أعلن الرجل الأول في النظام الإيراني، المرشد علي خامنئي، أمس، عن تأييده مواقف الرئيس الإيراني حسن روحاني وكبار قادة «الحرس الثوري» حول إغلاق مضيق هرمز إذا ما منع تصدير النفط الإيراني، وقال إن التهديدات بإغلاق الممر الدولي «تعبر عن سياسة ونهج النظام» مطالبا الخارجية الإيرانية بمتابعة مواقف روحاني.
وتوجه روحاني قبل نحو 3 أسابيع في أول جولة أوروبية لبحث تداعيات العقوبات الأميركية وانسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي، وقال موضحا موقف بلاده من توجه واشنطن لتصفير النفط الإيراني: «الأميركيون يزعمون أنهم يريدون منع النفط الإيراني بشكل كامل، لا يفهمون معنى هذا الكلام، في الأساس لا معنى لمنع تصدير النفط الإيراني وتصدير نفط المنطقة، إذا استطعتم افعلوا ذلك لترون تبعاته». تصريحات اعتبرت تهديدا ضمنيا لإغلاق مضيق هرمز وعرقلة الملاحة الدولية.
وفي أول تعليق، للمرشد علي خامنئي، وصف تهديدات روحاني بـ«المهمة» و«المعبرة عن نهج النظام» وقال: إن «المهمة الأساسية لوزارة الخارجية متابعة مواقف الرئيس الإيراني».
وكان خامنئي، أمس، يلقي خطابا أمام الطاقم الدبلوماسي الإيراني من سفراء ودبلوماسيين في السفارة الإيرانية لدى الدول الأخرى.
ورفض خامنئي ضمنا دعوات التفاوض المباشر مع الإدارة الأميركية. ونقل عنه موقعه الإلكتروني في هذا الصدد أن «تصور حلّ لمشكلات البلاد من خلال التفاوض أو إقامة علاقات مع أميركا خطأ واضح وفادح»، مضيفا أن «لدى أميركا مشكلة جذريّة وأساسيّة مع أساس نظام الجمهورية الإسلامية».
قبل 10 أيام، قال نائب رئيس البرلمان علي مطهري إن التهديد بإغلاق هرمز «رادع لمنع صادرات النفط من إيران» إلا أنه قال إن رد طهران على «التهديدات النفطية الأميركية بشأن تصفير صادرات النفط الإيرانية سيكون إغلاق مضيق هرمز»، معربا عن اعتقاده بأن «الأميركيين لا يملكون الجاهزية لحرب جديدة في الخليج».
لكن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، حشمت الله فلاحت بيشه قال: إن روحاني «لم يكن يقصد إغلاق مضيق هرمز لأن هذا الموضوع يخضع لقوانين دولية ويجب أن يُراعى».
وأبدى مراقبون عبر صحف مؤيدة للحكومة عن مخاوفهم من إمكانية عودة إيران إلى المادة 41 من الفصل السابع في مجلس الأمن الدولي إذا ما أقدمت طهران على تنفيذ التهديدات فضلا عن صدام عسكري مع القوات الأميركية المتمركزة في الخليج.
وحذّر القيادي السابق في «الحرس الثوري» حسين علايي، في تصريحات لوكالة «أرنا» الرسمية من تبعات التهديد الإيراني، وقال إن «إيران بإمكانها إغلاق مضيق هرمز، وبطبيعة الحال بإمكان الولايات المتحدة إعادة فتحه، لهذا يجب أن تحسب التكاليف». في المقابل، تعهدت الولايات المتحدة في بداية يوليو (تموز) الماضي بحماية إمدادات النفط وحركة الملاحة الدولية في مضيق هرمز. أتى ذلك بعد ساعات من تهديدات صريحة وردت على لسان قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري حول إغلاق الممر الأهم في العام نظرا لعبور نحو نصف صادرات النفط العالمية خلاله.
وأعرب قائد «الحرس» عن جاهزية قواته لإغلاق مضيق هرمز، وقال: «إنه إذا لم تستطع إيران بيع نفطها بسبب الضغوط الأميركية فلن يسمح لأي دولة أخرى في المنطقة بذلك»، في إشارة إلى تهديد روحاني خلال جولته الأوروبية.
