القمح على مائدة بوتين وإردوغان... والعالم يترقب

وسط تصاعد للأوضاع في البحر الأسود

القمح على مائدة بوتين وإردوغان... والعالم يترقب
TT

القمح على مائدة بوتين وإردوغان... والعالم يترقب

القمح على مائدة بوتين وإردوغان... والعالم يترقب

بينما تتصاعد الأوضاع الجيوسياسية في منطقة البحر الأسود؛ مما يزيد من المخاوف الدولية حول الأمن الغذائي العالمي، قال مصدر دبلوماسي تركي: إن أنقرة كثفت محادثاتها مع أوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن صفقة الحبوب استعداداً للاجتماع المحتمل بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف المصدر: «كثفت تركيا الجهود الدبلوماسية متعددة الأطراف مع أوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بصفقة الحبوب. وتشارك وزارات الخارجية والدفاع والتجارة في هذا الجهد»، بحسب ما أوردته وكالة «تاس» الروسية للأنباء.

وقال المصدر: «قبل اجتماع إردوغان وبوتين، تم تكثيف العمل لحسم المشاكل التي تواجه تنفيذ مبادرة الحبوب». من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «ميلييت» التركية، أن بوتين سيزور تركيا «في الأيام المقبلة». كما أفادت قناة «ايه هابر» التلفزيونية التركية، بأنه إذا لم يزُر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركيا، سيسافر إردوغان إلى الاتحاد الروسي بدلاً من ذلك. وبالتزامن مع انتعاش الأمل حول إمكان إحياء اتفاق الحبوب، نددت أوكرانيا يوم الاثنين بما وصفته بالتصرفات الروسية «الاستفزازية»، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات مُضادة حاسمة، وذلك بعد يوم من إعلان موسكو أن إحدى سفنها الحربية أطلقت طلقات تحذيرية على سفينة شحن في البحر الأسود.

وقالت موسكو في بيان يوم الأحد: إن سفينة الدورية «فاسيلي بيكوف» أطلقت أعيرة من أسلحة آلية على سفينة «سوكرو أوكان» التي ترفع علم بالاو؛ لعدم استجابة قبطان السفينة لطلب للتوقف من أجل التفتيش. ومنذ انسحاب موسكو الشهر الماضي من اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة وسمح بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود، تقول روسيا إنها ستُعامل أي سفينة تبحر قرب الموانئ الأوكرانية على أنها سفن عسكرية محتملة.

وجاء في بيان للخارجية الأوكرانية: «تدين وزارة الخارجية الأوكرانية بشدة التصرفات الاستفزازية التي قامت بها روسيا الاتحادية في 13 أغسطس (آب) في البحر الأسود في ما يتعلق بالسفينة التركية (سوكرو أوكان) لشحن البضائع الجافة التي كانت في طريقها إلى ميناء إسماعيل».

وأضاف البيان أن الواقعة انتهكت بشكل صارخ القانون الدولي و«تجسد سياسة روسيا المتعمدة بتعريض حرية الملاحة وسلامة الشحن التجاري في البحر الأسود للخطر».

ودعت وزارة الخارجية الأوكرانية «المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع تصرفات روسيا الاتحادية التي تحول دون مرور السفن بشكل آمن عبر البحر الأسود»، دون تحديد التصرفات التي ترمي إليها.

وألقت الواقعة بظلال على خطط تشغيل «ممر إنساني» في البحر الأسود للسماح بإبحار السفن المحاصرة بالموانئ الأوكرانية منذ اندلاع الحرب. وذكرت وكالة أنباء محلية يوم السبت، أن أوكرانيا بدأت تسجيل السفن التي ترغب في استخدام الممر الذي أعلنته قبل أيام. وعبّرت مصادر الشحن والتأمين عن قلقها بخصوص السلامة.

في غضون ذلك، أظهرت بيانات من وزارة الزراعة الأوكرانية يوم الاثنين أن مجموع صادرات الحبوب الأوكرانية بلغ 3.12 مليون طن منذ بداية موسم 2023-2024، الذي بدأ في يوليو (تموز) الماضي وينتهي في يونيو (حزيران) المقبل. ولم تقدم الوزارة أرقاماً عن الفترة نفسها من العام السابق، لكنها قالت إن الشحنات بلغت 2.65 مليون طن حتى 15 أغسطس (آب) 2022.

وتأثرت الصادرات الأوكرانية منذ انسحاب روسيا الشهر الماضي من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي دعمته الأمم المتحدة، لكن بيانات الوزارة لم تكشف تفاصيل الصادرات منذ انهيار الاتفاق. وقالت إن أوكرانيا صدّرت 848 ألف طن من الحبوب منذ بداية أغسطس. وشملت كمية الصادرات من الحبوب منذ بداية هذا الموسم 1.48 مليون طن من الذرة، و1.25 مليون طن من القمح، و385 ألف طن من الشعير.

وبلغت الصادرات في موسم 2022-2023 قرابة 49 مليون طن، متجاوزة الكمية في الموسم السابق التي بلغت 48.4 مليون طن. وتم تصدير معظم الكميات عبر موانئ البحر الأسود بموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو من العام الماضي للتصدي لأزمة غذاء عالمية تفاقمت بسبب الحرب في البحر الأسود.

إلا أن روسيا انسحبت من الاتفاق في 17 يوليو الماضي بعدما قالت إن مطالبها بتخفيف العقوبات على صادراتها من الحبوب والأسمدة لم تُلبَّ. كما اشتكت من عدم وصول الحبوب بكميات كافية إلى الدول الفقيرة.

ورغم أن أوكرانيا منتج ومصدر رئيسي للحبوب، تراجع إنتاج الحبوب لديها إلى نحو 55 مليون طن من الوزن الصافي في 2022 انخفاضاً من 86 مليون طن في 2021. وقالت الوزارة إن المحصول الإجمالي للحبوب قد يصل إلى نحو 56 مليون طن في عام 2023. ومساء الجمعة الماضي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إن بلاده تعمل جاهدة لتطوير طرق تصدير بديلة للحبوب، بسبب الحصار الروسي لموانئ البحر الأسود. وأضاف: «نبذل قصارى جهدنا لضمان استمرار أوكرانيا في كونها ضامنة للأمن الغذائي».


مقالات ذات صلة

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

الاقتصاد معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها وجدت أن الاتحاد الأوروبي فرض «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة عليها مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)

سندات لبنان الدولارية تعزز مكاسبها بعد انتخاب رئيس للجمهورية

واصلت سندات لبنان الدولارية مكاسبها بعد انتخاب قائد الجيش، العماد جوزيف عون، رئيساً للجمهورية بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد يشاهد الناس غروب الشمس في كثبان إرغ شبي بالصحراء الكبرى خارج مرزوقة (رويترز)

المغرب يحقق رقماً قياسياً في السياحة لعام 2024

أعلنت وزارة السياحة المغربية، يوم الخميس، أن البلاد استقبلت 17.4 مليون سائح في عام 2024، وهو رقم قياسي يُمثل زيادة بنسبة 20 في المائة مقارنةً بالعام السابق.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.