الصدر يدعو إلى مليونية غاضبة لبناء «عراق جديد»

مظاهرات أمام المنطقة الخضراء احتجاجاً على «الدعم الأميركي» للعبادي

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)
TT

الصدر يدعو إلى مليونية غاضبة لبناء «عراق جديد»

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)

في وقت حدد فيه الرئيس العراقي فؤاد معصوم الاثنين المقبل موعدا لعقد الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب، فإن فشل الكتل الفائزة حسم الكتلة الأكبر أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية في البلاد. وفي خطوة تصعيدية جديدة، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى تنظيم وقفة سلمية غاضبة، من أجل بناء «عراق جديد». وفي السياق ذاته تظاهر العشرات من المواطنين العراقيين أمام مدخل المنطقة الخضراء ضد ما سموه تحركات المبعوث الأميركي بريت ماكغورك الداعم بقوة لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لولاية ثانية.
وقال الصدر في بيان له أمس الأربعاء تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «المؤمنين في العراق يستعدون لإقامة صلاة موحدة، بمناسبة إقامة أول صلاة جمعة في مسجد الكوفة». وأضاف الصدر: «على المؤمنين أن يهبوا لنصرة مرجعهم، ووليهم بكل هيبة ووقار»، طالبا منهم ارتداء الأكفان كما لبسها وتدرع بها والده من الظالمين. وخاطب الصدر أتباعه قائلا: «هبوا لنصرة مصلح العصر محمد الصدر وجمعته التي تمثل معركة الطف، التي أبى فيها المصلحون الضيم، هبوا لتقولوا قولتكم بكل سلم وسلام، هبوا بصلاة مليونية يرجف منها الفاسدون، هبوا لتقولوا قولتكم كلا للطائفية، وكلا للفساد وكلا للمحاصصة، وكلا للإرهاب وكلا للمحتل».
ولفت الصدر إلى أن «العراق بحاجة ماسة لوقفة سلمية غاضبة تكون أول بوادر بناء عراق جديد، بعيد عن كل فاسد وظالم وكل معتد ومحتل أثيم»، داعيا إلى «تلبية نداء الحوزة والمراجع». وأكد الصدر «ضرورة نصرة الدين والعراق، لكي يجعل العراقيين أسيادا لا ذيولا تابعين للأجنبي والمحتل».
وفي موازاة دعوة الصدر التي يرى فيها خصومه السياسيون «دعوة مبطنة» لإمكانية النزول إلى الشارع ما لم تتشكل الحكومة وفقا للرؤية التي يريدها الصدر، طبقا لما أبلغ «الشرق الأوسط» مصدر سياسي طلب عدم الكشف عن اسمه، مبينا في الوقت نفسه أن «الشعارات التي وردت في بيان الصدر والخاصة بمحاربة المحتل لا بد أن تنصرف إلى الولايات المتحدة التي هي قوة الاحتلال، غير أن واشنطن هي التي تدعم حاليا تولي العبادي إلى ولاية ثانية، وهو ما يعني بالضرورة دعم محور نواة الكتلة الأكبر الذي يتكون من النصر بزعامة العبادي وسائرون التي يدعمها السيد الصدر بالإضافة إلى الحكمة والوطنية».
وبينما لم يعلق أي مصدر صدري حول دعوة الصدر إلى صلاة مليونية الجمعة المقبلة فإن عضو ائتلاف دولة القانون سامي العسكري كان قد عد في وقت سابق أن تهديد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وتحالف «سائرون» بالنزول إلى الشارع في حال عدم تمكنهم من تشكيل الحكومة الجديدة «لن ينفعهم بأي شيء».
وقال العسكري في تصريح صحافي إن «التهديد بالنزول إلى الشارع بغرض فرض إرادات معينة، لن ينفع بأي شيء، والجهات السياسية لن تلتوي ذراعها بهذه التهديدات إطلاقاً».
إلى ذلك تظاهر العشرات أمس الأربعاء، أمام مدخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، احتجاجا على «تدخل» مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكغورك بمفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر. وردد المتظاهرون هتافات «كلا كلا أميركا» «كلا كلا إسرائيل»، وهددوا بعدم السكوت على «تدخل» السفارة الأميركية بتشكيل الحكومة، ودعوا الأطراف «المؤيدة» للسفارة إلى الكف عن ذلك. وعد المتظاهرون أن «من يجلس مع ماكغورك، الذي جاء للعراق ليحرك الدمى الأميركية، خائن لدماء الشهداء»، محذرين «عملاء أميركا بأن إرادة الشعب ستزيلهم».
ويرى المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد أن تزايد حدة الصراعات والخلافات قبيل انعقاد جلسة البرلمان والتي يتزامن معها تصاعد الضغط الأميركي والإيراني لجهة تشكيل الكتلة الأكبر التي تسجل يوم عقد الجلسة إنما يعكس حدة الأزمة السياسية في ظل استمرار الفساد وتفاقم المخاطر من إمكانية عودة تنظيم داعش لشن هجمات جديدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.