قال مسؤولون جمهوريون أميركيون إنّه على الرغم من معارضة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المعلنة للغزو الأميركي للعراق في 2003، فإنه يفكر في إسناد مناصب عليا في الأمن القومي في إدارته لمؤيدين بارزين لهذه الحرب.
ومن بين الأشخاص الذين قد يجدون أماكن في فريق ترامب، المسؤول الكبير السابق بوزارة الخارجية الأميركية جون بولتون، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية السابق جيمس وولسي. وكان الرجلان مدافعين عن غزو العراق الذي وصفه محللون كثيرون بأنه أحد الأخطاء الكبيرة في السياسة الخارجية الأميركية في العصور الحديثة.
ومن بين المشاركين أيضًا في التخطيط الانتقالي لرئاسة ترامب، فريدريك فليتز، وهو أحد كبار مساعدي بولتون الذي عمل في وقت سابق في وحدة وكالة المخابرات الأميركية، التي أيدت كثيرًا من معلومات المخابرات غير الدقيقة بشأن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية.
وعلى الرغم من استحالة توقع كيف ستتشكل السياسة الخارجية لترامب، قال مسؤول أميركي عمل في العراق إنّ المدافعين عن غزو 2003 قد يكونون أكثر ميلاً لإرسال قوات أميركية إضافية لقتال تنظيم داعش، على الرغم من عدم وجود اتفاق بشأن وضع القوات يحمي الأميركيين من التعرض لمساءلة قضائية في العراق.
وقال بول بيلار، الذي كان كبير مسؤولي المخابرات الأميركية عن الشرق الأدنى من عام 2000 حتى عام 2005، إنّه نظرًا لأن ترامب ليست لديه خبرة تذكر في السياسة الخارجية وأدلى بتصريحات متضاربة بشأن السياسات التي سينتهجها، فإن ترشيحات ترامب للمناصب الرفيعة ستكون مهمة.
وقال بيلار الذي يعمل الآن في جامعة جورج تاون: «ما نراه يجري الآن ويجب أن نقلق بشأنه، هو رئيس جديد له آراء متضاربة في قضايا كثيرة في مجال السياسة الخارجية». مضيفًا: «ولذلك فإن عملية التعيينات في المناصب العليا التي نشهدها كل 4 سنوات ستكون لها تبعات أكثر من المعتاد».
ولم يرد بولتون الذي قال المسؤولون إنّه يجري التفكير فيه وزيرًا للخارجية في إدارة ترامب، وكذلك وولسي الذي قالت تقارير إنّه مرشح لتولي منصب مدير المخابرات الوطنية على طلبات للتعليق. ولم يرد أيضًا الفريق الانتقالي لترامب بشكل فوري عندما طُلب منه التعليق.
وحتى إذا رُشح بولتون فإن تصديق مجلس الشيوخ عليه ليس أمرًا مفروغًا منه. ففي 2005 عرقل مجلس الشيوخ الديمقراطي بدعم من جمهوري واحد التصديق عليه سفيرًا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة. وعمل بولتون في هذا المنصب في عهد الرئيس الجمهوري جورج دبليو. بوش أثناء وجود مجلس الشيوخ في عطلة.
هل هي عودة للمحافظين الجدد؟
وأكد فليتز خلال حديث تليفوني قصير مشاركته في الجهود الانتقالية لترامب، ولكنّه امتنع عن الإدلاء بتصريحات أخرى.
وستمثل أي عودة للسلطة للمسؤولين الثلاثة تغييرًا في مجريات الأمور بالنسبة لهم وكذلك بالنسبة لـ«المحافظين الجدد» الآخرين الذين قدموا الدعم الفكري لغزو العراق. وخلال الحملة الرئاسية عارض بعض من المحافظين الجدد البارزين والجمهوريين المخضرمين في مجال السياسة الخارجية ترامب، قائلين إنّه غير مؤهل للقيادة.
ورأت هذه المجموعة نفوذها يتضاءل في الفترة الثانية من رئاسة بوش بعد أن وجدت القوات الأميركية في العراق نفسها غارقة في حرب أهلية طائفية، كما وقفت هذه المجموعة على الهامش خلال فترتي رئاسة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما على مدى ثماني سنوات.
وقال ترامب الذي يتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، إنّه عارض غزو العراق الذي قُتل فيه أكثر من أربعة آلاف جندي أميركي ومئات الآلاف من العراقيين، والذي أدّى إلى ظهور «القاعدة» في العراق وتنظيم داعش المتشدد.
وثبت عدم امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل وأنّه ليست له علاقات مع تنظيم القاعدة، وهما الذريعتان اللتان استخدمتا لتبرير الغزو.
وقال ترامب في أغسطس (آب) 2015 لشبكة «إن بي سي»: «كما تعرفون كنت أقول منذ سنوات لا تذهبوا إلى العراق. ودخلوا العراق. وزعزعوا استقرار الشرق الأوسط. لقد كان خطأ كبيرًا».
وطعنت المنافسة الديمقراطية هيلاري كلينتون خلال الحملة الانتخابية في روايته بأنّه كان يعارض الحرب دائمًا، وأشارت إلى مقابلة أجراها ترامب في 1992 مع المذيع هاوارد ستيرن رد فيها عندما سئل عمّا إذا كان يؤيد غزو العراق بقوله: «نعم أظن ذلك».
وقال بيلار إنّ التفكير في بولتون بالإضافة إلى وولسي وآخرين «دليل آخر على كيف أن هؤلاء الذين أيّدوا أحد أكبر الأخطاء في السياسة الخارجية الأميركية لم يتم على ما يبدو فقد الثقة فيهم بشكل يكفي لاستبعادهم من حوار واشنطن للسياسة الخارجية».