الولايات المتحدة تتراجع وتبقي على الأسد حتى بداية 2017

جدول زمني لعملية سياسية في سوريا تبدأ الشهر المقبل بفترة انتقالية مدتها 18 شهرًا

رجل من بلدة دوما بريف دمشق يجمع الخشب من ركام الأبنية المدمرة للتدفئة في ظل شح مواد الوقود (أ.ف.ب)
رجل من بلدة دوما بريف دمشق يجمع الخشب من ركام الأبنية المدمرة للتدفئة في ظل شح مواد الوقود (أ.ف.ب)
TT

الولايات المتحدة تتراجع وتبقي على الأسد حتى بداية 2017

رجل من بلدة دوما بريف دمشق يجمع الخشب من ركام الأبنية المدمرة للتدفئة في ظل شح مواد الوقود (أ.ف.ب)
رجل من بلدة دوما بريف دمشق يجمع الخشب من ركام الأبنية المدمرة للتدفئة في ظل شح مواد الوقود (أ.ف.ب)

لا يتوقع أفضل سيناريو لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لعملية تنحي بشار الأسد عن رئاسة البلاد قبل مارس (آذار) 2017، أي بعد نهاية رئاسة أوباما بما لا يقل عن شهرين.
ويحدد جدول زمني داخلي أعده المسؤولون الأميركيون الذين يتعاملون مع الأزمة السورية، موعدا غير محدد في شهر مارس 2017 كي «يتخلى» الأسد عن منصبه كرئيس للبلاد وتغادر «دائرته الداخلية» البلاد. وسيكون ذلك بعد خمس سنوات من المرة الأولى التي دعا أوباما فيها الأسد للرحيل.
ويستند الجدول الزمني وفقا لوثيقة حصلت وكالة أسوشيتد برس عليها، إلى خطة واسعة أقرتها الأمم المتحدة كانت قد طُرحت في بادئ الأمر في مؤتمر دولي في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وستُجري سوريا، وفقا لهذه الاستراتيجية، انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في أغسطس (آب) 2017، أي بعد نحو 19 شهرا من الآن. وفي هذه الأثناء، ستدير سوريا هيئة حكم انتقالية.
إلا أن هناك عقبات لا حصر لها تنتظر تنفيذ الخطة الأخيرة التي ترمي لإنهاء خمس سنوات من الصراع الذي أودى بحياة أكثر من رُبع مليون شخص، وخلق أسوأ أزمة لجوء في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وسمح لتنظيم داعش بإقامة الخلافة المزعومة في أجزاء من العراق وسوريا.
وترى الوثيقة أنه إذا خمدت التوترات السعودية - الإيرانية الحالية، وإذا تحقق السلام بين الحكومة السورية والمعارضة عبر المحادثات المقرر إجراؤها في وقت لاحق هذا الشهر، فإن التحدي الأكبر للجدول الزمني الأميركي، أن هناك بعض العراقيل التي لم يتفق عليها حتى الآن، لا سيما تلك البنود المتعلقة برحيل الأسد.
يرفض الأسد بحزم التنحي عن منصبه ما دام التهديد الإرهابي لبلاده - كما يراه - قائما. ولم يقدم الجدول الزمني أي تفسير دقيق لكيفية مغادرة الأسد ولا لطبيعة مستقبله بعد الرئاسة. كما أن داعمتيه الرئيسيتين - روسيا وإيران - تقاومان كافة الجهود المبذولة من جانب القوى الخارجية لتحديد القيادة المستقبلية في سوريا، وتصران على أن هذا القرار متروك للشعب السوري. وربما تعارض روسيا وإيران مطالبة الجدول الزمني الأميركي الأسد بالتنحي قبل ستة أشهر من الموعد المقرر لإجراء الانتخابات في البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، تريد المعارضة السورية رحيل الأسد في أسرع وقت ممكن. وربما ترى المعارضة وحلفاء الولايات المتحدة مثل السعودية وقطر وتركيا، الموقف الأميركي بمثابة خيانة لها.
