طهران نقلت مقاتلين من حزب الله لليمن قبل عاصفة الحزم وعوضتهم بمرتزقة أفغان في سوريا والعراق

قوة جديدة للحرس الثوري باسم «لواء فاطمة» تتدرب في مدينة مشهد بقيادة العميد موسوي

مسلحون يمنيون من مناصري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتفقدون سيارات للحوثيين بعد أن دمرتها قوات التحالف في عدن (أ.ف.ب)
مسلحون يمنيون من مناصري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتفقدون سيارات للحوثيين بعد أن دمرتها قوات التحالف في عدن (أ.ف.ب)
TT

طهران نقلت مقاتلين من حزب الله لليمن قبل عاصفة الحزم وعوضتهم بمرتزقة أفغان في سوريا والعراق

مسلحون يمنيون من مناصري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتفقدون سيارات للحوثيين بعد أن دمرتها قوات التحالف في عدن (أ.ف.ب)
مسلحون يمنيون من مناصري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتفقدون سيارات للحوثيين بعد أن دمرتها قوات التحالف في عدن (أ.ف.ب)

كشف معارضون إيرانيون لـ«الشرق الأوسط» أمس النقاب عن قيام طهران بنقل عدة مئات من عناصر حزب الله اللبناني لليمن، بينهم مقاتلون وقادة، كانوا يحاربون لصالح النظام الإيراني حول بغداد ودمشق، إلى اليمن قبل عاصفة الحزم, وتنوي إرسال المزيد , وعوضتهم بمرتزقة أفغان لمواصلة الحرب في سوريا والعراق، قائلة إن الحرس الثوري الإيراني قام، لهذا الغرض، بتأسيس قوة جديدة باسم «لواء فاطمة» يتكون من مرتزقة، ويتلقى تدريباته في الوقت الحالي في مدينة مشهد تحت رعاية قائد يدعى «العميد موسوي».
وقال القيادي في المعارضة الإيرانية، محمد محدثين، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، لـ«الشرق الأوسط»: «يجري حاليا الترکيز، من جانب نظام طهران، على إرسال أعضاء حزب الله والذين بإمكانهم التعامل مع الأوضاع في اليمن على أساس أنهم عرب يمكنهم التحرك والمناورة في الداخل اليمني أکثر من الإيرانيين». ووفقا لمصادر أخرى من المعارضة فإن عملية نقل المقاتلين من حزب الله إلى اليمن جرت عبر قواعد إيرانية في جزر تستأجرها بالبحر الأحمر وتقع بين إريتريا والسواحل اليمنية، خلال الأسابيع الأخيرة. ونفى نائب الأمین العام لحزب الله، نعیم قاسم، في تصريحات له، أي وجود لحزب الله فی الیمن.
وكشف القيادي الإيراني المعارض أفشين علوي، لـ«الشرق الأوسط» عن أن نظام طهران، شكَّل قوة جديدة من المرتزقة تحت اسم «لواء فاطمة» يضم مقاتلين أفغانا محسوبين على الشيعة، للقتال إلى جانب قوات بشار الأسد. وقالت مصادر أخرى إن هذه الخطوة تأتي لإحلال قوات بديلة لعناصر حزب الله التي توجهت إلى اليمن بعد أن كانت تقاتل في صف الأسد ومع ميليشيات بالعراق. ووفقا للمصادر فإن هذه الإجراءات تأتي بالتزامن مع قيام المرشد الإيراني، علي خامنئي، بإصدار أوامر لكبار رجال الدولة، ومن بينهم وزير الدفاع العميد حسين دهقان، ورئيس فيلق القدس قاسم سليماني، للتحرك لإنقاذ طهران من شبح الخسارة المحدقة بالحوثيين. وفي المقابل تصاعدت الاحتجاجات في الداخل بسبب المصاعب الاقتصادية والإنفاق على الحروب في العراق وسوريا واليمن. وقالت الزعيمة في المعارضة الإيرانية، مريم رجوي: «توضع مليارات الدولارات خارج الموازنة الرسمية تحت تصرف قوات الحرس الثوري ووزارة مخابرات الملالي عبر الخامنئي دون أي حساب ومراقبة على هذه الأموال الهائلة على الإطلاق».
ولمواجهة تفاقم الأزمات الداخلية، أضافت مصادر أخرى في المعارضة أن خامنئي أمر العميد دهقان بالتدخل لدى روسيا والصين وحثهما على اتخاذ مواقف عملية إلى جانب إيران لاحتواء «عاصفة الحزم» التي ينفذها تحالف إقليمي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الانقلابيين في اليمن، لكن اللواء أركان حرب، محمد علي بلال، قائد القوات المصرية في حرب عاصفة الصحراء بالخليج، قلل في رده على أسئلة «الشرق الأوسط» من أهمية الاتجاه الإيراني لموسكو والصين في هذا الصدد.
وحصل معارضون إيرانيون على معلومات قالوا إنها تفيد بأن خامنئي مصمم على مواصلة حروب إيران الخارجية في العراق وسوريا واليمن «لأن التراجع في هذه المعارك يعني تصدع نظام طهران من الداخل»، وأنه لهذا السبب «صدرت أوامر من الحرس الثوري الإيراني، للحوثيين بالتصعيد وعدم وقف القتال ومساندتهم بعناصر من حزب الله»، وفي نفس الوقت العمل على «محاولات جرَّ روسيا والصين للوقوف مع الجبهة الإيرانية في اليمن، إلا أن الإنفاق المالي الكبير قد يضع النظام كله في مأزق أمام الشعب».
وقال أحد قادة المعارضة إن حدة الاحتقان تتزايد بين كبار رجال الدولة في إيران، على خلفية المشكلات الاقتصادية والغضب الشعبي ونقص الأجور وتزايد معدلات البطالة، بالتزامن مع حراك مستمر للمعارضة في الداخل والخارج. وواصل معارضون عقد مؤتمرات صحافية عبر الإنترنت، بسبب القبضة الحديدية لنظام طهران، كان من بينها مؤتمرات شارك فيها كل من «محدثين» و«علوي» وآخرون.
