«لولا» أول طيار أفريقي يحلق بمفرده حول العالم

صعاب وتحديات للتحضير والتمويل لرحلة العمر

TT

«لولا» أول طيار أفريقي يحلق بمفرده حول العالم

نجح الطيار النيجيري أديميلولا (لولا) أوديوجينرن في تحقيق حلم حياته بالتحليق بطائرته في رحلة حول العالم استغرقت ما يقرب من العام، بدءها من العاصمة الأميركية واشنطن في أبريل (نيسان) عام 2016، وأنهاها في نهاية مارس (آذار) 2017. وطار لولا بطائرته الصغيرة عبر 6 قارات، وحل بـ15 دولة على مدى الشهور الماضية، وهبط بطائرته الصغيرة في مطار دالاس ظهر الأربعاء الماضي، وسط احتفال كبير من قبل الصحافة الأميركية والأفريقية.
وبنجاحه في القيام بهذه المغامرة الصعبة والشاقة، وضع الطيار الأفريقي «لولا» اسمه في قائمة طويلة تتضمن كثيراً من المغامرين الذين قاموا بتجارب ناجحة في الطيران حول العالم، واحتل المرتبة رقم 115، فقد تمكن قبله 114 طياراً من القيام بهذه المغامرة، والتحليق حول العالم بمفردهم بشكل ناجح. ويعد لولا أيضاً أول طيار أفريقي يقوم بهذه الرحلة.
وقد هبط لولا بنجاح في واشنطن، في التاسع والعشرين من مارس، بطائرته «سيروس 22» التي أطلق عليها اسم «كلوي»، وهو الاسم الذي أطلقته ابنته ليونا على الطائرة.
«عملية تحقيق الأحلام ليست سهلة، حيث إنه ليس بإمكان الكثير الاستمرار حتى النهاية، فالعملية تتطلب كمية هائلة من العزيمة والقوة لاستمرار وعدم فقدان التركيز»، هذا ما قاله لولا في خطبة ألقاها على أرض الهبوط بعد دقائق من هبوطه، مضيفاً: «كانت هذه تجربة تعليمية لا تعوض بثمن بالنسبة لي، وتعزز أن لا شيء مستحيل»، وختم خطبته بشكر كل من دعمه خلال هذه الرحلة الشاقة، موجها شكره لله والممولين وزوجته سينثيا.
وقد تحدث لولا، في مقابلة شخصية مع «الشرق الأوسط»، عن رؤيته وهدفه الخاص من هذه الرحلة، قائلاً: «جوهر المشروع يكمن في إلهام شباب العالم، خصوصاً في الأرجاء الفقيرة (...) بعض المناطق في أفريقيا بحاجة إلى الإلهام، ليس للأطفال فحسب، بل أيضاً وفي قمة الأهمية للقادة، لكي يخلقوا البيئة المناسبة لإبراز التفوق والمواهب، لأنه إذا لم تتوفر البيئة، بإمكانك أن تكون أكثر شخص موهوب بالعالم، ولكن خمن ما سيحصل؟ ستموت أحلامك».
ذكر لولا أهمية وفائدة معيشته في دولتين شديدتي الاختلاف عن بعضها بعضاً، هما نيجيريا وبريطانيا، وقال: «نشأتي في نيجيريا كانت شديدة في الأهمية، أنا مؤمن بأني محظوظ جداً للحصول على خلفيتين مختلفتين، وقد أخذت أفضل الجوانب من كلا المكانين، وساهم كل من المجتمع والثقافة النيجيرية والمجتمع والثقافة البريطانية في تشكيل وتكوين شخصيتي. فقد ترسخ لدي ما تعلمته من قيم الالتزام في نيجيريا خلال التربية الصارمة، ثم وجدت الفرص في المملكة المتحدة»، وأضاف: «سأناشد نيجيريا خلق البيئة المناسبة للمواهب».
وعندما سئل لولا عن سبب تمدد الرحلة عن الوقت المتوقع، أكد أن من أشد المصاعب التي مر بها المشروع كان التمويل المادي، فـ«ما يميز هذا المشروع عن غيره أنه لم يكن لدينا ميزانية عالية، أو فريق استعداد عظيم»، وأضاف: «لولا انضمام خطوط جيبوتي للطيران لمساندة رحلتي لأخفق المشروع».
وحول الصعاب والتحديات التي واجهها الطيار الأفريقي للتحضير لرحلته، والحصول على التمويل، قال: «معظم الوقت أنت بمفردك في كل أرض حرفيًا!»، مضيفاً أنه كان من الصعب إيجاد ممولين، متابعاً: «لم نتمكن من الحصول على 99 دولاراً مشاركة للرعاية، كان الوضع سيئاً لهذه الدرجة، ولا نعلم لماذا». كما ذكر أن من الأسباب التي أدت إلى صعوبة التمويل أن البعض تشكك في قدرة مواطن أفريقي على القيام بمثل هذه الرحلة للتحليق حول العالم، وأشار إلى أنه حين قام المسؤولون عن رحلته بعرض الفكرة على بعض الشركات والدول، وطلب المساندة والمساهمة في تمويل الرحلة، تلقوا ردود على البريد الإلكتروني مثل: «هل هذه خدعة جديدة؟».
