تركيا تطالب الفصائل بالانسحاب من «المنطقة العازلة»

TT

تركيا تطالب الفصائل بالانسحاب من «المنطقة العازلة»

طالبت تركيا خلال اجتماع مع فصائل المعارضة المسلحة في إدلب ببدء الانسحاب من المناطق المعلنة كمناطق منزوعة السلاح بموجب اتفاق سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين والتي تمتد على شكل شريط بعرض من 15 إلى 20 كيلومترا في أربع محافظات هي إدلب وحلب وحماة واللاذقية.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومركزه بريطانيا، عن نشطاء أن الفصائل لم تبدأ تنفيذ أي عمليات انسحاب لا بالأسلحة الخفيفة ولا الثقيلة ولا حتى المتوسطة، كما تواصل هذه الفصائل حراسة نقاطها وتبديل نوبات الحراسة في المناطق ذاتها، ومراقبة خطوط التماس مع قوات النظام وحلفائها. ولم يرصد نشطاء المرصد السوري أي تحركات من قبل قوات النظام للانسحاب من هذه المنطقة المقرر نزع السلاح منها تنفيذا للاتفاق الروسي التركي.
كان الرئيس التركي أعلن في نيويورك، الأسبوع الماضي، بدء انسحاب الفصائل المتشددة من المنطقة منزوعة السلاح، كما عقدت تركيا اجتماعا لممثلي الفصائل للاتفاق على تفاصيل الانسحاب وتسليم الأسلحة الثقيلة مع بقاء الفصائل المعتدلة.
وبحسب اتفاق سوتشي، من المقرر البدء في إنشاء المنطقة منزوعة السلاح في إدلب في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للفصل بين مناطق سيطرة النظام ومناطق المعارضة.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلنت أنه يجري حالياً الإعداد لعقد قمة حول النزاع في سوريا بين قادة فرنسا وألمانيا وروسيا وتركيا خلال الشهر المقبل. وقالت في مؤتمر صحافي مشترك مع إردوغان في برلين أول من أمس: «نؤيد لقاء رباعياً بمشاركة رؤساء تركيا وروسيا وفرنسا وأنا، لأن الوضع لا يزال هشاً. نأمل أن يعقد في أكتوبر المقبل».
ولفتت ميركل إلى أن الأمر سيتعلق بالوضع في محافظة إدلب، آخر أبرز معاقل فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في سوريا.
ويزور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو باريس اليوم (الأحد)، لإجراء مباحثات مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان تتناول الملف السوري، وبشكل خاص الوضع في إدلب وتنفيذ اتفاق سوتشي والقمة الرباعية المرتقبة بين تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا.
وفي السياق، طالب جاويش أوغلو واشنطن بالتوقف عن تسليح وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني في سوريا، ولفت، في مقال بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشر أمس، إلى أن الولايات المتحدة كانت تشحن الأسلحة إلى الوحدات الكردية، باستخدام 5 آلاف شاحنة وألفي طائرة شحن، وفق تقديرات لمسؤولين أتراك.
وأضاف: «أن يسعى الذراع السياسي لـ«جماعة إرهابية» (يقصد العمال الكردستاني) إلى تحريك النفوذ في واشنطن، أمر مروع، ويجب على الرئيس الأميركي دونالد ترمب) إعاقة نشاطه».
وتعمل الوحدات الكردية عبر جماعات ضغط في أميركا على إنشاء بعثة باسم «المجلس السوري الديمقراطي» لدى واشنطن. واشار جاويش أوغلو إلى النتائج السلبية التي خلفها تسليح الوحدات الكردية, وعبر عن أمله في أن تقوم واشنطن بتغيير مسار علاقتها مع العمال الكردستاني، محذرا من عواقب «السياسة المتهورة للولايات المتحدة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».