وتناول السيد محدثين تطورات الاحتجاجات المتصاعدة في إيران على خلفية تأخر صرف الرواتب وظروف معيشية بائسة. وقال: «أريد أن أشير إلى انتفاضة المعلمين الإيرانيين المتنامية في كل أرجاء إيران. حسب التقارير التي وردت إلينا حتى الآن نظم المعلمون منذ صباح (الخميس) احتجاجات ومظاهرات في 27 محافظة من مجموع 31 محافظة إيرانية في أرجاء البلاد». وكانت «الشرق الأوسط» أشارت قبل يومين إلى وجود وقفات احتجاجية لعمال ومعلمين وموظفين حول مبنى مجلس الشورى (البرلمان) مما أثار حفيظة رئيس المجلس، علي لاريجاني.
وعن هذه التطورات قال محدثين، الذي يشغل موقع «رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، إن المعلمين الإيرانيين يشكلون شريحة هامة جدا من شرائح المجتمع، ولهم تأثير واسع، كما أن «الإضرابات والاحتجاجات العمالية أخذت مداها الواسع خلال الأيام الأخيرة وشملت أجزاء كبيرة من البلاد». وأضاف أن مثل هذه الاحتجاجات تعد من «النماذج الدالة على الاستياء الواسع للمجتمع الإيراني ومطلبه الملح لإسقاط الفاشية الدينية الحاكمة في إيران»، قائلا إن تدخلات النظام الإيراني في كل من العراق وسوريا واليمن وكذلك مشاريعه النووية «لم تجلب للشعب الإيراني سوى العوز والبطالة والتضخم المنفلت.. الشعب الإيراني يطالب بوقفها جميعا».
وأمام انشغال النظام الإيراني بحروبه الخارجية، اتسعت حركة المعلمين الاحتجاجية لتصل إلى عدة مدن منها «فارس» و«أصفهان» و«مازندران» وخراسان و«أذربيجان الشرقية» و«أذربيجان الغربية» و«كرمانشاه» و«همدان»، وغيرها. وأظهرت صور ومقاطع فيديو ترديد المتظاهرين لشعارات منها «تحسين المستوى المعيشي حقنا المؤكد» و«النقد محظور والاختلاس مباح». وقال أحد المعارضين الإيرانيين: «لماذا ننفق أموالنا في اليمن بينما نحن لا نجد رواتبنا».
ومن جانبها، أكدت رجوي، أنه في الوقت الذي ينفق فيه النظام ثروات الشعب «في مشاريع لا وطنية لتصدير التطرف والإرهاب وإنتاج قنبلة نووية»، فإن المعلمين الكادحين «يعيشون عيشا ضنكا ويصارعون مع الفقر والعوز ويواجهون صعوبات بالغة في تمرير معاشهم»، مشيرة إلى أن المخصصات المالية للأجهزة العسكرية والقمعية والخاصة بتصدير الإرهاب، تعادل ثلاثة أضعاف مخصصات التربية والتعليم.
ومن جانبه، قال السيد محدثين إن العالم، ولا سيما منطقتنا، يواجه اليوم بلية كبرى اسمها «التطرف» الذي تقع بؤرته في طهران، مشيرا إلى أن نظام الحكم الإيراني وسع خلال السنوات الماضية تدخلاته إلى بغداد ودمشق وبيروت وأخيرا إلى العاصمة اليمنية صنعاء، غير أن هذه التدخلات لم تنحصر بهذه البلدان وحدها. وأضاف أن منظومة الحكم في طهران «كانت تعمل بلا هوادة على تصدير الإرهاب والتطرف في سائر البلدان العربية والإسلامية كفلسطين، ومصر، والسودان، وتركيا، وأفغانستان، بصورة فعالة ونشطة».
وخلال زيارته لموسكو أمس لحضور مؤتمر دولي عن الأمن، دعا العميد دهقان نظيره وزير الدفاع الصیني تشانغ فان تشیوان، لزيارة طهران، كما اقترح على روسيا والصين عقد «مؤتمر ثلاثي» في إيران، بین هذه البلدان، لـ«تعزیز التعاون الدفاعي والعسكري».
وقالت مصادر المعارضة إن اللغة التي استخدمها وزير الدفاع الإيراني تعني تمسك طهران بنفس سياساتها وهي «استغلال مشكلات المنطقة لصالحها»، في إشارة إلى قول دهقان أثناء وجوده في موسكو إن تهديدات «داعش» والتيارات التكفيرية يمكن أن تصل للصين وآسيا الوسطى.
ولم يتحدد موعد نهائي للمؤتمر الثلاثي بين طهران والصين وروسيا، لكن المصادر قالت إن موسكو وبكين «تدركان حجم الأزمة التي يمر بها النظام الإيراني سواء في المنطقة العربية أو مع دول العالم». وأكد اللواء أركان حرب، بلال، إن مثل هذه الدعوة لعقد مؤتمر بين إيران والصين وروسيا «لا قيمة لها إطلاقا، وتعبر فقط عن محاولة من طهران لتعزيز دورها في المنطقة على خلفية عاصفة الحزم»، مشيرا إلى أنه «لا يوجد خطر لـ(داعش) في روسيا وآسيا كما يزعم الإيرانيون.. (داعش) موجودة في الدول العربية وهي مشكلة عربية».
وتابع اللواء بلال أنه إذا كانت هناك أطراف دولية معنية بالمساعدة في القضاء على «داعش» فهي الأطراف المؤثرة في المنطقة مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا. وتساءل: ما دخل إيران لتتحرك لجلب الصين وروسيا، معربا عن اعتقاده في أن «الدعوة الإيرانية تأتي ضمن مساعيها لتحسين صورتها والخروج من العزلة الإقليمية التي وضعت نفسها فيها والتملص من العقوبات الدولية المفروضة عليها».
ومن جانبه، وردا على سؤال يتعلق بما ينبغي أن يقوم به المجتمع الدولي لوقف التدخل الإيراني المتزايد في شؤون الدول الأخرى خاصة اليمن، قال السيد محدثين إنه بالإمكان إرغام نظام طهران على التراجع والخروج من العراق وسوريا واليمن وسائر بلدان المنطقة، لأنه «نظام هش وفاقد للمناعة»، رغم أنه يوحي للعالم بأن قوة «فيلق القدس» التابعة للحرس الثوري «قوة قوية جدا، ولا تقبل الهزيمة نهائيا».
