ازدياد السخط الشعبي على {تعنت} النظام الإيراني

حالة ترقب في بازار طهران الكبير وسط مخاوف بين الإيرانيين من تفاقم أزمة العملة بعد العقوبات الأميركية (أ.ف.ب)
حالة ترقب في بازار طهران الكبير وسط مخاوف بين الإيرانيين من تفاقم أزمة العملة بعد العقوبات الأميركية (أ.ف.ب)
TT

ازدياد السخط الشعبي على {تعنت} النظام الإيراني

حالة ترقب في بازار طهران الكبير وسط مخاوف بين الإيرانيين من تفاقم أزمة العملة بعد العقوبات الأميركية (أ.ف.ب)
حالة ترقب في بازار طهران الكبير وسط مخاوف بين الإيرانيين من تفاقم أزمة العملة بعد العقوبات الأميركية (أ.ف.ب)

«ذلك بما قدمت أيدينا»؛ يقولها رجل في الأربعين من عمره أمام متجر للقرطاسية، ويضيف: «أنا بعمر نظام الثورة، ولم أرَ في حياتي إلا التعنت أمام العالم من النظام الإيراني».
النظام الإيراني الذي يصفه الرجل بـ«المتعنت»، تعرض خلال العقود الأربعة الماضية إلى عدة موجات من العقوبات ليس من الولايات المتحدة فحسب؛ وإنما من مختلف الدول والمنظمات الدولية، وذلك بسبب سلوكه الدولي المخالف للمعايير. ولكن هذه المرة يبدو أن الوضع أسوأ بكثير؛ إذ قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن عقوبات إدارته ستجعل النظام الإيراني يعود إلى رشده ويتطبع بسلوكيات الأنظمة الطبيعية.
وفي سياق متصل، أكد أكثر من مرة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن الشعب الإيراني ملّ نظامه وأنه يريد حياة طبيعية الآن.
تأكيدات بومبيو لا تأتي من فراغ، يمكن رؤية مظاهر التململ في عموم أنحاء البلاد التي تدهورت عملتها وانهارت بنسبة 200 ألف في المائة خلال فترة نظام ولاية الفقيه.
شاهين الذي يمتلك متجر بقالة في حي شعبي يقول: «لقد كانت رفوفي مليئة بالبضائع قبل شهرين فقط، وهي اليوم تصبح فارغة يوما بعد يوم»، مضيفا أن «الناس بدأوا لا يشترون، لأن الأسعار تقفز ليس بشكل شهري؛ وإنما بشكل يومي؛ كأنه لا حكومة لدينا».
وشهدت الأسعار ارتفاعات قياسية على مدى الشهرين الماضيين وصلت إلى حد 300 في المائة في أسعار المأكولات والألبان، لكن حكومة حسن روحاني ما زالت تصر على أن البلد يواجه مشكلة بسيطة، وتعتمد على الأرقام الرسمية التي تصدر بين الفينة والأخرى عن وزارة الاقتصاد، وتقول إن معدلات التضخم ما زالت منخفضة. آخر أرقامها كان يشير إلى أن التضخم 16 في المائة.
«16 في المائة؟»؛ يسأل سائق سيارة أجرة ليقول: «يبدو أنهم (المسؤولون) يعيشون في بلد آخر؛ حاول أن تحتفظ بعلب البضائع لمدة أسبوعين فقط، وسترى بعينيك ما التضخم».
«روحاني وأعضاء حكومته يعيشون في بلد آخر»؛ هذا ليس ما يقوله الشارع فقط؛ وإنما ما يقوله نواب في البرلمان. أثناء جلسة حجب الثقة عن وزير الاقتصاد الشهر الماضي وحين قدم روحاني تقريره عن الوضع الاقتصادي الذي زعم فيه أن «وضع الاقتصاد ليس قاتما كما يروج الأعداء»، قال نائب مدينة مشهد إنه فكر للحظة في أن روحاني ليس رئيساً لإيران وإنما رئيس لسويسرا. والانطباع في الشارع أسوأ من هذا. مع انتشار وسائل التواصل، بدأ الشعب الإيراني يعرف