وتسعى الولايات المتحدة لتحقيق التوازن بين اعتبارات كثيرة في سعيها لإخماد العنف في سوريا وإحراز عدة أهداف استراتيجية. وتتمثل أولويتها القصوى الآن في استئصال تنظيم داعش من مقره الرئيسي في شمال سوريا.
ومع ذلك، يعد الرئيس أوباما وغيره من المسؤولين منذ سنوات بإنهاء قبضة عائلة الأسد على زمام الحكم في سوريا طوال 45 عاما، بحجة أن الزعيم الذي يستخدم البراميل المتفجرة والغاز السام ضد شعبه يفقد شرعيته. ويمكن لتخليص سوريا من الأسد أن يقود لتجريد إيران من الحصول على موطئ قدم في قلب العالم العربي، ويغير المعادلة الأمنية للدول المجاورة مثل إسرائيل ولبنان وتركيا بشكل دراماتيكي. وخلال الأشهر الأخيرة، تراجعت واشنطن وحلفاؤها في العواصم الأوروبية عن المطالبة برحيل الأسد من السلطة فورا في ظل سيطرة «داعش» على أراض في المنطقة، وتحولت الأولوية لهزيمة التنظيم المسلح.
ويبين الجدول الزمني، مهما يكن طموحا، مدى عزم الدبلوماسيين وصانعي القرار الأميركيين على تحديد خطة خروج للأسد، وعدم السماح لـ«داعش» والجماعات المتطرفة الأخرى السماح له بتشبثه بالسلطة إلى أجل غير مسمى.
وتحدد الوثيقة التي حصلت وكالة أسوشيتد برس عليها عملية سياسية جديدة في سوريا الشهر المقبل، حيث تبدأ فترة انتقالية مدتها 18 شهرا، تكون متسقة مع الخطة التي أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي. وحدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يوم 25 يناير (كانون الثاني) موعدا لبدء محادثات السلام بين الحكومة والمعارضة في جنيف.
ويتصور الجدول الزمني الأميركي توقيع مجلس الأمن على إطار للمفاوضات بين ممثلي الأسد والمعارضة، ما يؤدي إلى تشكيل لجنة أمنية في أبريل (نيسان). وهذا سيكون مصحوبا بعفو لبعض أعضاء الحكومة والجيش، وقادة ومقاتلي المعارضة المعتدلة. وعندئذ تتشكل هيئة الحكم الانتقالي.
وفي مايو (أيار)، ينحل البرلمان السوري، وفقا للجدول الزمني. ويعترف مجلس الأمن بالسلطة الانتقالية الجديدة ويحدد الخطوات التالية للمرحلة الانتقالية. وتتضمن تلك الخطوات إجراء إصلاحات سياسية كبيرة، وترشيح مجلس تشريعي مؤقت، وانعقاد مؤتمر دولي للمانحين لتمويل الانتقال وإعادة الإعمار في سوريا.
وخلال الأشهر الستة التالية، يكرس شهر نوفمبر 2016، عندما يجري انتخاب خليفة أوباما، لجوانب صياغة دستور جديد. وسيحصل الشعب السوري على فرصة للتصويت على تلك الوثيقة في استفتاء شعبي يجرى في يناير 2017، وفقا للجدول الزمني.
عندها فقط تكون الخطة قد أدت إلى ما تصفه واشنطن بالسبب الجذري للصراع بأكمله ولخطر التهديد المتطرف المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وما وراءها: نهاية حكم الأسد في سوريا.
في مارس 2017، يقول الجدول الزمني: «يتخلى الأسد عن الرئاسة، وترحل دائرته الداخلية».
وتتولى الحكومة السورية الجديدة كامل الصلاحيات من الهيئة الانتقالية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أغسطس (آب).

* خدمة {واشنطن بوست}
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.