وتابع السيد محدثين قائلا إن «قوة قدس الإرهابية ليست جيشا مقتدرا تليدا.. هذه القوة استطاعت أن تتمدد في المنطقة بسبب السياسات الخارجية الخاطئة خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
ووفقا للمعلومات فقد نظم فيلق القدس الإيراني زيارات دورية للحوثيين كان من بينها لقاء وفد حوثي في فبراير (شباط) الماضي، مع كبار المسؤولين في طهران وعدة جهات أخرى من بينها مكتب المرشد الحالي، خامنئي، وقادة من قوات فيلق القدس بينهم سليماني، وأن ذلك أسفر عن الانقلاب الذي قام به الحوثيون ضد شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قبل أسابيع.
وتناول السيد محدثين بالتفصيل الملابسات التي مكنت النظام الإيراني من التمدد في المنطقة العربية خلال العقود الماضية وصولا لليمن، وقال إن عملية «عاصفة الحزم»، هي أول مانع أمام تمدد هذا النظام. وأضاف: «معلوماتنا الدقيقة من داخل نظام طهران توضح أنه قد فوجئ بهذا الخصوص ولم يكن يتوقع رد فعل كهذا الذي تقوم به عاصفة الحزم».
وذكر في رده على الأسئلة ما قال إنها أربعة أخطاء حيوية کبيرة حيال إيران، تعد أساسا للأوضاع الحالية التي تمر بها المنطقة، مشيرا إلى أن الخطأ الأول تمثل في قيام الدول الغربية، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والغزو العراقي للكويت، بفتح الكثير من القنوات باتجاه نظام طهران، على حساب المعارضة الإيرانية.
وأضاف أن الخطأ الثاني قيام الغرب بتوجيه أصابع الاتهام بشأن المسؤولية عن الإرهاب للسنة، بعد ضرب برجي التجارة في سبتمبر (أيلول) 2001. و«تناسى العالم القلب الحقيقي للتطرف الديني المتمثل في نظام الملالي بطهران.. وبينما انساق الغرب وراء بريق الحرب ضد (القاعدة) والحرب في أفغانستان والعراق، قام النظام الإيراني بالاستمرار في مواصلة تطوير آليات التطرف الديني».
وقال إن الخطأ الثالث الذي مكن إيران من التغلغل في دول المنطقة، كان مع سقوط الحكومة العراقية، وأنه «بدلا من أن تقوم أميركا بمواجهة النفوذ الإيراني في العراق، فتحت أبوابه أمام الإيرانيين، لتبدأ أفواج الجواسيس والإرهابيين والملالي في التقاطر على هذا البلد»، مشيرا إلى أن الخطأ الرابع هو «السكوت أمام قتل وإبادة الشعب السوري من جانب الأسد والحرس الثوري الإيراني».
وتابع قائلا إنه لولا رعاية نظام طهران للتطرف والإرهاب في المنطقة لما شهدنا ظهور تنظيم القاعدة و«داعش» والتنظيمات الأخرى مثل حزب الله والحوثيين، ولما احتل الانقلابيون اليمن، موضحا أن «سعي طهران لإنتاج القنبلة الذرية هو جزء من سياسة تصدير الإرهاب والتطرف ووسيلة من أجل فرض الهيمنة على المنطقة کلها».
وحذر السيد محدثين من خطورة التهاون مع طهران فيما يتعلق بالمحادثات بشأن برنامجها النووي. وقال إن «البعض يعتقد خطأ أن السياسة الحازمة حيال النظام الإيراني بالمنطقة قد تتسبب في عدم توقيعه على اتفاق بذلك الخصوص، لكن على العكس من ذلك، عندما يحقق النظام تقدما في المنطقة، فإنه يطالب أيضا بامتيازات أکثر في المجال النووي والعكس صحيح أيضا». وشدد على أن «عاصفة الحزم»، تعد أول حائط صد أمام هذا النظام.
وكشفت المصادر الإيرانية عن أن نظام طهران الذي تولى الحكم عام 1979، قام طيلة ربع القرن الماضي بتوفير إمكانيات للحوثيين في اليمن، وأوكل الأمر لقوات «فيلق القدس» التي تولت تدريب الحوثيين عسكريا ومدهم بالأسلحة وتأهيلهم سياسيا واستراتيجيا. وقالت إن خطة اقتحام الحوثيين للعاصمة صنعاء قادمين من معاقلهم في صعدة بشمال اليمن، جرى وضعها وإعداد تفاصيلها على أيدي الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بصورة کاملة.
وقال المعارض الإيراني محدثين إن استمرار عمليات التحالف الذي تقوده السعودية ضد الانقلابيين الحوثيين، من شأنه أن يؤدي لفشل السيناريوهات الإيرانية في اليمن والمنطقة، و«لهذا السبب فإن نظام طهران يحاول بكل قواه وقف إطلاق النار لكي يحافظ على جانب من مكانته في اليمن حتى يتمكن في الخطوة اللاحقة من ترسيخ نفوذه هناك».
ووفقا لمعلومات من المصادر الإيرانية المعارضة فإنه وعلى أثر عملية «عاصفة الحزم»، وانغلاق الطرق السابقة لإيصال المساعدة للحوثيين، لجأت طهران لمواصلة تقديم مساعداتها للحوثيين من خلال عدة أوجه منها حضور قادة قوات فيلق القدس في ساحات العمليات وتوليهم مسؤولية إرشاد وتوجيه الحوثيين، وربط الحوثيين بشكل مباشر بقوات فيلق القدس في طهران من أجل توجيههم بما هو ضروري ومطلوب، وإرسال قوات وقادة أکثر من حزب الله اللبناني لمساعدة الحوثيين، وقالت إن إحدى طرق التواصل مع الحوثيين وإرسال مقاتلي حزب الله لليمن، يعتمد على جزر تقع في البحر الأحمر تستأجرها إيران من دولة إريتريا.
ولفتت المصادر إلى أن وجود العناصر الإيرانية في اليمن أصبح يمثل مشكلة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد أن تمكنت المقاومة الشعبية اليمنية من ضبط عناصر إيرانية تعمل مع الحوثيين، ولهذا فضلت الاستعانة بعناصر عربية من حزب الله، حتى يتمكنوا أيضا من التحرك والتعامل بسهولة مع الوضع على الأرض.
