مصادر غربية: «لوزان» فشل لأن كيري جاء إليه من غير «أوراق ضغط»

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بوتين هو «سيد الروزنامة».. فلا انتخابات تنتظره ولا معارضة تشاكسه

صورة نشرها الدفاع المدني السوري لبعض عناصره ينقذون ضحايا قصف الطيران الروسي والنظامي على حي السكري شرق حلب في 21 سبتمبر الماضي (رويترز)
صورة نشرها الدفاع المدني السوري لبعض عناصره ينقذون ضحايا قصف الطيران الروسي والنظامي على حي السكري شرق حلب في 21 سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

مصادر غربية: «لوزان» فشل لأن كيري جاء إليه من غير «أوراق ضغط»

صورة نشرها الدفاع المدني السوري لبعض عناصره ينقذون ضحايا قصف الطيران الروسي والنظامي على حي السكري شرق حلب في 21 سبتمبر الماضي (رويترز)
صورة نشرها الدفاع المدني السوري لبعض عناصره ينقذون ضحايا قصف الطيران الروسي والنظامي على حي السكري شرق حلب في 21 سبتمبر الماضي (رويترز)

استمر الطرفان الروسي والأميركي في التعتيم على «الأفكار الجديدة» التي نوقشت في اجتماع لوزان (السبت) ولندن (الأحد) والتي أشار إليها الوزيران جون كيري وسيرغي لافروف. لكن الثابت، وفق ما تناهى إلى مصادر دبلوماسية غربية، أن الوزير الروسي «بقي على تصلبه» ولم يحد عن الخط الذي كشف عنه قبل اللقاء وهو أنه «ليست لديه مبادرات جديدة».
وجاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية أمس ليعيد التأكيد على الموقف الروسي المعروف والذي يمكن تلخيصه بثلاث نقاط: تقول الأولى إن السوريين وحدهم هم الذين يقررون مصيرهم ما يعني ضمنا أن مصير الرئيس السوري غير مطروح على الطاولة في الوقت الحاضر. والثانية تقول إن نجاح العمل بتطبيق الاتفاق الأميركي - الروسي الخاص بوقف الأعمال العدائية - المبرم في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي - مربوط بالفصل بين الفصائل المعتدلة وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا) وغيرها من الجماعات الإرهابية. أما النقطة الثالثة فتؤكد على الاستمرار في العمليات ضد إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة الأمر الذي يعني رفضا روسيا لوقف عمليات القصف الجوي ضد المناطق الشرقية في حلب ورفضا للهدن من أي نوع كانت. كذلك، فإن إصرار الوزير الروسي على معاودة المفاوضات «في أسرع وقت ممكن» أي دون التوصل إلى هدنة سارية المفعول يعيد هو الآخر إلى موقف روسي قديم يفصل بين ما يجري ميدانيا وضرورة إجراء المفاوضات وهو ما ترفضه المعارضة السورية اليوم كما رفضته بالأمس وكان أحد الأسباب التي أجهضت جولتين سابقتين من المحادثات في جنيف برعاية المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
تقول المصادر الغربية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إنها «لم تفاجأ» بغياب أية نتيجة إيجابية ملموسة لاجتماع وزراء الخارجية التسع (الولايات المتحدة، روسيا، السعودية، قطر، تركيا، إيران، مصر، العراق، الأردن) رغم «الفلسفة» الأميركية الجديدة التي تخلت عن «الثنائية المطلقة» المشكلة من الوزيرين كيري ولافروف، لتتبع نهجا ثنائيا - إقليميا تم ترتيبه على عجل لكنه في حقيقة الأمر، «لا يغير في العمق شيئا» لأن الأمور بقيت بين يدي الوزيرين الأميركي والروسي. ونقلت هذه المصادر عن الأوساط الأميركية قولها إن دعوة «الإقليميين» جاءت بسبب «الحاجة إليهم لإقناع الأطراف السورية المتقاتلة». وبالمقابل، فإن الوزير كيري «لم ير حاجة» لدعوة الأوروبيين إلى لوزان مكتفيا بلقائهم في لندن من أجل «إطلاعهم» في اليوم التالي على مجريات ما حصل في المدينة السويسرية.
