الغارة الأميركية: أم سياف كانت هدف العملية التي أدت إلى قتل زوجها

تورطت في تعذيب وقتل عاملة الإغاثة كايلا مولر

كايلا مولر عاملة الإغاثة الأميركية قتلها تنظيم داعش فبراير الماضي («الشرق الأوسط»)
كايلا مولر عاملة الإغاثة الأميركية قتلها تنظيم داعش فبراير الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

الغارة الأميركية: أم سياف كانت هدف العملية التي أدت إلى قتل زوجها

كايلا مولر عاملة الإغاثة الأميركية قتلها تنظيم داعش فبراير الماضي («الشرق الأوسط»)
كايلا مولر عاملة الإغاثة الأميركية قتلها تنظيم داعش فبراير الماضي («الشرق الأوسط»)

كشفت مصادر أميركية مطلعة أن زوجة أبو سياف (أم سياف) التي اعتقلت في العملية الأميركية التي استهدفت زوجها القيادي التونسي أمير النفط والغاز في التنظيم الإرهابي، تعرف معلومات مهمة عن عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر التي أسرت وعنفت وقتلت على يد التنظيم في شهر فبراير (شباط) الماضي.
وأوضحت المصادر الأميركية أن أم سياف قد تكون بحوزتها معلومات مهمة تتعلق بالأسيرة الأميركية الوحيدة كايلا مولر (26 عامًا) التي تعرضت للتعذيب والقتل على أيدي التنظيم الإرهابي. بينما قالت مصادر عراقية إن أم سياف التي اعتقلت وقتل زوجها خلال عملية خاصة للقوات الأميركية داخل الأراضي السورية السبت الماضي، كانت أكبر متاجرة ببيع وشراء الفتيات الإزيديات.
وأبلغ أحد المسؤولين المطلعين بملفات مكافحة الإرهاب شبكة «إيه بي سي» الإخبارية أمس، أنهم كانوا يشكون ولفترة طويلة منذ العام الماضي بأن أبو سياف كان من قادة «داعش» البارزين، رغم أنه غير مطلوب أميركيا، ولا توجد على رأسه مكافأة للإبلاغ عنه، بينما أفادت تقارير بأن التنظيم الإرهابي قد منح أبو سياف السيدة موللر كزوجة قسرية أو جارية من جواريه. وفي يوم السبت الماضي، لم تعلق الناطقة الرسمية باسم إنفاذ القانون ولا البيت الأبيض عن تلك «التكهنات».
وعلقت مصادر للأصوليين في لندن لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن «كايلا موللر الرهينة الغربية أعطيت لأبي سياف كسبي أو زوجة، وهو شيء متعارف عليه بين أنصار الجماعات المتطرفة، حيث تهدى النساء إلى قيادات الجماعة المتطرفة، وقد تم تحرير امرأة إيزيدية كانت تخدم كجارية لدى الزعيم الإرهابي المقتول، وهي ضمن الهدايا التي أهديت إليه من زعيم التنظيم».
وكانت واشنطن أكدت مقتل موظفة الإغاثة كايلا مولر، التي كانت محتجزة لدى تنظيم «داعش» في سوريا فبراير الماضي، بينما أعلن تنظيم داعش إنها قتلت في غارة جوية أردنية، دون تقديم إثبات. وتقول وزارة الدفاع الأميركية من جانبها إن «ما من شك» بأن التنظيم هو الذي قتلها.
وقال الأدميرال جون كيربي الناطق باسم البنتاغون إن «المسؤولين الأميركيين لم يتوصلوا بعد إلى الطريقة التي قتلت بها كايلا مولر».
وقال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، راثيا مولر إنها «تمثل أفضل ما في أميركا».
وكشف تقرير لمحطة «سي بي أس»، أمس، إلى أن أم سياف زوجة الزعيم الداعشي «لعبت دورًا مهمًا» في أنشطة «داعش» الإرهابية، إضافة لمشاركتها في تعذيب وقتل عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر.
وتحتجز القوات الأميركية أم سياف في مكان آمن بالعراق، ويتوقع أن يستجوبها فريق تحقيق رفيع المستوى، وفقًا لمصادر أميركية.
وأكدت عائلة مولر مقتل ابنتهم، في 10 فبراير الماضي، بعد أن تلقت العائلة رسالة إلكترونية مع ثلاث صور لجثتها، وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» حينها، أن الصور أظهرت كدمات على الوجه».
