موانئ الاتحاد الأوروبي تساعد على بيع أكثر من 20 % من واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا

تعد عمليات نقل السفن أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى روسيا (رويترز)
تعد عمليات نقل السفن أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى روسيا (رويترز)
TT

موانئ الاتحاد الأوروبي تساعد على بيع أكثر من 20 % من واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا

تعد عمليات نقل السفن أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى روسيا (رويترز)
تعد عمليات نقل السفن أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى روسيا (رويترز)

يعاد شحن أكثر من خُمس الغاز الطبيعي المسال الروسي الذي يصل إلى أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، مما يعزز عائدات موسكو على الرغم من جهود الاتحاد الأوروبي لكبحها رداً على حربها على أوكرانيا.

وبينما حُظرت عقود ما تسمى إعادة شحن الغاز الطبيعي المسال الروسي في المملكة المتحدة وهولندا، تشير البيانات من عام 2023 إلى أن شحنات الغاز الروسي المسموح بها تُنقل بشكل روتيني بين الناقلات في بلجيكا وفرنسا وإسبانيا قبل تصديرها إلى مشترين في قارات أخرى، وفق ما كشفت عنه صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وتعد عمليات نقل السفن أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لروسيا، إذ تحاول الاستفادة المثلى من أسطولها في القطب الشمالي. وعادةً ما يعاد الشحن بين ناقلات «الطبقة الجليدية» الروسية التي تُستخدم للتشغيل بين شبه جزيرة يامال وشمال غرب أوروبا وناقلات الغاز الطبيعي المسال العادية التي تُبحر بعد ذلك إلى موانئ أخرى، مما يؤدي إلى تحرير سفن الطبقة الجليدية للعودة شمالاً.

ولا تزال الموانئ في بلجيكا وإسبانيا وفرنسا تتلقى كميات كبيرة من مصنع يامال للغاز الطبيعي المسال في سيبيريا، الذي يعد أكبر المساهمين فيه ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في روسيا «نوفاتيك» ومؤسسة «البترول الوطنية الصينية» وشركة الطاقة الفرنسية «توتال إنرجي».

ومن أصل 17.8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال الروسي المتدفق إلى الاتحاد الأوروبي بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) من هذا العام، نُقل 21 في المائة إلى سفن متجهة إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الصين واليابان وبنغلاديش، وفقاً لبيانات معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، وهو مركز أبحاث.

واستقبلت موانئ زيبروغ في بلجيكا ومونتوار دي بريتاني في فرنسا، أكبر عدد من الغاز الطبيعي المسال الروسي من بين جميع موانئ الاتحاد الأوروبي في عام 2023، وفق «فاينانشيال تايمز».

وعلى عكس الفحم والنفط، لم يخضع الغاز الروسي لعقوبات من الاتحاد الأوروبي، لكنَّ المفوضية الأوروبية قالت إنه يتعين على الدول الأعضاء التخلص من الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.

وأشارت آنا ماريا جالر ماكارويتز، كبيرة محللي الطاقة في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، إلى أنه على الرغم من انخفاض أحجام شحنات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا منذ الحرب الروسية - الأوكرانية في عام 2022، فإنها ظلت كبيرة وربما جرى التغاضي عنها. وقالت: «الاتحاد الأوروبي لا يفكر في الأمر عندما يتحدثون عن الحظر... إنهم لا يحسبون عملية إعادة الشحن».

وقال أموند فيك، وزير الدولة النرويجي السابق لشؤون الطاقة ومستشار مجموعة «أوراسيا» الاستشارية، إن حكومات الاتحاد الأوروبي عالقة في مأزق. وأوضح أن الدول الأعضاء ستجد «من الصعب قرع الطبول ضد تصدير الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى أماكن أخرى إذا كانوا يستخدمونه بأنفسهم... ستراهم يتجولون على أطراف أصابعهم حول هذا الموضوع هذا الشتاء».

كان الاتحاد الأوروبي قد استورد في السابق 155 مليار متر مكعب من الغاز عبر الأنابيب من روسيا، أي نحو 40 في المائة من إجمالي إمداداته. لتحل محل هذا الغاز، زادت الكتلة بشكل كبير وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من دول بما في ذلك الولايات المتحدة والنرويج وقطر. لكنَّ الاتحاد الأوروبي يستعد أيضاً لاستيراد كميات قياسية من الوقود فائق التبريد من روسيا هذا العام.

