تحرك في أميركا اللاتينية لضبط توسع ذراع إيران {حزب الله}

بدأ تكثيف أنشطته عبر العالم بعد التدخل الروسي في النزاع السوري

موالون لحزب الله يحملون رايات وصور حسن نصر الله في انتظار عودة مقاتلين من بلدتي الفوعة وكفريا على متن طائرة تركية في مطار بيروت في 29 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
موالون لحزب الله يحملون رايات وصور حسن نصر الله في انتظار عودة مقاتلين من بلدتي الفوعة وكفريا على متن طائرة تركية في مطار بيروت في 29 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تحرك في أميركا اللاتينية لضبط توسع ذراع إيران {حزب الله}

موالون لحزب الله يحملون رايات وصور حسن نصر الله في انتظار عودة مقاتلين من بلدتي الفوعة وكفريا على متن طائرة تركية في مطار بيروت في 29 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
موالون لحزب الله يحملون رايات وصور حسن نصر الله في انتظار عودة مقاتلين من بلدتي الفوعة وكفريا على متن طائرة تركية في مطار بيروت في 29 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

كشفت أجهزة الاستخبارات المكسيكية أخيرا، بالتعاون مع نظيرتها الكندية، عن رصد تحركات لحزب الله بدعم إيراني في منطقة أميركا اللاتينية، وحددت أماكن تغلغله، التي شملت فنزويلا، والمكسيك، ونيكاراغوا، وتشيلي، وكولومبيا، وبوليفيا، والإكوادور، بالإضافة للمنطقة التي ينشط فيها الحزب وهي منطقة المثلث الحدودي بين باراغواي والأرجنتين والبرازيل.
وجاءت هذه التحركات عقب التدخل الروسي في النزاع السوري، مما منح حزب الله ومقاتليه راحة نسبية، وجعله يلتقط أنفاسه في خضم الصراع الدائر هناك.
وأوضح جورج شايا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر في جامعة بوينس آيرس الأرجنتينية، أن حزب الله، برعاية إيرانية، سوف يرسم خطة انتشار جديدة، وذلك لأن التدخل الروسي واستخدام السلاح المتطور في الصراع السوري والوجود العسكري الإيراني قلل من استخدام المقاتلين التابعين لحزب الله على الأرض. وبالتالي فإن الوجود العسكري للحزب سيبدأ في التقلص تدريجيا، وهو ما يمهد لإعادة انتشار جديدة في أميركا اللاتينية وعبر العالم، لمرحلة ومهام جديدة. وأضاف شايا في إشارة إلى التدخل الروسي أنه سيكون بمثابة أنبوب أكسجين سيمتد إلى الجماعات المسلحة التابعة لإيران، لكي توسع نفوذها ويوكل لها مهام جديدة.
ويرى الكثير من المحللين أن الوجود الإيراني ووجود حزب الله في المنطقة يرجع إلى العلاقات الوطيدة بين إيران وفنزويلا، التي أصبحت نقطة ارتكاز في أميركا اللاتينية، يتحرك منها عناصر حزب الله وعناصر الحرس الثوري الإيراني.
وجاء التحذير الأخير بعد أن ألقت السلطات في المكسيك القبض على مواطن لبناني موال لحزب الله على الحدود الأميركية - المكسيكية، وبحوزته أوراق ثبوتية مزورة ومواد مخدرة. ولم تفصح السلطات عن اسم المواطن، وذلك للحصول على معلومات منه عن أنشطة الحزب هناك، في إطار برنامج حماية الشهود الذي يتيح تعاون المتهم مع السلطات.
وبحسب اعتراف المتهم الذي القي القبض عليه، فإنه كان يتبع لجهاز الحرس الثوري الإيراني وكانت مهمته هي جمع المعلومات عن أعداء الدولة الإيرانية، حسب قوله. وطبقا لمصادر تابعة لوكالة الأمن الكندية والاستخبارات المكسيكية، فقد تم رصد مجموعات تابعة لحزب الله بدأت بالفعل في العمل على الأرض. ومن بين هذه المجموعات التي سمتها المصادر: «فرع جماعة عباس الموسوي»، و«فرع جماعة عماد مغنية». وأشارت وسائل إعلام إلى أنه عند استجواب المواطن اللبناني قال إن هدف هذه الجماعات هو رصد المصالح التي تهدد إيران في عدد من دول العالم للتحضر لضربها.
في سياق متّصل، نشرت وسائل إعلام أرجنتينية تفاصيل عن حجم الوجود العربي في منطقة المثلث الحدودي بين الأرجنتين وباراغواي والبرازيل تفيد بانتشار نحو خمسين ألف عربي، نصفهم تقريبا من الطائفة الشيعية، وهم يتحركون بسهولة في هذه المنطقة نظرا لحجم التجارة الموجودة هناك.
ويتزامن هذا الطرح مع الصخب الذي يدور في الصحافة اللاتينية عن وجود حزب الله في هذا المثلث الحدودي، والذي يعتبرونه بمثابة عاصمة أخرى للحزب هناك، حيث يعد شريانا مهما لتصدير أموال تذهب سنويا لتمويل أنشطته.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».