التضخم في السعودية يسجل أقل معدل منذ أكثر من عام ونصف

تراجع المعدل إلى 1.7 % بفضل التدابير الحكومية

يستمر معدل التضخم بالتراجع في السعودية (الشرق الأوسط)
يستمر معدل التضخم بالتراجع في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل أقل معدل منذ أكثر من عام ونصف

يستمر معدل التضخم بالتراجع في السعودية (الشرق الأوسط)
يستمر معدل التضخم بالتراجع في السعودية (الشرق الأوسط)

واصل مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك في المملكة سلسلة التراجع بفضل الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي سارعت الحكومة في اتخاذها منذ وقت مبكر، ليسجل معدل التضخم في سبتمبر (أيلول) الماضي 1.7 في المائة، على أساس سنوي، وهو الأقل منذ فبراير (شباط) 2022 الذي سجل فيه حينها 1.6 في المائة؛ أي أكثر من عام ونصف العام.

وتتخذ الحكومة إجراءات متسارعة لمجابهة موجة الارتفاع العالمية في معدلات التضخم، كان أبرزها تثبيت سقف أسعار الوقود، على أن تتحمل الدولة فارق الزيادة، بالإضافة إلى تخصيص دعم مالي بقيمة 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) كتحويلات نقدية لدعم مستفيدي الضمان الاجتماعي وبرنامج حساب المواطن، وكذلك لدعم صغار مربي الماشية، وأيضاً زيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية والتأكد من توفرها.

وكان مؤشر أسعار المستهلك في السعودية قد سجل ارتفاعاً بمعدل 2 في المائة على أساس سنوي في أغسطس (آب) المنصرم، انخفاضاً من 2.3 في المائة في يوليو (تموز)، على الرغم من ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 10.8 في المائة مقارنة بشهر أغسطس من العام الماضي.

وأظهرت البيانات التي أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، الأحد، أن تباطؤ التضخم في سبتمبر جاء مدفوعاً بتباطؤ الإيجارات التي تشكل 21 في المائة من وزن المؤشر؛ إذ بلغ معدل نمو أسعار الإيجارات المدفوعة للسكن في سبتمبر 9.76 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، بعدما وصل إلى 10.77 في المائة خلال أغسطس.

الأغذية والمشروبات

وبحسب تقرير «هيئة الإحصاء»، سجل قسم الأغذية والمشروبات ارتفاعاً بنسبة 4.4 في المائة، متأثراً بارتفاع أسعار الأغذية 4.6 في المائة، التي تأثرت بدورها بزيادة أسعار اللحوم والدواجن 6.1 في المائة.

وكان لارتفاع قسم الأغذية والمشروبات تأثير كبير في ارتفاع التضخم السنوي خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022 نظراً لوزنه في المؤشر 18.8 في المائة.

أما قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى، فقد شهدت ارتفاعاً في سبتمبر بنسبة 3.3 في المائة، متأثرة بزيادة أسعار الإيجار المدفوع للسكن 3.7 في المائة.

وبالنسبة لقسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة، فزادت هي الأخرى بنسبة 4.4 في المائة، متأثرةً بأسعار شراء المركبات 5.8 في المائة.

الترفيه والثقافة

وارتفع قسم الترفيه والثقافة بنسبة 2.9 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار نفقات استئجار الاستراحات والمخيمات 15.1 في المائة، في حين انخفضت أسعار قسم الملابس والأحذية 1.2 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 2.5 في المائة.

من جانبهم، يرى خبراء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة استطاعت السيطرة على معدل التضخم نظراً للإجراءات والتدابير الاقتصادية التي سارعت في اتخاذها منذ وقت مبكر لمواجهة ارتفاع التضخم العالمي.

«مجموعة العشرين»

وذكر المستشار وأستاذ القانون التجاري الدكتور أسامة العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن انخفاض معدل التضخم إلى 1.7 في المائة يعكس نجاح سياسة الحكومة السعودية في احتواء التضخم والسيطرة عليه.