تعتبر هذه المصادر أن مشكلة الوزير كيري صاحب المبادرة الدبلوماسية الأخيرة أنه ذهب إلى لوزان «من غير أن يحمل في جعبته أوراقا جديدة يمكن استخدامها للضغط على الطرف الروسي». والدليل على ذلك أن الاجتماع الذي عقده الرئيس الأميركي مع المسؤولين والمستشارين العسكريين يوم الجمعة الماضي من أجل «درس الخيارات العسكرية» التي طلب من البنتاغون والوكالات المتخصصة تقديمها إليه، انتهى إلى لا نتيجة. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر دفاعية أميركية أن الرئيس أوباما «أوصى بمواصلة المحادثات متعددة الأطراف من أجل حل سياسي في سوريا» وذلك من غير الإشارة إلى أية «بدائل» عسكرية. وتفسر المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» غياب قرارات رئاسية جديدة بأن البيت الأبيض «ما زال على خطه السابق وغير راغب بالانخراط أكثر مما هو فاعل في سوريا» وبالتالي، فإن كل ما قيل عن البدائل الأميركية ليس سوى «للتعمية» و«الإيهام» بأن أميركا «حازمة» في سياستها السورية. وتذكر هذه المصادر بـ«الخطة باء» التي تحدث عنها الوزير كيري منذ العديد من الأشهر والتي لم تر النور بتاتا ولا فهمت مضامينها.
في لوزان، تركز البحث على كيفية ترميم وقف إطلاق النار الذي لم يصمد إلا أقل من أسبوع. وما كان مطروحا على طاولة النقاش بالدرجة الأولى هو مقترح المبعوث الدولي الذي دعا لخروج مقاتلي جبهة فتح الشام من حلب إلى إدلب مقابل وقف عمليات القصف وإيصال المساعدات الإنسانية. كذلك عاد الطرف الروسي إلى تجديد مقترحه بخروج المقاتلين والمدنيين الراغبين بذلك. لكن هذين المقترحين «يثيران مجموعة من علامات الاستفهام» خصوصا أن المصادر الغربية تعتبر أن خطة النظام بدعم روسي هي «السيطرة على كامل حلب» وأن موسكو «لا تقبل أن يبقى شرق المدينة تحت سيطرة المعارضة المسلحة بوجود (النصرة) أو من غير وجودها». أما الحديث عن قبول موسكو لخطة دي ميستورا فتعتبره «مناورة». إضافة إلى ذلك، فإن المصادر الغربية لا تزال «متيقنة» من أن الفريق الروسي - الإيراني ومعه النظام «لا يزال ساعيا للحل العسكري» مع اعتبار أن السيطرة المطلقة على حلب توفر «دافعا رئيسيا» من أجل الاستمرار في قضم الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.
بيد أن المهم في «قراءة» المصادر الغربية أنها «لا ترى سببا» في أن تغير موسكو نهجها الحالي. فلا الضغوط السياسية والدبلوماسية التي تمارس عليها في مجلس الأمن والمحافل الأخرى ذات أثر على طريقة تعاطيها مع الحرب في سوريا ولا الخطاب الأخلاقي من طراز اتهامها بالتغطية على جرائم حرب أو حتى المشاركة في ارتكابها مفيدة في «لي ذراع» الرئيس بوتين في الشرق الأوسط. وعلى صعيد آخر، يبدو بوتين «مرتاحا» لأنه يخوض في سوريا حربا ذات «كلفة منخفضة ومردود مرتفع» كما تدل على ذلك الاتفاقية الموقعة مع النظام السوري والتي توفر له قاعدة جوية لطائراته شرق المتوسط لأجل غير مسمى. وليس من شك في أنه سيحصل على الأمر عينه فيما خص قاعدة طرطوس البحرية وبالتالي فإن الحضور العسكري الروسي في المنطقة عاد ليصبح أمرا واقعا لعدة عقود. وأخيرا، ترى هذه المصادر أن بوتين هو «سيد الروزنامة» فلا انتخابات تنتظره بعكس الرئيس الأميركي ولا معارضة تشاكسه وبالتالي فهو مطلق الحركة ولا يجد اليوم سببا يدعوه لتقديم تنازل «مجاني» في سوريا. ولذا، فإن المراهنات على «ليونة» روسية تبدو اليوم، كما كانت في الأمس، في غير محلها، بانتظار أن تحسم واشنطن خياراتها أكان ذلك على يدي الرئيس الحالي «وهو أمر مستبعد» أو على يدي الرئيسة القادمة في حال صدقت توقعات استطلاعات الرأي التي تجعل المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون النزيلة الجديدة في البيت الأبيض بدءا من أوائل العام المقبل.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.