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، يوم السبت، مقتل القيادي البارز في تنظيم داعش أبو سياف، نتيجة عملية خاصة للقوات الأميركية داخل سوريا.
وقال البنتاغون إن «أبو سياف كان مسؤولاً عن العمليات المالية والإدارية للتنظيم الإرهابي، وأن العملية تمت بناء على توجيهات الرئيس الأميركي باراك أوباما».
وأوضح البنتاغون أنه تم اعتقال زوجة أبو سياف حيث تعتبر عنصرًا قيمًا من عناصر المعلومات وتحتجز حاليًا في إحدى المواقع الآمنة بالعراق في انتظار وصول فريق من المحققين المتخصصين لاستجوابها في وقت لاحق.
من جهتها، كشفت صحيفة «واشنطن بوست»، أول من أمس، عن تفاصيل أكثر للغارة الأميركية التي نفذتها قوات أميركية في دير الزور شرق سوريا وانتهت باعتقال زوجة القيادي في تنظيم داعش أبو سياف، بالإضافة إلى مقتل أبو سياف وعدد آخر من المسلحين.
وقالت الصحيفة: «إن القوة الأميركية عثرت على كثير من الموجودات داخل منزل أبو سياف، منها أجهزة كومبيوتر محمول، وهواتف خلوية، وتحف أثرية، ومقتنيات تاريخية من بينها الكتاب المقدس للآشوريين وقطع نقدية عتيقة».
وتتابع الصحيفة: «إن القوات الأميركية التي نفذت العملية قامت بتحرير فتاة إيزيدية عراقية شابة كانت تعمل في منزل أبو سياف وزوجته، وهي على ما يبدو فتاة استعبدها التنظيم عقب سيطرته على المناطق الإيزيدية شمال العراق، حيث تم بيع العشرات منهم كسبايا». وقالت مصادر أميركية إن «المترجم العراقي الذي رافق عناصر (دلتا) كان يسأل لدى نزوله من طائرة الهليكوبتر عن أم سياف قبل اندلاع المواجهات مع المتطرفين».
وأكدت «واشنطن بوست»، أن «القوة الأميركية قامت بنقل الفتاة الإيزيدية مع زوجة أبو سياف إلى قاعدة في العراق، حيث تم تنفيذ العملية فجر السبت، مشيرة إلى أن الطائرة التي نقلت زوجة أبو سياف والفتاة الإيزيدية، وهي من نوع بلاك هوك، كانت مليئة بآثار الرصاص».
وهذه هي العملية الثانية التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية في سوريا منذ اندلاع الثورة؛ إذ سبق أن حاولت قوة أميركية العام الماضي القيام بإنزال جوي لإنقاذ رهائن أميركيين، إلا أن العملية فشلت وتم إعدامهم في وقت لاحق».
ووصف مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية أبو سياف الذي قتل في الغارة الأميركية، بأنه شخصية قيادية ومهمة بالتنظيم، فبالإضافة إلى قيادته عمليات بيع وتصدير النفط الذي تستخرجه الدولة، فإن أبو سياف على علاقة وثيقة مع زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي.
وترى الصحيفة نقلاً عن خبراء في مكافحة الإرهاب، أنه من المتوقع أن تؤدي عملية قتل أبو سياف إلى مزيد من الاضطرابات داخل التنظيم، خاصة وأن مقتل أبو سياف سيصيب العملية الإنتاجية للنفط بمقتل.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية قوله: «إن الغارة استهدفت مبنى كان تحت المراقبة لعدة أسابيع قبل الغارة، وتم الحصول على إذن من السلطات العراقية بالإضافة إلى توصية فريق الأمن القومي».
وتشير الصحيفة إلى أن زوجة أبو سياف محتجزة حاليًا احتجازًا عسكريًا أميركيًا بالعراق، مؤكدة أنها وفقًا لمسؤولين أميركيين، تخضع حاليًا لاستجواب بوصفها عضوًا بارزًا في التنظيم.
وتسعى واشنطن إلى الحصول على معلومات بينما إذا كان لدى التنظيم رهائن غربيون أم لا؟ إذ تعتقد إدارة واشنطن أن بإمكان أم سياف أن تفيدهم بهذا الخصوص.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».