مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى

إبراهيم محمود قال لـ«الشرق الأوسط» إن للمعارضة أسبابًا غير معلنة لرفض توقيع خريطة الطريق

مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى
TT

مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى

مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى

أبدى مساعد الرئيس عمر البشير ونائبه في الحزب إبراهيم محمود استعداد حكومته وحزبه لدفع استحقاقات السلام كاملة، بيد أنه ندد بشدة بموقف الأحزاب والحركات المعارضة من توقيع خريطة الطريق، التي اقترحتها الآلية الأفريقية المعنية بالسلام في السودان، رغم أن حكومته قدمت لها التوضيحات التي طلبتها، مشيرًا إلى أنه تلقى وعودًا غربية وبريطانية لممارسة الضغوط اللازمة على المعارضة لتوقيع خريطة الطريق في اجتماع باريس الذي يجري الآن.
وقال محمود في مقابلته مع «الشرق الأوسط» إن من يرفض الحلول السلمية للصراعات والنزاعات بعد توفير المستلزمات كافة، ويصر على أخذ الحقوق بالبندقية، أصبح في نظر كل العالم إرهابيًا، متهمًا قوى نداء السودان بأنها تخبئ أسبابًا غير معلنة لرفض توقيع خريطة الطريق للحوار الوطني السوداني، مشددا على رفض أي محاولات لإبقاء جيوش الحركات المسلحة ووجود جيشين في بلد واحد بعد اكتمال الحوار الوطني.
ووصف محمود اتهامات زعيم الإسلاميين الراحل د. حسن الترابي للنائب الأول السابق للرئيس علي عثمان محمد طه، ومساعده نافع علي نافع بالضلوع في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا بأنها «بلا قيمة»، وجدد التأكيد على أن حكومته تسعى لاستقرار جنوب السودان، لأن مصالحة لن تتحقق بزعزعة أمن واستقرار الدولة الجارة. كما سخر محمود من مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بعبوره للأجواء السودانية في جولته الأفريقية الأخيرة، ووصفه بأنه «كلام جرائد»، وقطع في ذات الوقت بوقوف السودان من حيث المبدأ مع حق الشعب الفلسطيني، وأن موقف حكومته من إسرائيل لا يقوم على العنصرية، بل يستند على المطالبة بالحقوق.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
* يعقد في باريس اجتماع بين قوى نداء السودان ودوائر فرنسية وأميركية برعاية الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، ما رأيكم فيه؟ وهل توافقون عمّا قد يخرج عنه؟
- القضية أصبحت واضحة ولا تحتاج لكثير عناء واجتماعات، فباريس شهدت هذا العام ثلاثة اجتماعات. والحديث الآن عن خريطة طريق ولم يصل بعد مرحلة توقيع اتفاق سلام. ولو أن الفرنسيين أو غيرهم رأوا أن تجميعهم للتوقيع معًا فهذا مفيد ولا مانع لدينا، لأنه آن أوان وضع حل لمعاناة المواطنين في المنطقتين واستقرار السودان، ولا يوجد سبب لهذه المفاوضات والاجتماعات الكثيرة.
خريطة الطريق تتحدث عن شيئين: «حل أي نزاع أو خلاف بالطرق السلمية، ومناقشة أي موضوع ذي صفة قومية في حوار وطني بين أصحاب المصلحة». وتنص أول فقرة عاملة في خريطة الطريق على وقف العدائيات ووقف إطلاق نار دائم بمجرد توقيعها، وقد تم الذهاب للحوار الوطني لمناقشة القضايا القومية. وهذا يجد تأييدًا من غالبية القوى السياسية بالداخل والمجتمع السوداني، ومن المؤسسات الإقليمية وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي ومجلس الأمن.
* زار مبعوث الرئيس الأميركي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث السودان بعد قطيعة، ما هي الرسالة التي أوصلها للخرطوم؟
- جاء المبعوث الأميركي لأخذ وجهة نظرنا في السلام والاستقرار وخريطة الطريق، وللوقوف على المواقف النهائية للحكومة. وكان موقفنا واضحا جدًا «خريطة الطريق ليست اتفاقًا، وحددت فيها الأشياء بصورة قاطعة لا تقبل المساومات أو الملاحق، ولدينا حوار وطني واحد وليس حوارات، ومع ذلك لا نمانع في توسيع المشاركة في الحوار لتشمل كل القوى السياسية». وسينفذ العمل الحقيقي في المرحلة القادمة في المؤتمر العام للحوار الوطني الذي تمثل فيه كل القوى السياسية الراغبة لاتخاذ القرارات، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة إعداد الدستور الدائم. ونحن على استعداد لمناقشة كيفية مشاركة القوى السياسية الراغبة في الحوار الوطني، وقطعًا لن ننتظر للأبد ونرهن مصالح الشعب لأي قوى مهما كانت. الحوار مفتوح ويقوم على مبادئ الديمقراطية والأغلبية هي التي تحدد وجهة النظر العامة. فإذا ارتضته أغلبية أهل السودان فهذا موقف ديمقراطي، والذي لا يرغب له الحرية في اتخاذ الوسائل كافة لإيصال وجهة نظره للمجتمع السوداني، وستتاح الفرصة للكل لممارسة حقوقه السياسية.
