«إعلان موسكو» يعرض ضمانة لوقف النار والتسوية في سوريا

لافروف أبلغ نظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي بنتائج المحادثات

حافلات فارغة تنتظر أمس عند مفرق الراموسة لإخلاء من تبقى من شرق حلب (أ.ف.ب)
حافلات فارغة تنتظر أمس عند مفرق الراموسة لإخلاء من تبقى من شرق حلب (أ.ف.ب)
TT

«إعلان موسكو» يعرض ضمانة لوقف النار والتسوية في سوريا

حافلات فارغة تنتظر أمس عند مفرق الراموسة لإخلاء من تبقى من شرق حلب (أ.ف.ب)
حافلات فارغة تنتظر أمس عند مفرق الراموسة لإخلاء من تبقى من شرق حلب (أ.ف.ب)

أعرب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران عن استعدادهم «للمساهمة أن يصبحوا ضامنا، للاتفاق المستقبلي بين الحكومة السورية والمعارضة، الذي تجري حوله المفاوضات». وقالوا إن بلادهم على استعداد للمساعدة في التوسط لإبرام اتفاق سلام سوري بعد أن أجرت الدول الثلاث محادثات في موسكو، أمس، ووافقت على إعلان يحدد مبادئ يتعين على أي اتفاق الالتزام بها.
وجاء الإعلان بعد أن استضاف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات مع نظيريه التركي والإيراني، وعقد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو محادثات مماثلة بالتزامن مع نظيريه الإيراني والتركي أيضا.
وقال شويغو، أمس، إن خبراء من روسيا صاغوا وثيقة «إعلان موسكو» الذي يرقى إلى خريطة طريق لإنهاء الأزمة السورية، وإنه يأمل أن تدعم تركيا وإيران الوثيقة. وقال إن «كل المحاولات السابقة للولايات المتحدة وشركائها في سبيل الاتفاق على تصرفات منسقة كتب لها الفشل، ليس لأي منهم نفوذ حقيقي على الوضع على الأرض».
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الإيراني والتركي: «متأكد ونحن نعمل على تأسيس عملية سياسية بين السوريين، أننا سنكون قادرين على صياغة أساليبنا المشتركة التي ستعتمد على الأهداف التي أعلناها، وهي هزيمة الإرهاب واستعادة سلامة الأراضي وسيادة واستقلال ووحدة الجمهورية العربية السورية. نحن متحدون في سبيل تحقيق هذا الهدف».
وأصدر كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والتركي مولود جاويش أوغلو والإيراني جواد ظريف بيانا مشتركا، أعقب محادثاتهم حول الشأن السوري في موسكو، يوم أمس، أكدوا فيه على «احترامهم لسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية»، معربين عن قناعتهم «بعدم وجود حل عسكري للأزمة السورية»، ومؤكدين على «أهمية الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في حل هذه الأزمة بموجب قرار مجلس الأمن 2254»، وفق نص البيان الختامي كما نشرته الخارجية الروسية على موقعها. ويضيف البيان أن «الوزراء الثلاثة يدعون بإلحاح كل أعضاء المجتمع الدولي إلى التعاون الصادق لإزالة العقبات من على درب تنفيذ الاتفاقيات التي تتضمنها الوثائق المذكورة» أي القرار 2254 وقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا.
وبعد إشادتهم بالجهود المشتركة حول إجلاء المدنيين والمسلحين من شرق حلب، التي وصفها البيان بأنها «عملية إجلاء طوعية للمدنيين والمعارضة المسلحة»، أشار وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران إلى «التوافق على أهمية توسيع نظام وقف إطلاق النار في سوريا، ووصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل». وأعرب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران عن استعدادهم «للمساهمة في أن يصبحوا ضامنا للاتفاق المستقبلي بين الحكومة السورية والمعارضة، الذي تجري حوله المفاوضات»، داعين الأطراف الأخرى التي تتمتع بنفوذ على الأرض أن يحذوا حذوهم. ودون أن يوضح ما المقصود تماما بعبارة «الاتفاق الذي تجري حوله المفاوضات»، ويقول البيان إن «الوزراء الثلاثة على يقين بأن الاتفاق المذكور قد يعطي الدفع الضروري لاستئناف العملية السياسية في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254»، وقد أثارت هذه العبارات تساؤلات في أوساط المراقبين حول «الاتفاق» الذي يبدو واضحا من نص البيان أنه سيجري خارج العملية السياسية، وإن تم التوصل إليها «ستشكل دافعا لتلك العملية». كما توقف البيان عند دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإطلاق مفاوضات بين النظام والمعارضة السورية في أستانة، إلا أن البيان تعامل مع تلك الدعوة على أنها صادرة عن الرئيس الكازاخي نور سلطان نزار بايف، وجاء بهذا الصدد: «يأخذ الوزراء بالاعتبار الدعوة الطيبة من جانب الرئيس الكازاخي نور سلطان نزار بايف لعقد مفاوضات في أستانة».
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك عقب المحادثات تجاهل الوزير الروسي الدعوة التي وجهها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لعقد جولة من المفاوضات في الثامن من فبراير (شباط) المقبل، مؤكدًا أن «الإطار الذي ترونه اليوم أكثر فعالية من كل الأطر»، مشددا أن «هذا إطار حقيقي لأن الدول الثلاث تؤكد بالعمل نجاعة هذا الإطار». وحسب لافروف فإن المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تم التوصل ضمنها إلى اتفاقيات حول تسوية الأزمة السورية «عجزت عن لعب دورها في أن يتم تنفيذ القرارات المتخذة ووضع آليات مراقبة للتنفيذ»، وإذ أشار إلى الدور المهم للأمم المتحدة في تسوية الأزمة السورية فقد اعتبر لافروف أن دورها تلاشى بعد آخر محاولة لتفعيل العملية السياسية في شهر مايو (أيار)، مؤكدا أن روسيا وتركيا وإيران تشدد على الدور المهم للأمم المتحدة.
في غضون ذلك برزت الخلافات بوضوح بين الموقفين التركي من جانب والإيراني من جانب آخر، وذلك خلال الإجابة على سؤال حول «إغلاق قنوات تزويد المجموعات الإرهابية بالسلاح»، إذ أشار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى ضرورة وقف الدعم كذلك لما يُسمى «حزب الله»، وقال: «إذا كنا نتحدث عن ضرورة أن يشمل وقف إطلاق النار كل الأراضي السورية، ونرى أنه يجب أن لا يشمل تنظيمي (داعش) و(جبهة النصرة) الإرهابيين، فإن هناك مجموعات أخرى مرتبطة بالنظام السوري مثل (حزب الله) ويجب وقف دعم مثل هذه المجموعات، وبهذا الشكل يمكن وقف إطلاق النار، ولا يمكن الإشارة إلى مجموعة أو جهة واحدة، بل يجب على الجميع وقف إطلاق النار، وأنتم فهمتم ما قلته». إلا أن هذا الكلام لم يرض ظريف الذي قال إن «الحديث يدور عن جماعات إرهابية وفق التصنيف الدولي، ولدى الأصدقاء الأتراك آراء نحترمها، لكن لن تتقبلها دول أخرى».
إلى ذلك، نقلت «رويترز» أن وزير الخارجية سيرغي لافروف أبلغ نظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي، أمس، بنتائج المحادثات في موسكو.
كما قالت الخارجية الروسية في بيانها إن المفاوضات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في جنيف وصلت إلى طريق مسدود، بسبب شروط المعارضة السورية في المنفى.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.