الجيش الإسرائيلي يستدعي الاحتياط والشرطة.. وقوات الدفاع المدني تعلن حالة طوارئ

إخلاء عشرات ألوف المواطنين في حيفا من بيوتهم وإصابة أكثر من مائة شخص

عائلة هاربة من النيران التي اجتاحت حيفا ثالثة كبرى المدن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
عائلة هاربة من النيران التي اجتاحت حيفا ثالثة كبرى المدن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يستدعي الاحتياط والشرطة.. وقوات الدفاع المدني تعلن حالة طوارئ

عائلة هاربة من النيران التي اجتاحت حيفا ثالثة كبرى المدن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)
عائلة هاربة من النيران التي اجتاحت حيفا ثالثة كبرى المدن في إسرائيل أمس (أ.ف.ب)

أعلنت أجهزة الأمن الإسرائيلية، من الجيش إلى الشرطة وقوات الدفاع المدني، أمس، حالة طوارئ تشبه حالة الحرب، في أعقاب اتساع موجة حرائق لم تشهد إسرائيل مثيلا لها عبر تاريخها كله. فقد سجلت 220 حادثة حريق، وأصيب أكثر من 100 مواطن بحالات اختناق، وتم إخلاء عشرات ألوف المواطنين من بيوتهم. كما أخليت جامعة حيفا، ومعهد الهندسة التطبيقية (التخنيون)، ووضعت خطة لإخلاء سجن الدامون، ومستشفى الكرمل.
وبدأت المخابرات الإسرائيلية العامة، في التحقق من صحة أنباء قالت إن نصف هذه الحرائق، اشتعل بفعل فاعل. وفي الحال جرى اتهام مواطنين عرب من فلسطينيي 48، وكذلك من فلسطينيي الضفة الغربية. بل سارع نواب اليمين الإسرائيلي المتطرف، على تسمية ما جرى بـ«انتفاضة النيران». وأعلن المفتش العام للشرطة، الحنان الشيخ، عن اعتقال عدد من المشتبهين. وفي الأثناء، واصلت قوات الإطفائية الإسرائيلية عمليات الإطفاء، واستدعت طائرات خاصة بإطفاء الحرائق من ست دول، بينها تركيا وروسيا. وأعرب خبراء حالة الطقس، عن مخاوف من استمرار الحرائق حتى يوم الثلاثاء المقبل، لأن الرياح الجافة التي تسيطر على البلاد تقاوم محاولات الإطفاء.
وكانت مئات الحرائق قد نشبت في سائر أنحاء إسرائيل، من القدس في الجنوب، وحتى أعالي منطقة الجليل، منذ الأربعاء. وجرى في بعض الأماكن السيطرة على النيران، لكن الرياح القوية وانخفاض نسبة الرطوبة، وكذلك الاشتباهات بوجود أيد بشرية، نقلت النيران إلى نقاط جديدة. واقتربت النيران ليلا من الشارع الرئيسي الواصل بين تل أبيب والقدس، وتسبب ذلك في اختناقات مرورية ضخمة، بلغت حد إغلاق الشارع. وفي الوقت نفسه، اندلعت حرائق في مناطق أم الفحم، وشفاعمرو، وأبو أسنان، ومنشية زبدة، وكلها مناطق عربية. كما اندلعت حرائق في الضفة الغربية، خصوصا قرب نابلس الفلسطينية، وعدد من المستوطنات اليهودية في المنطقة. وبلغ مجموع الحرائق التي شهدتها البلاد حتى مساء أمس 220 حريقا.