* أطلقتم لاءات قوية ضد أي تعديل لخريطة الطريق الأفريقية في الآونة الأخيرة، لكن مواقفكم أصبحت أكثر مرونة، ماذا حدث؟
- لم نطلق (لاءات) لأننا لا نتحدث عن اتفاق بل عن طريق، وحل الخلاف والصراع بالطرق السلمية، لقد قلنا إن القضايا القومية تناقش من خلال الحوار الوطني والاجتماعي الذي يشارك فيه أهل السودان، فقال هؤلاء الناس في الفترة السابقة إنهم يريدون إيضاحات تنحصر في التزامنا بخريطة الطريق والاعتراف بمخرجات اجتماعهم مع لجنة (7+7)، وقد وقعنا الخريطة وملتزمون بها، وقلنا لهم إننا معترفون بما قد يخرج عن اجتماعهم مع لجنة (7+7). ثم طلبوا تأكيد الحكومة بأن يكون الحوار شاملاً، فقلنا نحن في الأصل نسعى لحوار شامل ولهذا دعوناهم. وبعد أن أرسلنا هذه التوضيحات جاءونا بملحق وبأشياء أخرى. في تقديري هم ليس لهم استعداد الآن للسير في الطريق الواضح للسلام وللحوار الوطني، رغم أنه طريق اقتنعنا به وكل المجتمع الدولي.
* هم يطالبون بمؤتمر تحضيري واتخاذ إجراءات إثبات حسن النوايا؟
- لا يسمى هذا مؤتمرًا، بل مجرد اجتماع وقلنا على استعداد لحضوره، وهو مكتوب في خريطة الطريق. كلامهم الأول لم يكن عن اجتماع، بل عن التزام الحكومة بتنفيذ مخرجات الاجتماع، فقلنا لهم سننفذها. ونحن نرى أن هؤلاء الناس عندهم أسباب غير معلنة.
* أحد مطالب المعارضة إلحاق بقية القوى بالاجتماع التحضيري والحوار، لماذا ترفضون؟
- نحن غير رافضين، وهم اجتمعوا مع د. غازي صلاح الدين ومجموعته، ومجموعة مصطفى محمود، واتصالاتنا مستمرة مع الإمام الصادق المهدي لكن..
* هم يتحدثون عن تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض..
- نحن نتحدث عمن اجتمعوا في أديس أبابا واتفقوا على رؤى خريطة الطريق، دعونا نجلس مع من جلسوا لخريطة الطريق أولاً ثم ندعو الآخرين، لكن هل هم على استعداد للجلوس؟ فنداء السودان أصدر بيانًا رفضت فيه تسعة من أحزابه في الخرطوم خريطة الطريق، ونحن لن نجبرهم على المشاركة. أما إذا كان لديهم رغبة فليس لنا مانع.
* إذا كان الطرف الرافض مؤثرًا فأرى أن بذل الجهد معه وإقناعه مهم..
- نحن انتظرنا أربعة أشهر منذ توقيع خريطة الطريق، فإذا أقنعوهم فلا مانع لدينا.
* هذا ذلك نتاج لخلافات شكلية أكثر من كونها فعلية؟
- هم طلبوا توضيحات فوضحنا لهم، وجاءني السفير البريطاني وقال لي إن توضيحاتكم كافية، ونحن ذاهبون إليهم في باريس يوم 16 يوليو (تموز) وسيوقعون اجتماع باريس الجاري الآن. لكنهم تخلوا عن التوضيحات وانتقلوا لأشياء أخرى.
* هل أنتم على استعداد لتقديم التنازلات الفعلية اللازمة من أجل الحوار والوصول لسلام؟
- هناك أشياء مبدئية لن نتنازل عنها، فمن حيث المبدأ لا يمكن أن نتحدث عن جيش وطني، ونقبل في ذات الوقت ببقاء جيوشهم. ولا يمكن قبول جيشين في دولة واحدة للمرة الثانية. فوجود جيشين جلب لنا المشاكل الجارية الآن. فإذا كنت تريد أخذ المكاسب السياسية وتحتفظ بجيشك داخل الدولة فهذا لا يسمى تنازلاً. جربنا هذا، فمني أركو مناوي (رئيس حركة تحرير السودان الدارفورية) كان مشاركًا وجيشه موجود، ظل لسنتين ثم عاد لجيشه. نحن لا نوافق ولا المجتمع الدولي على وجود جيشين في الدولة، هي أشياء لا تقبل التنازل، ولن نقبل وجود حزب سياسي عنده جيش فيما تمارس الأحزاب الأخرى السياسة من دون جيش.
