الحزب الحاكم في زيمبابوي يفوز بثلثي المقاعد والمعارضة تندد بالنتائج «المزورة»

مراقبون يرصدون «ترهيباً ناعماً» واستغلالاً لموارد الدولة وتحيّزاً إعلامياً

شرطة مكافحة الشغب تنتشر أمام مقر لجنة الانتخابات في العاصمة هراري لتفريق متظاهرين معترضين على النتائج  (أ.ف.ب)
شرطة مكافحة الشغب تنتشر أمام مقر لجنة الانتخابات في العاصمة هراري لتفريق متظاهرين معترضين على النتائج (أ.ف.ب)
TT

الحزب الحاكم في زيمبابوي يفوز بثلثي المقاعد والمعارضة تندد بالنتائج «المزورة»

شرطة مكافحة الشغب تنتشر أمام مقر لجنة الانتخابات في العاصمة هراري لتفريق متظاهرين معترضين على النتائج  (أ.ف.ب)
شرطة مكافحة الشغب تنتشر أمام مقر لجنة الانتخابات في العاصمة هراري لتفريق متظاهرين معترضين على النتائج (أ.ف.ب)

تزايدت حدة التوترات في زيمبابوي بعدما أعلن حزب المعارضة الرئيسي في البلاد عزمه الطعن على النتائج الرسمية للانتخابات البرلمانية، التي تظهر فوز حزب الحاكم منذ 1980 «الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابوي - الجبهة الوطنية» (زانو) بأغلبية مقاعد البرلمان بما يزيد عن الثلثين بعد يومين من أول اقتراع منذ الإطاحة بالرئيس السابق روبرت موغابي. ونددت حركة «التغيير الوطني الديمقراطي» المعارضة بعمليات «تزوير واسعة النطاق»، مع تواصل عمليات الفرز في الاقتراع الرئاسي المهم، والتي لم تحسم بعد.
وقتل متظاهر على الأقل بالرصاص في هراري في مواجهات بين قوات الأمن وأنصار المعارضة. وقضى رجل أصيب برصاص حي أطلقه عسكري متأثرا بجروحه وفق مصور وكالة الصحافة الفرنسية. وفي وقت سابق، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في محاولة لتفريق المتظاهرين من أنصار المعارضة. ورد المتجمعون على الشرطيين برشقهم بالحجارة. وقال بيريدج تاكانديسا (43 عاما): «لا نريد جنودا في الشارع. لن يدفعونا إلى الصمت ببنادقهم». وأقيمت حواجز في المدينة باستخدام كتل إسمنت وحجارة.
وصرحت رئيسة اللجنة بريسيلا شيغومبا للصحافيين في العاصمة: «نحن نعمل بشكل متواصل». ونفت شيغومبا، وهي قاضية في المحكمة العليا، مزاعم التحيز واتهامات التزوير.
وفي مؤشر على زيادة التوتر، قال شاهد من «رويترز» إن نحو 100 من أنصار حركة التغيير الديمقراطي احتشدوا أمام أحد فنادق هراري حيث تعلن نتائج الانتخابات لكن الشرطة منعتهم من الدخول. وذكر شهود من «رويترز»، كما أظهرت لقطات مصورة، أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق مؤيدين للحركة بعد أن بدأوا يلقون الحجارة وسط العاصمة هراري. وقامت الشرطة بإغلاق الطرق المؤدية لمكاتب اللجنة بعد عودة المحتجين إلى مقر حزب «الحركة من أجل التغيير الديمقراطي» المعارض.
وقالت بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي إن الانتخابات شهدت تحسنا عن سابقاتها، إلا أنها أشارت إلى رصد حالات من «الترهيب الناعم» وعدم تكافؤ الفرص. واعتبر رئيس البعثة إلمار بروك أن إجراء الانتخابات كان أمرا إيجابيا، لكنه تحدث عن استمرار وجود «مخاوف خطيرة». وأوضح بروك أن الانتخابات شهدت حوادث مثل تواجد الحزب الحاكم أمام المقار الانتخابية، بينما من المفترض أن يبقى ممثلو الأحزاب بعيدا بما لا يقل عن 300 متر عن المقار، ورصد المراقبون استغلالا لموارد الدولة وتحيزا من الإعلام.
وقالت جماعات مراقبة أفريقية إن الانتخابات كان سلمية ومنظمة والتزمت إلى حد كبير بالقانون، لكنها أثارت مخاوف بشأن انحياز وسائل الإعلام الرسمية ومفوضية الانتخابات. وطالبت الجماعات بتحسين إجراءات فرز الأصوات.
وردا على سؤال عما إذا كان ما رصده المراقبون سيعني استعادة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وزيمبابوي التي تعاني أزمات اقتصادية، اعترض بروك بالقول إن الأمر بأيدي مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومن المبكر جدا التعليق على ذلك.
