استثمارات أجنبية متنوعة تدفع عجلة النمو في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية

«الشرق الأوسط» ترصد التطورات في الآونة الأخيرة

صورة عامة لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية (الشرق الأوسط)
صورة عامة لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

استثمارات أجنبية متنوعة تدفع عجلة النمو في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية

صورة عامة لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية (الشرق الأوسط)
صورة عامة لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية (الشرق الأوسط)

تعيش مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، التي أُنشئت منذ 17 عاماً ونصف العام، مرحلة نمو وانتعاش، وذلك بفضل تدفق العديد من الاستثمارات الأجنبية المتنوعة في مسارات مختلفة، بعد أن كانت البدايات متواضعة. وقد نجحت المدينة في تحقيق ذلك من خلال استثمار كل المقومات التي تتفرد بها، بدءاً من موقعها في الشق الغربي من المملكة، على أجمل السواحل في مدينة «رابغ»، وانتهاءً بسهولة الوصول إلى الأسواق العالمية.

يبدو أن هناك المزيد من الاستثمارات المتنوعة في انتظار الإعلان عنها، وهو ما أكده العضو المنتدب لشركة «إعمار المدينة الاقتصادية»، منصور السالم، في حديثه لـ«الشرق الأوسط». وأشار السالم إلى أن المدينة تعتمد على الاستثمارات التي لا شك بأنها قادمة، وهي منفتحة على المطورين والمستثمرين. وأوضح أن ذلك وعد قدمته الشركة للمسؤولين في الحكومة، بأن المدينة ستطلق مشاريع جديدة بشكل دوري، بتعاون كافة الجهات الحكومية في تقديم الأفضل.

وتابع السالم، أنه في السابق كانت غالبية الطلبات المقدمة للاستثمار في المدينة من القطاع المحلي، ولكن مع وجود الرؤية والحوافز التي تقدمها الحكومة، أصبح قطاع الاستثمار من الخارج أكثر تنوعاً؛ إذ تأتي الطلبات من مختلف القطاعات، ومن بينها قطاع صناعة السيارات الذي وصفه السالم بأنه قطاع واعد.

وبناءً على حديث العضو المنتدب لشركة «إعمار المدينة الاقتصادية»، قامت «الشرق الأوسط» بجولة داخل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية. وقد بدا واضحاً أن هناك تغيرات تدريجية على مختلف المسارات عما كان مسجلاً في سنوات سابقة، وذلك مع تزايد عدد الشركات التي قدرت بنحو 100 متعددة الجنسيات وسعودية، والتي أنشأت مقار لها في المدينة لمتابعة مشاريعها. وقد ساهم ذلك في نمو الحركة التجارية في الأسواق المحيطة بالمدينة ومحطة القطار.

وعلى الرغم من المشاريع الضخمة التي تنفذ على أرض الواقع، فإن الزائر يندهش في البداية عند تخطي البوابة الرئيسية للمدينة، حيث تبدو المساحات البيضاء شاسعة في نظره. ولا يدرك حينها حجم التخطيط والتوزيع المحكم للمدينة، حيث تقع المصانع في جانب، والفنادق في موقع آخر، والمناطق السياحية والترفيهية على الساحل، والمقار والمنازل في اتجاه آخر، إلا عندما يتخطى عقرب الدقائق دورته الثانية في محيط ساعته، وهو يسير في مدينة مساحتها تزيد على 185 كيلومتراً مربعاً.

ورصدت الجولة سلاسة التصميم للمتنزهات والشواطئ بسواحل بكر تمتد على مسافة 40 كيلومتراً مربعاً، والانتشار المكثف للمسطحات الخضراء بالقرب من الشواطئ، بالإضافة إلى تقسيم مواقع السباحة والأنشطة البحرية الأخرى مع وجود كافة الخدمات المساندة. في المقابل، خصصت مواقع للترفيه تتناسب مع العائلة من مختلف الأعمار، مع وجود أهم معاقل لعبة الغولف في المدينة.

ومع انتهاء الجولة، علّق السالم على أسباب الركود في وقت سابق وهذا التدفق الآن، عادّاً أن المدينة قد تكون عانت في فترة من الفترات، وأنها كانت تعمل باستحياء، وفي هذه المرحلة أصبح العمل منظماً وبشكل متميز، وذلك واضح مما جرى تسجيله في الآونة الأخيرة من إنشاء أول فندق لشركة «ريكسوس»، وهو الاستثمار الدولي الأول من نوعه في السعودية، وبعده التوقيع مع «فيفيندا» لتعزيز مكانة المدينة الاقتصادية كوجهة سياحية، وإطلاق مصنع «لوسد»، وكان هناك أول بطولة للغولف. وهذا الزخم الذي تعيشه المدينة كل يوم يثبت للقطاع الخاص مدى جدوى الاستثمار في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.

وأضاف أن ما يميز مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، يتمثل في مقوماتها العديدة التي لا توجد في أي مكان آخر، منها الموقع الجغرافي على ساحل البحر الأحمر، حيث تقع على مسافة قصيرة شمال مدينة جدة التي تعد مركزاً تجارياً مهماً. كما تحتضن المدينة، ميناء الملك عبد الله، والوادي الصناعي، بالإضافة إلى المواقع الترفيهية من البحر والشواطئ. وهذه المقومات لا يمكن جلبها، فهي موجودة في مكان واحد وعلى مساحة كبيرة.

وتتحرك شركة «إعمار المدينة الاقتصادية»، المطور الرئيسي للمدينة ومطور للبنية التحتية الأساسية، والتي يمتلك صندوق الاستثمارات العامة 25 في المائة من أسهمها، في مختلف المسارات مع التركيز على تخطيط وتطوير المدينة، في حين تقدم هيئة المدن الاقتصادية، الجهة التنظيمية لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، للمستثمرين والمقيمين مجموعة شاملة من الحوافز والمزايا في مجالات متنوعة، منها الملكية الأجنبية بنسبة 100 في المائة للشركات والأفراد، وتنظيمات الميناء البحري ومنطقة البضائع، وسهولة الحصول على التصريحات والتراخيص المتعلقة بالإقامة والعمل والشؤون التشغيلية، وملكية وإدارة العقارات.

ويبدو أن المدينة، وفقاً لما جرى رصده، مقبلة على طفرة نوعية في الاستثمارات المتخصصة في قطاع الصناعات المختلفة، وفي مقدمتها صناعة السيارات. وهو ما أكده العضو المنتدب، عندما قال إنه في أعقاب إعلان افتتاح أول مصنع لشركة «لوسد» خارج الولايات المتحدة، كانت الطلبات على المدينة في ازدياد. وهذه الاستثمارات ستدفع بعجلة النمو في المدينة، التي استضافت مجموعة متنوعة من الفعاليات الوطنية، وتشكل موقعاً مفضلاً للمشاريع الاستراتيجية واسعة النطاق عبر العديد من القطاعات الرئيسية، ما ينعكس على سوق العمل في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الصادرات غير النفطية من خلال الشركات العاملة في الوادي الصناعي.



نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».