التضخم ورفع أسعار الفائدة يدفعان الاقتصاد الألماني إلى الانكماش

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
TT

التضخم ورفع أسعار الفائدة يدفعان الاقتصاد الألماني إلى الانكماش

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

دخل الاقتصاد الألماني في انكماش تقني، خلال الربع الأول من عام 2023، وفق أرقام رسمية نُشرت، اليوم الخميس، بعدما أدى التضخم وارتفاع أسعار الفائدة إلى كبح الطلب في أكبر اقتصاد في أوروبا. وانخفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.3 في المائة بين يناير (كانون الثاني)، ومارس (آذار) من عام 2023، بعد تراجعه أيضاً بنسبة 0.5 في المائة بين أكتوبر (تشرين الأول)، وديسمبر (كانون الأول) 2022، وفق البيانات المعدَّلة للمكتب الوطني للإحصاء «ديستاتيس»، ومن ثم دخلت البلاد في انكماش تقني، على مدى فصلين متتاليين من التراجع.

وهذه سابقة منذ وباء «كوفيد-19»، الذي تسبَّب بتراجع في إجمالي الناتج المحلي، خلال الربعين الأول والثاني من عام 2020، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». يأتي التراجع الاقتصادي في توقيت تواجه فيه ألمانيا ارتفاعاً في أسعار الطاقة، منذ أن بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو أمر ألقى بثقله على الأُسر والشركات، لكن الحكومة سعت للتخفيف من أهمية هذا التراجع، وتهدئة المخاوف من انكماش طويل الأمد. وقال متحدّث باسم وزارة الاقتصاد، في تصريح، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ما زلنا نتوقع تحسناً كبيراً خلال العام».

في أبريل (نيسان)، بلغ التضخّم في ألمانيا 7.2 في المائة؛ مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة. ولم تتراجع أسعار المواد الاستهلاكية إلا بمقدار طفيف، مقارنة بالذروة التي بلغتها قرابة نهاية عام 2022. وجاء في بيان «ديستاتيس» أن «الارتفاع المستمر للأسعار يثقل كاهل الاقتصاد الألماني، في مطلع العام». وطالما اعتمدت ألمانيا على استيراد موارد الطاقة الروسية، وقد تأثرت، بشكل كبير، من جراء غزو روسيا أوكرانيا، اعتباراً من فبراير (شباط) من العام الماضي.

ودفع تقليص إمدادات الغاز، خصوصاً برلين إلى البحث عن مصادر جديدة للطاقة، وتخزين احتياطيات؛ تحسباً لشتاء كان متوقعاً أن يكون قاسياً في نهاية عام 2022. وقال رئيس قسم الاقتصاد الكلي في مصرف «آي إن جي» كارستن برجسكي إن التراجع الاقتصادي «لم يكن السيناريو الأسوأ لانكماش حادّ» توقّعه البعض في أعقاب الغزو الروسي. لكن اعتدال درجات الحرارة، والانتعاش في السوق الصينية الرئيسية، وحلحلة مشكلات سلاسل التوريد بعد جائحة «كوفيد-19»، «لم تكن كافية لإخراج الاقتصاد من منطقة خطر الانكماش».

وقال برجسكي إن «انخفاض القدرة الشرائية، وضعف الطلبيات الصناعية، إضافة إلى تأثير التشديد الأكبر للسياسة النقدية منذ عقود» أمور من المرجَّح أن تثقل كاهل الاقتصاد بشكل أكبر؛ في إشارة إلى رفع «المصرف المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة للجْم التضخم. وأشار إلى أن التباطؤ المتوقَّع للاقتصاد الأميركي واستمرار الحرب في أوكرانيا سيؤثران أيضاً على الإنتاج. وقال الخبير في مصرف «لاندسبنك بادن فورتمبرغ» ينس-أوليفر نيكلاش إن هبوط رقم النمو لم يكن مفاجئاً، بعد سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الضعيفة.

وتابع: «المؤشرات الأولية تدل على أن الأمور ستظل ضعيفة بشكل مماثل في الربع الثاني» من عام 2023. وتراجعت الطلبيات الصناعية التي تعطي مؤشراً إلى الإنتاج الصناعي، في مارس، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. لكن على النقيض من ذلك، واصلت ثقة المستهلك في ألمانيا نسقها التصاعدي «وسط كل الأنباء السلبية»، وفق خبير «سيتي بنك» كريستيان شولتس، الذي اعتبر أن انتعاش الإنفاق الاستهلاكي قد يشكل دافعاً لانتعاش اقتصادي، في وقت لاحق من العام.

وتُناقض أرقام النمو الضعيفة التفاؤل الذي أبداه صُنّاع السياسة في برلين، الذين رفعوا، في أبريل، توقعاتهم للنمو الاقتصادي في عام 2023 إلى 0.4 في المائة. وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد أعرب، في وقت سابق، عن ثقته بأن ألمانيا بذلت الجهود الكافية لدرء انكماش اقتصادي وتداعياته السلبية.


