هل باتت جنازة كاسترو فرصة للمخلوع صالح لـ«الهروب» من اليمن؟

معنويات المخلوع وجنوده منهارة ووضع قواته في جبهات القتال خطير للغاية

هل باتت جنازة كاسترو فرصة للمخلوع صالح لـ«الهروب» من اليمن؟
TT

هل باتت جنازة كاسترو فرصة للمخلوع صالح لـ«الهروب» من اليمن؟

هل باتت جنازة كاسترو فرصة للمخلوع صالح لـ«الهروب» من اليمن؟

لم تكن مفاجأة أن يبحث المخلوع علي عبد الله صالح عن مخرج للهروب من اليمن، بعد أن نفذت قواته بمباركة من الانقلابيين أمره فيما مضى بقوله: «دمروا كل شيء جميل في اليمن»، حيث دمر منظومة القيم في المجتمع اليمني، وأضعف الدولة والقبيلة، لا لشيء إلا للخراب والدمار.
المخلوع الذي عاش حياته المغمورة بالبؤس والشقاء، بات يبحث عن مخرج آمن أكثر من بحثه عن أي مكاسب أخرى، في الوقت الذي تعرض فيه تحالفه مع الميليشيات الانقلابية للاهتزاز والترنح، والخسائر المتتالية.
ومن السهل أن يتخلى المخلوع صالح عن حلفائه من الميليشيات الانقلابية المتمردة على الشرعية باليمن في أي لحظة، لأنه تعود على تقديم مصالحه الشخصية دون غيرها، ولو كان على حساب تدمير اليمن، حيث يحاول كسب كثير من الوقت، وبينما أعلن تحالفه مع ميليشيا الحوثي الانقلابية التي خاض معها 6 حروب في صعدة، من الممكن أن يتركها وحدها تواجه مصيرها، متخليًا عنهم بتركهم لمصيرهم بعد تضييق الخناق واشتداد الضغط عليهم في مختلف الجبهات وقطع الإمداد عنهم، وهذا ما تسبب بكثير من الخلافات وعدم الثقة بين بعضهم بعضًا.
واليوم (الاثنين)، طلب المخلوع صالح من مجلس الأمن الدولي، «السماح له بالسفر إلى كوبا، للعزاء في وفاة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو»، حسبما جاء في بيان لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه المخلوع.
وكان مجلس الأمن الدولي قد فرض في 2014 عقوبات استهدفت المخلوع صالح، لتهديده السلام وعرقلة العملية السياسية في اليمن وتضمنت العقوبات حظرًا عالميًا على سفره وتجميدًا لأصوله.
وليحظى المخلوع بفرصة الهروب من اليمن بعد أن طُبقت أوامره بـ«تدمير كل شيء جميل في اليمن»، لا بد أن توافق لجنة العقوبات الخاصة باليمن في مجلس الأمن الدولي، التي تتخذ قراراتها بالإجماع على طلب المخلوع الذي أطاحت به احتجاجات جماهيرية في 2011.
المخلوع صالح، كان قد التقى مع كاسترو الذي حكم كوبا 47 عامًا خلال زيارة رسمية لهافانا عام 2000، وآخر مرة عُرف فيها أن صالح غادر اليمن كانت في 2011 عندما سافر إلى السعودية لتلقي العلاج، حيث تكفلت الحكومة السعودية آنذاك بعلاجه وتقديم الرعاية الصحية بعد التفجيرات التي استهدفت قصر الرئاسة أثناء الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله.
إن المدركين لشخصية المخلوع صالح يؤكدون أنه مراوغ ماكر، يغير جلده حسب مصالحه الشخصية فقط، فما بين انقلاباته وخياناته للدول التي قدمت له المساعدة، وأسهمت في بناء اليمن، تأتي السعودية في طليعة تلك الدول بدعمها المتواصل لاستقرار اليمن، وحينما كان يعجز المخلوع عن دفع رواتب موظفي الدولة إبان حكمه الخرب، تتكفل السعودية بدفع رواتبهم منعًا للفوضى وترسية للأمن والسلم في البلاد.
نهب المخلوع ثروات اليمن، واليوم يملك المليارات ويصرف على ميليشياته التي تتحالف مع الحوثيين ضد الشرعية والحكومة اليمنية، حتى إنه انقلب على المبادرة الخليجية التي أعطته حصانة بعدم محاكمته مقابل ترك السلطة وتسليمها لنائبه عبد ربه منصور، الرئيس الحالي لليمن.
وما بين محاولاته البحث عن مخرج للهروب، تأتي أﻻعيبه التي ﻻ تنطلي على أحد بتملقه لروسيا بعد أن أكدت روسيا عدم اعترافها بالمجلس السياسي الذي أنشاه المخلوع صالح بالتحالف مع الحوثيين، حيث قال في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة «روسيا 24» إنه «على استعداد لتقديم تسهيلات لروسيا الاتحادية في كل القواعد والموانئ والمطارات التي تقع تحت سيطرته»، وهو بذلك يتوسل لروسيا بالتدخل عسكريًا لصالح الانقلابيين في اليمن، كما هو حاصل في سوريا، وهذا ما يؤكد إفلاسه السياسي والعسكري، وأن نهايته قريبة.
إن معنويات المخلوع صالح وجنوده منهارة، ووضع قواته في جبهات القتال خطير للغاية، يأتي ذلك فيما كشفت مصادر قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع عفاش، أنه (المخلوع) طالب بالتحرك بسرعة قبل أن تحلّ عليه ما وصفها بـ«المصيبة» في صنعاء.
وهناك خلافات حادة بين قيادات حزب المخلوع وقيادات حوثية بعد المكاسب التي مني به الجيش اليمني والمقاومة الشعبية بدعم من التحالف في تحرير أغلب المحافظات والمدن، واستعدادهم للولوج إلى العاصمة صنعاء لتطهيرها، فيما حمّل صالح قيادة الحوثيين مسؤولية انهيار جبهاتهم.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».