وتابع الدكتور العبيدي، أن الإجراءات الحكومية ساهمت في تحقيق هذه النتيجة الإيجابية بقوة الاقتصاد السعودي؛ إذ حققت المملكة نسب نمو هي الأعلى بين دول «مجموعة العشرين»، وذلك عائد لنمو الإيرادات غير النفطية.

ووفق المستشار وأستاذ القانون التجاري، يأتي انخفاض معدلات التضخم في السعودية نتيجة لجهود الحكومة في تعزيز النشاط الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، واستمرار برامج الحماية الاجتماعية، وتخفيف الأعباء المعيشية عبر إجراءات احتواء التضخم وتنفيذ مبادرات «رؤية 2030».

وزاد العبيدي، أن تراجع التضخم يرجع أيضاً إلى تطوير القطاع السياحي والترفيهي والثقافي والرياضي وزيادة أعداد الزوار إلى البلاد، إضافةً إلى قيام البنك المركزي بتشديد السياسة النقدية عبر رفع معدل الفائدة تماشياً مع قرار «الفيدرالي الأميركي»، مؤكداً أن كافة تلك الإجراءات أدت إلى احتواء المعدل في المملكة وخفضه إلى أدنى الحدود.

النهج الحكومي

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري لـ«الشرق الأوسط»، إن تراجع معدل التضخم في المملكة إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عام ونصف العام، يؤكد نجاح الحكومة في السيطرة على مؤشر أسعار المستهلك الذي يواصل تسجيل التراجع بفضل التدابير الاحترازية المبكرة.

وواصل الجبيري، أن السعودية ما زالت تسجل أقل معدلات التضخم على مستوى البلدان و«مجموعة العشرين» على وجه الخصوص، وهذا مؤشر إيجابي يدل على مواصلة النهج الحكومي الذي ينعكس إيجاباً على المواطن والمقيم في البلاد.

وأوضح أن الإصلاحات التي تقوم بها السعودية جعلت اقتصادها متيناً وساعدته في تخطي أزمات التضخم العالمية، مبيناً أن وصول المعدل في السعودية إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر السابق، بعد ارتفاع بلغ 3.1 في المائة في ذات الفترة المماثلة من 2022، يعطي تصوراً إيجابياً عن تأثير الإصلاحات التي أجرتها البلاد.

ويعتقد عبد الرحمن الجبيري، أن معدل التضخم سيشهد مزيداً من الانخفاض في الفترة القادمة ليصبح الاقتصاد السعودي الأسرع نمواً هذا العام.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن انخفاض التضخم لن يتحقق دون إجراءات مسبقة من الحكومة لتشخيص الأزمات الاقتصادية العالمية ومدى تأثيرها على الاقتصاد الوطني لاحتواء المعدل وخفضه إلى المستويات المطلوبة، مؤكداً أن التدابير الحكومية أثبتت نجاحها في هذا المسار.

وطبقاً للجبيري، فإن أزمة التضخم العالمية تشهد تواصلاً في الارتفاع، وهو ما يشير إلى إمكانية رفع «الفيدرالي الأميركي» معدل سعر الفائدة خلال الفترات المقبلة.


مقالات ذات صلة

«المركزي الروسي» يدرس رفع أسعار الفائدة مجدداً

الاقتصاد يرفرف العَلم الروسي فوق مقر البنك المركزي بموسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يدرس رفع أسعار الفائدة مجدداً

صرحت محافِظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، يوم الأربعاء، بأن رفع أسعار الفائدة الرئيسية مجدداً يُعد احتمالاً وارداً، خلال اجتماع البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
متسوق يطالع الأسعار على الأرفف بأحد محال السوبر ماركت في إسطنبول (إعلام تركي)

​تضخم تركيا يبدد التوقعات بتخفيف السياسة النقدية المتشددة

تراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا إلى 47.1 % بأقل من المتوقع فيما جاء التضخم الشهري أعلى من المتوقع مسجلاً 2.24 %

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف في بروكسل (رويترز)

توقعات بتأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو والتضخم بمنطقة اليورو