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

انطلقت أعمال النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، الاثنين، بحضور الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، والمهندس عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة، في المدينة الساحلية جدة (غرب السعودية)، بمشاركة أكثر من 480 خبيراً ومتحدثاً يمثلون نخبة من العلماء والمبتكرين يمثلون أكثر من 20 دولة في أنحاء العالم، حيث حقق 14 مبتكراً (فائزان في الجائزة الكبرى و12 فائزاً في جوائز الأثر) في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

الأمير سعود بن مشعل وم. عبد الرحمن الفضلي وم. عبد الله العبد الكريم في صورة جماعية مع الفائزين بالجوائز (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وحصد الجائزة الكُبرى لي نوانغ سيم من جامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة عن مشروعه «كشف قوة التناضح العكسي بالطرد»، وسو ميشام من شركة «NALA Membranes» الأميركية عن مشروعها «أغشية مركبة رقيقة من مادة البولي سلفون الجديدة لتحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف».

وشهد المؤتمر الإعلان عن 11 براءة اختراع عالمية جديدة تعزز الحلول المبتكرة لمعالجة التحديات في القطاع وذلك في كلمة للمهندس عبد الله العبد الكريم، رئيس الهيئة السعودية للمياه، خلال حفل الافتتاح، أكد خلالها أن الحدث يعكس التزام السعودية بتعزيز الابتكار العلمي والبحثي ركيزةً لتحقيق استدامة الموارد المائية وتأكيد مكانتها مرجعاً عالمياً في تطوير حلول مبتكرة لإدارة المياه وتحقيق الأمن المائي المستدام.

م. عبد الله العبد الكريم خلال إلقاء كلمته في حفل افتتاح مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

وتأتي مبادرة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، بإعلان تأسيس المنظمة العالمية للمياه لتحقيق الأمن المائي العالمي على رأس المبادرات التي تعزز أهداف الاستدامة وجودة الحياة والتعاون الدولي في هذا المجال، وفق العبد الكريم.

ودُشّن على هامش المؤتمر ولأول مرة، هاكاثون المياه «مياهثون»، الذي ينظمه مركز الابتكار السعودي لتقنيات المياه بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، ويهدف إلى تعزيز التنافسية الإبداعية عبر تطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية.

وأعلن خلال الحفل عن الهوية الجديدة لجائزة الابتكار العالمية، لتكون انطلاقاً من الموسم المقبل باسم «الجائزة العالمية للابتكار في صناعة المياه»، بما يتماشى مع توسع أهداف الجائزة وتعزيز دورها في تطوير حلول مستدامة وإشراك العقول الشابة في الابتكار.

جانب من مشاركة الفرق في المرحلة الأخيرة من هاكاثون المياه «مياهثون» خلال انطلاقة أعمال المؤتمر (الشرق الأوسط)

من جهته، أوضح سلطان الراجحي، المدير التنفيذي للتواصل والتسويق في الهيئة السعودية للمياه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تعديل اسم الجائزة العالمية للابتكار من «تحلية المياه» إلى «صناعة المياه» بنسختها القادمة لتكون أشمل وأوسع، مشيراً إلى أن هاكاثون المياه الذي سمي «مياهثون» تنافس خلاله 50 فريقاً مثّل الشباب السعودي أكثر من 60 في المائة من الفرق مقابل 40 في المائة لفرق من مختلف دول العالم.

وأكد أن تواجد الحضور الكبير من مختلف دول العالم في المؤتمر يؤكد المكانة الرائدة للسعودية بصفتها مركزاً رئيساً للابتكار والإبداع في صناعة المياه، التي بدأت من جدة بـ«الكندسة»، وأن الحدث سيشهد مناقشة الباحثين والمبتكرين عدداً من المجالات في القطاع، منها الإنتاج والنقل والتوزيع وإعادة الاستخدام، للخروج بتوصيات تساهم بشكل كبير في استدامة الموارد المالية وتعزيز الابتكار فيها.

من جانبه، قال فؤاد كميت، بإدارة المركز الابتكاري لتقنيات المياه، إن هاكاثون المياه «مياهثون»، يتيح للمبتكرين ورواد الأعمال في 5 مجالات رئيسة لتطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية، لافتاً إلى تأهل 15 فريقاً إلى المرحلة النهائية بعد منافسة مع أكثر من 500 شخص شاركوا في المرحلة التمهيدية.

السعودية غدير البلوي عبّرت عن اعتزازها بالجائزة العالمية للابتكار في تحلية المياه (الشرق الأوسط)

وبيّن أن المرحلة الأخيرة تمتد طوال أيام المؤتمر الثلاثة، وستعكف الفرق المتأهلة على تحويل أفكارهم نماذج عمل أولية تؤسس لشركاتهم الناشئة.

الأميركية سو ميشام الفائزة بإحدى الجوائز الكبرى (الشرق الأوسط)

في المقابل، أفادت غدير البلوي، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء في جامعة تبوك وإحدى الفائزات بالجائزة العالمية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بأن ابتكارها يتمثل في استخدام النانو «متيريل» في محطات معالجة المياه في السعودية.