وقالت إنه بينما يعلن القادة الإيرانيون عن أنهم يتفقون فيما بينهم على إدانتهم لعملية عاصفة الحزم، فإن الخلافات بينهم تتسع کل يوم و«المنازعات تزداد أکثر، وأصبحت هناك اعتراضات بالنسبة لهذا الموضوع في داخل الحرس الثوري نفسه.. هناك من يريد التراجع لكن المتشددين يدفعون بالجميع إلى المجهول. أخيرا بدأ الاعتماد على مرتزقة أفغان. هذا مؤشر على وجود مشكلات جمة بين قادة قوات الحرس الثوري».
السيد محدثين عاد وقال: «لو کان في العراق وسوريا ولبنان موقف مشابه لعاصفة الحزم، حيال النظام الإيراني، فإن الأوضاع کانت ستختلف»، و«لا يجب الاکتفاء باليمن، وإنما يجب إخراج النظام الإيراني من سوريا والعراق أيضا.. بهذه الصورة سيتم طي صفحة النظام من المنطقة کلها». وتوقع تفجر الأزمات والخلافات داخل النظام الإيراني، في حال واصلت عمليات التحالف ضرباتها للحوثيين، وقال: «مع استمرار التحالف الذي تقوده السعودية، فإن الأزمات في داخل نظام طهران ستشتد أيضا.. الملالي (رجال الدين الذين يحكمون إيران) فقدوا زمام المبادرة، ويجب ألا يتم مقارنة هذا النظام بنظام خميني في الثمانينات. قدرة مقاومة النظام الحالي قليلة جدا مقارنة بما كان عليه خميني».
وحول المعلومات عن توجيه إيران لعناصر من حزب الله لقيادة الحوثيين باليمن، واستبدالهم بقوات أخرى لمواصلة الحرب مع نظام الأسد في سوريا، كشف المعارض علوي في سياق رده على أسئلة «الشرق الأوسط» عن تشكيل فيلق القدس لقوة جديدة تحت اسم «لواء فاطمة»، وقال إنه يتكون من «أفغان مرتزقة محسوبين على الشيعة كي يقاتل في سوريا لمصلحة النظام الإيراني إلى جانب قوات الطاغية الأسد».
وأشار إلى أن هذا اللواء يأتمر بأمر قوات الحرس الثوري، وبالتحديد تحت قيادة العميد موسوي. وأضاف أن عدد قوات هذا اللواء في سوريا يبلغ في الوقت الحاضر 1300 شخص، وأنه جرى تدريبهم في معسكر «أنصار» التابع لقوة القدس في مدينة مشهد بمحافظة خراسان الإيرانية.
وكان علوي الذي يشغل عضوية «لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» يتحدث عن «دور النظام الإيراني في توسيع التطرف بالمنطقة»، قائلا إنه، في الواقع، ليس هناك فارق كبير بين التطرف المسمى بالسني والتطرف المسمى بالشيعي. و«لهذا السبب، هذان النوعان من التطرف لا يتقاتلان ولا يقضي بعضهما على بعض بل يعزز بعضهما البعض. على سبيل المثال لجأ منتسبون لتنظيم القاعدة بعد الحرب في أفغانستان، إلى إيران، وبدأوا يتفاعلون مع نظام طهران». وقال: «المتطرفون ليسوا بشيعة ولا سنة، بل لهم مآرب، وهي فرض قراءتهم المنحرفة للإسلام على المجتمع والناس».
وأوضح علوي أن النظام الإيراني يمثل أخطر أشكال التطرف، لأنه أقام شبكات كثيرة يعزز بعضها بعضا طيلة السنوات الماضية. «على سبيل المثال.. حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وفيلق بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق في العراق. نظام طهران أقدم على توظيف حزب الله والكتائب والعصائب في حرب سوريا وجعلها تقاتل إلى جانب قوات الأسد».
وقال إن المرشد الراحل خميني، ومنذ بداية حكمه، كرس ديكتاتوريته على ركيزتين هما تصفية المعارضين والقمع الشامل الممنهج اجتماعيا، داخل إيران، وتبني ما يسمى بتصدير الثورة في خارج إيران.. «القمع المطلق الداخلي، وتصدير التطرف، يشكلان قدمين لحركة النظام. وبهذا حاول تصدير نموذجه باعتباره حكومة إسلامية إلى بلدان المنطقة».
وأوضح أن أهم آلية للعمل وتنفيذ مخططات النظام خارج إيران تتمثل في قوة «فيلق القدس» التي «لها آلياتها لتنفيذ العمليات الإرهابية والتدخل في مختلف البلدان». وزاد قائلا إن «هذه القوة خاضعة مباشرة لتوجيهات الولي الفقيه للنظام، ويشرف على جميع العمليات التي تنفذها خارج إيران»، مشيرا إلى أن «عملية التمويل والتنظيم والتدريب والقيادة والسيطرة طيلة سنوات كثيرة أدت إلى إقامة شبكة واسعة من الجماعات المتطرفة المختلفة في منطقة الشرق الأوسط وفي أفريقيا، سواء عملت هذه الجماعات المتطرفة بالتنسيق مع نظام الملالي أم أنها عملت بصورة مستقلة، أو أحيانا متقاطعة.. يبقى نموذج الملالي في النهج والممارسة هو مثلها وقدوتها».
وفي هذا السياق، ومن أجل التمدد في اليمن، كما أفاد السيد علوي، عمل فيلق القدس طيلة أكثر من 20 عاما على تدريب وتنظيم وتسليح القوة التي تحولت إلى «قوة أنصار الله» (الحوثيون)، وذلك «من أجل تمهيد الأرضية لتمدد النظام الإيراني في اليمن». وقال إن طائفة الحوثيين «جزء من المكون الزيدي في اليمن، وليس كالشيعة الاثني عشرية التي تشكل أغلبية الشعب الإيراني، لكن قوات الحرس الثوري الإيرانية حولت القوات الحوثية إلى تنظيم يأتمر بأمر الولي الفقيه، تحت قيادة سليماني من طهران.



