مصر تضع «الرتوش الأخيرة» لبرنامج الطروحات الحكومية

ترقُّب لعقد مؤتمر ضخم لعرض التفاصيل

جانب من العاصمة المصرية بينما تتأهب الحكومة للإعلان عن برنامج الطروحات الجديد (رويترز)
جانب من العاصمة المصرية بينما تتأهب الحكومة للإعلان عن برنامج الطروحات الجديد (رويترز)
TT

مصر تضع «الرتوش الأخيرة» لبرنامج الطروحات الحكومية

جانب من العاصمة المصرية بينما تتأهب الحكومة للإعلان عن برنامج الطروحات الجديد (رويترز)
جانب من العاصمة المصرية بينما تتأهب الحكومة للإعلان عن برنامج الطروحات الجديد (رويترز)

تستعد مصر للإعلان قريباً عن برنامج ضخم للطروحات الحكومية، وذلك عبر وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل التي تعمل عليها وزارات وجهات حكومية عدة؛ من أجل تقديم برنامج شامل بمعايير عالمية جاذبة للاستثمارات.

وخلال الأشهر الماضية، تم إرجاء عدد من الطروحات أكثر من مرة، سواء لعدم مواءمة الأوضاع العالمية لوقت الطرح خلال فترة تراجع اقتصادي واسع النطاق، أو نتيجة تباين في وجهات النظر بين الحكومة المصرية ومستثمرين أجانب حول تفاصيل العروض المطروحة أو تسعيرها.

وكان السبب الأكبر في الخلافات الأخيرة هو «تسعير العملة»، حيث إن الفجوة الواسعة بين سعر الدولار في السوقين الرسمية والموازية (السوق السوداء)، والذي بلغ نحو 30 في المائة في بعض الأحيان، كان عاملاً كبيراً في عدم تقارب وجهات النظر.

وكشفت مصادر وزارية رسمية لـ«الشرق الأوسط»، طلبت عدم الكشف عن اسمها في الوقت الحالي، عن أن هناك عملاً مكثفاً يجري حالياً من أجل سد الفجوات التي أعاقت الوصول إلى تفاهمات في برنامج الطروحات من قبل. وأشارت إلى أنه يجري حالياً وضع التفاصيل الأخيرة على البرنامج الشامل، والذي سيتم عرضه خلال مؤتمر ضخم برعاية رفيعة المستوى.

وتحتاج القاهرة بشكل كبير إلى الإسراع في برنامج الطروحات الحكومية من أجل الخروج من عنق الزجاجة وسط وضع اقتصادي ضاغط نتيجة تراجع المتاح من الاحتياطي الأجنبي، قبل حلول مواعيد سداد مستحقات وفوائد بعض من الديون، إضافة إلى توفير مطلوبات أساسية من السلع، وعلى رأسها القمح الذي تعدّ مصر أكبر مستورديه على مستوى العالم.

وكان من الملاحظ تراجع حجم الفجوة السعرية بين سعر الدولار الرسمي والموازي خلال الأسبوع الحالي بعد انتهاء إجازة عيد الفطر؛ ما يدل على ضخ المزيد من السيولة الدولارية في المنافذ المصرفية الرسمية، في خطوة مهمة لحلحلة الأزمة.

وبحسب المعلومات المتاحة من بعض المصادر القريبة من الملف، فإن برنامج الطروحات قد يشمل نحو 32 شركة مملوكة للدولة على مراحل خلال الأشهر المقبلة، من بينها 3 مصارف ونحو 4 شركات عقارية حكومية، إلى جانب عدد من الفنادق تحت الإدارة الحكومية، وذلك إضافة إلى شركات في قطاعات التأمين والكهرباء والطاقة والنقل.

وتردد بقوة خلال الأشهر الأخيرة أن تقود عملية الطرح شركتا «وطنية» و«صافي» المملوكتان للجيش، وربما يكون ذلك خلال شهر يوليو (تموز) الحالي.

ولا يقتصر اهتمام الإدارة المصرية حالياً على طرح الشركات الحكومية. فخلال الساعات الأخيرة، أشار رئيس البورصة المصرية رامي الدكاني، في تصريح تلفزيوني إلى وجود محادثات مع قائمة كبيرة من الشركات الخاصة لإدراجها في البورصة.

وأشار الدكاني إلى التركيز على الشركات التي لديها موارد دولارية أو تصدّر منتجاتها، أو تلك التي تعمل في قطاع الطاقة بشكل عام والسياحة أيضاً للاستفادة من الانتعاشة السياحية التي تعيشها مصر في الفترة الحالية ضمن النظر للقطاعات التي تتفاعل إيجابياً مع المتغيرات الاقتصادية.

ورغم ركود عمليات الطروحات عالمياً خلال العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي، قال رئيس أسواق رأس المال لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «بنك أوف أميركا» جيمس بالمر يوم الأربعاء: إنه يعتقد أن رغبة المستثمرين الأجانب في الطروح العامة الأولية في الشرق الأوسط ما زالت مستمرة.

وأضاف أن «المسار مشجع على الرغم من أننا لا نتوقع موجة ضخمة في النصف الثاني. الكثير من العمليات تركز بشكل أكبر على أوائل أو منتصف العام المقبل، بدلاً من نهاية هذا العام»، بحسب «رويترز».

وقال بالمر: إن بعض الشركات في الشرق الأوسط «يساورها شعور جيد إزاء الثقة في التحول الهيكلي بالمنطقة، أي الالتزام في المنطقة بتطوير أسواق رأس المال والنهوض بها، والتزام الكيانات المحلية بإظهار الدعم المالي لها».


مقالات ذات صلة

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.