وأضاف: «نأمل أن تُنفذ هذه الخطة التي تحدث عنها رئيسنا إذا اقتضت الضرورة، يمكن أن نفهم الأعداء ماذا يعني، إما أن يستخدم الجميع مضيق هرمز أو لا أحد».
وسبق جعفري، قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني، الذي وجّه رسالة إشادة إلى روحاني قال فيها: «أقبّل يدك (موجها كلامه لروحاني) للإدلاء بمثل هذه التصريحات الحكيمة التي جاءت في وقتها، وأنا في خدمتك لتطبيق أي سياسة تخدم الجمهورية الإسلامية».
موقف مماثل أعلن عنه إسماعيل كوثري النائب السابق في البرلمان وقائد «قاعدة ثار الله» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وطلبت الولايات المتحدة من الحلفاء وقف شراء النفط الإيراني ابتداء من 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتبدأ المرحلة الأولى من العقوبات الأميركية في 4 أغسطس (آب) المقبل، وهي تستهدف المواد الغذائية وشراء الذهب.
وتأتي التهديدات الإيرانية في حين قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبل أيام إن فريق مساعديه يواصل مشاوراته في موسكو وبكين وعواصم أوروبية للوصول إلى تسوية حول الشروط الإيرانية للبقاء ضمن الاتفاق النووي.
وكان المرشد الإيراني قد وضع 5 شروط أساسية للدول الأوروبية للبقاء في الاتفاق النووي، ومن بينها ضمان مبيعات النفط الإيراني والحصول على أمواله ومواجهة العقوبات الأميركية وإدانتها في مجلس الأمن واستمرار التعاون البنكي وتعويض إيران عن خسائر العقوبات الأميركية خاصة في مجال النفط، إضافة إلى تجنب الدول الأوروبية إثارة ملف الصواريخ الباليستية وتدخلات إيران الإقليمية.
وقال خامنئي أمس: «يجب ألا تقطع المفاوضات مع الأوروبيين، لكن يجب ألا نتأخر بسبب الحزمة الأوروبية، هناك أعمال كثيرة بحاجة ماسة للمتابعة في البلاد».
من جهة ثانية، دعا خامنئي كبار المسؤولين في الخارجية الإيرانية إلى ضرورة تطبيق ما اعتبرها «معايير الثورة» في الجهاز الدبلوماسي الإيراني.
وتبنى خامنئي مصطلح «الدبلوماسية الآيديولوجية» أمس ليكون على قائمة المصطلحات المثيرة للجدل في السياسة الداخلية الإيرانية، وذلك وسط جدل دائر في الأوساط السياسية في ظل ازدواجية صنع القرار والصدام بين الحكومة والأجهزة الموازية التابعة لسلطة المرشد الإيراني. وأشار خامنئي إلى أهمية دمج الآيديولوجية والدبلوماسية في الجهاز الدبلوماسي الإيراني قائلا: «يتحدث البعض خاطئين عن ضرورة الفصل بين الدبلوماسية وبين الآيديولوجية، والحال أن الدبلوماسية الآيديولوجية لا ضير فيها، وإلقاء التقابل بين الآيديولوجية وبين المصالح الوطنية أمرٌ عارٍ عن الصحة والمنطق».
وقال خامنئي إن الآيديولوجية «تسعى وراء تحقيق وحفظ المصالح القومية».
وتميل الجماعات السياسية المؤيدة لسياسات المرشد وبسط نفوذ ولاية الفقيه في إيران إلى تقديم «الآيديولوجية» على «الاستراتيجية»، وتنظر إلى الآيديولوجية والاستراتيجية على أنها منظومة شاملة يستمد منها النظام الإيراني هويته، وهذه النزعة تميل إليها الأجهزة والتيارات المحافظة التي ترفع لواء «الثورة».
مقابل ذلك، تقف التيارات الإصلاحية التي تدعو إلى ضرورة الفصل بين المؤسسات الآيديولوجية والاستراتيجية. وترى هذه الجهات أن النزعة الآيديولوجية يجب أن تكون عامل تقدم لإيران على المستوى الاستراتيجي، وألا تعرقل تطلعات إيران الاستراتيجية.
خامنئي: التهديدات بإغلاق هرمز تعبّر عن نهج النظام
خامنئي: التهديدات بإغلاق هرمز تعبّر عن نهج النظام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة