درعا: مقترح روسي بتسليم السلاح الثقيل والانضمام إلى الفرقة الخامسة

استئناف المفاوضات... ومقاتلو طفس يعلنون رفض المصالحة

قوات تابعة للنظام السوري داخل بلدة الغارية بريف درعا أول من أمس (أ.ف.ب)
قوات تابعة للنظام السوري داخل بلدة الغارية بريف درعا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

درعا: مقترح روسي بتسليم السلاح الثقيل والانضمام إلى الفرقة الخامسة

قوات تابعة للنظام السوري داخل بلدة الغارية بريف درعا أول من أمس (أ.ف.ب)
قوات تابعة للنظام السوري داخل بلدة الغارية بريف درعا أول من أمس (أ.ف.ب)

رفعت فصائل المعارضة السورية في الجنوب سقف شروطها في جولات التفاوض التي استؤنفت أمس مع الروس، من غير أن تتوصل إلى تسوية يقضي بحفاظها على السلاح المتوسط والخفيف وإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها والمشاركة في إدارة معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وهو ما يرفضه الروس الذين يدفعون باتجاه توسعة مروحة «المصالحات» التي عقدت في ثماني بلدات في الريف الشرقي لدرعا، وقدموا، أمس، مقترحا جديدا في عملية التفاوض المستمرة، يجري التشاور حوله، يعرض تسليم السلاح الثقيل والمتوسط والانضمام إلى الفرقة الخامسة التي أنشأها الروس لمحاربة الإرهاب.
وتحت ضغط ناري وعسكري على ثلاثة محاور، قال متحدث باسم المعارضة، إن المحادثات استؤنفت بين المعارضة السورية ومفاوضين روس في سبيل التوصل إلى وقف إطلاق نار في بلدة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بجنوب غربي البلاد وذلك بعد وساطة من الأردن، بعد فشل الجولة الأولى يوم السبت، طلب خلاله الروس من فريق المعارضة استسلاما كاملا.
وقال إبراهيم الجباوي المتحدث باسم غرفة العمليات المركزية التي تمثل مفاوضي الجيش السوري الحر لـ«رويترز»، إن فريق المعارضة استأنف المحادثات مع ضباط روس أمس الأحد، بعد جهود وساطة من الأردن الذي يسعى إلى وقف إطلاق النار. ويعكف الأردن، القلق من اندلاع العنف على حدوده الشمالية، على تسهيل المحادثات بين فصائل المعارضة من الجيش السوري الحر وروسيا بشأن اتفاق يوقف القتال.
وقال مصدر معارض مواكب لجولات المفاوضات، بأن الضغط العسكري «يوحي بأن الروس يريدون من فصائل المعارضة الاستسلام ويضيقون الخيارات عليهم»، مشيراً إلى أن الروس «يسعون لانتزاع اتفاقات تشبه اتفاقات جنوب دمشق وغوطتها الشرقية وريف حمص، تمهيداً لإعادة النظام إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة». وأضاف المصدر أن الضغط العسكري الذي يمارسه النظام على محاور القتال «يوحي بأن المعارضة باتت تحت خيارين، إما الخضوع للشروط الروسية وانتزاع ضمانات حول المطلوبين للخدمة الإلزامية، وإما مواصلة القتال».
لكن مصادر عسكرية سورية معارضة قالت: «نرفض الاستسلام، كما نرفض دخول النظام إلى مناطقنا، ونطالب بإدارة مشتركة للمعبر الحدودي». وشددت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن قوات المعارضة «لن تستسلم، ولم يبقَ أمامها إلا خيار القتال في ظل الرفض الروسي لشروطها التي تقضي بالحفاظ على السلاح المتوسط والخفيف، وإدارة المناطق المحررة إدارياً، وتوقف العمليات العسكرية النظامية بدعم روسي، والمشاركة في إدارة معبر نصيب الحدودي مع الأردن» وهو ما يرفضه النظام الذي يسعى لاستعادة السيطرة على المعبر الحيوي. وقالت المصادر بأن الجيش الحر «يرفض الشروط التعجيزية، ولن يسمح للأمن العسكري بتفتيش المنازل. فالشروط المذلة مرفوضة».
