تونس تُقرّ موازنة معدَّلة لعام 2023 وسط ضغوط اقتصادية

خفّضت تقديراتها للنمو من 1.8 % إلى 0.9 %

منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة وسط مدينة تونس الذي كان مهجوراً تقريباً خلال اليوم الأول من الإغلاق العام لوقف انتشار مرض فيروس كورونا الذي أمر به الرئيس التونسي في العاصمة 22 مارس 2020 (رويترز)
منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة وسط مدينة تونس الذي كان مهجوراً تقريباً خلال اليوم الأول من الإغلاق العام لوقف انتشار مرض فيروس كورونا الذي أمر به الرئيس التونسي في العاصمة 22 مارس 2020 (رويترز)
TT

تونس تُقرّ موازنة معدَّلة لعام 2023 وسط ضغوط اقتصادية

منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة وسط مدينة تونس الذي كان مهجوراً تقريباً خلال اليوم الأول من الإغلاق العام لوقف انتشار مرض فيروس كورونا الذي أمر به الرئيس التونسي في العاصمة 22 مارس 2020 (رويترز)
منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة وسط مدينة تونس الذي كان مهجوراً تقريباً خلال اليوم الأول من الإغلاق العام لوقف انتشار مرض فيروس كورونا الذي أمر به الرئيس التونسي في العاصمة 22 مارس 2020 (رويترز)

في الوقت الذي لا تزال فيه تونس غير قادرة على التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، وتواجه تراجعاً في تصنيفها السيادي وشحاً في تمويلاتها الخارجية، صادق نوّاب الشعب التونسي، في ختام جلسة عامّة عُقدت يوم الثلاثاء، على الموازنة المعدَّلة لعام 2023 بزيادة العجز إلى 7.7 في المائة من الناتج الإجمالي من 5.2 في المائة التي كانت مقررة في قانون الموازنة الأصلي.

وحسب وكالة «تونس أفريقيا» للأنباء، صدّق النواب على التنقيحات من مشروع قانون المالية التعديلي بأغلبية 131 صوتاً مقابل رفض 3 نواب وتحفظ 3 آخرين.

وارتفع حجم الموازنة بنسبة 1.9 في المائة مقارنةً مع قانون المالية الأصلي إلى 71.239 مليار دينار (22.4 مليار دولار) مقابل 69.914 مليار في تقديرات الموازنة الأصلية، بزيادة 17.4 في المائة مقارنةً مع عام 2022.

كما ارتفعت نفقات موازنة عام 2023 بنسبة 10.8 في المائة مقابل 6.7 في المائة في التقدير الأوّلي، حسب قانون المالية التكميلي.

كذلك خفضت الحكومة تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة من 1.8 في المائة في قانون المالية الأصلي إلى 0.9 في المائة، حيث أرجعت ذلك إلى التغيرات المناخية والجفاف.

وقالت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري نمصية، إن التعديل لا يعكس سوء تقدير الحكومة للوضع، بل يؤكد حسن تعاملها مع الصدمات التي تواجهها والعوامل الجديدة التي تؤثر على التقديرات السابقة.

وأرجعت ارتفاع حجم الإنفاق إلى زيادة دعم المحروقات وعدم تفعيل الإجراءات المعتمدة في قانون المالية، لا سيما تلك المتعلقة بإعادة النظر في أسعار المواد البترولية والكهرباء والغاز وزيادة نفقات دعم المواد الأساسية.

كما رأت أن انخفاض معدل النمو يعود إلى تراجع إيرادات القطاع الزراعي بسبب التغيرات المناخية وموجة الجفاف المستمرة التي تمرّ بها البلاد، حسب وكالة أنباء العالم العربي.

وارتفع حجم الدين العام إلى 80.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً مع 76.7 في المائة في قانون الموازنة المالية الأصلي. ووفقاً لوزيرة المالية، فقد جرى تسديد 81 في المائة من إجمالي خدمة الدين الخارجي.

تجدر الإشارة إلى أن تونس كانت قد رفعت الشهر الماضي عجز الموازنة التكميلية إلى 7.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5.2 في المائة في قانون المالية الأصلي، في حين أن موارد الموازنة تحصل عليها الحكومة بشكل أساسي من خلال العائدات الجبائية وغير الجبائية ومن الهبات.

على صعيد آخر، تراجع معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية، بشكل طفيف، خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ووصلت إلى مستوى 7.99 في المائة بعد استقرارها عند 8 في المائة على مدى خمسة أشهر متتالية من مايو (أيار) حتى سبتمبر (أيلول) 2023، وفق البيانات التي نشرها البنك المركزي التونسي. ومقارنةً بالعامين الماضيين، ارتفع سعر الفائدة في سوق النقد من 6.24 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2021 إلى 7.99 في المائة حالياً.



عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».