لكن الحريق المهول اندلع في غابات الكرمل، التي هددت أكبر ثالث مدينة في إسرائيل. وقد تسبب الحريق هناك، في حالة هلع كبرى بين المواطنين، إذ أعادت إليهم ذكريات الحريق الضخم الذي أصاب غابات الكرمل قبل خمس سنوات، وتسبب في تدمير الأشجار في مساحة تزيد عن 50 ألف دونم، وفي مقتل 44 شخصا. وقد سارعت الشرطة وقوات الدفاع المدني إلى إخلاء 66 ألف مواطن، من سكان 13 حيا من أحياء المدينة المحاذية للغابات. كما تم إخلاء جامعة حيفا، المتربعة على قمة جبال الكرمل، ويتعلم فيها 18 ألف طالب، ثلثهم من العرب، ومعهد الهندسة التطبيقية والعلوم الحية والهندسة (التخنيون)، وفيه يتعلم 13 ألف طالب ربعهم من العرب. وجرى أعداد خطة لإخلاء مستشفى الكرمل الكبير، في حال اقتراب النيران منه.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي عن حالة طوارئ، واستنفر قوات كبيرة من جيش الاحتياط، فرفد قسما منها لتساعد قوات الشرطة والإنقاذ، ووضع القسم الثاني على أهبة الاستعداد الأمني خوفا من وجود مسلحين. وألغت الشرطة جميع الإجازات، واستدعت مئات العناصر من مركز البلاد، ونشرتهم في الأحياء التي تم أخلاؤها خوفا من عمليات السرقة. وتجمعت في حيفا، معظم قوات الدفاع المدني في إسرائيل، لتساعد في إخلاء المواطنين المحتاجين، علما بأن حيفا تضم نحو 40 ألف مسن، فوق سن التقاعد.
وأعلن وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، أن 50 في المائة من الحرائق التي شهدتها إسرائيل في اليومين الأخيرين، تمت بفعل فاعل. وأن نصف هذه العمليات وقعت نتيجة الإهمال، ونصفها نتيجة لعمل مخطط. لكن المفتش العام للشرطة، قال إن إشعال النيران لا يبدو عملا منظما من خلايا معادية نفذتها. وأنه استنادا إلى التحقيقات الأولية، يراها بالأساس، عمليات فردية. وكشف أن لدى الشرطة عددا من المعتقلين بشبهة إشعال النيران في أكثر من موقع. وقد استغل قادة اليمين المتطرف هذا الإعلان، للتحريض على المواطنين العرب وسائر الفلسطينيين، بدعوى أنهم «يكرهون إسرائيل شعبا وشجرا». وسماها عدد من الوزراء والنواب بـ«انتفاضة النيران الفلسطينية». وانضم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى المحرضين قائلا إن إشعال النيران في الأحراج هو إرهاب، وذلك قبل أن تتضح الصورة الحقيقية لأسباب الحرائق. وقد رد ابن حيفا، النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، على هذه التصريحات قائلا: «للأسف الشديد، نحن تعتصر قلوبنا بالأسى ونحن نشاهد أشجارنا الخضراء تحترق وسكان مدينتنا، اليهود والعرب، يتركون بيوتهم وأثاثهم وذكرياتهم ويهربون من النيران، وهناك من يجدها مناسبة (حلوة) للتحريض علينا». وقال عودة: «إن من يحرض علينا لا يفهم الحقيقية البسيطة. إن هذا هو وطننا وهذه هي أشجارنا. عشنا في ظلالها ألوف السنين. وارتباطنا بها وشائجي عميق، وجذورنا تضرب في أعماق أعماقها. لذلك فإن من يحرقها يحرق قلوبنا. فتعالوا نتعامل بأخلاق حضارية ونضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض، حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه من هذه الأشجار، ومن سكان مدينتنا الغالية».
وعلى الرغم من أن قوات الإطفائية عملت ليل نهار، وشغلت كل طواقمها (822 عاملا من قوات المطافئ النظامية، ثم تم تجنيد 212 عامل إطفاء من الاحتياط، وعملت معهم 350 سيارة إطفاء، فيما قامت طائرات إخماد الحرائق بـ107 طلعات، جرى خلالها إلقاء 50 طنا من المواد المساعدة على إخماد الحرائق)، غير أن هذا لم يكف. واتصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع رؤساء دول عدة يطلب مساعدتها، فوصلت طائرة إطفاء عملاقة من روسيا، و3 طائرات إطفائية من اليونان، ووصلت طائرات من كرواتيا وقبرص وإيطاليا.`
* حريق الكرمل في 2010
أثار الحريق في غابات الكرمل، أمس، هلعا شديدا في مدينة حيفا، بسبب ذكريات حريق آخر كان قد وقع في أحراجها في مثل هذه الأيام، قبل خمس سنوات، وتحديدا في 2 ديسمبر (كانون الأول) 2010، حيث حصد 44 نفسا من شرطة السجون (خمسة منهم عرب) ورجال إطفاء.