ودار التنافس بين إيمرسون منانغاغوا (75 عاما) ونلسون شاميسا (40 عاما) يوم الاثنين في أول انتخابات تشهدها البلاد منذ إجبار الرئيس السابق روبرت موغابي على الاستقالة بعد انقلاب في نوفمبر (تشرين الثاني) على حكمه الذي استمر قرابة 40 عاما.
ومنانغاغوا، الذي كان اليد اليمنى لموغابي، هو المتقدم في الانتخابات حيث إنه استفاد من دعم الجيش له سرا ومن سيطرته على موارد الدولة. إلا أن شاميسا، المحامي الذي كان أداؤه قويا أثناء الحملة الانتخابية، سعى للحصول على أصوات الشباب وسكان المدن.
وتعزز نتائج الانتخابات التشريعية فرص تمسك الرئيس إيمرسون منانغاغوا بالسلطة، إلا أنها تثير مخاوف من صدامات بين أنصار المعارضة والحكومة. وكان قد وعد منانغاغوا (75 عاما) بانتخابات حرة ونزيهة ودعا مراقبين دوليين. وأظهرت النتائج فوز الحزب الحاكم بـ109 مقاعد، مقابل 41 مقعدا فقط لحركة التغيير. وحصل حزبان آخران على مقعد لكل منهما، بينما لم يتم إعلان النتائج على 58 مقعدا في البرلمان المؤلف من 210 مقاعد.
وكما كان متوقعا، حقق تشاميسا نتائج أفضل مع الناخبين في المناطق الحضرية، حيث فاز حزبه بـ27 مقعدا من إجمالي 28 مقعدا في العاصمة هراري، و11 من إجمالي 12 مقعدا في بلدة بولاوايو. وحقق الحزب الحاكم نتائج قوية في المناطق الريفية.
وقال الطالب الجامعي لورانس ماغوراني (21 عاما) من أنصار «حركة التغيير الديمقراطي» لوكالة الصحافة الفرنسية إن «النتائج منحازة وتحاول أن تعطي الانطباع بأن الاتحاد الوطني هو الفائز». ولم ترد «حركة التغيير الديمقراطي» على الفور على إعلان نتائج البرلمان، إلا أن مرشحها لسباق الرئاسة قال إنه يجري التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية. وكتب شاميسا في تغريدة: «اللجنة الانتخابية لزيمبابوي تسعى إلى إلغاء فوز الشعب في الانتخابات الرئاسية. الاستراتيجية تهدف إلى إعداد الشعب نفسيا لقبول نتائج انتخابات زائفة... لقد كسبنا التصويت الشعبي وسندافع عنه».
وقالت كتلة مجتمع تنمية أفريقيا «سادك» في تقريرها الأولي أمس (الأربعاء): إن الحملة والانتخابات «تمتا بطريقة سلمية ومنظمة وبشكل يتماشى إلى حد بعيد» مع قانون زيمبابوي. ودعت أي مرشح لديه شكاوى إلى «الامتناع عن أي شكل من أشكال العنف».
وإذا لم يفز أي مرشح بنسبة 50 في المائة على الأقل من الأصوات التي تم الإدلاء بها في الجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية فيتعين إجراء دورة ثانية في 8 سبتمبر (أيلول) المقبل، إلا أن كثيرا من المحللين يتوقعون فوز السياسي المخضرم منانغاغوا في الحزب الحاكم، والذي تولى الرئاسة خلفا للرئيس السابق روبرت موغابي الذي تمت الإطاحة به في انقلاب عسكري العام الماضي.
وقال محللون إنه من غير الواضح ما إذا كان جنرالات البلاد الذين أطاحوا بموغابي ووضعوا مكانه منانغاغوا سيسمحون بفوز «حركة التغيير الديمقراطي». وأدلى موغابي (94 عاما) الذي حكم البلاد لنحو 4 عقود، بصوته في هراري إلى جانب زوجته غريس. وجاء ذلك بعد مؤتمر صحافي مفاجئ أدهش المراقبين حين دعا موغابي إلى رفض «الاتحاد الوطني»، حزبه السابق.
وسيواجه الفائز في الانتخابات مشكلات كثيرة، من بينها أزمة البطالة المستشرية والاقتصاد الذي لا يزال يعاني من حقبة السيطرة على مزارع البيض أثناء حكم موغابي، وانهيار قطاع الزراعة، والتضخم المفرط، وهروب الاستثمارات. ويتهم منانغاغوا بالضلوع في العنف والتخويف خلال انتخابات 2008 عندما انسحب زعيم المعارضة مورغان تسفانغيراي من الدورة الثانية بعد هجمات أدت إلى مقتل 200 من أنصاره على الأقل.



النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.


كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أعلن تنظيم «القاعدة» أنه شنّ خلال الشهر الماضي أكثر من 70 عملية في دول الساحل وغرب أفريقيا، ما أسفر عن سقوط أكثر من 139 قتيلاً، في وقت تعيش فيه هذه المنطقة أسوأ وضع أمني منذ عقدين.

ونشرت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة للتنظيم تقريراً يتضمن حصيلة عملياتها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وبنين، بالإضافة إلى نيجيريا التي شنت فيها الجماعة أول هجوم على أراضيها خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزعمت الجماعة أن عملياتها أسفرت عن تدمير قرابة 40 آلية عسكرية، وأكثر من 100 دراجة نارية.

آلية تابعة لجيش مالي قال تنظيم «القاعدة» إنه دمرها قرب مدينة غاو (تواصل اجتماعي)

وحول طبيعة العمليات، قالت الجماعة إنها شنّت أكثر من 62 غارة، و27 هجوماً باستخدام العبوات الناسفة، ونصبت أكثر من ستة كمائن، ونفذت عمليتين بالقصف المدفعي، واستولت على أكثر من 180 قطعة سلاح متوسط. كما زعمت أنها أسرت سبعة جنود، دون تحديد دولهم.

ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من هذه الأرقام، في ظل غياب مصادر مستقلة.

توسع النفوذ

وتعليقاً على هذه الحصيلة، قال الباحث في قضايا دول الساحل والصحراء والجماعات المسلحة محمدن أيب إن أغلب الهجمات كانت من تنفيذ «جبهة تحرير ماسينا»، التي وصفها بـ«القوة الضاربة» في جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» لأن أغلب مقاتلي الجماعة في المنطقة هم من هذه الجبهة التي أنشأها أمادو كوفا سنة 2015.

عناصر من الأمن تعزز وجودها في باماكو عاصمة مالي خلال حصار خانق فرضه تنظيم «القاعدة» (أ.ف.ب)

وأشار أيب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدد مقاتلي «القاعدة» في منطقة الساحل وغرب أفريقيا يقدر بأكثر من 18 ألفاً، مستنداً لأرقام أوردها مصدر قال إنه «موثوق» من داخل «نصرة الإسلام والمسلمين». وأضاف أن ذلك أسهم في «زيادة عمليات التنظيم في المنطقة بنسبة 21 في المائة بالمقارنة مع الأشهر الأخيرة».

وأوضح أن ارتفاع عدد العمليات يعود إلى حصار باماكو، عاصمة مالي، وما حدث فيه من استهداف لصهاريج الوقود، بالإضافة إلى دخول مناطق جديدة إلى حيز الهجمات للمرة الأولى، مثل شمال نيجيريا. لكنه أكد أن حصيلة العمليات «ضعيفة جداً» بالمقارنة مع عددها ومع العمليات التي شنها التنظيم خلال أشهر سابقة.

صهاريج وقود أضرم مقاتلو «القاعدة» النار فيها على طريق يربط مالي بالسنغال (إعلام محلي)

من جهة أخرى، أكد الباحث أن توسع تنظيم «القاعدة» يرجع إلى نفوذ «جبهة تحرير ماسينا» والكتائب التابعة لها؛ وضرب مثلاً بـ«كتيبة حنيفة» التي توجد في النيجر، والتي قال إنها كانت في السابق مجرد كتيبة عادية وصغيرة قبل أن تصبح الآن «قوة ضاربة تحكم حدود النيجر مع بوركينا فاسو، وتتبع لها كتيبة أخرى تدعى (كتيبة مسلم) تنشط في شرق بوركينا فاسو وتنفذ عمليات شمال بنين».

وأضاف أن نفوذ كتائب «ماسينا» توسع في بوركينا فاسو ليصل إلى الحدود مع ساحل العاج، كما توسع في مالي ليصل إلى الحدود مع موريتانيا والسنغال.

جنود من جيش مالي خلال إنزال لمطاردة مسلحين من «القاعدة» في إحدى الغابات (إعلام محلي)

لكنه قال: «بالنظر إلى كل هذا التوسع، يمكن القول إن الحصيلة التي أعلن عنها التنظيم عادية جداً؛ سواء من حيث حصيلة العمليات، أو الحصول على العتاد والسلاح من ثكنات جيوش دول الساحل: النيجر ومالي وبوركينا فاسو».

العمليات «الانغماسية»

وفي رأي أيب، فإن تقرير تنظيم «القاعدة» غابت عنه العمليات «التي تسمى عندهم بالعمليات الانغماسية، وهي عمليات من تنفيذ كوماندوس يستهدف نقطة حساسة دون التخطيط للخروج منها أو العودة، مثل العملية التي استهدف فيها التنظيم مطار باماكو شهر سبتمبر (أيلول) 2024».

بقايا آلية عسكرية قال تنظيم «القاعدة» إنه دمرها في هجوم بولاية غاو شمال مالي في أكتوبر 2025 (تواصل اجتماعي)

وأوضح الباحث أن «العمليات الانغماسية رديفة للعمليات الانتحارية، وتسمى في أدبيات تنظيم (القاعدة) بالسلاح الاضطراري»، مشيراً إلى أن عدم لجوء التنظيم إليها في الفترة الأخيرة «يعني تحكمه في المنطقة، أي أن التنظيم لا يحتاج إلى انغماسيين أو انتحاريين يرسلهم لتنفيذ عمليات، لأنه يتحكم في طرق الإمداد».

وأضاف: «هذا التحكم جعل تنظيم (القاعدة) لا يلجأ إلى العمليات الانغماسية والانتحارية، واكتفى بالمحاصرة والهجوم واستخدام الدراجات النارية».

«فوضى إعلامية»

ولفت الباحث إلى أن جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» تعيش حالياً ما يمكن تسميته «الفوضى الإعلامية»، مشيراً إلى وجود حالة من «عدم التنسيق» بين الأذرع الإعلامية لتنظيم «القاعدة» في المنطقة.

وأوضح أن التنظيم كان يعتمد في السابق اعتماداً تاماً على «مؤسسة الأندلس» لنشر بياناته وتقاريره والدعاية لعملياته، ثم ظهرت بعد ذلك «مؤسسة الزلاقة» لتلعب الدور نفسه في غرب أفريقيا والساحل.

متحدث باسم «القاعدة» خلال مقطع فيديو يعلن فيه حصار باماكو (إعلام محلي)

وفي الوقت ذاته ظهرت قناة جديدة اسمها «الفتح»، تنشر أخبار التنظيم وعملياته، كما أن المقاتلين ينشرون بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من جوالاتهم مباشرة.

وأضاف أن ذلك دفع قاضي التنظيم والمتحدث الرسمي باسمه، محمود باري، إلى أن يتحدث ويطلب من المقاتلين «التخفيف في نشر مقاطع الفيديو»، وهو ما عدّه الباحث دليلاً على «فوضى إعلامية داخل جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين)، وأنها أصبحت خارج نطاق تحكم تنظيم (القاعدة) التقليدي»، أي التنظيم الأم.


نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
TT

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

وسط ازدياد عمليات «الخطف الجماعي» وغيرها من «الجرائم الإرهابية»، اتخذت نيجيريا خطوات لتعزيز منظومتها الأمنية وإعادة هيكلتها، وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لمثل هذه المخاطر؛ كما اتخذت قرارات تمنع العفو عن المتورطين في جرائم الخطف والإرهاب، وتشدد الرقابة على حيازة الأسلحة وبيعها.

وبعد جلسة فحص «معمَّقة»، أقر مجلسا الشيوخ والنواب، الأربعاء، تعيين رئيس الأركان السابق الفريق كريستوفر موسى وزيراً للدفاع، بعد استجوابه حول خطته لمواجهة انعدام الأمن وتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية وعمليات الخطف الجماعي في البلاد.

واستمرت جلسة مجلس الشيوخ قرابة أربع ساعات، ووصفتها الصحف المحلية بأنها كانت «عاصفة وغلبت عليها الخلافات الحزبية»، كما توقفت عدة مرات بسبب «احتجاجات صاخبة داخل القاعة»؛ وهو ما يعكس مستوى التوتر والضغط الشعبي بسبب سوء الأوضاع الأمنية في بلد يتجاوز تعداد سكانه 200 مليون نسمة، ويُعد أكبر مُصدر للنفط والغاز في أفريقيا.

بدأت الجلسة ساخنة حين اقترح أحد أعضاء المجلس عدم «استجواب» الفريق موسى حين يمثل أمام الجلسة لعرض خطته، مشيراً إلى حساسية القضايا الأمنية التي عادة تناقش «وراء أبواب مغلقة»، على حد وصفه.

ولكن المقترح أثار غضب عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ؛ ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل رئيس المجلس غودسويل أكبابيو لضبط النظام قائلاً: «هذه ليست ساعة للمرور دون استجواب».

خطة الوزير

خضع موسى لأسئلة دقيقة حول تمويل الدفاع، وإخفاق الاستخبارات، وفجوات التكنولوجيا، وتصاعد عمليات قُطاع الطرق، وتوغّل الإرهابيين، وحوادث الاختطاف المتكررة.

أفراد من قوة مهام مدنية يجوبون مناطق بمدينة مينا النيجيرية لملء الفراغ الأمني 29 نوفمبر 2025 (رويترز)

وقدَّم موسى خطته لتسيير وزارة الدفاع، التي تضمنت تسع نقاط بارزة، على رأسها سحب الجيش من الحواجز الروتينية، وتسليم هذه الحواجز للشرطة والدفاع المدني، وإعادة نشر القوات المسلحة في الغابات لملاحقة الإرهابيين في مخابئهم.

كما تضمنت الخطة ما سماه «تعزيز التنسيق مع الحكّام والوزارات، وإشراك المجتمعات المحلية، ومكافحة التعدين غير المشروع المموّل للإرهاب». وأشار الوزير إلى أهمية تعزيز الأمن البحري، وتوسيع الرقابة الحدودية حتى الكاميرون، وحماية الأراضي الزراعية لضمان الأمن الغذائي.

وتعهد الوزير بالعمل على فرض «فحص صارم للتجنيد مدعوم بأنظمة رقمية»، وأكد أن القوات المسلحة «لن تسمح بضمّ عناصر سابقة في الجماعات المتطرفة»، وذلك وسط اتهامات بوجود ثغرات استخباراتية سببها وجود جنود لديهم سوابق إرهابية.

وقال الوزير الجديد إن الحل الجذري لهذه الشكوك هو «قاعدة بيانات وطنية شاملة تمنع المجرمين من الإفلات عبر تغيير أماكن إقامتهم».

«فجوة التسليح»

خلال مساءلة الفريق موسى، قال نائب رئيس مجلس الشيوخ غودسويل أكبابيو إن «التمرد الإرهابي» كان في تراجع قبل «التصريح الشهير» للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول نيته التدخل عسكرياً في نيجيريا لحماية المسيحيين، لكن هذا التصريح أدى إلى «تفاقم التوتر الأمني».

أفراد من قوة مهام مدنية يقفون للحراسة أمام كنيسة بمدينة مينا النيجيرية 30 نوفمبر 2025 (رويترز)

وطالب السيناتور علي ندوم بوضع القوات المسلحة «ضمن بند الصرف المباشر»، وذلك «لضمان حصولها على تمويل فوري من الحساب الاتحادي دون عراقيل بيروقراطية»، وقال: «الأمن أهم من التسويف... لا مبرر لأي تأخير في التمويل»، ودعا إلى تحسين أوضاع الجنود، مشيراً إلى أنّ رواتب الجنود النيجيريين ليست ضمن الأفضل في غرب أفريقيا.

وأثار بعض أعضاء مجلس الشيوخ مسألة «فجوة التسليح»، وأشاروا إلى أن الجماعات الإرهابية والعصابات تمتلك أسلحة أكثر تطوراً من الجيش. وسأل أحدهم: «لماذا نرى قطّاع طرق يحملون أسلحة متقدمة، بينما ما زالت قواتنا تحمل بنادق كلاشنيكوف؟».

وهُنا أجاب الفريق موسى بالقول إن «فجوات كبيرة لا تزال موجودة، خصوصاً في الجانب التقني وتكامل المعلومات الاستخبارية»، وتعهد بالعمل على «إصلاحات عاجلة».

لا فدية

وفي سياق ردوده، قال موسى: «لا تفاوض مع المجرمين والإرهابيين. يجب وقف دفع الفدية. ولا يجوز للولايات عقد صفقات تُقوّض الأمن القومي»، وذلك في إشارة إلى الأموال الكبيرة التي تجنيها شبكات الإرهاب والجريمة في نيجيريا من عمليات الخطف.

فصل دراسي خاوٍ بمدرسة ثانوية للبنات في مدينة مينا النيجيرية بعد قرار الحكومة إغلاق المدارس بشمال البلاد لانعدام الأمن 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأضاف الوزير الجديد أن الانتصار في الحرب على الإرهاب لا يتوقف على الجيش وحده، وقال: «الأمن يبدأ من الحكم الرشيد والعدالة والإنصاف... 30 في المائة فقط من الحرب عسكرية، والباقي حوكمة».

وانتقد بشدة «التأخر الكبير في محاكمات الإرهاب والاختطاف»، عادّاً أن هذا التأخر «يُضعف معنويات الأجهزة الأمنية».

قوانين صارمة

وبالتزامن مع جلسة الشيوخ، عقد مجلس النواب جلسة أخرى كانت عاصفة، وانتهت بالمصادقة على قوانين جديدة تتضمن تصنيف الاختطاف «جريمة إرهابية» عقوبتها الإعدام دون خيار الغرامة، وحظر دفع الفدية ومنح العفو، وتشديد الرقابة على الأسلحة وإخضاعها لمراجعة وطنية شاملة، وإنشاء نظام جرد موحد مدعوم بتتبع رقمي.

وصادق النواب على قانون إنشاء محكمة خاصة بالإرهاب وقطاع الطرق والمتورطين في الخطف الجماعي، كما أقروا قانوناً ينص على «ملاحقة ممولي الإرهاب علناً».

وفي إطار تعزيز الحرب على الإرهاب، صادق النواب على قانون يعد «ميزانية الأمن ضمن خط الصرف المباشر، وأولوية تلقائية في الصرف المالي المباشر دون تأخير ودون قيود بيروقراطية»، كما وافق المجلس على إعلان الأمن الحدودي «حالة طوارئ»، وعلى إنشاء حرس الحدود الوطني، وتنظيم وتدقيق عمل شركات الأمن الخاصة.

وينص الدستور في نيجيريا على أن القوانين التي صادق عليها مجلس النواب، لا تكون سارية المفعول إلا إذا صادق عليها مجلس الشيوخ، ومن المنتظر أن تُحال للشيوخ خلال أيام، لمناقشتها والمصادقة عليها.