بعد الأرز... الهند تعتزم حظر صادرات السكر

توقعات باشتعال الأسواق الخريف المقبل

عاملون ينقلون أجولة من السكر إلى سيارة في إقليم كولكتا بالهند (رويترز)
عاملون ينقلون أجولة من السكر إلى سيارة في إقليم كولكتا بالهند (رويترز)
TT

بعد الأرز... الهند تعتزم حظر صادرات السكر

عاملون ينقلون أجولة من السكر إلى سيارة في إقليم كولكتا بالهند (رويترز)
عاملون ينقلون أجولة من السكر إلى سيارة في إقليم كولكتا بالهند (رويترز)

بعد نحو شهر من قرار صدم الأسواق العالمية يقضي بحظر تصدير بعض أنواع الأرز، من المتوقع أن تمنع الحكومة الهندية المطاحن المحلية من تصدير السكر في الموسم المقبل الذي يبدأ في أكتوبر (تشرين الأول)، مما سيوقف الشحنات للمرة الأولى منذ سبع سنوات، إذ أدى نقص الأمطار إلى انخفاض محصول قصب السكر، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر حكومية لـ«رويترز» يوم الأربعاء.

ومن المرجح أن يؤدي غياب الهند عن السوق العالمية إلى ارتفاع الأسعار القياسية في نيويورك ولندن، التي يتم تداولها بالفعل حاليا حول أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات، مما يثير المخاوف من مزيد من التضخم في أسواق المواد الغذائية العالمية.

وقال مصدر حكومي طلب عدم ذكر اسمه لـ«رويترز»: «تركيزنا الأساسي هو تلبية متطلبات السكر المحلية وإنتاج الإيثانول من فائض قصب السكر». وأضاف أنه «بالنسبة للموسم المقبل، لن يكون لدينا ما يكفي من السكر لتخصيصه لحصص التصدير».

وسمحت الهند للمصانع بتصدير 6.1 مليون طن فقط من السكر خلال الموسم الحالي حتى 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، بعد أن سمحت لها ببيع مستوى قياسي بلغ 11.1 مليون طن في الموسم الماضي.

وفي عام 2016، فرضت الهند ضريبة بنسبة 20 في المائة على صادرات السكر للحد من المبيعات في الخارج.

وكانت الأمطار الموسمية في مناطق زراعة قصب السكر في ولايتي ماهاراشترا الغربية وكارناتاكا الجنوبية اللتين تمثلان معًا أكثر من نصف إجمالي إنتاج السكر في الهند، أقل بنسبة تصل إلى 50 في المائة من المتوسط حتى الآن هذا العام، وفق ما ذكرت إدارة الأرصاد الجوية الهندية في بيانات سابقة.

وقال مسؤول بالصناعة، طلب عدم نشر اسمه، إن الأمطار غير المنتظمة ستخفض إنتاج السكر في موسم 2023 - 2024، بل وتقلل من الزراعة لموسم 2024 - 2025.

وقفزت أسعار السكر المحلية هذا الأسبوع إلى أعلى مستوياتها في نحو عامين، مما دفع الحكومة إلى السماح للمصانع ببيع 200 ألف طن إضافية من المخزونات والحصص المعدة للتصدير في الأسواق المحلية خلال أغسطس (آب).

وقال مصدر حكومي آخر إن «تضخم أسعار الغذاء يشكل مصدر قلق. والزيادة الأخيرة في أسعار السكر تقضي على أي إمكانية للتصدير».

وقفز معدل التضخم في قطاع التجزئة بالهند إلى أعلى مستوى له منذ 15 شهراً عند 7.44 في المائة في يوليو (تموز) الماضي، وتضخم أسعار المواد الغذائية إلى 11.5 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وقد ينخفض إنتاج السكر في الهند بنسبة 3.3 في المائة إلى 31.7 مليون طن في موسم 2023 - 2024.

وقال مصدر حكومي آخر: «سمحنا للمطاحن بتصدير كميات كبيرة من السكر خلال العامين الماضيين... لكن علينا أيضاً ضمان إمدادات كافية وأسعار مستقرة».

وقال تاجر مقره مومباي ويعمل مع إحدى شركات التجارة العالمية، إن انخفاض الإنتاج في تايلاند من المتوقع أيضاً أن يقلل الشحنات، وإن المنتج الرئيسي للسكر، البرازيل، لن تتمكن بمفردها من سد الفجوة.

وفاجأت الهند المشترين الشهر الماضي بفرض حظر على صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي. وفرضت نيودلهي أيضاً رسوماً بنسبة 40 في المائة الأسبوع الماضي على صادرات البصل في إطار محاولتها تهدئة أسعار المواد الغذائية قبل الانتخابات المحلية المرتقبة في وقت لاحق من هذا العام.

وحذرت شركة «غرو إنتيليجنس»، التي تحلل البيانات الخاصة بالمواد الخام، الشهر الماضي، من أن قرار الهند الخاص بالأرز، التي تمثل وحدها أكثر من أربعين في المائة من شحنات الأرز العالمية، قد «يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات الأرز». وأضافت أنه من المتوقع أن تعاني الدول الأفريقية وتركيا وسوريا وباكستان على وجه الخصوص من الحظر، لأنها تواجه بالفعل تضخماً هائلاً في أسعار المواد الغذائية.


مقالات ذات صلة

نيجيريا والهند تتفقان على زيادة التعاون في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب

أفريقيا رئيس نيجيريا بولا تينوبو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في أبوجا (حساب مودي عبر منصة «إكس»)

نيجيريا والهند تتفقان على زيادة التعاون في الأمن البحري ومكافحة الإرهاب

اتفقت نيجيريا والهند على زيادة التعاون بينهما في مجالات الأمن البحري والمخابرات ومكافحة الإرهاب، خلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء الهندي.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

«المركزي الهندي» يبقي توقعاته المرتفعة لنمو الاقتصاد

أبقى بنك الاحتياط (المركزي) الهندي، على تقديراته المتفائلة لنمو اقتصاد أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً في العالم، وهو ما يثير اضطراب وقلق المحللين.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الزعيمان الهندي والصيني مودي وشي، وبينهما بوتين خلال تجمّع للقادة المشاركين (رويترز)

الهند أصرَّت على رفض «مبادرة الحزام والطريق» الصينية

> على الرغم من ذوبان الجليد في العلاقات الصينية - الهندية، رفضت الهند في اجتماع «منظمة شنغهاي للتعاون»، الذي اختتم أعماله حديثاً في باكستان، الانضمام.

الاقتصاد منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

«المركزي الهندي» يتوقع عودة النمو الاقتصادي إلى 8 %

أشار نائب بنك الاحتياطي (البنك المركزي) الهندي، مايكل باترا، إلى احتمال قوي بأن يعود النمو الاقتصادي في الهند إلى معدل 8 في المائة بعد السنة المالية 2025 - 2026

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة لتكرير النفط في فادينار بولاية غوجارات الغربية بالهند (رويترز)

وزير النفط الهندي يحذر من تأثر الإمدادات العالمية بسبب الوضع في الشرق الأوسط

قال وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري الاثنين إن توفر الطاقة قد يتضرر إذا ساء الوضع في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.