مسؤول عراقي كبير: المسؤولون عن القرار الأول غير مؤمنين بموضوع المصالحة الوطنية

قال إن سياسة العبادي لا تختلف عن سلفه المالكي في تهميش السنة والأكراد

مسؤول عراقي كبير: المسؤولون عن القرار الأول غير مؤمنين بموضوع المصالحة الوطنية
TT

مسؤول عراقي كبير: المسؤولون عن القرار الأول غير مؤمنين بموضوع المصالحة الوطنية

مسؤول عراقي كبير: المسؤولون عن القرار الأول غير مؤمنين بموضوع المصالحة الوطنية

عبر مسؤول عراقي كبير عن عدم تفاؤله بالعملية السياسية في العراق، واصفا الأوضاع بـ«السيئة للغاية»، وأن «الأمور تجري مثلما كانت في عهد رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي»، مشيرا إلى أن «هناك إصرارا واضحا على أن تبقى الأمور على ما هي عليه دون تقدم من أجل مصلحة جماعة وحزب معين».
وقال المسؤول العراقي، وهو زعيم كتلة سياسية مهمة، لـ«الشرق الأوسط» في لندن خلال زيارة قصيرة للعاصمة البريطانية أمس «كنا نتوقع أن تتغير الأمور مع رئاسة حيدر العبادي للحكومة، لكنه للأسف يسير على نهج سلفه المالكي كونه زعيمه حزبيا (حزب الدعوة) ويستمع لإرشاداته خاصة في ما يتعلق بموضوع الثقة بين الأطراف السياسية العراقية»، مشددا على أن «العراق لم يتخلص حتى اليوم من حكم الحزب الواحد والجماعة الواحدة والطيف الواحد».
وأضاف المسؤول العراقي، الذي فضل عدم ذكر اسمه «لأسباب تتعلق بمساعيه في ملف المصالحة الوطنية»، قائلا إن «ما زاد المشهد العراقي تعقيدا هو تمدد (داعش) وانفراد حزب الدعوة تحديدا بالقرار الأمني، وتعاظم سيطرة الميليشيات الشيعية في الشارع العراقي بدعم واضح من إيران»، منبها إلى أن «هذه الميلشيات تشكل خطرا كبيرا على الحكومة ورئيسها بالدرجة الأولى وعلى الشيعة أنفسهم وعلى المواطن العراقي الذي يجد نفسا كل يوم محاصرا بالإرهاب». وقال «الأحزاب الشيعية نفسها اليوم منقسمة، بدليل أنهم لم يتوصلوا حتى الآن لرئيس تحالفهم الوطني، وأن التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى، بزعامة عمار الحكيم، يشكلان اتجاها وطنيا وسطيا بينما تشكل الميليشيات الشيعية المسلحة، مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق وحزب الله العراقي، تيارا متطرفا يهدد الأمن الوطني وبدعم إيراني واضح»، موضحا أن «الحشد الشعبي تمت مصادرته من قبل الميليشيات، وبات قرار الحشد بيد جهات مسيسة معينة ومعروفة ولها أجنداتها الخاصة التي لا تخدم الوضع الأمني ولا المصالحة الوطنية ولا بناء مؤسسات الدولة».
وأشار المسؤول العراقي إلى أن «القرار الأمني والعسكري بيد جهة واحدة وهي حزب الدعوة، ففي عهد المالكي كان هناك ما يسمى بمكتب القائد العام الذي يترأسه المالكي ولا يشاركه فيه أي من السنة أو الأكراد، وجاء العبادي وحل هذا المكتب وشكل ما يسمى بمجلس الأمن أو الهيئة الأمنية التي تضم أفرادا محددين من حزب الدعوة وبرئاسة العبادي، وأيضا لا يوجد في هذا المجلس أي ضابط سني أو كردي، بل إن وزير الدفاع، خالد العبيدي، ورئيس أركان الجيش، بابكر زيباري، غير مشاركين في القرار الأمني أو العسكري»، مشيرا إلى أن «رئيس الحكومة يدعم بقوة الحشد الشعبي، وهو مؤسسة ليست شرعية قانونيا، بينما يتم إهمال الجيش العراقي في سبيل تشكيل جيشين، الجيش الرسمي وجيش الحشد الشعبي على غرار الحرس الثوري الإيراني، وهذه كلها خطط إيرانية، كون أنه لإيران خاصة قاسم سليماني نفوذ مؤثر في القرار العسكري والسياسي العراقي، وهذا أخطر ما في الأمر».