مصر تشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)
TT

مصر تشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)

تشجع الحكومة المصرية السفارات والبعثات الدبلوماسية بالقاهرة، للانتقال من مقراتها في القاهرة، إلى «الحي الدبلوماسي» بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة).

وناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إجراءات انتقال السفارات والبعثات الأجنبية إلى العاصمة الجديدة، مع رئيس «شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية»، خالد عباس، إلى جانب الحوافز والتيسيرات التي يتم تقديمها للبعثات الدبلوماسية الأجنبية لتشجيعها على الانتقال، وفق إفادة لـ«الخارجية المصرية»، مساء الاثنين.

وزير الخارجية المصري خلال لقائه رئيس «شركة العاصمة الإدارية» (الخارجية المصرية)

وتضم المدينة الجديدة رئاسة الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء، بجانب «الحي الدبلوماسي» المقرر نقل مقار السفارات الأجنبية إليه.

وتبلغ مساحة الحي الدبلوماسي في العاصمة الجديدة نحو 1500 فدان، تسع نحو 200 سفارة، وفق شركة العاصمة الإدارية. وحسب بيان «الخارجية المصرية»، ناقش عبد العاطي مع رئيس الشركة «خطة تنفيذ نقل مقار البعثات والسفارات بتوجيهات من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي»، وأشاد بـ«أعمال إنشاء وتجهيز الحي الدبلوماسي، وجهود توفير بنية تحتية ومرافق حديثة تلبي احتياجات السفارات والبعثات الأجنبية».

وتتركز غالبية مقار السفارات الأجنبية، حالياً، في أحياء راقية بوسط القاهرة، لا سيما المُطلة على نهر النيل، مثل «الزمالك، وجاردن سيتي، والمعادي»، وهي أحياء كانت قريبة من مقر وزارة الخارجية المصرية بوسط العاصمة المصرية، قبل نقله إلى الحي الحكومي في العاصمة الجديدة.