وفي حينه، هرب طفل في الرابعة عشرة من مدرسته، وراح يدخن نرجيلة قرب قريته العربية عسفيا. وبعد انتهائه من التدخين، قذف الجمرات بلا مسؤولية، فتسببت في نشوب حريق هائل. وامتدت النيران إلى سجن الدامون، الذي يعتبر غالبية نزلائه من الأسرى الفلسطينيين.
وتبين يومها، أن إسرائيل غير مستعدة بشكل جدي لمواجهة كوارث طبيعية كبرى، وطلبت مساعدات من دول عدة، بينها الأردن والسلطة الفلسطينية. وبالفعل، وصلت طائرات إطفاء من روسيا وتركيا بريطانيا واليونان ومصر وقبرص وبلغاريا وأذربيجان وكرواتيا وفرنسا وإسبانيا. كما وصلت ثلاث وحدات من الدفاع المدني الفلسطيني ومثلها من الأردن. وأرسلت إسرائيل طائرات نقل عسكرية إلى فرنسا، لإحضار مواد لإخماد الحريق، والتي نفدت من مخازنها. وكان هذا أكبر حريق شب في تاريخ إسرائيل. واعتبره وزير الدفاع يومها، إيهود باراك: «كارثة خطيرة جدًا».
* العرب يستضيفون اليهود
في الوقت الذي كان فيه قادة اليمين الإسرائيلي الحاكم يحرضون على العرب، بدعوى أنهم تسببوا في قسم كبير من الحرائق التي شهدتها البلاد، أمس، كان العرب ينقسمون إلى قسمين: قسم تعرض لأخطار الحرائق مباشرة، وقسم كان بعيدا عن الحرائق، لكنه هرع لإخماد الحرائق، أو استضاف يهودا ممن اضطروا لإخلاء بيوتهم.
فقد التهمت النيران عددا من البيوت العربية في مناطق عدة، مثل قرى نابلس في الضفة الغربية، وبلدات شفاعمرو، وأبو سنان، وأم الفحم في إسرائيل نفسها. وفي حيفا، التي يشكل السكان العرب فيها نسبة 12 في المائة من مجموع السكان، لوحظ وجود عشرات المتطوعين الذين ساهموا في عمليات الإنقاذ.
وعرض سكان عسفيا بيوتهم لاستضافة المنكوبين، بغض النظر عن انتمائهم القومي.
وفي أبو غوش، القرية الصغيرة ألقابعة على جبال القدس، فتحت عشرات البيوت أبوابها للجيران اليهود من بلدة نتاف المنكوبة.
وروى أبرهام بورغ، أحد سكان القرية الذي شغل في الماضي، منصب رئيس الوكالة اليهودية ورئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إن الشرطة نقلت السكّان اليهود إلى بلدة أبو غوش المجاورة، حيث جرى استقبالهم في مبنى مجلس البلدة العربيّة المحلي والبيوت. وأن السكّان العرب حرصوا على جلب ألعابٍ وأغراضَ مفيدة معهم للأولاد، وإحضار الطّعام من المطاعم المُجاورة المشهورة بأطباق الحمّص الشهيّة. وقال: «إلى جانب الخوف والقلق من الضرر الذي يمكن أن يلحق بالبيت، هناك شعورٌ بالارتياح بعد أن استضافنا جيراننا الأوفياء، الذين استقبلونا بطريقة مميزة.
لقد علمنا أن هناك مكانا يمكننا اللجوء إليه في أمكنة كثيرة، ولكن التحضيرات لاستقبالنا في هذه البلدة العربية تبعث السعادة في قلوبنا».
