بيروت تخوض «أم المعارك» الانتخابية بين «لائحة السلطة» و«المجتمع المدني»

النتيجة تحددها نسبة المشاركة.. وتوقعات بمفاجآت إذا وصلت إلى 35 %

لبنانيون يمرون بجانب جدار عُلقت عليه صور المرشحين للانتخابات البلدية في بيروت أمس (رويترز)
لبنانيون يمرون بجانب جدار عُلقت عليه صور المرشحين للانتخابات البلدية في بيروت أمس (رويترز)
TT

بيروت تخوض «أم المعارك» الانتخابية بين «لائحة السلطة» و«المجتمع المدني»

لبنانيون يمرون بجانب جدار عُلقت عليه صور المرشحين للانتخابات البلدية في بيروت أمس (رويترز)
لبنانيون يمرون بجانب جدار عُلقت عليه صور المرشحين للانتخابات البلدية في بيروت أمس (رويترز)

تتجه أنظار اللبنانيين عامة والبيروتيين خاصة إلى الانتخابات البلدية في العاصمة بيروت، التي تخوض «أم المعارك» بين لائحتين أساسيتين، الأولى تجمع كل أحزاب السلطة باستثناء ما يسمى «حزب الله» الذي اقتصرت مشاركته على الانتخابات الاختيارية بالتحالف مع «تيار المستقبل»، والثانية تضم مرشحين من المجتمع المدني، إضافة إلى لائحة ثالثة غير مكتملة يرأسها الوزير السابق شربل نحاس.
ويشير المدير العام لشركة «ستاتيستيكس ليبانون» ربيع الهبر، إلى أن «اللائحتين الرئيسيتين المتنافستين تستنهضان الشارع، وتعكس المعركة الانتخابية الحالية تعطش الناس إلى الديمقراطية». وتوقّع الهبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حصول معركة انتخابية في بيروت، لا سيما إذا سجلت نسبة مشاركة مرتفعة، وهو ما ليس مستبعدا، مشيرا إلى أن الحماسة لدى البيروتيين الناتجة عن تعدد اللوائح التي تخوض المعركة قد تؤدي إلى خرق «بيروت مدينتي» لـ«لائحة البيارتة»، لا سيما إذا وصلت نسبة المشاركة إلى 35 في المائة.
كذلك، وفي توقعات إمكانية خرق «لائحة بيروت مدينتي» لائحة السلطة التي تجمع كل الأحزاب، قال رئيسها إبراهيم منيمنة لـ«الشرق الأوسط»: «في العام 2010 سجل مشاركة 19 في المائة، كان 15 في المائة منها فقط لصالح لائحة الأحزاب، ونحن اليوم نعوّل على المشاركة الكثيفة التي تظهر التقديرات إحداث خرق أكيد، وقد تصل إلى الفوز إذا وصلت المشاركة إلى 35 في المائة وما فوق».
في المقابل، لفت النائب عن بيروت في «تيار المستقبل»، عمار حوري، إلى أن نسبة مشاركة اللبنانيين في الانتخابات البلدية تكون بشكل عام منخفضة، متوقعا أن تتقارب هذا العام في بيروت مع الدورة السابقة في العام 2010. مضيفا: «ندخل في المعركة بكل قوانا ونأمل المشاركة الواسعة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الديمقراطية تسمح لكل الناس بالترشح، وهذا من حق الجميع وعلى الناخب الاختيار في النهاية». مضيفا: «بالنسبة إلينا هي معركة ميثاقية لها رمزيتها في تأكيدها على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والعيش المشترك بين مختلف الطوائف، إضافة إلى التنوّع الذي يجمع كل القوى السياسية التي ستعمل معا لتطوير العمل الإنمائي في بيروت».
وقد توحّدت الأحزاب اللبنانية في «لائحة البيارتة» وتجند ممثلوها للترويج لها، وهو الأمر الذي شكّل صدمة حتى في أوساط مناصري الأحزاب أنفسهم والناشطين اللبنانيين. وخير مثال على جمع التناقضات، كان التحالف بين «المستقبل» والتيار الوطني الحر، بعدما كان الأخير بنى معركته ضد خصمه وحليفه اليوم على مواجهة ما يسمى «مشروع سوليدير» وإذا به يخوض المعركة في صف واحد مع مدير عام الشركة، الذي يترأس اللائحة، جمال عيتاني.
وفي حين تضم «لائحة البيارتة» 6 شخصيات من أصل 24 مرشحا، هم أعضاء في البلدية الحالية، تضم حملة «بيروت مدينتي» 24 مرشحة ومرشحًا، مناصفة بين النساء والرجال، في أوّل تجربة في تاريخ الانتخابات البلدية في بيروت.
وكان رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي يقوم بجولات انتخابية في عدد من المناطق البيروتية لحث الناس على الانتخاب لصالح «البيارتة»، قد تولّى مهمة الإعلان عن اللائحة بحضور نواب بيروت، ممثلين مختلف الأحزاب، واصفا إياها بأنها «لائحة العيش المشترك والمناصفة الحقيقية»، مشيرا إلى أنها عبارة عن «توافق أهل بيروت لإعمار بيروت وإنمائها ووحدتها وكرامتها»، ومؤكدا أنها تمثل كل الأحزاب.
كما أعلن رئيس اللائحة جمال عيتاني برنامجها، الذي يرتكز على العمل لتكون «بيروت نظيفة وخضراء» والعمل على حل أزمة النفايات وتأهيل المسابح الشعبية، وزيادة المساحات الخضراء، وإيجاد حلول لأزمات المياه والكهرباء والسير، إضافة إلى تحسين وضع المستشفيات والمستوصفات والمدارس الرسمية. كما أكد برنامج «البيارتة» على ضرورة العمل على تشجيع المشاريع الثقافية والمحافظة على المباني الأثرية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.