثلان أبرز القطاعات الداعمة للتحول الاقتصادي بالسعودية، وذلك من خلال الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، وتحفيز الابتكار، وتعزيز البيئة الاستثمارية، بما يسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام. ولفت الخريف إلى أن التعدين في السعودية يحظى بمزايا تنافسية تجعله قطاعاً واعداً للمستثمرين الأجانب والمحليين، ومنها البيئة الاستثمارية المحفزة والمستقرة تنظيمياً وتشريعياً، وتوافر المصادر الغنية بالمعادن، والمناطق الاقتصادية الخاصة، وسهولة الإجراءات والتراخيص، إلى جانب حزمة ممكنات وحوافز.

جانب من فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)

وتضمنت فعاليات «الليلة السعودية»، المُقامة على هامش معرض «MINExpo INTERNATIONAL 2024»، عروضاً قدّمها مجموعة من الطلبة السعوديين عن منتجات وحِرف يدوية تعكس أصالة وتراث مناطق المملكة كافة، وكذلك برامج تعريفية حول تاريخ البلاد العريق، وحضارتها وثقافتها المتنوعة. وسلّطت الضوء على أبرز برامج «رؤية 2030» ومستهدفاتها، والفرص الاستثمارية النوعية بقطاع التعدين، والمشروعات التنموية العملاقة بالسعودية، والمناطق السياحية المتنوعة في مختلف مناطقها.

وزير الصناعة السعودي يطّلع على أحدث تقنيات التعدين بمعرض «MINExpo» في لاس فيغاس (واس)

وتفقّد وزير الصناعة السعودي المعرض الذي يُعدّ الأكبر في مجال التعدين بالعالم، حيث اطلّع على أحدث التقنيات المستخدمة في عمليات التعدين، وبحث مع مسؤولي الشركات العالمية المشاركة أبرز الفرص الواعدة بالقطاع، ومجالات التعاون، والمزايا النسبية للاستثمار فيه بالمملكة.