43 مليون أميركي يرزحون تحت عبء ديون طالبية

إلغاء شطب ديون الطلاب يحيي الجدل بشأن كلفة التعليم العالي في أميركا

مؤيدو خطة بايدن لإعفاء الطلاب من ديونهم يعتصمون بالقرب من البيت الأبيض (رويترز)
مؤيدو خطة بايدن لإعفاء الطلاب من ديونهم يعتصمون بالقرب من البيت الأبيض (رويترز)
TT

43 مليون أميركي يرزحون تحت عبء ديون طالبية

مؤيدو خطة بايدن لإعفاء الطلاب من ديونهم يعتصمون بالقرب من البيت الأبيض (رويترز)
مؤيدو خطة بايدن لإعفاء الطلاب من ديونهم يعتصمون بالقرب من البيت الأبيض (رويترز)

استدانت ساترا د. تايلور 40 ألف دولار لإكمال تحصيلها الجامعي في الولايات المتحدة، وستضطر لتسديد المبلغ كاملاً بعدما حرمها قرار المحكمة العليا أمس الجمعة، (إلغاء برنامج الرئيس جو بايدن لشطب الديون الطالبية) من فرصة إعفائها من نصف هذا المبلغ.

وقالت تايلور لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» خارج مبنى المحكمة في العاصمة الأميركية: «لقد أوجدنا نظام التعليم العالي الجائر وغير المتساوي، والباهظ الكلفة، والآن علينا إصلاحه».

مظاهرة أمام المحكمة العليا في واشنطن (أ.ب)

وفي دليل على كلفة التعليم الجامعي في بلادها، اضطرت هذه الشابة البالغة 27 عاماً، لاستدانة 40 ألف دولار، وأضافت إليها منحة جامعية ومساعدات مالية أخرى، للتمكُّن من نيل شهادتها.

ويرزح نحو 43 مليون أميركي تحت عبء ديون طالبية بقيمة 1.6 تريليون دولار، ويضطر كثيرون إلى سدادها على مدى عقود، في التزام مالي منهك يترافق مع بدء مسيرتهم المهنية أو تأسيس عائلة.

وأعلن بايدن في أغسطس (آب) 2022 برنامجاً يقضي بشطب ما يصل إلى 20 ألف دولار من الديون الطالبية لمَن ينتمون إلى طبقات محدودة أو متوسطة الدخل، بقيمة إجمالية بلغت 400 مليار دولار.

لكن المحكمة العليا أعلنت (الجمعة) إلغاء البرنامج، مبررة ذلك بأن بايدن تجاوز صلاحياته، وكان عليه الحصول على موافقة الكونغرس؛ نظراً لكلفته المالية الباهظة على خزينة الدولة الأميركية.

ورأت تايلور، التي كانت ضمن مجموعة شبابية تحتج خارج مبنى المحكمة، أنه «يجدر بكل أميركي يريد متابعة تعليمه العالي أن يتمكن من القيام بذلك».

وأشارت العضو في مجموعة «يانغ إينفينسيبيلز» للمناصرة الشبابية إلى أن كثيراً من الطلاب لا يملكون ما يكفي من المال «لدفع كلفة جامعاتهم... يجب أن تكون معفاة من الديون».

واعتبرت تايلور، وهي من أصول أفريقية، أن قرار «إلغاء برنامج شطب الديون» يعدّ نكسة للطلاب من ذوي الأصول الأفريقية أو اللاتينية «الذين استفادوا بنسبة أكبر من هذا الإعفاء».

ورأت أن قرار المحكمة العليا «ليس فقط مسألة تتعلق بالعدالة الاجتماعية، بل أيضاً بالعدالة العرقية».

مظاهرة في لافاييت بارك مقابل البيت الأبيض في واشنطن (أ.ب)

الأجيال المقبلة

 

وأكدت أنها لم تفاجأ بقرار المحكمة، التي يهيمن عليها قضاة محافظون.

وجاء إلغاء برنامج شطب القروض غداة قرار آخر للمحكمة حظرت بموجبه اعتماد الجامعات معايير على صلة بالعرق أو الإتنية لقبول الطلاب، ملغية بذلك ممارسة مطبّقة منذ عقود عزّزت الفرص التعليمية لأميركيين متحدّرين من أصول أفريقية وأقليات أخرى.