وفي ما يتعلق بملف المصالحة الوطنية التي يسعى الرئيس العراقي فؤاد معصوم للعمل على تحقيقها، قال المسؤول العراقي «نتمنى كل التوفيق للأخ الرئيس فؤاد معصوم ويدنا بيده، لكننا نتساءل: كيف تتحقق المصالحة الوطنية في ظل غياب الثقة بين جميع الأطراف؟ فالسياسيون الشيعة لا يثقون بالسنة، كل السنة، سواء كانوا سياسيين أم غير سياسيين، والسياسيون السنة لا يثقون بأقرانهم من الشيعة الذين في الحكم، والحكومة ما زالت تعزل الأكراد ولا تعتبرهم شركاء حقيقيين في الدولة وتتنصل عن تحقيق الاتفاقات التي تبرم مع قيادة إقليم كردستان».
وأضاف قائلا «للأسف أن سيناريو اتفاق أربيل الذي أبرم بين الكتل السياسية والمالكي في 2010 والذي على أساسه تشكلت الحكومة السابقة يعاد تنفيذه اليوم، إذ تنصل المالكي عن ذاك الاتفاق، واليوم وبعد أن وافقت الكتل السياسية على البرنامج الحكومي الذي وضعه العبادي، فإننا نلمس بوضوح تنصل رئيس الوزراء عن تنفيذ هذا البرنامج خاصة في ملفات قانون الحرس الوطني والمساءلة والعدالة الذي يتعلق باجتثاث البعث، والعفو العام، والتوازن في المؤسسات الأمنية والعسكرية وبقية وزارات الدولة»، منوها بأن «كتلة دولة القانون وحزب الدعوة، بزعامة المالكي، وأطراف بارزة في التحالف الوطني، باستثناء التيار الصدري والمجلس الأعلى، لا يؤمنون بموضوع المصالحة الوطنية، ويطرحوه كشعار لتهدئة الخواطر، بينما في الواقع يعملون ضد هذه المصالحة تماما ويريدون إبقاء الأوضاع مثلما هي». وحول تمدد «داعش» في العراق، قال المسؤول العراقي «الجميع يعرف من هو المسؤول عن دخول (داعش) إلى الموصل، ومن ثم تمدده إلى بقية المحافظات، وأخيرا احتلاله الرمادي، لكن القيادة العسكرية لا توجه أصابع الاتهام للمسؤولين، والبرلمان لا يجرؤ على استدعاء المسؤول الأول والتحقيق معه، وبالتأكيد فإن المسؤول الأول هو القائد العام للقوات المسلحة وقتذاك، لكننا فوجئنا بأن البرلمان يلقي اللوم على محافظ نينوى أثيل النجيفي الذي لم يكن يستطيع أن يحرك شرطيا واحدا في نينوى».
وأكد المسؤول العراقي أن «ما يسمى بالمشاركة السياسية أو الحكومية هو دعاية إعلامية فقط، نعم أن رئيس البرلمان سليم الجبوري، ووزير الدفاع، وأحد نواب رئيس الجمهورية (أسامة النجيفي)، وأحد نواب رئيس الوزراء (صالح المطلك)، هم من السنة، لكن هؤلاء لا يستطيعون التدخل في القرار الأمني أو العسكري، بينما يقود هادي العامري جيشا كبيرا اسمه الحشد الشعبي، ورئيس أركان الجيش وهو من الإخوة الأكراد لا يستطيع تحريك دبابة واحدة من مكانها، فأي مشاركة هذه يتحدثون عنها؟»، داعيا إلى «التخلي عن سياسات التهميش والإقصاء وإلا فإن العراق سيمضي إلى المزيد من الانحدار نحو الهاوية».