أن من يظهرون العداء للولايات المتحدة والغرب أرسلوا أبناءهم ليعيشوا هناك، بينما يفتقر مئات الآلاف من الأطفال في مختلف المدن الإيرانية إلى أبسط ظروف التعليم؛ المقاعد والأزياء. «حلال عليهم ومحرم علينا»؛ هذا ما يقوله الشيخ هادي؛ رجل دين في السبعينات من عمره؛ مؤكدا أن «الشعب تعب من شعارات النظام الإيراني الذي لم يترك للناس لا دنيا ولا آخرة. الأمر ليس في العقوبات فقط؛ وإنما في نظام متورط في كل مشكلة في العالم. نظام نسي شعبه وحشر أنفه في عدة بلدان».
هذا هو بيت القصيد في الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة ويؤيدها كثير من البلدان في العالم؛ التدخل في شؤون البلدان الأخرى ومحاولات التوسع وزعزعة أمن البلدان الأخرى.
الشعب الإيراني هتف في أكثر من وقفة احتجاجية بأنه يرفض تدخل النظام الإيراني في سوريا واليمن ولبنان وفلسطين، لكن مسؤولي النظام يؤكدون استمرار ذلك. القائد السابق للحرس الثوري والمستشار الحالي للمرشد الإيراني الجنرال رحيم صفوي قال إن النظام الإيراني سيتدخل في سوريا لأن مصلحته تقتضي ذلك ولن يخرج منها تحت وطأة الضغوط.
الحرب في سوريا، التي كلفت إيران نحو 6 مليارات دولار سنويا حسب «بلومبيرغ»، واحدة فقط من محاولات النظام الإيراني للتدخل والتوسع الإقليمي الذي امتد إلى اليمن ولبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان. حروب يخوضها «النظام»، لكن من يدفع فاتورتها «الشعب» الإيراني الذي انخفض الحد الأدنى للأجور لديه من 300 دولار إلى 80 دولارا خلال أقل من عام واحد.
«يصرف النظام الإيراني مئات ملايين الدولارات سنويا على رواتب (لواء فاطميون) الأفغاني»؛ يقول مدير لفرع أحد بنوك القطاع الخاص متذمرا، ويضيف: «لو قطع النظام الإيراني تدخلاته في شؤون البلدان الأخرى وركز فقط على شعبه، لاستطاع القضاء على البطالة، لكن أولويته ليست تلك».
المجتمع الإيراني يعيش على حافة الانهيار بسبب أزمات تعود كلها إلى إهمال الحكومات المتتالية. وفي نموذج لهذه الأزمات، يشير مدير مركز الدراسات الاجتماعية في جامعة طهران إلى البطالة والإدمان والافتقار للسكن والفساد الاقتصادي، موضحا أن المؤسسات الرسمية أهملت منذ أعوام علاج هذه الأزمات وانشغلت بملفات آيديولوجية لنشهد ظهور جيل يائس عدمي. عقيد متقاعد في الشرطة الإيرانية يقول إنه كان مستعدا في السابق لفعل أي شيء يطلبه النظام منه، لكنه الآن يقف حائرا أمام أسئلة أبنائه الثلاثة العاطلين عن العمل: «يسألونني: لماذا لا تصرف الأموال على خلق فرص العمل بدلا من صرفها في حروب بالوكالة هنا وهناك؟ فلا أجد جواباً لهم». يقول العقيد: «تباً للصواريخ التي لا توفر لأبنائي العمل والكرامة. الشعب يدفع فاتورة النظام المتعنت؛ (ذلك بما قدمت أيدينا)».
العقوبات المؤلمة في الشارع تستهدف إصلاح السلوك الإيراني الرسمي الذي لا تضبطه معايير دولية، ويبدو أنها آتت ثمارها؛ حسب ترمب الذي يقول ذلك بكل حماس ليؤكد للآخرين أن السلوك الإيراني خلال هذه الأشهر تغير تماما عما سبق، لكنه ليس تغييرا كافيا حتى الآن.