* هل التجربة السياسية السودانية شهدت مثل هذا الوضع؟
- كانت نتيجة هذه التجربة أننا رجعنا لمربع الحرب مرة أخرى – الفرقة التاسعة والعاشرة ومع مني أركو– فهل سيقبل الشعب العودة للحرب مرة أخرى بعد توقيع الاتفاق؟ فعبد العزيز الحلو (نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان) وبمجرد سقوطه في الانتخابات ذهب إلى جيشه، فإما أن يأتي بالقوة ويقهر الشعب السوداني أو يرجع لجيشه فيحارب.
* يتكلمون عن إعادة هيكلة الجيش وليس حله؟
- ليس لديهم منطق في هذا، فالقوات المسلحة تضم كل السودان، وبطبيعة الحال أهل الشرق الجزيرة الشمال لا يريدون أن يصبحوا جنودًا، فأي هيكلة يريدون؟
* هم يرون أن القوى المقاتلة من المناطق المهمشة والقيادات من المناطق التي تقف وراء التهميش!
- في هذه الحكومة كان رئيس وزير الدفاع ورئيس الأركان والنواب كلهم من دارفور، الفريق عباس عربي، إبراهيم سليمان، آدم حامد موسى. وكل هيئة الأركان في فترة من الفترات كانت من دارفور، هذه قيادات تدخل الكلية الحربية ضمن ترتيبات معينة، وهذا كلام لا يسوده أي منطق.
* وماذا إذا أصرت المعارضة على قضية اتخاذ قرارات لإبداء حسن النوايا وبناء الثقة بإتاحة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين وغيرها؟
- قدمت لهم في أغسطس (آب) 2014 خريطة الطريق للحوار، وكانوا موافقين عليها، فإذا كنت موافقًا على خريطة الطريق فماذا تريد باجتماع تحضيري. تحدثت خريطة عن مواضيع الحوار وآلياته ووافقوا عليها. طلبوا وقف إطلاق النار فأوقف، وكذا إطلاق سراح المعتقلين وأطلق سراح معتقليهم، وقدمت لهم ضمانات المشاركة. البعض حضر جلسة الحوار الافتتاحية «جماعة منصور أرباب وأبو القاسم إمام- منشقون عن حركة العدل والمساواة السودانية الدارفورية – ثم رجعوا الآن لقواتهم».
* لكن جماعة منصور أرباب رجعت بموقف..
- أنا لا أتكلم عن أسباب، بل إنهم طلبوا وقف إطلاق النار فتم، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فتم، وطلبوا ضمانات للناس فجاء بعضهم من الحركات المتمردة وحضروا الجلسة ورجعوا ولم يقبض عليهم أحد. هذه هي النقاط التي طالبوا بها عندما التقاهم غازي صلاح الدين العتباني، رئيس حركة الإصلاح الآن المنشقة من المؤتمر الوطني، وأحمد سعد عمر وزير رئاسة الوزراء عن الحزب الاتحادي الديمقراطي.
* كيف يؤثر التوتر الجاري في دولة جنوب السودان الآن على المفاوضات السودانية؟
- الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال جزء لا يتجزأ من الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب، الفرقتان التاسعة والعاشرة لهما ارتباط عضوي في مرتباتها وترتيباتها به. وهذا وضع مؤثر على السودان، لكني أرى أنه محفز على المضي قدمًا في الشمال، بل حتى المشاكل في الجنوب أرى أنها يجب أن تكون محفزًا لقطاع الشمال للمضي نحو السلام والاستقرار.
أنا على قناعة تامة بأنه لا يمكنك تحقيق أهدافك السياسية بالبندقية، فالحركة الشعبية التي بدأت عام 1983 لا بد أن تكون قد وصلت لقناعة بأن أهدافها السياسية لا يمكن تحقيقها بقوة السلاح، سيما بعد تجربتها الفاشلة في جنوب السودان.
