خبير يكشف فحوى خطة «الإنقاذ الاقتصادي» التي عرضت على الرئيس التونسي

الشكندالي قال لـ«الشرق الأوسط» إنها شملت قضايا هيكلية يجب معالجتها على المديين المتوسط والبعيد

رضا الشكندالي (الشرق الأوسط)
رضا الشكندالي (الشرق الأوسط)
TT

خبير يكشف فحوى خطة «الإنقاذ الاقتصادي» التي عرضت على الرئيس التونسي

رضا الشكندالي (الشرق الأوسط)
رضا الشكندالي (الشرق الأوسط)

كشف رضا الشكندالي، الخبير الاقتصادي الدولي والمدير العام السابق لمؤسسة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية (سيريس)، في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن فحوى خطة الإنقاذ الاقتصادي التي اقترحها مع ثلة من أساتذة الاقتصاد في الجامعة التونسية على الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال اجتماع تشاوري عقده معهم مساء أمس في قصر الرئاسة في قرطاج. مؤكدا أن اللقاء كان «إيجابيا جدا وتشاوريا وتفاعليا».

الرئيس سعيد خلال لقائه الشكندالي وعدداً من أساتذة الاقتصاد في قصر قرطاج (الشرق الأوسط)

وبخصوص فحوى هذا اللقاء، الذي هو الأول من نوعه على هذا المستوى في قصر قرطاج منذ انتخاب سعيد رئيسا للبلاد، أوضح الشكندالي أن المحاور التي نوقشت ضمن خطة «إنقاذ مالي» مستعجلة، شملت قطاعات الفوسفات وتحويلات التونسيين بالخارج، والمؤسسات المصادرة كليا، والأموال المتداولة بالعملة الصعبة في السوق السوداء. علاوة على قضايا اقتصادية هيكلية يجب معالجتها على المديين المتوسط والبعيد.

الأسعار... وأموال المهاجرين

حول تفاصيل «خطة الإنقاذ الاقتصادي والمالي» التي قدمت للرئيس خلال هذا اللقاء التشاوري، قال الشكندالي إنه قدم عرضا دعا فيه إلى «تغيير الخطاب الاقتصادي الرسمي من خطاب التوازنات المالية»، وهو خطاب موجه للخارج لإرضاء المؤسسات المالية المانحة، إلى خطاب يتعلق بالمشكلات الحقيقية للتونسيين، مثل ارتفاع نسب البطالة والتضخم والأسعار، وتدهور القدرة الشرائية. مبرزا أن «الإشكال الأهم الذي يؤرق الشعب هو الارتفاع الجنوني للأسعار، وصعوبة التزود بالمواد الأساسية وتراجع قيمة الدينار، ولذلك فإن أي خطة للإنقاذ يجب أن تعالج معضلتي التضخم المالي، وانهيار قيمة العملة، عبر قرارات عملية تشمل الانفتاح على الادخار والمستثمرين الشباب والمهاجرين. ويبدأ الإنقاذ حسب اعتقادنا بتسهيل تحويل أكثر من مليون مهاجر تونسي لأموالهم بالعملات الأجنبية للبنوك التونسية، ووضع حد للتعقيدات الإدارية والبيروقراطية».

الإصلاحات الكبرى

بخصوص الإصلاحات الكبرى التي يطالب بها غالبية شركاء تونس العرب والأجانب، مثل إلغاء الدعم عن المحروقات والمواد الغذائية، وتسوية وضعية المؤسسات العمومية المفلسة، وبينها شركات النقل والخدمات العمومية التي تعارض النقابات إصلاح أوضاعها المالية والإدارية، خوفا من الاضطرابات، وسيناريو تسريح مئات آلاف العمال، قال الشكندالي: «أعتقد أن اتحادات نقابات العمال ورجال الأعمال والمسؤولين عن الدولة لا يختلفون حول ضرورة إصلاح القطاع العام، والمؤسسات العمومية الخاسرة، أو المفلسة، والمطلوب هو مناقشة هذه الملفات حالة بحالة، دون التورط في قرارات تكون كلفتها باهظة».

أما بخصوص البرنامج الاقتصادي الذي يشمل الإصلاحات الكبرى، فإنه «يتطلب بعض الوقت، ولا بد أن يشمل الإصلاحات المطروحة على طاولة صندوق النقد الدولي، لكن بمضمون مختلف، ومقاربة مغايرة تجعل الهدف تحسين ظروف عيش المواطنين وتقاسم التضحيات. صحيح أن التوازنات المالية مهمة جدا، لكنها لا تتعارض مع هذا الهدف النبيل. ولا يمكن فرض قرارات مسقطة تؤدي إلى إلغاء شامل للدعم، وتتسبب في مزيد من معاناة غالبية المستهلكين والطبقات الشعبية».

الشباب بين البيروقراطية والضرائب

من جهة أخرى، أوضح الشكندالي أن خطة الإنقاذ الاقتصادي والمالي المقترحة تناولت كذلك «تغيير المنوال السائد من منوال إقصائي، قائم على إقصاء الشباب والمرأة، إلى منوال يدمج كل هذه الطاقات في عملية التنمية بكل مراحلها وفي كل القطاعات». وقال إنه لا يمكن إنجاز خطة للإصلاح الاقتصادي والمالي دون التحرر من «البيروقراطية الإدارية والكم الهائل من الإجراءات، التي تسببت في تصنيف سيئ لتونس في التصنيف العالمي لدوينغ بزنس، ونفرت المستثمرين من الاستثمار في تونس. وفي الوقت نفسه لا بد من تغيير سياسة الضرائب والجباية، لأن ارتفاع نسب الضرائب والأداءات تسبب في هجرة الشباب، وصغار رجال الأعمال إلى الاقتصاد الموازي».

ورأى الشكندالي أن الأهم بالنسبة لخطة الإنقاذ المقترحة هو «تحسين مناخ الأعمال، وتغيير بعض السياسات الاقتصادية التي خنقت الاستثمار الخاص، ومنها السياسة النقدية الحذرة للحكومة في مجال مكافحة التضخم، الذي أرهق عموم المستهلكين، وأثر سلبا على القدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية. كما تسببت هذه السياسة النقدية، حسبه، في إرهاق المالية العمومية، ولم تستفد منها إلا البنوك التونسية التي تحقق سنويا أرباحا خيالية فيما تتراكم مؤشرات العجز المالي، والإفلاس في قطاعات عديدة».

إملاءات صندوق النقد الدولي

أكد الشكندالي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس سعيد قدم خلال هذا اللقاء كلمة، أعلن فيها عن مجموعة من الثوابت بالنسبة إليه، من بينها تحفظه على التعامل المشروط مع صندوق النقد الدولي وشركائه، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى فرض إملاءات تهدد السلم الاجتماعي والأمن الوطني.

كما اقترح الرئيس في هذا اللقاء بعض الحلول، ومنها تسهيل إحداث «مؤسسات أهلية»، وهي شركات صغرى لتشغيل العاطلين عن العمل، وإبرام صلح مع أصحاب رؤوس الأموال المتهمين بالمخالفات المالية، وتسوية وضعيتهم القانونية والإدارية مقابل تسديد مبالغ مالية تستثمر في برامج تمويل التنمية في الجهات الفقيرة والمهمشة.



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.