«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة»، فيما قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.

«لا يعكس حجم الفظائع»

من جهتها، قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين على منصة «إكس»: «احتاجت منظمة العفو الدولية إلى أكثر من عامين للحديث عن جرائم حماس الشنيعة، وحتى الآن لا يعكس تقريرها إلى حد بعيد حجم الفظائع المروعة لحماس»، متهماً المنظمة الحقوقية بأنها «منظمة منحازة».


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.


الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)

حذّرت الأمم المتحدة من اتساع غير مسبوق في رقعة الاحتياجات الإنسانية باليمن خلال العام المقبل، مؤكدة أن البلاد تتجه نحو إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ما لم يتوفر التمويل العاجل لخطة الاستجابة.

وأظهر أحدث البيانات الأممية أن 23.1 مليون يمني (نحو ثلثي السكان) سيحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة، في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لتمويل خطة لن تصل إلا إلى أقل من نصف هذا العدد.

وجاء هذا التحذير في سياق نداء تمويلي جديد شددت فيه الأمم المتحدة على أن خطة الاستجابة للعام المقبل ستستهدف فقط 10.5 مليون شخص، وأن التدخلات ستركز بشكل صارم على الجوانب الأشد إلحاحاً، مثل منع المجاعة، وعلاج سوء التغذية، واحتواء تفشي الأمراض، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات.

إلا إن الخطة لم تقدم توضيحات بشأن كيفية تنفيذ الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد قيوداً متصاعدة، بعد أن أغلقت الجماعة مكاتب تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، واعتقلت العشرات من موظفيها، بينهم 59 موظفاً أممياً.

23.1 مليون يمني سيكونون دون مساعدات مع حلول العام الجديد (إعلام محلي)

وفي سياق استعراضها الأوضاع، أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الصراع، وتدهور الاقتصاد، والصدمات المناخية، إلى جانب القيود المفروضة على الوصول الإنساني، ونقص التمويل... كلها عوامل عمّقت الاحتياجات الإنسانية بدرجة غير مسبوقة.

وكشفت بيانات خطة الاستجابة عن وجود 18.1 مليون شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 5.8 مليون شخص يعيشون مستويات جوع طارئة، و40 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة المباشرة.

كما يعاني 2.5 مليون طفل دون الخامسة و1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وسط تراجع كبير في برامج التغذية والدعم الغذائي خلال الأشهر الماضية.

تفاقم انهيار الخدمات

أوضحت الأمم المتحدة أن الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والمياه، والصرف الصحي، والمأوى... تعرضت لانهيار كبير خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أن 8.41 مليون شخص يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فيما يعيش 15 مليوناً في ظل انعدام الأمن المائي، ويُحرم 17.4 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي والنظافة.

كما تسبب ضعف البنية الأساسية والاجتماعية في زيادة الاحتياج إلى خدمات الحماية لأكثر من 16 مليون شخص، بينهم 4.7 مليون نازح داخلي يتوزعون على مئات المخيمات ومواقع النزوح، إلى جانب 6.2 مليون شخص (غالبيتهم نساء وفتيات) يحتاجون إلى خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

1.3 مليون يمنية يواجهن سوء التغذية الحاد مع تراجع الدعم الدولي (إعلام محلي)

ويضاف إلى ذلك 2.6 مليون طفل خارج المدرسة؛ بسبب النزوح، والفقر، والتدهور المستمر في البنية التعليمية، فيما تأثر أكثر من 1.5 مليون شخص بالصدمات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف خلال العام الحالي.

وتوضح هذه المؤشرات أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يُتعامل معه بحزمة عاجلة من التمويل والتدخلات الميدانية، مع رفع القيود التي تعرقل وصول المساعدات إلى الفئات الأضعف.

قيود الحوثيين

ومنذ أغسطس (آب) الماضي، تضاعفت القيود التي يفرضها الحوثيون على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى في مناطق سيطرتهم، حتى وصلت إجراءاتهم إلى اقتحام مكاتب أممية ومصادرة أصولها وإغلاقها؛ مما أدى إلى توقف برامج أساسية، مثل «برنامج الأغذية العالمي» الذي كان يوفر مساعدات لنحو 13 مليون يمني.

وتقول الأمم المتحدة إن هذه الإجراءات حرمت ملايين اليمنيين من التدخلات الأساسية، خصوصاً مع تقييد حركة العاملين الإنسانيين واعتقال موظفين أمميين منذ فترات طويلة دون إجراءات قانونية.

الحوثيون أغلقوا مكاتب الأمم المتحدة واعتقلوا 59 من موظفيها (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الإعراب عن «قلقه البالغ» من استمرار احتجاز الحوثيين 59 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات العاملين في منظمات غير حكومية وبالمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إن المحتجزين يخضعون للعزل عن العالم الخارجي؛ «بعضهم منذ سنوات»، دون أي إجراءات قانونية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يكفل لهم الحصانة، خصوصاً بشأن مهامهم الرسمية.

ودعا دوجاريك سلطات الحوثيين إلى التراجع عن إحالة هؤلاء الموظفين إلى محكمتهم الجنائية الخاصة، والعمل فوراً وبحسن نية على الإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والسلك الدبلوماسي.

وأكد أن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة دعم الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية «وفق مبادئ الحياد وعدم التحيز»، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها في البلاد.