ظاهرة «النينو» تقفز بأسعار السكر عالمياً

سوء الأحوال الجوية أضر بالمحاصيل في الهند وتايلاند

مواطن يلتقط أكياس سكر من سوبر ماركت في تايلاند (أ.ب)
مواطن يلتقط أكياس سكر من سوبر ماركت في تايلاند (أ.ب)
TT

ظاهرة «النينو» تقفز بأسعار السكر عالمياً

مواطن يلتقط أكياس سكر من سوبر ماركت في تايلاند (أ.ب)
مواطن يلتقط أكياس سكر من سوبر ماركت في تايلاند (أ.ب)

يتم تداول السكر في جميع أنحاء العالم حالياً بأعلى الأسعار المسجلة منذ عام 2011، في أزمة يرجع سببها في الأساس إلى انخفاض الإمدادات العالمية بعد أن أضر سوء الأحوال الجوية غير المعتاد بالمحاصيل في الهند وتايلاند، ثاني وثالث أكبر المصدرين للسكر في العالم.

وبحسب وكالة أنباء «أسوشييتد برس»، فإن هذه التغيرات الطقسية ترجع جزئياً إلى ظاهرة النينو، وهي ظاهرة طبيعية تغير أنماط الطقس العالمية ويمكن أن تسبب حوادث مناخية قاسية تتراوح من الجفاف إلى الفيضانات.

فقد عانت الهند في شهر أغسطس (آب) من جفاف لم تشهده منذ أكثر من قرن من الزمان، وتوقف إنتاج المحاصيل في ولاية ماهاراشترا الغربية، التي تمثل أكثر من ثلث إنتاج الهند من قصب السكر.

ومن المرجح أن ينخفض إنتاج السكر في الهند بنسبة 8 في المائة هذا العام، وفقاً لجمعية مصانع السكر الهندية.

والهند، التي تعد الدولة الأكثر سكاناً في العالم، تعدُّ أيضاً أكبر مستهلك للسكر وهي تقوم الآن بتقييد صادراتها منه لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

أما في تايلاند، فإن ظاهرة النينو لم تغير كمية المحصول فحسب، بل نوعيته أيضاً، وفقاً لما أكده ناراديب أنانتاسوك، رئيس رابطة مزارعي السكر في البلاد.

ويتوقع أنانتاسوك أن يتم طحن 76 مليون طن فقط من قصب السكر في موسم الحصاد 2024، مقارنة بـ93 مليون طن تم طحنها هذا العام.

بائع نيجيري يحمل كوباً من السكر (أ.ب)

ويعد ارتفاع أسعار السكر أحدث ضربة للدول النامية التي تعاني بالفعل من نقص في المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز، ومن تضخم أسعار الغذاء عموماً منذ اندلاع حرب روسيا وأوكرانيا على وجه الخصوص.

وقال فابيو بالميري، الباحث في سوق السلع العالمية لدى منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إن المنظمة تتوقع انخفاضاً بنسبة 2 في المائة في إنتاج السكر العالمي في موسم 2023-2024، مقارنة بالعام السابق، مما يعني خسارة نحو 3.5 مليون طن.

ولفت إلى أن الاحتياطات العالمية من السكر في أدنى مستوياتها منذ عام 2009، مشيراً إلى أن أحد أسباب ذلك أيضاً هو استخدام السكر بشكل متزايد في إنتاج الوقود الحيوي مثل الإيثانول.

وتعد البرازيل أكبر مصدر للسكر. وقالت كيلي غوغاري، كبيرة محللي الأبحاث في شركة البيانات والتحليلات الزراعية «غرو انتيليجنس» إنه بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يكون محصول البرازيل أكبر بنسبة 20 في المائة عن العام الماضي. ولكن بما أن البلاد تقع في نصف الكرة الجنوبي، فإن تعزيز الإمدادات العالمية لن يحدث قبل شهر مارس (آذار) المقبل. وحتى ذلك الحين، تظل البلدان المعتمدة على الاستيراد - مثل معظم البلدان في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا - معرضة لأزمة نقص السكر، الذي يستخدم أيضاً في صناعة الخبز.

ويرجع نمو محصول البرازيل، على عكس الهند وتايلاند، إلى عدم معاناتها من مشاكل طقسية كبيرة في وقت سابق من هذا العام، إلى جانب زيادة المناطق التي يزرع فيها قصب السكر، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية.

ويقول فابيو بالميري إن الأشهر القليلة المقبلة هي مصدر القلق الأكبر.

يذكر أن إندونيسيا، أكبر مستورد للسكر، قلصت وارداتها العام الماضي، فيما اضطرت الصين، المستورد رقم 2، إلى سحب السكر من مخزوناتها لأول مرة منذ ست سنوات لتعويض الأسعار المرتفعة محلياً.


مقالات ذات صلة

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

أوروبا زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

لا تزال المنتجات الغربية الفاخرة معروضة في كثير من المحال التجارية وسط موسكو، بتناقض مع إعلان عدد كبير من الشركات انسحابها من أسواق روسيا بعد غزو أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف لتعزيز الدائنين من خلال السماح باستهداف المساهمين السابقين في الشركات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)

تدشين المرحلة الأولى لـ«بوابة المدينة» السعودية بـ160 مليون دولار

دشّن الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، مشروع «بوابة المدينة» بـ«مدينة المعرفة الاقتصادية»، الذي يُعدّ الأول من نوعه في المملكة.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد علما أميركا والصين أمام لوحة إلكترونية (أ.ف.ب)

بايدن يمهد طريق ترمب لفرض رسوم جمركية على الصين

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن الاثنين عن تحقيق تجاري في أيامها الأخيرة بالبيت الأبيض، بشأن أشباه الموصلات «القديمة» المصنعة في الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين يوم الاثنين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف إلى تعزيز الدائنين من خلال السماح لهم باستهداف المساهمين السابقين في الشركات، بعد موجة من الاحتجاجات النادرة في 11 مدينة.

وجاء تحرك لجنة الشؤون التشريعية في المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني (البرلمان) بشأن تغيير حديث لقانون الشركات في أعقاب سلسلة من 17 احتجاجاً على حقوق المساهمين في الأسابيع الأخيرة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية يوم الاثنين أن اللجنة قالت إنها «ستحث المحاكم المعنية على اتخاذ التدابير المناسبة» في الجهود الرامية إلى «تحسين» بيئة الأعمال. وقالت إن هذا البند المثير للجدل لا ينبغي أن ينطبق على المساهمين الذين باعوا أسهمهم قبل سريان القانون الجديد في يوليو (تموز) الماضي. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تسعى فيه بكين جاهدة إلى إدارة التردي الاقتصادي بعد انهيار صناعة العقارات، وتعزيز ثقة المستهلكين.

وركزت الاحتجاجات التي قال الخبراء إنها هددت بالتحول إلى مصدر قلق أوسع نطاقاً بشأن الاستقرار الاجتماعي في بكين، على من ينبغي أن يتحمل المسؤولية عندما لا تتمكن الشركات الخاصة التي كانت ذات يوم محركاً للطفرة في الصين، من سداد ديونها أو الإفلاس.

وقال كيفن سلاتن، رئيس منظمة مراقبة المعارضة الصينية، وهو مشروع لمجموعة حقوق الإنسان التي تتخذ من واشنطن مقراً لها وتتابع الاحتجاجات في الصين: «لديك هذه الحركة الاحتجاجية، والتي تدور في الأساس حول تضرر سبل عيش الناس بسبب سياسة الحكومة، وقد يكون هذا دافعاً لهم لاتخاذ إجراء محدد للغاية لمحاولة قمع السخط».

ودخلت عملية إصلاح شاملة لقانون الشركات في الصين حيز التنفيذ في يوليو، مما يسمح للشركات بمحاسبة المساهمين الأصليين عن المبالغ غير المدفوعة على الرغم من نقل أسهمهم بالفعل. ولكن في خطوة فاجأت الخبراء القانونيين، ذهبت المحكمة الشعبية العليا إلى أبعد من ذلك بإعلان المساهمين القدامى مسؤولين عن المبالغ غير المدفوعة بعد الإفلاس، حتى لو كانوا قد نقلوا بالفعل أسهمهم إلى مستثمرين جدد... وأثار هذا التنفيذ بأثر رجعي غضب المستثمرين الذين قلقوا بشأن المسؤوليات المحتملة بعد أن صرفوا أموالهم.

وفي منشور على الإنترنت تم حظره الآن، قارن أحد الأشخاص الموقف ببيع سيارة، ثم الاضطرار إلى دفع ثمن الأضرار عندما يقوم المالك الجديد بحادث.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على تطبيق «دوين» الصيني بين أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) وأوائل ديسمبر (كانون الأول)، احتجاجات خارج وداخل المحاكم العليا في 11 منطقة صينية. وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت مزيجاً من المشاركين ممن هم أصغر سناً وأكبر سناً وهم يهتفون مطالبين بـ«رؤية الرئيس».

وسعى البعض إلى الحصول على تفسير للتغيير في القانون وأرادوا إلغاء عنصره الرجعي، مستشهدين ببند القانون الجديد بشأن مسألة مسؤولية المستثمر، بما في ذلك مسؤولية الشركات الفاشلة.

وفي تشنغدو، عاصمة مقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية، وثقت مقاطع فيديو ثلاثة احتجاجات، كان أحدها يحمل شعار «العدالة والإنصاف سينتصران بالتأكيد». وحذفت الرقابة معظم مقاطع الفيديو بسرعة، على الرغم من استمرار تداول بعضها.

وقدمت منظمة مراقبة المعارضة الصينية لـ«رويترز» أرشيفاً لمقاطع الفيديو. وتمكنت «رويترز» من تأكيد الموقع المحدد للعديد منها، لكنها لم تتمكن من تأكيد تواريخها، ولم تتمكن من الوصول إلى أي من الأفراد المعنيين. وأظهر إحصاء المنظمة أن الاحتجاجات الاقتصادية في أكتوبر (تشرين الأول) كانت الأعلى منذ عام 2022.

وحتى وقت قريب، كانت الصين تسهل إنشاء شركات ذات حقوق ملكية معلنة يمكن سدادها على مدار سنوات. وسمح ذلك للشركات بالتأسيس بسرعة وتأمين الأعمال والاقتراض، ومُنح المساهمون سنوات لدفع ثمن أسهمهم... لكن هذه الثغرة فتحت الطريق أيضاً للاحتيال.

وقال رين ييمين، الشريك المؤسس لمجموعة «كابيتال إكويتي ليغال غروب»: «كانت هناك حالات قام فيها المساهمون، من أجل تجنب التزامهم بالسداد، بنقل الأسهم إلى أقاربهم، أو إلى أشخاص كبار في السن، أولئك الذين ليس لديهم وسيلة للسداد، لتجنب تحمل التزاماتهم بالسداد».

كما أكد انهيار شركة التطوير العقاري «إيفرغراند» هذا العام بديون تزيد على 300 مليار دولار، ارتفاع المخاطر بالنسبة للدائنين. وفي أحد الأحكام الأولى بأثر رجعي التي أصدرتها محكمة في بكين في أغسطس (آب)، تم تحميل المساهمين الأصليين الذين باعوا حصتهم في شركة تسمى «رين» المسؤولية عن ملايين من اليوان طالب بها الدائنون.