سفير سويسرا يتابع إجراءات نقل مقر سفارة بلاده إلى العاصمة الإدارية في فبراير الماضي (شركة العاصمة الإدارية)

وخلال اللقاء، شدد وزير الخارجية المصري على ضرورة «تقديم الدعم والتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية، لضمان انتقال سلس ومنظم للسفارات والبعثات الأجنبية، إلى مقارها الجديدة»، إلى جانب ضرورة «توفير أفضل الظروف لعمل البعثات الدبلوماسية المعتمدة في مصر»، حسب «الخارجية المصرية».

وتتوالى تعاقدات البعثات الدبلوماسية الأجنبية للحصول على مقرات لها بالعاصمة الجديدة، ووقَّعت «شركة العاصمة»، مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اتفاقاً مع سفارة الكاميرون، لبيع قطعتي أرض بمساحة 8500 متر، داخل الحي الدبلوماسي، لإقامة مقر جديد للسفارة وسكن للسفير، حسب إفادة للشركة.

ولا يوجد موعد محدد لبدء نقل السفارات الأجنبية إلى العاصمة الجديدة، وفق المتحدث باسم شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، خالد الحسيني، وقال إن «البعثات الدبلوماسية الأجنبية، توقع عقود مقراتها تباعاً، على أن تستكمل إجراءات النقل تدريجياً بمرور الوقت»، مشيراً إلى أن التعاقدات التي جرى توقيعها، «تشمل دولاً عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية ومن الأميركتين».

رئيس شركة العاصمة الإدارية وسفير الكاميرون بالقاهرة خلال توقيع عقد مقر جديد للسفارة الكاميرونية بالعاصمة الجديدة (الشركة)

وأشار الحسيني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عملية نقل السفارات الأجنبية لمقراتها للحي الدبلوماسي، أمر اختياري، وفق تقديرات كل دولة»، وقال إن «(شركة العاصمة)، أقامت بالفعل مقرات مجهزة بالحي الدبلوماسي، لتشجيع السفارات للانتقال إليها»، منوهاً بأن «الهدف تخفيف الضغط على مدينة القاهرة، والاستفادة من البنية المتطورة في العاصمة الجديدة».

وفي وقت سابق، قال الرئيس السابق لـ«شركة العاصمة الجديدة»، اللواء أحمد زكي عابدين، إن الشركة «تلقت طلبات من 60 دولة أجنبية وعربية، للحصول على أراضٍ، لإنشاء سفارات لها داخل الحي الدبلوماسي بالعاصمة»، وقال في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، إن من أبرز هذه الدول «الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والإمارات».

ولا يقتصر الحي الدبلوماسي بالعاصمة الجديدة على مقار للبعثات الدبلوماسية الأجنبية فقط، وإنما يضم مكاتب ومقرات للمنظمات الدولية والإقليمية، ضمن رؤية تخطيطية تنفذها الحكومة المصرية للمدينة الجديدة، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد، وأشار إلى أن «تخصيص مصر حياً دبلوماسياً في العاصمة الجديدة، نهج تطبقه دول عربية وأجنبية عند بناء المدن الجديدة، مثلما فعلت البرازيل».

سفير الجزائر بالقاهرة في أثناء توقيع عقد تخصيص قطعة أرض لبناء مقر لسفارة بلاده في العاصمة الإدارية في فبراير الماضي (شركة العاصمة)

ويعتقد أحمد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المقرات الجديدة للسفارات الأجنبية، «ستساعد الحكومة المصرية في توفير متطلبات الحماية الأمنية لهذه البعثات، بجانب تحقيق التجانس السكاني، وفق التخطيط العمراني الجديد».

غير أنه لا يرجح استكمال إجراءات الانتقال بشكل كامل للسفارات الأجنبية للعاصمة الجديدة، على المستوى القريب، وقال: «هناك سفارات دول كبرى تحتفظ بمقرات تاريخية لها في وسط القاهرة، وربما ستكتفي في الوقت الحالي بافتتاح مكاتب اتصال لها بالمقرات الجديدة بالعاصمة»، إلى جانب «وجود صعوبات مالية تواجه بعثات بعض الدول التي لا تمتلك موارد لشراء مقرات لها في الحي الدبلوماسي الجديد».

وإلى جانب سفارات الدول الأجنبية، سيضم الحي الدبلوماسي مقرات للمنظمات الدولية والأممية، ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الجديدة مقرات مؤسسات أفريقية، من بينها، «مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاع»، والمقر الرئيسي لـ«البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد».


حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
TT

حمّى اقتناء المصريين للذهب لا تتراجع رغم ارتفاع أسعاره

ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)
ارتفاعات قياسية جديدة سجَّلها المعدن الأصفر في مصر (أرشيفية - رويترز)

«أشتري الآن أم أنتظر؟»، سؤال وجَّهه المصري محمد عبد الحميد، لرفقائه على المقهى بوسط القاهرة، خلال جلستهم نهاية الأسبوع الماضي، مستفسراً حول مناسبة الوقت الحالي لاستثمار حصيلة مدخراته المُقدَّرة بـ70 ألف جنيه (نحو 1475 دولاراً)، في شراء الذهب، بعد ارتفاعات متتالية في أسعاره طوال أيام الأسبوع، ليستقبل المهندس الأربعيني نصائح متضاربة: «اشترِ فوراً، فالسعر لن يرحم»، «انتظر، فالانخفاض قادم»، وصولاً إلى سخرية مريرة من أحدهم: «انتظر حتى يصل الغرام إلى 10 آلاف جنيه».