مصر وتركيا تتفقان على إنشاء جامعة مشتركة في القاهرة

جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)
جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)
TT

مصر وتركيا تتفقان على إنشاء جامعة مشتركة في القاهرة

جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)
جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)

تمّ الاتفاق على إنشاء جامعة مصرية - تركية مشتركة بالقاهرة؛ تنفيذاً لمذكرة تفاهم وُقِّعت بين الجانبين خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة في 4 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأكد رئيس مجلس التعليم العالي التركي، إيرول أوزفار، حرص البلدين على تعزيز التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، ومن بينها مجال التعليم.

وقال أوزفار، في تصريحات (الخميس) على هامش زيارته القاهرة؛ تلبية لدعوة وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري محمد أيمن عاشور نقلتها وسائل إعلام تركية، إن قرار إنشاء جامعة مشتركة يعدّ من أهم الخطوات التي اتخذتها مصر وتركيا في مجال التعليم العالي خلال السنوات الأخيرة.

وأضاف أنه بحث مع وزير التعليم المصري سبل تعزيز التعاون في مجال التعليم العالي بين تركيا ومصر، في إطار مذكرة التفاهم المبرمة في أنقرة في 4 سبتمبر الماضي، بحضور رئيسَي البلدين؛ رجب طيب إردوغان، وعبد الفتاح السيسي.

السيسي وإردوغان شهدا توقيع اتفاقات ومذكرات تعاون خلال زيارة الرئيس المصري لأنقرة في 4 سبتمبر (الرئاسة التركية)

وشهدت الزيارة التي قام بها السيسي لأنقرة، التي كانت الأولى منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014، انعقاد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي بين مصر وتركيا بصيغته الجديدة التي تم الإعلان عنها خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمصر في 14 فبراير (شباط) 2023.

ووقعت مصر وتركيا 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم خلال اجتماع المجلس الذي عُقد برئاسة السيسي وإردوغان.

وذكر المسؤول التركي أن مذكرة التفاهم تهدف إلى تعميق وتعزيز التعاون بين البلدين في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، مضيفاً: «اتفقنا على تأسيس لجنة عمل مشتركة للعمل على تنفيذ قرار إنشاء الجامعة ووضع خطة زمنية لذلك، وسنعلن قريباً أسماء أعضائها، وأكد الجانب المصري استعداده لتقديم جميع التسهيلات اللازمة لتنفيذ الفكرة».

ولفت أوزفار إلى أن الجانب التركي عرض على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية فتح فروع أو أقسام أكاديمية في القاهرة لإحدى الجامعات الكبيرة والشهيرة في تركيا أو جامعات عدة. ورحَّب الجانب المصري بهذا العرض، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة؛ لبحث تنفيذ المقترح، وسيمنح مجلس التعليم العالي التركي الجامعات التصاريح الخاصة بالعمل في مصر.

وزير التعليم العالي المصري محمد أيمن عاشور ورئيس مجلس التعليم العالي التركي إيرول أوزفار خلال مباحثاتهما بالقاهرة (من حساب أوزفار في «إكس»)

وقال أوزفار إنه تمَّت خلال المباحثات، بين الجانبين المصري والتركي في القاهرة، مناقشة تطوير مشروعات تعاون مشتركة بين الجامعات التركية والمصرية، وتنظيم منتدى للجامعات يعقد مرة أو اثنتين كل عام في تركيا ومصر بالتناوب، ويشمل اجتماعات لرؤساء الجامعات وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات التركية والمصرية؛ لتبادل الأفكار والتجارب والنماذج الناجحة.

وأضاف أوزفار أن وزير التعليم العالي المصري، محمد أيمن عاشور، اقترح عقد المنتدى الأول في أبريل (نيسان) المقبل، و«سنقترح مشروعات لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات من كلا البلدين، وستُتاح لكل الأكاديميين والباحثين الأتراك والمصريين، فرصة العمل في هذه المشروعات في المجالات العلمية التي تمنح تركيا ومصر الأولوية لها».

وتابع أنه بحث أيضاً مع الوزير المصري فتح مراكز أو برامج في الجامعات التركية حول تاريخ مصر وثقافتها وحضارتها، وتعيين خبراء وأساتذة من تركيا في أقسام للغة التركية وآدابها في الجامعات المصرية.