وفيما يتعلق بالخطوة التالية، بعد أن أنجز حلمه، وأتم مشروع التجاوز، قال لولا: «عليّ تعويض الكثير من الوقت مع عائلتي، ما قمت بفعله كان في غاية الأنانية، كان يتمحور حولي أنا».
ولولا من أصل نيجيري، رغم ولادته في المملكة المتحدة، إلى أنه قد عاد للمعيشة والنشأة في نيجيريا. وانتقل لولا مجدداً إلى المملكة المتحدة، حيث أكمل دراسته، وقابل زوجته سينثيا. وكانت هذه الرحلة حلم لولا منذ كان في عمر الخامسة عشرة، فاجتهد وقام بالحصول على رخصة الطيران الخاص في المملكة المتحدة في العشرين من العمر، وعمل في مجال الطيران التجاري في عام 2010، ومنذ ذلك الوقت كان يقود طائرة «بوينغ 737».
وقد بدأ لولا ما سماه «مشروع التجاوز» (بروجيت ترانسيند) في عام 2014، وكانت رؤيته لهذا المشروع هي تحقيق طموحات أفراد الدول الأفريقية، بمساعدتهم على تخطي الصعاب التي قد تعرقل أحلامهم، ولإظهار مواهبهم وقدراتهم لبقية العالم. وبعد إطلاق المشروع، انضم إليه مجموعة من الأصدقاء والأفراد الذين آمنوا بطموحه وفكرته. ويؤكد لولا أن رحلته حول العالم تمثل أول خطوة في اتجاه التقدم والأمل لمشروع التجاوز.
وقد واجه لولا كثيراً من الصعاب: أولها كان التمويل المادي للمشروع. فقد كان من الصعب جذب الممولين، وذلك لتشكيكهم في قدرة لولا على إتمام المشروع، ومدى جديته. واعترض البعض على التمويل، وذلك لتعارض الأهداف؛ كانت رسالة لولا موجهة لأفراد الدول الأفريقية عند قيامه بالرحلة لإلهام الشباب للسعي لتحقيق أحلاهم، ولذلك أراد لولا تمثيل الرحلة كأفريقية فحسب.
وخلال مرحلة التخطيط، واجه الفريق المزيد من الصعوبات والضغوطات المالية التي تسببت بتغييرات في الخطة الأصلية. وكان من المفترض أن تنطلق الرحلة من لاغوس في نيجيريا، ولكن لأن لولا قام بشراء الطائرة من ولاية فيرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية، كان من المكلف نقل الطائرة، فتغيرت نقطة الانطلاق لتبدأ من واشنطن. وكان من المتوقع أن تستغرق الرحلة نحو 4 إلى 6 أسابيع، ولكن امتدت الرحلة لشهور بعد ذلك، وذلك لاضطرار لولا للعودة إلى المملكة المتحدة مراراً لإصلاح الطائرة ونفاذ ميزانية المشروع.
وأنقذت خطوط جيبوتي للطيران مشروع التجاوز بدعمها المادي. وتعد هذه الخطوط جزءاً من سلطة موانئ جيبوتي والمناطق الحرة، مؤسسة حكومية تقوم بإدارة موانئ الدولة. وتم إعادة تنشيط خطوط جيبوتي للطيران عام 2015، وتم توكيل إدارة الخطوط لشركة كارديف إيفييشون لتدريب الطيارين، ومقرها في المملكة المتحدة، بقيادة بروس ديكنسون.
في حين شاهد الوفد النيجيري انطلاق لولا لبدء رحلته، إلا أنه لم يتمكن من استقباله في ختام رحلته، وذلك لكثرة التغييرات في مسار الرحلة. وقد تم استقبال لولا في هبوطه الأخير من قبل أسرته، زوجته سينثيا وأبنائه ليونا وبرينس. ومن ضمن الوفد الذي استقبل لولا، كان السفير الجيبوتي لدى الولايات المتحدة الأميركية، محمد سعيد دواله، المدير الاستراتيجي لسلطة موانئ جيبوتي والمناطق الحرة داويت غيبري - آب، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لخطوط جيبوتي للطيران موسى حسين. ومن الضيوف البارزين كان الرئيس التنفيذي للصحافة العالمية الأفريقية الذي سيقوم بنشر كتاب عن هذه الرحلة.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.