خبراء أمميون يرصدون مزيداً من «الخصائص الإيرانية» في صواريخ الحوثي

تحقيقات حول استفادة الميليشيات من 30 مليون دولار شهرياً على شكل وقود من طهران

TT

خبراء أمميون يرصدون مزيداً من «الخصائص الإيرانية» في صواريخ الحوثي

كشف تقرير جديد أعدّه خبراء لجنة الأمم المتحدة للعقوبات على اليمن أن جماعة الحوثي لا تزال تتزود بالصواريخ الباليستية والطائرات بلا طيار، التي «تظهر عليها خصائص مشابهة» للأسلحة الإيرانية الصنع، في إشارة إلى مواصلة إيران انتهاكاتها للحظر المفروض بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وأوضح التقرير الذي تسلمه الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن من لجنة الخبراء، وعاينت «الشرق الأوسط» أجزاء منه، أنه على الرغم من نفي طهران المتكرر، فإن هناك أدلة متزايدة تدعم الاتهامات الموجهة لإيران بأنها تواصل إمداد الحوثيين بمكونات الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، إذ إن عمليات التفتيش والتحقق من الأسلحة التي تتضمن صواريخ وطائرات من دون طيار استخدمتها جماعة الحوثي «تظهر خصائص مشابهة لأنظمة أسلحة يعرف أنها تنتج في إيران».
وبعد زيارة للملكة العربية السعودية التي استهدفت بعشرات الصواريخ الباليستية من قبل ميليشيات الحوثيين، تمكن الخبراء من فحص حطام 10 صواريخ باليستية توجد عليها كتابات تشير إلى أصلها الإيراني، وفقا للتقرير المؤلف من 125 صفحة ويغطي فترة الأشهر الـ6 الممتدة من يناير (كانون الثاني) 2018 إلى يوليو (تموز) منه. وبناء عليه فإن لجنة الخبراء «تواصل الاعتقاد» بأن صواريخ باليستية قصيرة المدى وكذلك أسلحة أخرى، أُرسلت من إيران إلى اليمن بعد فرض الحظر على الأسلحة بموجب القرار 2216 لعام 2015. وجاء في التقرير أنه «يبدو أنه على الرغم من الحظر المفروض على الأسلحة، فلا يزال الحوثيون يحصلون على صواريخ باليستية وطائرات بلا طيار من أجل مواصلة حملتهم، وعلى الأرجح تكثيفها ضد أهداف في السعودية». وأضاف الخبراء أنه من «المحتمل جداً» أن تكون الصواريخ صنعت خارج اليمن، وشحنت مكوناتها إلى الداخل اليمني حيث أعاد الحوثيون تجميعها.
وكشفت لجنة الخبراء أيضا أنها تسعى إلى تأكيد معلومات تفيد بأن الحوثيين يستفيدون من مساعدة مادية شهرية تبلغ قيمتها 30 مليون دولار أميركي من إيران على شكل وقود، في وقت تؤكد طهران أنها لا تدعم أبدا الحوثيين مالياً. وخلال عمليات التحقّق من حطام الصواريخ، عثر الخبراء المكلفون من مجلس الأمن على محوّلات كهربائية تنتجها شركة يابانية ومكونات وعلامات مشفرة تشير إلى وجود صلة روسية، غير أن التحقيق في تلك العينات لا يزال متواصلاً. وتتّهم اللجنة الحوثيين بزرع الألغام البحرية في محاولة لتعطيل الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الاستراتيجي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أبلغ مجلس الأمن في تقرير منفصل في يونيو (حزيران) الماضي أن بعض المكونات لـ5 صواريخ باليستية أطلقت على السعودية صنعت في إيران، غير أن مسؤولين في الأمم المتحدة لم يتمكنوا من تحديد موعد شحنها إلى اليمن.
وأفادت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روزماري ديكارلو قبل أسابيع بأن تقييمات الأمم المتحدة تفيد بأن شظايا 5 من الصواريخ التي أطلقت على ينبع والرياض في المملكة العربية السعودية منذ يوليو 2017 تتشارك في سمات رئيسية مع الصاروخ الإيراني الصنع من طراز «قيام 1»، كما أن التقييم الأممي يفيد بأن بعض مكونات أجزاء شظايا تلك الصواريخ صنعت في إيران. وتحدثت أيضا عن اختبار الأمم المتحدة أسلحة صودرت في البحرين بعد 16 يناير 2016، وحصولها على معلومات إضافية عن زورق كان محملا بالمتفجرات اعترضته دولة الإمارات العربية المتحدة. وأكدت أن الأمانة العامة للأمم المتحدة واثقة من أن بعض الأسلحة والمواد التي أجريت الاختبارات عليها صُنعت في إيران، لكنها أضافت أن «الأمم المتحدة غير قادرة على التحقق مما إذا كانت تلك المواد قد نقلت من إيران بعد 16 يناير 2016».
وكتب المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله بن يحيى المعلمي لرئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب السويدي أولوف سكوغ قبل أيام، يبلغه أنه في 25 يوليو الماضي «تعرضت ناقلتا نفط كبيرتان للغاية، سعة كل منهما مليونا برميل، وتشغلهما شركة الشحن الوطنية السعودية (بحري) وتنقلان نفطا خاما لـ(أرامكو) السعودية، لهجوم من ميليشيات الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر». وعبّر عن الأسف لأن مجلس الأمن «يتراخى في مواجهة الانتهاكات الفاضحة لقراراته، وبالتحديد حظر الأسلحة المنشأ بموجب القرارين 2216 و2231»، ما «سمح لإيران بتزويد ميليشيات الحوثي الإرهابية بمخزونات كبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار والألغام البحرية».
وفي رسالة وجّهتها إلى الخبراء، ادّعت إيران أن صواريخ «بركان» التي يطلقها الحوثيون عبارة عن نسخة مُطورة محليا من صواريخ «سكود»، وأنها كانت جزءا من الترسانة اليمنية قبل بدء النزاع في اليمن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».