الرئيس عون: الحريري مُربَك... واعتماد «المعيار الواحد» حلٌ لأزمة الحكومة

أكد أنه غير محبط أبداً إزاء الصعوبات التي تواجه عهده

الرئيس اللبناني ميشال عون
الرئيس اللبناني ميشال عون
TT

الرئيس عون: الحريري مُربَك... واعتماد «المعيار الواحد» حلٌ لأزمة الحكومة

الرئيس اللبناني ميشال عون
الرئيس اللبناني ميشال عون

يحذر الرئيس اللبناني ميشال عون بشدة من التأخر في عملية تأليف الحكومة الجديدة، التي ما زال مصراً على اعتبارها «حكومة العهد الأولى»، على الرغم من الإنجازات التي قامت بها الحكومة التي تألفت بعد انتخابه رئيساً للبلاد في خريف العام 2016.
ويستغرب الرئيس عون، كما نقل عنه زواره لـ«الشرق الأوسط»، مطالب السياسيين اللبنانيين فيما يتعلق بتأليف الحكومة، لجهة محاولة البعض «تكبير حجمه» أكثر من الواقع، مشيراً إلى أن الانتخابات النيابية أظهرت حجم كل طرف، معتبراً أن «المشكلة الأساسية هي في أن البعض يريد أن يقفز فوق حصته على حساب الآخرين». ويصف عون الحسابات التي ينطلق من خلالها البعض في موضوع الحكومة، بأنها «حسابات خطرة»، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى حكومة فاعلة في أسرع وقت ممكن، و«كل تباطؤ ندفع ثمنه من جيوب اللبنانيين».
ويعتبر الرئيس عون أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «مُربك» في موضوع التأليف، مشيراً إلى أنه لا يتدخل فيما يقوم به الحريري، غير أنه طلب منه أمرين فقط، لا ثالث لهما، وهما، أولاً اعتماد معيار واحد في عملية التأليف، وثانياً، ألا يتم إبعاد أي طرف. وينفي الرئيس عون بشدة وجود مشكل مع الحريري، قائلاً: «أنا أعزه كثيراً»، ويضيف: «حتى عندما كنا مختلفين في الماضي، لم أكن أتعرض له شخصياً، وكنا على تواصل دائم». ويتابع: «أنا لا أعادي أحداً في السياسة، ومن يعادي في هذا المجال مخطئ». ويشدد الرئيس عون على أن الحريري قادر على الخروج بتشكيلة حكومية ترضي الجميع عندما يستعمل معايير واحدة، «ففي النهاية بإمكاننا أن نعمل لمصلحة لبنان من دون أن نتعرض لمصلحة أي بلد أو طرف».
وعما إذا كان من الوارد البحث في سحب التكليف من الحريري، يجزم الرئيس عون بأنه لا يريد حالياً الدخول في هذا البحث، ففترة 5 إلى 6 أشهر لتأليف الحكومة قد تكون مقبولة، لكن لا يمكن إبقاء البلاد في هذه الحال وقتاً أطول، مشيراً إلى أن ثمة اجتهادات قانونية في هذا المجال، رغم أن الدستور لا ينص صراحة على مهلة للتأليف أو الاعتذار، ومن هذه الاجتهادات واحد لوزير العدل السابق من حصة تيار «المستقبل» الدكتور خالد قباني.
يعترف الرئيس عون، بأنه يعتبر هذه الحكومة أول حكومات عهده، كونها نتجت عن الانتخابات البرلمانية الأولى بعد نحو 9 سنوات، وأفرزت وقائع تظهر أحجام القوى ورغبات الناس. ويشير في المقابل إلى أن عهده واجه عراقيل كثيرة من قبل المتضررين من سياسة مكافحة الفساد بالدرجة الأولى. ويقول: «عندما بدأنا بمحاربة الفساد قاموا علينا من جميع الاتجاهات». ويلخص الرئيس عون ما قام به عهده حتى اليوم، بثلاثة جوانب، الأول يتمثل بإنجاز خطة اقتصادية كلف بإعدادها واحدة من كبريات الشركات العالمية في هذا المجال (ماكينزي)، وقد باتت جاهزة للمناقشة في الحكومة المقبلة، أما الجانب الثاني فهو الأمن حيث تم تحصين الوضع الأمني بشكل كبير، فبات لبنان واحداً من الدول الأكثر أمناً في محيطه، مشيراً في هذا المجال إلى ضبط عمليات التهريب التي كانت تضر بالاقتصاد اللبناني، فقد تم ضبط 312 كيلوغراماً من الذهب المهرب، وعشرات الشاحنات من المواد المهربة، بالإضافة إلى ضبط 700 مليون حبة «كبتاغون». أما الجانب الثالث، فهو تحصين القضاء ومنع التدخلات فيه، مشيراً إلى أن «بطء العمل القضائي وصل إلى درجة غير مسبوقة، وغير مفهومة. فجريمة حصلت في وضح النهار، وشاهدها اللبنانيون آلاف المرات بأم العين استغرق إصدار الأحكام فيها أكثر من سنتين».
أما أبرز تحديات المرحلة المقبلة، فيوجزها الرئيس عون بثلاث قضايا يتصدرها الاقتصاد، يليها الفساد وقضية النازحين. في الجانب الاقتصادي يرى الرئيس عون ضرورة اعتماد برنامج إنقاذ اقتصادي انطلاقاً من الخطة المقترحة، أما موضوع الفساد فهناك قرار بمحاربته بلا هوادة، فيما تتم معالجة ملف النازحين السوريين بكل الإمكانات المتوفرة، مشيراً إلى أن الكثير من حالات النزوح السوري إلى لبنان هي عبارة عن نزوح اقتصادي، فيما القلة هي بسبب المخاوف الأمنية. ويضيف: «روسيا بدأت مساعدتنا في عملية إعادة النازحين، وفرنسا قد تفعل ذلك أيضاً، لكن لا بد من اجتراح حلول لهذا الملف الذي يرهق كاهل لبنان ويزيد من أعبائه»، مشيراً إلى أن الخطة تقضي بأن يعود النازحون إلى قراهم التي تشهد استقراراً أمنياً في البداية، ومن ثم يتم النظر بأوضاع الآخرين.
وعن أسباب الأزمة الاقتصادية، يقول الرئيس عون إن الموضوع هو عبارة عن أزمات متراكمة، إضافة إلى الحروب في المنطقة، والفساد الذي يعتبر بحد ذاته «أزمة متراكمة ورثناها ونحاول التعامل معها».
بعد كل هذه الجردة، والمصاعب التي يتحدث عنها، يُسأل الرئيس عون: «هل أنت محبط»، يجيب: «أعوذ بالله».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.