وبينما لم يتلقَّ المهندس الأربعيني إجابةً شافيةً لقلقه من خطوة الشراء، فإن ما شهدته أسواق الذهب المحلية والعالمية، خلال تعاملات (الاثنين)، من ارتفاعات قياسية جديدة، بعدما سجَّلت أوقية الذهب أعلى مستوى في تاريخها، جعله يحسم أمره، والتوجُّه إلى سوق «الصاغة» الشهير، لشراء سبيكة ذهبية وزن 10 غرامات بمبلغه المُدَّخر.

وأغلق سعر الذهب في مصر (الاثنين) على ارتفاع كبير ليسجِّل مستوى تاريخياً جديداً، مدفوعاً بازدياد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية بشكل أكبر، إلى جانب عودة التوترات الجيوسياسية التي تزيد من الطلب على الذهب بوصفه ملاذاً آمناً، بحسب منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

وارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية بنحو 100 جنيه للغرام، خلال تعاملات الاثنين، بينما ارتفعت خلال التعاملات الصباحية، الثلاثاء، 60 جنيهاً، ليسجل سعر غرام الذهب عيار 21 (الأكثر تداولاً في مصر) مستوى 5960 جنيهاً، وهو أعلى مستوى يسجله على الإطلاق.

زيادة أسعار الذهب لم تُثنِ المصريين عن الشراء (الصفحة الرسمية لشعبة الذهب والمجوهرات المصرية)

لم يكن عبد الحميد وحده هو مَن قصد «الصاغة»، إذ جذب بريق المعدن الأصفر العشرات غيره إلى المنطقة، حيث «تشهد السوق حركةً نشطةً، ورغم الارتفاعات القياسية في أسعار الذهب، فإن الإقبال على الشراء لا يزال قوياً، لكن مع تغيّر واضح في نمط الشراء»، وفق ما يؤكده أمير رزق، تاجر الذهب والخبير المصري في مجال المصوغات والمشغولات الذهبية لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «منذ أكثر من 50 عاماً، هناك قاعدة ثابتة في السوق المصرية (كلما ارتفع سعر الذهب، زاد الإقبال عليه)، فالناس تشتري عندما ترتفع الأسعار، وتُحجم عندما تنخفض، خوفاً من الخسارة».

وبينما وصل حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال عام 2024 إلى 50.1 طن، و32.5 طن خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، بحسب «مجلس الذهب العالمي»، فإن رزق يشير إلى أن الإقبال على الشراء لأغراض استثمارية يشهد زخماً غير مسبوق، حيث يتركز الإقبال على السبائك الصغيرة، قائلاً: «الطلب الأكبر حالياً على السبائك ذات الأوزان الصغيرة 2، و5، و10 غرامات، أما الذهب لأجل الزينة، فلا يُشكِّل أكثر من 5 إلى 7 في المائة من المبيعات؛ بسبب ارتفاع الأسعار».

وفق بيانات «آي صاغة»، ارتفعت أسعار الذهب محلياً بنحو 45 جنيهاً خلال الأسبوع الماضي، بينما سجَّلت أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفاعاً بنحو 2050 جنيهاً، منذ بداية 2025.

يتوازى مع سجال المقهى، سجال رقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر، التي يطرح روادها أسئلةً بشكل مكثف حول مناسبة الوقت لشراء الذهب.

داخل أحد محلات الذهب بحي مصر الجديدة بالقاهرة، يوضِّح تاجر الذهب، مدحت عليش، أن الزيادات المتتابعة للذهب أدت لحالة من «التخبط» يعيشها المستهلك المصري، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الذهب يصعد، ثم يهبط، ثم يعاود الصعود... هذا التذبذب خلق حالةً من الترقب. الجميع يسأل: نشتري الآن أم ننتظر؟»، لافتاً إلى أن إجابته دوماً على هذا التساؤل هي أن «الذهب دائماً أفضل من السيولة النقدية».

ويلفت عليش إلى تحول جذري في ثقافة شراء الذهب لدى المصريين، قائلاً: «كانت (الشَّبكة) - هدية الزواج - تمثل العمود الفقري للمبيعات في العقود الماضية، لكن الطلب الآن ينصب بالكامل على السبائك والجنيهات الذهبية لأغراض الادخار فقط».

بدوره، يؤكد رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية المصرية، هاني ميلاد، أن السوق المحلية لا تزال تشهد طلباً نشطاً، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الارتفاع في الأسعار غالباً ما يدفع الناس إلى الشراء بدافع الخوف من زيادات إضافية، فعندما يرون السعر يتحرك صعوداً، يتسابق كثيرون للشراء قبل أن يرتفع أكثر».

ويؤكد أن السوق تشهد تحولاً في نوعية الزبائن، موضحاً: «مفهوم الاستثمار في الذهب جذب شرائح جديدة من المستهلكين، لم تكن معتادة على الشراء سابقاً، حيث دخل مستثمرون كبار، إلى جانب أفراد من الطبقة المتوسطة الذين يشترون كميات صغيرة، ما وسَّع قاعدة المشترين بشكل غير مسبوق».