وسارع بايدن، ليل أمس، للإعلان عن «خطة جديدة» لتخفيف ديون الطلاب «بأسرع وقت ممكن» رداً على قرار المحكمة.

وقال في خطاب متلفز: «أعلم أنّ هناك ملايين الأميركيين في هذا البلد يشعرون بخيبة أمل وبإحباط أو حتّى ببعض الغضب. عليّ أن أعترف بأنّني أنا أيضاً أشعر بذلك»، مؤكداً أن إدارته ستقرّ إجراءات «لتخفيف أعباء الديون الطالبية عن أكبر عدد ممكن من المقترضين، وفي أسرع وقت ممكن».

بالنسبة إلى مينا شولتس (37 عاماً) التي استدانت 65 ألف دولار، لا يقتصر تأثير الديون الطالبية في حيّز معيّن، بل يطال الاقتصاد الأميركي بمجمله.

وتحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن «النعمة» التي حلّت على ملايين الأميركيين جراء قرار الرئيس السابق دونالد ترمب تجميد سداد القروض الطالبية خلال الجائحة.

وأوضحت خريجة جامعة جورج واشنطن أن الناس «تمكنوا من المساهمة في الدورة الاقتصادية بشكل أكبر»، سواء أكان في الإنفاق على المواد الغذائية أم دفع إيجارات المنازل.

وكانت شولتس مؤهلة للاستفادة من شطب 10 آلاف دولار من قرضها الطالبي، ورأت أن هذا المبلغ «كان ليساعدني حقاً».

وأوضحت أن مبلغاً مثل هذا يعد «ضخماً» بالنسبة لكثيرين، مشيرة إلى أنها ستدفع 340 دولاراً شهرياً مع استئناف سداد الدين في الفترة المقبلة.

وفي المكان نفسه، لم تتمكن شانا هاينز (34 عاماً) من السيطرة على مشاعرها أثناء حديثها إلى وسائل الإعلام، فدينها الطالبي ارتفع إلى 150 ألف دولار بعد إضافة الفوائد إلى قيمته الأساسية التي كانت 130 ألفاً.

وقالت بتأثر: «أطلب منكم أن تتذكروا أن أزمة الدين الطالبي تؤثر في أجدادنا وأهلنا... وصولاً إلى أولادنا والأجيال المقبلة».


مقالات ذات صلة

تغريم «أبوت» 495 مليون دولار بسبب حليب للخُدَّج يتسبب في مشكلات معوية

صحتك شعار شركة «أبوت» للأدوية (رويترز)

تغريم «أبوت» 495 مليون دولار بسبب حليب للخُدَّج يتسبب في مشكلات معوية

غُرِّمت شركة «أبوت» للأدوية 495 مليون دولار، بسبب حليب للأطفال الخُدَّج صنّعته المجموعة الأميركية تسبب في مرض معوي خطير لدى طفل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان يلتقيان نظيريهما اليابانيين في طوكيو اليوم (أ.ب)

تنديد أميركي - ياباني بتحركات بكين في بحر الصين الجنوبي

يواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم (الأحد) في اليابان جولة آسيوية ماراثونية تهدف إلى تعزيز تحالفات بلاده وشراكاتها في مواجهة الصين.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

«عجوز غريب» و«ليبرالية مجنونة»... حرب التصريحات تشتعل بين هاريس وترمب

وصفت نائبة الرئيس الأميركي نفسها بأنها «ليست المرشحة للفوز» في الانتخابات الرئاسية، في حين وصفها خصمها بأنها «أسوأ» من الرئيس جو بايدن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

محادثات «صريحة ومثمرة» أميركية ــ صينية

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات «صريحة ومثمرة» مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس أمس، على هامش اجتماع «آسيان»، أعرب خلالها عن مخاوف بلاده.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
الولايات المتحدة​ جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

لم تمض سوى أيام على اختيار جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً.

إيلي يوسف (واشنطن)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».