«داعش» يستعد لطرد النظام من آخر معاقله في شرق سوريا

قطع أوصال المدينة إلى شرق وغرب بسيطرته على طريق الإمداد

كرديات في مظاهرة بمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، أمس، احتجاجًا على عدم مشاركة فصائل كردية في اجتماع «آستانة» المقبل (أ.ف.ب)
كرديات في مظاهرة بمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، أمس، احتجاجًا على عدم مشاركة فصائل كردية في اجتماع «آستانة» المقبل (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يستعد لطرد النظام من آخر معاقله في شرق سوريا

كرديات في مظاهرة بمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، أمس، احتجاجًا على عدم مشاركة فصائل كردية في اجتماع «آستانة» المقبل (أ.ف.ب)
كرديات في مظاهرة بمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، أمس، احتجاجًا على عدم مشاركة فصائل كردية في اجتماع «آستانة» المقبل (أ.ف.ب)

عزل تنظيم داعش مدينة دير الزور عن مطارها العسكري، إثر تقدم حققه في المدينة، في اليوم الثالث لهجومه المستمر لطرد النظام من آخر معاقله في شرق البلاد، حيث سيطر على مشروع الجرية السكني، ومواقع ونقاط في محيط المطار، ما مكّنه من قطع طريق الإمداد من المدينة إلى المطار.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» باستمرار المعارك العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، وسط قصف مكثف وعنيف ومتبادل بين الطرفين، بالتزامن مع عشرات الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية منذ الصباح على أحياء المدينة ومحيطها ومواقع سيطرة تنظيم داعش وعلى جبهات القتال.
وأكد «المرصد» أن الاشتباكات المتواصلة مكنت التنظيم من تحقيق تقدم هام والسيطرة على مشروع الجرية السكني، ومواقع ونقاط في محيط المطار، وقطع طريق الإمداد من المدينة إلى مطار دير الزور العسكري، والذي يمكِن التنظيم كذلك من تقسيم المدينة لقسمين شرق وغربي تفصلهما المنطقة التي تقدم إليها التنظيم عقب سيطرته الأحد على الجبل المطل على دير الزور.
وتضاف تلك المناطق التي تقدم إليها التنظيم، إلى سيطرته على منطقة مكابس البلوك القريبة من المطار العسكري، فيما حقق التنظيم تقدمًا في حي العمال داخل المدينة. كما طالت الاشتباكات محيط دوار البانوراما وفي أحياء الصناعة والعمال والرصافة في المدينة، فيما وثق المرصد سقوط 82 قتيلاً بينهم 14 مدنيًا خلال 24 ساعة، أي منذ أن بدأ التنظيم هجومه على مناطق سيطرة قوات النظام في مدينة دير الزور.
وبحسب المعطيات الميدانية فإن النظام بدأ يفقد السيطرة على آخر مواقع له في دير الزور، وفق ما أكد مدير شبكة «فرات بوست» في دير الزور أحمد الرمضان الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «تمكن من عزل مطار دير الزور عن المدينة، عبر إحكام سيطرته على الطريق البرية التي تشكل جسر إمداد قوات النظام إلى المطار». وقال إن «سيطرة النظام على المطار ومنطقة العرايش القريبة منه، تسهّل سيطرته على الأحياء المتبقية بيد النظام في المدينة واللواء 137 وبالتالي تصبح كل محافظة دير الزور في قبضة داعش». وكشف الرمضان أن التنظيم «سيطر بعد ظهر أمس، على الجبل المطل على المدينة، واستولى على مرابض المدفعية الثقيلة العائدة للنظام، ما يعني أن كل أحياء المدينة والمطار واللواء 137 باتت تحت مرمى نيرانه»، مؤكدًا أن «أكثر من 60 غارة جوية تشنها الطائرات الروسية والسورية على نقاط الاشتباك، لكنها لم تبدّل في الواقع شيئا».
وفي مقابل تقدم التنظيم في دير الزور، تراجع في ريف الرقة، حيث حققت القوات الكردية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تقدمًا جديدًا على حساب تنظيم داعش وتمكنت من انتزاع السيطرة على عدد من القرى، ضمن معركة «غضب الفرات» التي بدأتها قبل خمسة أسابيع، بهدف استعادة مدينة الرقة التي تعدّ عاصمة التنظيم في سوريا.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضمّ التشكيلات العسكرية الكردية، وأبرزها «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب»، أن عناصرها «خاضوا اشتباكات عنيفة مع مقاتلي التنظيم، تمكنوا خلالها من السيطرة الكاملة على قرى الوديان وبيوض وتريجة والتكماني في ريف الرقة، كما شهدت جبهات قرية الفتيح اشتباكات بين الطرفين»، مشيرة إلى أن المعارك «أسفرت عن قتل عدد كبير من عناصر الطرفين». وأفادت القوات الكردية أن عناصرها «صدوا هجمات للتنظيم على قرية السويدية غربي الرقة، وفجروا عربة مفخخة قبل وصولها إلى هدفها». وقالت إن «أكثر من 100 عنصر من التنظيم قتلوا خلال الاشتباكات في النقاط المذكورة».
في المقابل أعلنت وكالة «أعماق» التابعة لتنظيم داعش، أن عنصرين تابعين للتنظيم «نفذا عمليتين انتحاريتين استهدفتا مواقع القوات الكردية في قرية سويدية صغيرة شمال مدينة الطبقة بالريف الغربي للرقة، كما اقتحم مقاتلوه القرية، وخاضوا اشتباكات في داخلها».
لكن مسؤول العلاقات العامة في «قوات سوريا الديمقراطية» عبد العزيز محمود يونس، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مزاعم داعش ليست إلا مجرد ادعاءات فارغة». وقال إن «المعركة التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية، تسير بوتيرة عالية ووفق الخطة المرسومة لها، من القيادة العسكرية وغرفة العمليات، وهذا يتجلّى بالتقدم الواضح على جميع المحاور». وأضاف القيادي الكردي، أن «المنطقة التي تدخلها قواتنا لا يستطيع (داعش) العودة إليها، لكنه يحاول بين الحين والآخر تنفيذ هجوم على بعض المواقع، سرعان ما يفشل، ويتحوّل عناصره إلى أشلاء». وشدد يونس على أن هذا التنظيم «بات مشتتًا ما بين جبهات دير الزور ومدينة الباب والرقة، وهو يقترب من نهايته المحتومة».
من جهتها، أعلنت غرفة عمليات «غضب الفرات» في بيان، أن «المرحلة الثانية من عملية تحرير الرقة وريفها، التي انطلقت بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول)، مستمرة، حتى تحرير كامل محافظة الرقة من إرهاب داعش وبقرار من المجلس العسكري لقوات سوريا الديمقراطية».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.