وطرأ تطور لافت بعد ظهر أمس، إذ قال الإعلام الرسمي السوري بأن مسلحين في مدينة طفس بريف درعا الشمالي أعلنوا رفضهم للمصالحة مع الحكومة السورية، في حين نفى الجبلاوي، أن يكون الطرفان توصلا إلى اتفاق يقضي بتسليم المنطقة، مشيراً إلى استمرار المفاوضات حتى عصر أمس.
ويحاول المفاوض الروسي توسيع مروحة التسويات التي أعلن عنها السبت، وتمثلت في اضطرار الكثير من البلدات والقرى التي تخضع لسيطرة المعارضة إلى القبول بسيادة الدولة، مع انهيار خطوط دفاع مقاتلي المعارضة في مناطق من الجنوب الغربي تحت وطأة قصف مكثف. وعلى هذا الأساس، عقدت جولة مفاوضات أولى في بصرى الشام أول من أمس السبت، وفشلت بعد اجتماع مفاوضين روس مع فريق يمثل الجيش السوري الحر.
وقدم الروس أمس طرحاً في عملية التفاوض المستمرة، يجري التشاور حوله، يقوم على تسليم الفصائل العاملة في محافظة درعا كامل سلاحها الثقيل والمتوسط، فيما يبقى السلاح الخفيف لفترة محددة، وتنضم هذه الفصائل ومن يرغب من عناصرها، إلى الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا لمحاربة المجموعات المتطرفة وتنظيم داعش، ويجري تسليم معبر نصيب الحدودي مع الأردن للجمارك التابعة للنظام وإدارة الهجرة والجوازات والشرطة المدنية. كما يتضمن المقترح الذي كشف عنه «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، انتشار عناصر الشرطة الروسية وشرطة النظام داخل مدن وبلدات وقرى ريف درعا، وتعود الدوائر الحكومية للعمل في كافة المناطق، على أن لا تدخل قوات جيش النظام القرى والبلدات والمدن المتبقية تحت سيطرة الفصائل لحد الآن، وتضمن روسيا عدم اعتقال المواطنين أو المقاتلين على الحواجز أثناء تنقلهم في محافظة درعا، كما يجري نشر عناصر الفيلق الخامس على الحدود السورية - الأردنية والشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل، وتسوية أوضاع المواطنين والمقاتلين الراغبين بـ«تسوية أوضاعهم»، وحل مسألة الخدمة الإلزامية عبر التوافق على تأجيلهم أو إلحاقهم بأماكن معينة، وتقديم الخدمات كافة لمحافظة درعا وتخديمها من جديد.
لكن المعارضة تنظر إلى المقترح على أنه «وثيقة استسلام». وقال القيادي العسكري في «الجيش السوري الحر» العقيد خالد النابلسي بأن معنويات المقاتلين مرتفعة، وتمثل ذلك في «الدعوات للجيش السوري الحر للتصدي للهجمات»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «فشلت حملات النظام على طفس، والناس بايعت الجيش الحر على الموت، وأكدوا أن لا خروج على الشمال. الخروج من درعا سيكون باتجاه واحد وهو الموت»، مؤكداً «أننا اتخذنا قراراً بالمواجهة».
وقال النابلسي: «لا ثقة بالنظام السوري الذي اقتاد المطلوبين إلى جبهات القتال بمجرد عقد المصالحات في اقطع»، لافتاً إلى أن «الضغط بالعمليات العسكرية وبالقصف الجوي سينتهي، لأن الطائرات الروسية لن تبقى للأبد في الأجواء، وبمجرد هبوطها، سنستعيد ما أخذوه».
وبموازاة انعقاد جولة التفاوض، عادت الطائرات الحربية لقصف ريف درعا، حيث استهدفت الطائرات الحربية بأكثر من 10 غارات مناطق في بلدة طفس في الريف الشمالي الغربي لدرعا، بالتزامن مع استهدافات متبادلة وقتال بين قوات النظام والفصائل قضى على إثرها 4 مقاتلين من ضمنهم قيادي عسكري في فصيل مقاتل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.