يوافق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن هذه الرسوم الجمركية المحتملة ستؤثر في النمو، رغم تباين الآراء بشأن تأثيرها في أسعار المستهلكين.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد أناس يتسوقون في سوق طازجة بإسطنبول (رويترز)

التضخم في تركيا أعلى من المتوقع... ويعقّد قرار «المركزي» حول الفائدة

تباطأ معدل التضخم بمؤشر الأسعار في تركيا إلى 46.6 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني)، في حين كان معدل التضخم الشهري عند 1.91 في المائة

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبانٍ حكومية بجوار ناطحات السحاب في الدوحة (رويترز)

صندوق النقد الدولي: اقتصاد قطر يُظهر إشارات تعافٍ تدريجي

قال صندوق النقد الدولي إن اقتصاد قطر أظهر إشارات تعافٍ تدريجي بعد التباطؤ الذي شهدته البلاد عقب نهائيات كأس العالم 2022.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية: منطقة حائل تحتوي موارد معدنية تتجاوز 19 مليار دولار

صورة لإحدى أراضي منطقة حائل (واس)
صورة لإحدى أراضي منطقة حائل (واس)
TT

السعودية: منطقة حائل تحتوي موارد معدنية تتجاوز 19 مليار دولار

صورة لإحدى أراضي منطقة حائل (واس)
صورة لإحدى أراضي منطقة حائل (واس)

تحتوي منطقة حائل التي تقع شمال السعودية على كنوز وموارد معدنية، تتجاوز قيمتها التقديرية 72.3 مليار ريال (19.3 مليار دولار).

فوفق بيان صادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، الأربعاء، فإن هذه الموارد تشكِّل حصة بارزة من الثروات المعدنية في أرض المملكة، تسعى لاكتشافها واستغلالها لتكون رافداً مهماً في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030» بأن يصبح التعدين ركيزة ثالثة في الصناعة الوطنية.

وأوضح المتحدث الرسمي للوزارة جراح الجراح، أن منطقة حائل غنية بخامات معدنية نوعية، وهي مكمنٌ للمعادن النفيسة التي تشمل الذهب والفضة والنحاس والزنك والرصاص، بالإضافة إلى البوكسايت.

وبيَّن الجراح أن القيمة التقديرية للموارد المعدنية في المنطقة تبلغ 72.3 مليار ريال؛ حيث تقدَّر قيمة معدن البوكسايت بـ50.5 مليار ريال (13.5 مليار دولار)، وتقارب قيمة الذهب 14.13 مليار ريال (3.8 مليار دولار)، بينما تبلغ قيمة الزنك 3.5 مليار ريال (933 مليون دولار)، وتقدر قيمة معدن النحاس بـ2.9 مليار ريال (773 مليون دولار)، ومعدن الفضة بمليار ريال (267 مليون دولار)، وتبلغ قيمة معدن الرصاص في المنطقة 15 مليون ريال (4 مليون دولار).

وأفاد الجرَّاح بأن منطقة حائل تضم حزامين متمعدنين للذهب والكبريتيد، كما تحوي 3 مواقع لاحتياطي العناصر الأرضية النادرة، والمعادن والخامات الصناعية، إضافة إلى رمل السيليكا والرمل الأبيض.

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن المنطقة تضم أيضاً 16 مجمعاً تعدينياً معتمداً، منها 8 مجمعات للرمل، و4 مجمعات لرمل السيليكا، ومجمعين للغرانيت، ومجمعاً للبحص، ومجمعاً للمغنيزايت.

وقال إن المنطقة تمتلك قاعدة صناعية كبيرة ومتنوِّعة؛ إذ يبلغ عدد المصانع فيها 154 مصنعاً منتجاً وتحت الإنشاء، وتتركَّز 95 في المائة من المنشآت الصناعية في مدينة حائل ومحافظتي الشنان والخطة.

ولفت الجراح إلى أن أبرز القطاعات الصناعية في حائل تشمل المنتجات الغذائية، ومواد البناء، والمواد الكيميائية، والآلات والمعدات.

يُشار إلى أن وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف يزور منطقة حائل، الأربعاء، لمتابعة الجهود المبذولة لتطوير القطاع الصناعي في المنطقة.