وقال رئيس مجلس أبو غوش المحلي، عيسى جبر: «عندما سمعنا عن الحريق، فتحنا فورا أبواب المجلس المحلّي لمساعدة جيراننا». وقالت شهيرة جبر، المربية في روضة أطفال في أبو غوش، وقد استقبلت أطفال من روضة نتاف: «تواصل الأطفال ولعبوا معا منذ اللحظة الأولى. فهم يتعاملون مع الأمور ببساطة أكثر، يلعبون سويّة وحسب. فرح الأطفال في روضتنا جدًّا لاستقبال الأطفال الضيوف».
* حيفا.. مدينة ثقافة وتعايش
تعتبر حيفا ثالثة كبرى المدن في إسرائيل بعد القدس الغربية وتل أبيب. يبلغ عدد سكانها 272 ألف نسمة، 12 في المائة منهم عرب. تقع المدينة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، على سفوح جبال الكرمل. وتعتبر أجمل المدن على الإطلاق. وغاباتها الخضراء تضم ملايين الأشجار، وهي محمية طبيعية لمئات الأنواع من الحيوانات البرية.
وقد كانت واحدة من أهم مدن فلسطين التاريخية، التي شهدت حياة سياسية وثقافية واقتصادية غنية بشكل خاص. ويوجد فيها اليوم أهم ميناء في إسرائيل، وثلاثة مستشفيات عملاقة. وجامعة كبرى وعشرات الكليات الأكاديمية. وأحد أضخم مراكز «الهايتك». وفيها أهم معهد للعلوم (التخنيون)، الذي يحتل المرتبة المرموقة 26 في قائمة معاهد البحوث العلمية في العالم. وأكبر دار نشر عربية في إسرائيل («كل شيء» لصاحبها صالح عباسي)، وجريدة الاتحاد، ومعهد إميل توما للبحوث برئاسة عضو الكنيست السابق عصام مخول، و«جمعية مساواة» بقيادة الناشط السياسي جعفر فرح، ومعهد روبين للموسيقى. ويسكن فيها وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون، ورئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة.
مع أن تاريخ المدينة يعود إلى عشرات الآلاف من السنين، كما تدل بقايا الهياكل البشرية التي عثر عليها، وتعود إلى العصر الحجري، إلا أن تاريخها المعروف يعود إلى القرن الرابع عشر ق. م، حيث جعلها الكنعانيون قرية صغيرة. وفُتِحت المدينة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 633، ونتيجة لذلك بدأت القبائل العربية الاستقرار في فلسطين. وبقيت حيفا جزءًا من الدولة الإسلامية طيلة العهدين الأموي والعباسي. إلا أن حيفا الحديثة، تأسست عام 1761 على يد القائد ظاهر العمر، الذي أسس إمارة شبه مستقلة عن العثمانيين في الجليل. وفي العهد العثماني، ازدهرت مدينة حيفا، وتأسس فيها أول مجلس بلدي عام 1873، وقد سقطت المدينة بأيدي المنظمات اليهودية في 21 أبريل (نيسان) 1948، بعد معارك عنيفة عدة، نتج عنها طرد جماعي لمعظم السكان العرب. ولم يبق فيها سوى بضع عشرات منهم. لكن العرب زحفوا إليها بعد الاحتلال من القرى المجاورة، ليصبحوا اليوم نحو 30 ألف نسمة، ويمثلون في المجلس البلدي بعضوين، أحدهما نائب رئيس البلدية.
وترعرع في هذه المدينة عدد من القادة السياسيين والمثقفين العرب، أمثال المؤرخ إميل توما، والأديب إميل حبيبي، والشاعر عصام العباسي، والشاعر حنا أبو حنا، والقادة السياسيين توفيق طوبي، وحنا نقارة، وصليبا خميس، وزاهي كركبي، وبولس فرح، وحبب قهوجي. وفيها مدفون الشيخ عز الدين القسام. وفيها عاش لسنين طويلة الشعراء محمود درويش، وسميح القاسم، وسالم جبران، وسهام داهود.
وهذه المدينة بالذات، معروفة بعلاقات حسن الجوار والتعايش بين العرب واليهود، والمسلمين، والمسيحيين، والدروز، والأحمديين. وفيها يقوم معهد رئيسي للبهائيين، يعتبر بحدائقه المعلقة وقبة عباس المميزة، أحد أهم معالم المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.