* هم يردون عليكم الاتهام بدعم وإيواء المعارضة ومجموعة رياك مشار، بل إن المتمرد بيتر قديت نفسه يقولون: إنه موجود في الخرطوم؟
- ليس بيتر قديت، بل هناك أكثر من 500 ألف مواطن من جنوب السودان في السودان. الدعم المعروف هو الدعم الذي تقدمه حكومة الجنوب للحركات المتمردة. السودان يسعى لاستقرار جنوب السودان لأن من مصلحتنا استقراره، فنحن دولة راشدة ولا نعتقد أن مصالحنا ستتحقق بزعزعة الأمن والاستقرار في جنوب السودان، بل بالعكس فمصالحنا الاستراتيجية مرتبطة بالجنوب، ونعتقد أن مصالحنا الاقتصادية والسياسية والأمنية مربوطة باستقراره أيضًا.
* هل ترون أن البلاد تعيش أزمة اقتصادية وسياسية وأمنية تستدعي تسريع الوصول لمصالحة وطنية وتحقيق السلام؟
- لا توجد دولة في العالم ليست عندها معارضة، ونادرة بين الدول الأفريقية التي ليست لها معارضة مسلحة، لكننا نسعى لتوحيد غالبية القوى السياسية السودانية لأن هذه هي الديمقراطية. أما إذا كانوا مجموعة لا تريد السلام فسنتعامل معها بالإطار القانوني والنظامي. لقد أصبح كل العالم يعتبر الذي لا يرضى بعد توفير كل الفرص له للمشاركة وممارسة العمل السياسي ويخرج بالسلاح إرهابيًا. الذي يجري في السودان مصالحة عامة ودعوة لحوار عام ولاتفاق على مصالح استراتيجية للدولة السودانية، ومن يرفض بعد ذلك ستتخذ ضده الإجراءات القانونية ويوضع في خانة الذي يسعى لزعزعة أمن واستقرار السودان، ولا توجد دولة تسترضي «تحنس» معارضتها كما يفعل السودان.
* اقترب يوم 6 أغسطس المزمع تقديم توصيات الحوار الوطني للجمعية العمومية، فإذا أقرت التوصيات حكومة انتقالية، فهل تقبلونها؟
- هو اجتماع للجمعية العمومية التي فوضت لجنة (7+7) واللجنة التنسيقية العليا، والجمعية العمومية هي التي تحدد متى يقوم المؤتمر العام للحوار الوطني، وترتب وتمهد لقيامه، وهو الذي يملك الحق في تحديد القضايا الأساسية، ويدرس التوصيات المقدمة من اللجان دون أن يكون ملزمًا بها. ثم سيجيز وثيقة وطنية تستخلص فيها القضايا الكبرى «نظام الحكم رئاسي أم برلماني، الإدارة فيدرالية أم مركزية، الاقتصاد حر أم مختلط»، لتكون أساسًا للدستور القادم، وفي حالة اتفاقنا على نظام رئاسي يفصل الدستور كيفية اختيار رئيس الجمهورية وسلطاته، وعندما نأتي للدستور ستناقش تفاصيل أكثر، وفي القوانين فستناقش تفاصيل التفاصيل.
* زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه عبر الأجواء السودانية في زيارته الأفريقية الأخيرة، ونقلت الأمر صحف سودانية، هل سمح له بعبور الأجواء السودانية؟
- ليست لدي معلومات عن عبوره للأجواء السودانية، وهذا كلام جرائد. عداؤنا مع إسرائيل ليس عنصرية، لكنه وقوف مع حقوق شعب فلسطين وهذا موقف كثير من الدول. ليس في ديننا ولا عقيدتنا وقيمنا عداء لليهود، مشكلتنا معهم الآن اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني.
* البعض يقول إن مصالح السودان تضررت من الموقف؟
- موقفنا ليس مناوئًا لشخص أو دولة، نحن مع الحق وهو موقف معظم الدول. لماذا أتى لأفريقيا؟ لأنها ضد ما يحدث للفلسطينيين. هذا موقف مبدئي وليس موقفنا وحدنا، حتى الدول الأوروبية وداخل الشعب الأميركي هناك قطاعات كبيرة تؤيده.
* موقف السودان أكثر تشددًا حتى من دول المواجهة مثلاً؟
- كيف يقاس هذا التشدد، هل ذهبنا وحاربنا إسرائيل؟
* هي ضربت السودان؟
- أميركا ضربت السودان أيضًا، واتضح أن تقديراتها كانت خاطئة، ضربت مصنع الشفاء للأدوية باعتباره ينتج أسلحة كيماوية، وفي النهاية قالوا لا ينتجها، الاتهامات تأتي هكذا..
* لكنكم تتفاوضون مع أميركا، لماذا لا تتفاوضون مع إسرائيل باعتبار مواقفهما واحدة؟
- أميركا وإسرائيل ليسا واحدًا، فهي لا تحتل أرض شعب، ونحن نتكلم عن حقوق شعب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».