ودافع صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي عن استمرار الواردات من روسيا، بسبب عقود طويلة الأجل جرى الاتفاق عليها قبل الحرب، والتي إذا كُسرت ستجبر الشركات الأوروبية على دفع تعويضات لروسيا. تمتلك شركة الغاز الطبيعي البلجيكية «فلوكسيس»، على سبيل المثال، عقداً مدته 20 عاماً مع «يامال» ينتهي في عام 2039.

وقالت وزارة الطاقة البلجيكية إنها «مصممة على معالجة هذه القضية» وإنها «تجمع معلومات استخباراتية حول الأساليب الفعالة». «نحن ندرك أهمية إيجاد طريقة لا تعرِّض أمن الإمدادات إلى القارة الأوروبية للخطر»، أضاف متحدث باسم الوزارة.

وقالت شركة الغاز الطبيعي البلجيكية إنه نظراً لأن الغاز لم يكن خاضعاً للعقوبات، «لا يمكن بالتالي منع أي عميل قانوناً من الوصول» إلى محطة الغاز الطبيعي المسال الخاصة به. وأضافت: «ملكية الجزيئات تبقى في أيدي الشاحنين».

وأوضحت وزارة الطاقة الفرنسية أنها لا تعتزم منع نقل الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى الموانئ الفرنسية. وأضاف المتحدث أن «فرنسا وأوروبا قلّلتا بشكل كبير من تعرضهما لاستهلاك الغاز الروسي، من خلال تنويع مصادر إمداداتهما».

لكنَّ مسؤولي الاتحاد الأوروبي عبرّوا مراراً عن قلقهم بشأن مستويات الغاز الطبيعي المسال الروسي الذي يدخل الاتحاد. وقال مفوض الطاقة قدري سيمسون في سبتمبر: «يمكننا ويجب علينا خفض صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسي للتخلص التدريجي منها تماماً».

ومن المقرر أن يوافق صانعو السياسات في ديسمبر (كانون الأول) على قواعد تسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمنع وصول المشغلين الروس والبيلاروسيين إلى البنية التحتية للغاز في الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

«سيتي بنك» يتوقع نقصاً كبيراً للنفط الخام داخل إيران في حال استهداف منشآتها

الاقتصاد يبلغ إنتاج النفط الخام الإيراني حالياً نحو 3.4 مليون برميل يومياً (رويترز)

«سيتي بنك» يتوقع نقصاً كبيراً للنفط الخام داخل إيران في حال استهداف منشآتها

توقع «سيتي بنك» أن تواجه إيران نقصاً كبيراً في النفط الخام داخلياً في حال توجيه ضربة إسرائيلية محتملة إلى بنيتها التحتية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «توتال إنرجيز» على محطة وقود في جينيش شمال فرنسا (أ.ف.ب)

«توتال» تخطط لتنمية أعمالها في النفط والغاز بـ3 % سنوياً حتى عام 2030

قالت شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية إنها تخطط لتنمية أعمالها في النفط والغاز بنسبة 3 في المائة سنوياً حتى عام 2030، ارتفاعاً من نطاق 2-3 في المائة سابقاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد قرار الاستثمار في المشروع في سورينام سيُتخذ في الربع الرابع (دي بي إيه)

«توتال» و«إيه بي إيه» تعلنان عن مشروع نفط وغاز بـ10 مليارات دولار

أعلنت شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية وشركة «إيه بي إيه كورب» الأميركية يوم الثلاثاء عن قرار استثماري إيجابي لمشروع النفط والغاز الأكثر وعداً في سورينام.

«الشرق الأوسط» (باراماريبو)
الاقتصاد أنابيب لنقل الغاز الطبيعي المسال في مشروع تابع لشركة «نوفاتيك» الروسية (الموقع الإلكتروني لمشروع «أركتيك إل إن جي2»)

ارتفاع صادرات روسيا من الغاز الطبيعي 7 % خلال 9 أشهر

ارتفعت صادرات روسيا من الغاز الطبيعي المسال، إلى 23.5 مليون طن متري، بنسبة 7.3 في المائة، في الفترة من يناير إلى سبتمبر، مقارنة بالعام السابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد نموذج في جناح شركة «غازبروم» خلال أسبوع الطاقة الروسي 2024 في موسكو (وكالة حماية البيئة)

«غازبروم» الروسية تعلن ارتفاع إنتاج الغاز 16 % في النصف الأول

أعلنت شركة «غازبروم» الروسية الاثنين أن إنتاجها من الغاز ارتفع بنسبة 16 % على أساس سنوي ليصل إلى 208.14 مليار متر مكعب في الأشهر الستة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».