سلوك المصريين في الإقبال على الذهب رغم ارتفاعاته، يُرجعه الخبير الاقتصادي، عادل عامر، إلى دوافع اقتصادية واجتماعية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دوافع اقتصادية مباشرة، أبرزها الخوف من التضخم، وتآكل القوة الشرائية للجنيه، ما يجعل الذهب ملاذاً آمناً لحفظ القيمة، كونه لا يتأثر بالتضخم بالطريقة نفسها التي تتأثر بها العملة المحلية، كما أنه في الوعي الجمعي المصري ليس مجرد سلعة، بل رمز للأمان في أوقات الأزمات».

ويتابع: «الإقبال على شراء الذهب، خصوصاً السبائك، ليس نزعة استهلاكية، بل سلوك دفاعي عقلاني في بيئة اقتصادية تتسم بعدم اليقين، لذا يستمر هذا الاتجاه رغم الارتفاعات». وهو الاتجاه الذي يؤكده الأربعيني محمد عبد الحميد، مُعللاً اتجاهه لشراء سبيكته، بقوله: «أغلى سعر اليوم... هو أرخص سعر غداً».


وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
TT

وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)
مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)

رفضت وزارات في الحكومة اليمنية سلسلة البيانات المنسوبة إليها أو إلى موظفين فيها، والتي تحدثت عن انحياز مؤسسات حكومية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي ودعمه في إجراءات التصعيد التي ينفّذها في محافظتيْ حضرموت والمهرة.

جاءت هذه المواقف في أعقاب موجة بيانات سياسية أصدرها وزراء ونواب وزراء ووكلاء وزارات وقادة مؤسسات ومحافظون محسوبون على «الانتقالي»، أعلنوا فيها تأييدهم العلني للخطوات الأحادية التي اتخذها المجلس في شرق البلاد، فيما عدَّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خروجاً واضحاً عن مبدأ الشراكة ووحدة القرار.

وفي وقت سابق، كان مصدر مسؤول بمكتب رئاسة الجمهورية قد عبّر، في بيان، عن «قلق بالغ» من «خروج بعض الوزراء والمسؤولين التنفيذيين عن مهامّهم الوظيفية»، وتحولهم إلى التعبير عن مواقف سياسية «لا تنسجم مع المرجعيات الدستورية والقانونية»، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وحذّر البيان من استغلال المناصب الحكومية لـ«تحقيق مكاسب سياسية» خارج الأُطر الشرعية، مؤكداً أن مجلس القيادة هو الجهة الوحيدة المخوَّلة بتحديد المواقف العليا للدولة.

رفض البيانات المنسوبة

في هذا السياق، نفت وزارة الأوقاف والإرشاد أي صلة لها ببيان جرى تداوله مؤخراً، تضمّن «مضامين سياسية لا تندرج ضمن اختصاصاتها». وأكدت الوزارة أن الشرعية السياسية «المعترَف بها محلياً وإقليمياً ودولياً» تتمثل حصراً في مجلس القيادة الرئاسي، وأن أي موقف خارج هذا الإطار لا يمثلها، ولا تتحمل مسؤوليته. كما شددت على التزامها بتحييد ملف الأوقاف والحج والعمرة عن أي تجاذبات سياسية؛ حفاظاً على سُمعة اليمن ومصالح مواطنيه.

في الاتجاه نفسه، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة رفضها القاطع أي «مواقف أو قرارات صادرة خارج الأطر الدستورية»، محذّرة من خطورة الزج بالمؤسسات الخِدمية في سياقات سياسية قد تضر بيئة الأعمال وتؤثر على مناخ الاستثمار وثقة القطاع الخاص. وجددت الوزارة أنها تعمل تحت مظلة الحكومة الشرعية وبما يخدم «الاستقرار الاقتصادي ووحدة المؤسسات».

حشود في مدينة عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

أما وزارة الشباب والرياضة فعبّرت عن «استهجان بالغ» لنشر بيانٍ نُسب إلى موظفين فيها بعدن، وأعلنت رفضها «الزج بالمؤسسة في مواقف سياسية منحازة». وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية والإدارية ضد كل من يثبت تورطه في إصدار أو الترويج لبيانات تنتحل صفة الوزارة، مشددة على أن التزامها سيظل كاملاً بتوجيهات رئيس المجلس الرئاسي ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

الاتجاه نفسه اتخذته وزارة العدل، التي رأت أن البيان المنسوب إليها «تضمّن توصيفات ومسميات تتجاوز المرجعيات الدستورية»، مؤكدة أن أي استخدام للصفة الوظيفية للتعبير عن مواقف سياسية خارج إطار الشرعية يُعد «مخالفة جسيمة تستوجب المساءلة». وجدّدت الوزارة التزامها باستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين، مؤكدة أن مؤسسات الدولة «تمثل جميع اليمنيين ولا يجوز القفز عليها».

وفي السياق نفسه، كانت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة قد أعلنت رفضها أي «اصطفاف سياسي أحادي»، أو استخدام للصفة الرسمية في مواقف سياسية. وشددت على أنها لن تتهاون مع أي محاولات لفرض أمر واقع إعلامي أو سياسي خارج إطار الشرعية، مؤكدة التزامها الكامل بإعلان نقل السلطة والتوافق الوطني.